منتدى شباب جنوب الوادى
أهلا ومرحبا بك زائرنا الكريم إذا كنت غير مشترك بالمنتدى يشرفنا اشتراكك معنا
منتدى شباب جنوب الوادى
أهلا ومرحبا بك زائرنا الكريم إذا كنت غير مشترك بالمنتدى يشرفنا اشتراكك معنا
منتدى شباب جنوب الوادى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى شباب جنوب الوادى

منتديات شباب جامعة جنوب الوادى وصعيد مصر
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 العدد 13 من ملف المستقبل

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
هزيم الألم
 
 
هزيم الألم


عدد الرسائل : 1459
العمر : 39
البلد : مصر
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : 09/01/2008

العدد 13 من ملف المستقبل Empty
مُساهمةموضوع: العدد 13 من ملف المستقبل   العدد 13 من ملف المستقبل Emptyالأربعاء أبريل 30, 2008 1:14 pm

البسملة
شكر

العدد 13 الزمن المفقود 1-
1- خيط من نار ....

اختلطت أصوات المدعوين بضحكاتهم السعيدة وهم يتبادلون الأحاديث الممتعة في انتظار وصول العروسين واقترب محمود من زميله رمزي الذي كان يتناول كوبا من عصير الفواكه وهو يتبادل الحديث مع مشيرة محفوظ الصحفية بجريدة أنباء الفيديو وهمس في أذنه :
- استعد يا صديقي ... سيصل العروسان بعد خمس دقائق بالضبط من الآن .
ابتسم رمزي وقال بسعادة :
- يا إلهي !! كم أتوق لرؤية سلوى في ثوب الزفاف لاشك أنها ستبدو رائعة .
قالت مشيرة بصوت عجزت عن إخفاء ما به من حسرة وأسف :
- أما أنا فأعتقد أن نور سيبدو أكثر روعة وجاذبية .
ثم تنهدت قبل أن تقول :
- لا مناص من الاعتراف بأن زميلتكم قد انتصرت .
كتم رمزي ضحكة كادت تفلت من بين شفتيه على حين ابتسم محمود وقال محاولا تغيير دفة الحديث :
- هل تعلمان أنني قد وضعت برنامجا ضوئيا رائعا للحفل ؟
ربت رمزي على كتفه وقال :
- إنني أعلم ذلك يا صديقي العزيز وبي كل الشوق لرؤيته .
ألقى محمود نظرة على ساعته الذرية وقال :
- لن يطول انتظارك يا طبيبنا النفسي فسيبدأ البرنامج بعد خمس ثوان فقط .
ولم تكد الثوان الخمس تمر حتى انطفأت أنوار القاعة الضخمة كلها دفعة واحدة وتحرك سقفها ببطء كاشفا السماء ذات النجوم المتناثرة بإبداع الخالق - جل جلاله - من خلال قبة زجاجية سميكة شفافة وما أن اكتمل انفراج السقف حتى شهق المدعوون إعجابا عندما انطلقت خيوط رفيعة من أشعة الليزر مكونة ما يشبه شلالا ضوئيا تسبح فيه مختلف ألوان الطيف عبرته بنعومة عدة حزم من الضوء الأبيض الهادئ مكونة ممرا صناعيا يعبر المسبح الصغير الذي توسط القاعة ومنتهيا عند قرص من مادة فضية اللون استقر فوق سطح الماء وتناثرت حوله زهور ملونة ترتفع وتنخفض بهدوء محبب للنفس مع تموجات الماء الرقيقة ..
وتعلقت العيون ببداية الممر الضوئي حيث تألقت الأضواء الوردية من خلال باب أنيق وبشكل رومانسي رائع عبر قرص يسبح فوق وسادة هوائية من وسط الأضواء الوردية وعلى سطحه وقف نور في حلته السوداء الأنيقة وقميصه الأبيض ورباط عنقه الصغير الذي يشبه فراشة رقيقة , تتأبط ذراعه سلوى التي بدت كإحدى أميرات الأساطير في ثوب زفافها الأبيض وقد توسط شعرها تاج من الماس تدلت منه طرحتها التي تطايرت برقة مع نسمات الهواء التي تصنعها حركة القرص الناعمة عبر الممر الضوئي .
انطلقت أكف امدعوين تصفق بلا وعي وقد انبهرت عقولهم بهذا المشهد الرائع وتعلقت أبصارهم بالعروسين وقد سبح بهما القرص فوق ماء المسبح حتى استقر بنعومة منطبقا على القرص الفضي الذي يتوسطه ... وهنا انقطع شلال الليزر الملون واتجهت خيوطه الرفيعة إلى القبة الزجاجية فتكون عليها تكوينا ضوئيا بعث شعورا بالراحة في نفوس الجميع وهو يتداخل مازجا كل الألوان التي تخطر ببال البشر بعضها ببعض حتى كون باقة جميلة من الزهور الهولوجرافية بدت وكأنها قد تعلقت في سماء القاعة قبل أن تتناثر منها الزهور وتملأ هواء القاعة ثم تتلاشى تدريجيا دون أن ينقطع تصفيق المدعوين وانبهارهم لحظة واحدة ... وعادت الأضواء الليزرية الملونة تمتزج وتتمايل مع لحن الزفاف الذي انتشر في القاعة من عدة مصادر مجهولة فهتف رمزي بانبهار وهو يشد على يد محمود :
- إنه أروع حفل زفاف شهدته عيناي ... إنك عبقري يا محمود .
تهلل وجه محمود وهو يتابع ببصره أثر البرنامج الضوئي الذي وضعه على وجوه المدعوين .. كانت مشيرة مبهورة بكل ما في الكلمة من معاني على حين انسالت دموع الفرح من عيني الدكتور حجازي وهو يتطلع إلى العروسين في أبوة وحنان وارتسمت ابتسامة عريضة على شفتي الدكتور عبد الله أما والدا سلوى وعائلة نور فإن كلمات أعظم الأدباء تعجز عن وصف الفرح والسعادة التي نطقت بها ملامحهم ..
ولم يكد لحن الزفاف يبدأ في الخفوت حتى عبر السماء خط أحمر يشبه النيران الملتهبة مشكلا ما يشبه القوس الناري إلى أن اختفى عند أطراف القبة الزجاجية وظل مضيئا وسط السماء على حين أخذ لونه الأحمر يتغير إلى البرتقالي ثم الأصفر في طريقه للتلاشي , فصاح رمزي وهو يضرب على ظهر محمود بانفعال :
- ما أروع ذلك !! كيف فعلت هذا أيها العبقري ؟
ولكنه عاد فزوى ما بين عينيه عندما وقعت عيناه على الدهشة العارمة التي ارتسمت في عيني محمود وفكه التي تدلت في ذهول فسأله بصوت خافت :
- بالله عليك .. ماذا يدهشك إلى هذا الحد ؟
تمتم محمود لم يزايله الذهول وعيناه متعلقتان بالخط الناري :
- إن هذا الخط الناري قد انطلق خارج القبة الزجاجية .. رباه !! إنه يثير في داخلي فزعا منهما فهذا الخيط الملتهب لم يدخل ضمن برنامجي على الاطلاق .


عدل سابقا من قبل هزيم الألم في الخميس أبريل 09, 2009 12:11 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://svuy.ahlamontada.com
هزيم الألم
 
 
هزيم الألم


عدد الرسائل : 1459
العمر : 39
البلد : مصر
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : 09/01/2008

العدد 13 من ملف المستقبل Empty
مُساهمةموضوع: رد: العدد 13 من ملف المستقبل   العدد 13 من ملف المستقبل Emptyالأربعاء أبريل 30, 2008 1:14 pm

<hr style="COLOR: #ffffff" SIZE=1>

2- النيزك الغامض ...

مضى أسبوع كامل على حفل الزفاف وبينما كان نور وسلوى يتأملان مشهد الغروب انبعث أزيزا خافتا من حزام نور فقطبت سلوى حاجبيها وقالت بضيق :
- لا تقل لي أنهم يطلبونك في شهر العسل يا نور .
ربت نور على كتفها بقلق وقال وهو يبتسم بارتباك :
- معذرة يا عزيزتي فالعمل لا ينتظر أبدا اللحظة المناسبة .
واتجه بعد هذه العبارة بخطوات مسرعة نحو منزلهما الصغير المواجه للبحر وقفز درجاته بعجلة غير ملتفت أو منتبه لصياحها وهي تحاول اللحاق به وأسرع إلى حقيبة ملابسه وأدار قفلها الآلي بشكل مخالف للمألوف وتردد لحظة قبل أن يغلق باب الغرفة بإحكام ويضغط على زر خفي في طرف الحقيبة ثم يبتعد عنها ثلاث خطوات ويقف بثبات ...
تكونت سحابة عجيبة من البخار الوردي في المسافة الخالية التي تفصل نور عن الحقيبة وأخذت ذراتها تتكاثف بشكل هادئ وتخللتها عدة ألوان أخرى قبل أن تتكون منها صورة واضحة مجسمة للقائد الأعلى للمخابرات العلمية ...
وما أن أكتمل وضوح الصورة حتى أدى نور التحية العسكرية بثبات فأجابه القائد الأعلى بمثلهاثم قال بصوته القوي وإن تخللته نبرة خجلى :
- طاب مساؤك أيها النقيب .. أتعشم ألا تصاب بالضيق بسبب اتصالي بك في أثناء عطلة شهر العسل ولكنه هذا الكمبيوتر الذي يصر على اختيارك دائما وفريقك لكل مهمة معقدة تتم تغذيته بها .
أجاب نور بحزم واقتناع :
- الوطن فوق كل المشاعر يا سيدي .
صمت القائد الأعلى لحظة قبل أن يقول :
- ربما كان لوجودك الآن في مصيف بلطيم أهمية كبيرة بالنسبة للمهمة التي سأسندها إلى فريقك أيها النقيب فإنك لن تضطر لمغادرة المكان .
زوى نور ما بين عينيه بتساؤل فاستطرد القائد الأعلى قائلا :
- هل تذكر ذلك الخيط الملتهب الذي عبر السماء في ليلة زفافك أيها النقيب ؟ .. لقد كان نوعا عجيبا من النيازك .. لقد احترق معظمه تقريبا عند مروره بالغلاف الجوي للأرض مخلفا المادة الحمراء البراقة في سمائنا , مما يؤكد تكونه من مادة غير معروفة لدينا تقريبا ... المهم أن هذا النيزك العجيب قد سقط في الصحراء التي تفصل مصيف بلطيم عن بحيرة البرلس ويرجح علماؤنا أن الجزء الذي تبقى منه لا يزيد وزنه على كيلو جرامين وإلا لأدى سقوطه إلى ارتجاج شديد في المنطقة .
ساد الصمت لحظة ازدرد فيها القائد الأعلى لعابه ثم عاد يقول :
- وفور تحديدنا لمكان سقوط النيزك تم إحاطة المنطقة بنصف قطر كيلومتر كامل بالحواجز الكهرومغناطيسية الواقية لمنع المواطنين من دخولها وأرسلنا فريق بحث كاملا في محاولة للعثور على بقايا النيزك الذي لابد أن مادته غير المعروفة ستمثل أهمية بالغة في مجال أبحاث الفضاء .
سأله نور باهتمام :
- هل ستطلب منا المعاونة في البحث يا سيدي ؟
هز القائد الأعلى رأسه نفيا وقال :
- لو أن الأمر يقتصر على البحث لما أقلقتك في شهر العسل أيها النقيب .. ولكن منذ بدأ البحث من أسبوع تقريبا اختفى ثلاثة من أفراد الفريق العلمي المكلف بذلك بطريقة غامضة والأكثر غموضا أننا قد عثرنا على ملابسهم كاملة ولكنها بالية بشكل يوحي بأنها قد اهترأت بفعل عوامل الزمن .
تنبهت حواس نور وتوترت عضلات وجهه مثلما يحدث دائما كلما سرد القائد الأعلى على مسامعه لغزا غامضا وازداد اهتمامه وهو يصغي إلى القائد الأعلى الذي تابع قائلا :
- في البداية تصور علماؤنا أن إحدى أجهزة المخابرات المعادية لنا وراء هذه الأحداث المبهمة في محاولة لمنعنا من التوصل إلى مادة النيزك ولكن بفحص الملابس التي تم العثور عليها وجدوا أن أنسجتها متحللة بشكل لا يمكن حدوثه إلا إذا وضعت هذه الملابس في مكان رطب لمدة مائة عام على الأقل ومن المستحيل أن يتم فعل ذلك بصورة صناعية تبعا لما توصل إليه العلم حتى الآن .
عاد نور يسأل قائده باهتمام شديد :
- هل تم تصوير المنطقة بالاقمار الصناعية الحرارية يا سيدي ؟
أومأ القائد الأعلى برأسه إيجابا وقال :
- نعم أيها النقيب .. في محاولة للعثور على بقايا النيزك ولكن لم يسفر عن شئ .
وصمت لحظة قبل أن يردف قائلا :
- باستثناء بقعة حرارية ظهرت فجأة في أثناء أختفاء العلماء الثلاثة ثم لم تعد تبدو بعد ذلك ولم يستطع علماؤنا إيجاد تفسير منطقي لها إذ أنها ضعيفة للغاية .
هز نور كتفيه وقال :
- في مثل عملنا لا ينبغي إهمال أية ملحوظة يا سيدي مهما بدت تافهه .
قال القائد الأعلى وهو يبتسم :
- سنلقي بالعبء على عاتقك وعاتق الفريق مرة أخرى أيها النقيب وستجد في المنطقة التي يقيم بها فريق البحث كل المعلومات التي تحتاج إليها .
بدأت صورة القائد الأعلى في التلاشي وعادت إلى شكل البخار الوردي تدريجيا وهو يقول :
- بلغ تحياتي واعتذاري إلى زوجتك الجميلة أيها النقيب .. وبلغ رفاقك تمنياتي لهم بالتوفيق .
انتظر نور حتى تلاشى البخار الوردي تماما ثم فتح باب الغرفة وخرج إلى ردهة المنزل حيث جلست سلوى بشكل ينم عن الغضب فابتسم وهو يتوجه نحو جهاز التليفيديو متحاشيا النظر إليها إلا أنها أوقفته قائلة ببرود :
- لا داعي لإضاعة الوقت يا نور ... لقد اتصلت بمحمود ورمزي وطلبت منهما الحضور فورا .. فبرغم أنك قد أغلقت الباب خلفك بإحكام إلا أنني لم أكن بحاجة إلى الكثير من الذكاء لأستنتج أننا بصدد مهمة جديدة من مهامك المعقدة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://svuy.ahlamontada.com
هزيم الألم
 
 
هزيم الألم


عدد الرسائل : 1459
العمر : 39
البلد : مصر
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : 09/01/2008

العدد 13 من ملف المستقبل Empty
مُساهمةموضوع: رد: العدد 13 من ملف المستقبل   العدد 13 من ملف المستقبل Emptyالأربعاء أبريل 30, 2008 1:15 pm

<hr style="COLOR: #ffffff" SIZE=1>

3- نبض الحياة .....

ما إن عبرت سيارة الفريق الحاجز الكهرومغناطيسي المحيط بمنطقة البحث حتى تنهدت سلوى وقالت بصوت عجزت عن إخفاء ما به من نبرات الضيق :
- ها قد عبرنا الحاجز ولم يعد هناك مجال للتراجع .
ابتسم نور بهدوء على حين انفجر رمزي ومحمود ضاحكين فقطبت هي حاجبيها وزمت شفتيها بغضب وتوقف نور أمام عدة مبان مصنوعة من البولي ايثيلين من ذلك النوع الذي يتم إعداده مسبقا وقبل أن يهبط الجميع من السيارة خرج من أحد المباني ثلاثة شبان في أواسط العمر يتوسطهم رجل ضئيل الجسم يبدو واضحا أنه يكبرهم بعدة سنوات , ووقفوا بصمت يرقبون هبوط أفراد الفريق من سيارة نور ...
توجه نور نحو الرجل الضئيل ومد يده يصافحه قائلا :
- النقيب نور الدين من المخابرات العلمية في خدمتك يا سيدي .
صافحه الرجل بشرود وهو يقول :
- إذن فهناك ما يستدعي تدخل المخابرات العلمية ..
ثم أفاق فجأة من شروده وعاد يصافح نور باهتمام قائلا :
- معذرة أيها النقيب .. لقد شرد عقلي للحظة ... أنا الدكتور سالم عبد الله رئيس فريق البحث .
تمت عملية التعارف بين الفريقين بسرعة .. كان فريق البحث مكونا من أربعة أفراد فقط ..
الدكتور سالم عبد الله وهو كما سبق وصفه ضئيل الجسم نحيل الوجه أشيب شعر الفودين تميل رأسه إلى الصلع وعلى عينيه منظار طبي ضخم .
والمهندس صبحي متوسط الطول مكتظ الوجه فاحم الشعر تنم جبهته العريضة عن ذكاء شديد وله شارب رفيع لا يتناسب مع حجم وجهه .
المهندس عبيد نحيل الوجه له ذقن مدببة وأنف طويل وشعر أكرت كثيف ومن الواضح أنه متوتر بشكل مثير للانتباه .
وأخيرا عبد المنعم الفني الوحيد بالمجموعة .. طويل القامة أصلع الرأس طويل السالفين يرتدي هو الآخر منظارا طبيا ضخما .
وما إن انتهت عملية التعارف حتى قاد الدكتور سالم أعضاء الفريق إلى أكبر المباني حجما وما إن دخلوه حتى أطلق محمود صفير إعجاب وقال وهو يدور ببصره في المكان :
- يا إلهي !! لم أر في حياتي مكانا يكتظ بكل هذه الأجهزة العلمية الحديثة .
هز المهندس عبيد كتفيه بلا مبالاه وقال :
- لست أشعر بفائدة هذه الأجهزة العديدة أيها الشاب فلقد عجزت كلها عن التوصل إلى ما نريد .
قال نور باهتمام :
- ربما أشارت أجهزتكم إلى شئ ما أيها السادة ربما بدا لكم هذا الشئ تافها حتى أنكم لم تعيروه اهتمامكم .
هز المهندس عبيد رأسه نفيا وزوى المهندس صبحي حاجبيه وبدا التردد على وجه الدكتور سالم أما عبد المنعم فقد ظلت ملامحه جامدة وكأن الأمر لا يعنيه على الاطلاق فالتفت نور إلى رمزي وسأله بابتسامة هادئة :
- ترى ماذا يقول الطب النفسي في هذا الأمر يا رمزي ؟
أشار رمزي إلى الرجال الأربعة وقال :
- من الواضح أن هناك شيئا ما أيها القائد ولكن المهندس عبيد لا يعتقد أن هذا الشئ يمثل أية أهمية والمهندس صبحي يرى أننا لن نفهم ما حدث أما الدكتور سالم فهو يخشى إخبارنا حتى لا نسخر من تفاهة هذا الشئ كما يظن .
حدق الرجال الأربعة في وجه رمزي بدهشة وتلعثم الدكتور سالم وهو يقول :
- هل تقرأ الأفكار أيها الفتى ؟
ابتسم رمزي بهدوء وهو يقول :
- لا يا سيدي , ولكنني أقرأ الوجوه وأضيف إليها بعض معلوماتي عن الطب النفسي وعلم الفسيونومي وهي علوم مفيدة للغاية وأعتقد أن صديقنا عبد المنعم سيوافقني على ذلك عندما أخبره بأنه يعلم جيدا طبيعة هذا الشئ الذي تخشون الافصاح عنه ولكن الأمر لا يعنيه ما دام رؤساؤه قد قرروا الصمت .
انتقلت الدهشة إلى وجه عبد المنعم وهو يتمتم قائلا :
- إنه يقرأ الأفكار لا ريب .
عقد نور ساعديه أمام صدره وقال بهدوء :
- والآن أيها السادة .. ماذا تخفون بالضبط ؟
هز الدكتور سالم رأسه قبل أن يقول :
- إنه شئ تافه بالفعل أيها النقيب فلقد سجلت أجهزتنا ارتفاعا ضئيلا في درجة الحرارة في إحدى المناطق القريبة من هنا عندما اختفى زملاؤنا الثلاثة .
زوى نور ما بين حاجبيه وقال :
- وهل تعتبر ذلك حدثا تافها يا دكتور سالم ؟
تردد الدكتور سالم لحظة قبل أن يقول :
- لقد كان ارتفاعا طفيفا جدا أيها النقيب يمكن لمعدتك أن تصدر مثله في أثناء عملية الهضم أو احتراق الطعام .
تدخل محمود قائلا :
- هل تعني يا سيدي أن هذا الارتفاع قد يحدث عند أي نشاط زائد ؟ ... حيوي أو غير حيوي ؟
زفر الدكتور سالم بضيق وقال :
- اسمعوا أيها الفتيان .. لو أن فأرا تناول وجبة دسمة فسينتج ما يزيد عن هذا الارتفاع الحراري ولذلك فإننا نعتبره ارتفاعا تافها .
قاطعه نور قائلا :
- ولكن الأقمار الصناعية الحرارية قد سجلت شيئا مشابها يا سيدي .
أشار الدكتور سالم بسبابته نحو وجه نور وقال بغضب :
- لا تقل لي إنه شئ مشابه أيها النقيب ... لا تتحدث فيما تجهله .
ابتسم محمود وقال بهدوء :
- حسنا .. فليكن حديثك معي يا دكتور سالم فأنا خبير في كل أنواع الأشعة تقريبا .
أشاح الدكتور سالم بذراعيه في عصبية وقال :
- اسمعوا أيها الفتيان ... لقد أخبروني أنهم سيرسلون فريقا بوليسيا لتحري الأمر لا فريقا من العلماء .. ولو أنني قررت الاستعانة بالعلماء فلن يكونوا في أعماركم .
قالت سلوى بتحد واضح :
- السن مسألة جانبية تماما فيما يتعلق بالتفوق العلمي يا سيدي .
احتقن وجه الدكتور سالم غضبا فأسرع نور يقول محاولا تهدئة الموقف :
- أعتقد أنه من الأفضل أن أجتمع بفريقي وحدنا يا دكتور سالم وسنعود للإجتماع معا بعد أن نناقش بعض الأمور .
أسرع نور يقود فريقه خارج المبنى الرئيسي قبل أن يعترض الدكتور سالم وما إن أصبحوا خارجه حتى لحق بهم المهندس عبيد وأمسك بذراع نور قائلا بهمس :
- لحظة أيها النقيب هناك ما أود إخبارك به ولكنه لا يتصل بالحقائق العلمية .
التفت إليه نور باهتمام وتساؤل فقال بصوت هامس مرتجف :
- لقد رأيت شيئا قد تعزونه إلى الأوهام ولكنني سأخبرك به .
وصمت لحظة ليتغلب على تردده قبل أن يقول :
- لقد شاهدت تبة من الرمال وهي تنبض ... نعم ... تنبض وكأنها كائن حي !!

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://svuy.ahlamontada.com
هزيم الألم
 
 
هزيم الألم


عدد الرسائل : 1459
العمر : 39
البلد : مصر
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : 09/01/2008

العدد 13 من ملف المستقبل Empty
مُساهمةموضوع: رد: العدد 13 من ملف المستقبل   العدد 13 من ملف المستقبل Emptyالأربعاء أبريل 30, 2008 1:16 pm

<hr style="COLOR: #ffffff" SIZE=1>

4- الاختفاء الثاني ....

خيم الصمت على جو الغرفة التي تضم أفراد الفريق على حين دارت في عقل كل منهم أفكار شتى إلى أن قالت سلوى وكأنها تحدث نفسها :
- أوهام ... لابد أن ذلك مجرد أوهام .
التفت نور إليها قائلا :
- لا ينبغي أن نتسرع في اتخاذ هذا القرار يا زوجتي العزيزة فقد تكون هذه الرمال الحية حقا مجرد خداع بصري أصاب المهندس عبيد ولكن هناك احتمالا ولو كان ضئيلا ألا تكون كذلك .
هزت سلوى رأسها برفض وعناد قبل أن تقول :
- من المستحيل أن تقنعني بوجود رمال حية يا نور .
صمت نور لحظة ثم قال :
- دعونا نسترجع كل ما لدينا من معلومات أيها الرفاق ... بهدوء وروية ...سنبدأ أولا بالمعلومات المؤكدة وهي أن نيزكا من مادة غير معروفة قد هبط في هذه المنطقة منذ أسبوع واحد فقط وأن محاولات العثور على بقاياه قد فشلت حتى الآن وأن ثلاثة من العلماء قد اختفوا بصورة غامضة ووجدت ملابسهم بالية بفعل الزمن ...
قاطعه رمزي قائلا :
- وأن هذا الزمن يساوي مائة عام على الأقل أيها القائد .
أومأ نور برأسه موافقا وقال :
- هذا صحيح يا رمزي بالاضافة إلى نشاط حراري مفاجئ وضئيل سجلته صور الأقمار الحرارية وأجهزة الفحص الحراري ... أما عن المعلومات غير المؤكدة فهي تقتصر على معلومة واحدة وشاهد واحد وهي الخاصة بنبض الرمال الحية ... والآن ما التصور المنطقي الذي يربط كل هذه الأحداث ؟
اضطجع رمزي في مقعده وقال :
- فلنضع أولا مجموعة من الفروض والاحتمالات الخاصة بالمعلومة غير المؤكدة عن الرمال الحية .
ثم واجه رفاقه الذين تطلعوا إليه باهتمام وتابع قائلا :
- من المعروف أن الهواء الملامس لسطح الأرض يتمدد بفعل الحرارة في أثناء فترة الصيف وفي المناطق الصحراوية المشابهة لهذه صانعا ما يشبه العدسات غير المنتظمة مما يصنع أنواعا شتى من الخدع البصرية مثل تمدد المشاهد وتمايلها ومثل السراب الصحراوي الشهير وأعتقد أننا جميعا قد شاهدنا ذلك على الطرق المرصوفة عندما يخيل إلينا أن الطريق ملوث ببقعة من المياه سرعان ما تتلاشى عند اقترابنا منها ....
سألته سلوى بنفاد صبر :
- ماذا تريد أن تقول يا رمزي ؟
قال رمزي وهو يعتدل في مقعده :
- أريد أن أؤكد احتمال الخداع البصري فيما رآه المهندس عبيد فقد يكون ذلك راجعا إلى تمدد الهواء .
أومأ محمود برأسه موافقا وقال :
- هذا يبدو لي احتمال منطقي مقبول يا رمزي .
أسرعت سلوى تقول :
- وأنا أيضا ... كما أن لدي احتمالا آخر غاب عن أذهانكم جميعا .
التفتت الأنظار كلها إليها فقالت برصانة مفتعلة :
- إنه احتمال يبرر سبب عدم العثور على بقايا النيزك وهو ألا تكون هناك بقايا على الاطلاق .
تراقصت ابتسامة على شفتي نور فأسرعت سلوى تكمل حديثها قائلة :
- احتكاكها بالغلاف الجوي و ...
قاطعها نور قائلا بهدوء :
- هذا مستحيل يا زوجتي العزيزة فلقد أكدت مراكز المراقبة ارتطام جزء من مادة النيزك بالمنطقة .
زوت سلوى ما بين حاجبيها بغضب على حين رفع محمود سبابته قائلا :
- لقد أوحت لي سلوى باحتمال بديل أيها القائد ... قد تكون مادة النيزك قد سقطت بالفعل هنا ولكنها تلاشت في جو الأرض ... تلاشت مع الوقت مصدرة ذلك النشاط الحراري الضئيل الذي سجلته الأجهزة .
صمت نور لحظة مفكرا ثم قال :
- قد يكون الأمر كذلك يا محمود ولكنه لا يفسر اختفاء العلماء الثلاثة ولا العثور على ملابسهم البالية المتحللة .
تدخل رمزي قائلا :
- لم لا تكون هذه الأحداث بفعل مخابرات معادية لنا أيها القائد ؟ ألا يمكنهم اختطاف العلماء الثلاثة وتحويل الملابس إلى هذه الصورة بفعل الضغط الشديد والبرودة لبلبلة أفكارنا كما اعتادوا ؟
هز نور رأسه نفيا وقال :
- مستحيل يا رمزي ... قد يمكنهم بهذه الوسيلة إظهار الملابس في صورة بالية رثة ولكن تحلل أنسجتها بهذا الشكل لا يتم إلا بفعل عامل الزمن ... والزمن وحده .
ثم صمت لحظة قبل أن يقول :
- واللغز الحقيقي في هذه المهمة يتمثل يا رفاق في هذا الزمن المفقود .
عاد الصمت يخيم مرة أخرى على جو الغرفة حتى قطعته طرقات شديدة على بابها فقفز نور نحو الباب في حين تمتمت سلوى بقلق :
- رباه !! ماذا عساه قد حدث هذه المرة ؟
وما أن فتح نور باب الغرفة حتى اندفع داخلها المهندس عبيد زائغ البصر وعلى وجهه علامات الرعب وقبل أن يسأله أحد الحاضرين عما ورائه صاح بذعر :
- أغيثونا أيها الشباب لقد اختفى الدكتور سالم والمهندس صبحي .
***
أخذ نور يتحرك بتوتر داخل المبنى الرئيسي ودار ببصره في الغرفة متطلعا إلى هذا الكم الضخم من الأجهزة الحديثة قبل أن يقول :
- معذرة أيها المهندس عبيد هل لك أن تقص على مسامعي ما حدث مرة أخرى ؟
ازدرد المهندس عبيد لعابه بصعوبة وقال بتوتر واضح :
- لقد أصر الدكتور سالم على الخروج للبحث عن بقايا النيزك خشية أن تنجحوا في التوصل إليه قبله ولما لم نستطع منعه قرر المهندس صبحي مرافقته وظللت هنا أتابعهما عن طريق الاشعاع الحراري المنبعث من جسديهما والذي يستقبله حتما جهاز الفحص الحراري هنا وبقي عبد المنعم إلى جواري وفجأة ..وبينما كنا نتابعهما ..
حاول المهندس عبيد إكمال عبارته ولكن الانفعال الذي تملكه أعجزه عن ذلك فقال عبد المنعم مكملا :
- وفجأة التقط جهاز الفحص الحراري ارتفاعا طفيفا في الحرارة ثم توقفت الحرارة المنبعثة منهما تماما فأسرع المهندس عبيد للإستغاثة بكم .
سرت الحيرة في وجوه الفريق لكن محمود توجه من فورة إلى جهاز الفحص الحراري وهو يقول :
- ربما طرأ خلل على الجهاز .. هل فحصتموه جيدا ؟
وقبل أن يتفوه أحدهما بكلمة ضغط محمود على زر التشغيل بالجهاز ثم أخذ يتأمل شاشته البرتقالية بصمت وحيرة فالتفت نور إلى المهندس عبيد وسأله :
- هل أسرعت إلينا فور اختفائهما ؟
أومأ المهندس عبيد برأسه إيجابا فنظر نور إلى ساعته الذرية وقال :
- إذن فلقد حدث الأمر منذ ربع ساعة تقريبا ... قد يمكننا العثور عليهما لو أننا ..
وتوقف فجأة عن إتمام عبارته عندما سمع شهقة دهشة أطلقتها سلوى فالتفت ليجد أن الجميع يحدقون في الشاشة البرتقالية وقد ظهر عليها تكوين أحمر اللون فسأل محمود بلهفة واهتمام شديدين :
- ما هذا يا محمود ؟ ... ماذا حدث ؟
أجابه محمود بصوت لم تزايله الدهشة بعد :
- لقد ظهر هذا الجسم فجأة أيها القائد بعد نشاط حراري مفاجئ أيضا ... إن هذه البقعة الحمراء التي تتحرك أمامك على الشاشة البرتقالية ما هي إلا كائن حي !!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://svuy.ahlamontada.com
هزيم الألم
 
 
هزيم الألم


عدد الرسائل : 1459
العمر : 39
البلد : مصر
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : 09/01/2008

العدد 13 من ملف المستقبل Empty
مُساهمةموضوع: رد: العدد 13 من ملف المستقبل   العدد 13 من ملف المستقبل Emptyالأربعاء أبريل 30, 2008 1:17 pm


5- ضحية الزمن ....

أمسك نور بذراع محمود بقوة وهو يسأله :
- هل يمكنك تحديد مكان هذا الكائن الحي يا محمود ؟
أجاب محمود بسرعة :
- نعم أيها القائد ... إنه على بعد ستمائة متر إلى الجنوب الغربي من هنا تقريبا .
ارتجف صوت المهندس عبيد وهو يقول :
- رباه إنها نفس البقعة التي اختفى فيها الاثنان .
أسرع نور إلى خارج المبنى وتبعه رفاقه بقلق وسرعان ما اندسوا جميعا في سيارته التي انطلق بها نحو الجنوب الغربي وقطعت السيارة المسافة في ثوان معدودة نظرا لسرعتها البالغة خمسمائة كيلومتر في الساعة وتوقفت على بعد خطوات من الكائن الذي انطلقوا إليه ...
لم تكد أبصارهم تقع عليه حتى اتسعت عيونهم من فرط الدهشة وصاحت سلوى بذعر :
- رباه !! هذا مستحيل .
لم يكن هذا الكائن سوى رجل رث الثياب سقط على وجهه ذعرا وضعفا عندما توقفت السيارة أمامه فأسرع الجميع يقفزون منها وأسرع نور يدير وجه الرجل ثم تراجع بدهشة واحتبست الكلمات في حلقه على حين تمتم رمزي بذهول :
- مستحيل لا يمكنني أن أصدق ذلك .
فغر محمود فاه دهشة وشعرت سلوى بجسدها يرتجف من قمة رأسها حتى أخمص قدميها فلم يكن هذا الرجل سوى المهندس صبحي وقد تحول وجهه المكتظ إلى وجه شديد النحول وبرزت عظامه وجحظت عيناه رعبا وتحول وجهه إلى ما يشبه الهيكل العظمي من شدة النحول كما نما شاربه ولحيته بشكل مخيف وتحولت ثيابه إلى شكل رث قذر وتسلخ جسده بشدة وأخذ ينظر إليهم بذهول وذعر ...
تمالك نور جأشه بأسرع من رفاقه فأمسك المهندس صبحي من كتفيه وسأله بقلق :
- أين الدكتور سالم ؟ .... أين هو أيها المهندس صبحي ؟
انكمش المهندس صبحي بذعر فأعاد عليه نور السؤال وبعد لحظة من الصمت أشار المهندس صبحي بوهن إلى بقعة قريبة وقال بصوت ضعيف مرتجف وبصعوبة بالغة :
- هناك ... لقد مات منذ خمسة أيام .
حدق نور في وجهه بذهول وشهقت سلوى بذعر على حين قال رمزي بأسف :
- يا إلهي !! لقد أصيب هذا المسكين بالجنون .
أسرع نور نحو البقعة التي أشار إليها المهندس صبحي وصاحت سلوى وهي تحث الخطا خلفه :
- انتظر يا نور سأرافقك .
وفجأة توقف نور وظهر على وجهه مزيج من الذهول والاشمئزاز وصاح بسلوى محاولا منعها من اللحاق به :
- توقفي يا سلوى لا تقتربي .
ولكن فضولها الانثوي تغلب على خوفها فأسرعت تلقي نظرة على ما شاهده نور وارتعد وجهها بقوة وجحظت عيناها برعب قبل أن تنطلق من حنجرتها صرخة مدوية أثارت ذعر رفاقها فقد وقع بصرها على جثة متحللة لرجل ضئيل الجسم .
***
ألقى رمزي جسده على مقعد وثير وجفف بمنديله العرق الذي تصبب على جبينه ثم التفت إلى نور الذي جلس صامتا وقد استند بجبهته إلى كفه وزوى ما بين حاجبيه فقال محاولا بث الطمأنينة في نفسه :
- لا تقلق على زوجتك يا نور فقد حقنتها بدواء مهدئ وسوف تخلد إلى النوم حتى صباح الغد .
ظل نور صامتا مدة دقيقة كاملة قبل أن يقول :
- كيف وجدت المهندس صبحي يا رمزي ؟
هز رمزي رأسه بحيرة وقال :
- لم يقابلني شئ كهذا مطلقا أيها القائد .. إن هذا الرجل يبدو وكأنه لم يتناول طعاما منذ أسبوع على الأقل وأعتقد أن الدهون التي كان يختزنها جسده هي التي ساعدته على البقاء حيا ولكنه مصاب بإنهيار عصبي عنيف لم أشهد له مثيلا .
اعتدل نور في جلسته وقال بحيرة مماثلة :
- ولكن هذا مستحيل يا رمزي فقد شاهدنا جميعا المهندس صبحي هذا الصباح وكان وجهه مكتظا وجسده ممتلئا فكيف – بالله عليك – أصابه هذا الهزال العنيف في ساعات قليلة ؟
قال رمزي :
- وهل نسيت جثة الدكتور سالم المتحللة أيها القائد ؟ ... إن مثل هذا التحلل لا يمكن أن يحدث في أقل من خمسة أيام .
قلب نور كفيه وقال :
- ومتى مرت هذه الأيام الخمسة ؟ ... ألم نتفق جميعا على أننا قد رأينا الدكتور سالم والمهندس صبحي سالمين هذا الصباح فقط ؟ متى وكيف – بحق الله – مضى هذا الزمن المفقود ؟
ازدادت الحيرة في ملامح رمزي وهو يقول :
- وددت لو أن لدي إجابة لتساؤلاتك أيها القائد واكنني أشد منك حيرة .
قال نور وهو يتراجع بمقعده :
- لقد طلبت من الدكتور محمد حجازي الحضور بأقصى سرعة بصفته طبيبا شرعيا على أمل أن يقودنا فحصه للجثة التي وجدتها إلى ما ينير أمامنا الطريق .
بدا على محمود التردد وكأنه يريد قول شئ ما فسأله نور :
- ماذا عندك يا محمود ؟ ... ماذا تريد أن تقول ؟
قال محمود :
- هل لك أن تطلب من الدكتور حجازي فحص المهندس صبحي أيضا أيها القائد ؟
زوى نور ما بين عينيه وهو ينظر إلى محمود بتساؤل فاستطرد قائلا :
- ربما بدا مطلبي هذا عجيبا ولكن هناك خاطرا طرأ لي وأود التأكد من صحته أو خطئه .
ثم تردد لحظة قبل أن يتابع قائلا :
- إنني أتساءل .. ألا يحتمل أن هذا الشخص الهزيل الذي عثرنا عليه ليس هو المهندس صبحي ؟
وجم نور ورمزي لحظة قال نور بعدها :
- احتمال ذكي يا محمود ولو أن الأمر كان كذلك لكانت أبرع خدعة واجهتها في حياتي بأكملها .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://svuy.ahlamontada.com
هزيم الألم
 
 
هزيم الألم


عدد الرسائل : 1459
العمر : 39
البلد : مصر
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : 09/01/2008

العدد 13 من ملف المستقبل Empty
مُساهمةموضوع: رد: العدد 13 من ملف المستقبل   العدد 13 من ملف المستقبل Emptyالأربعاء أبريل 30, 2008 1:17 pm

<hr style="COLOR: #ffffff" SIZE=1>

6- التقرير ....

كانت الساعة تشير إلى التاسعة مساءا عندما خرج الدكتور محمد حجازي من غرفة التشريح بمستشفى بلطيم المركزي وهو يجفف ذراعيه بمنشفة كهربائية فشخصت نحوه أبصار الجميع مما دفعه إلى الابتسام قائلا :
- إنني أشعر وكأنني نجم سنيمائي .
كان من الواضح أن دعابته لم تلق قبولا من الجميع إذ أن نور سأله بجدية بالغة واهتمام شديد :
- ما الذي توصلت إليه يا دكتور حجازي ؟
تنحنح الدكتور حجازي وقال وهو يجلس على أقرب مقعد خال :
- أعتقد أن التقرير الذي وضعته سيثير دهشتكم جميعا لو أن ذكائي لم يخدعني ...
أصغى إليه الجميع بانتباه فتابع بصورة شبه رسمية :
- هذه الجثة لذكر في حدود الخمسين من العمر غير مصاب بأية جروح أو كدمات على الاطلاق باستثناء ندبة قديمة بأعلى الساق اليمنى ترجع إلى إصابة بآلة حادة منذ عشر سنوات تقريبا ... دماؤه تحمل الفصيلة ( أ ) موجبة , توفي بسبب نقص شديد في البروتينات والاحماض الأمينية أدى إلى ضمور الخلايا وهبوط في الدورة الدموية ولقد حدثت الوفاة منذ مائة وثلاثين ساعة تقريبا أي ما يساوي خمسة أيام وعشر ساعات ولقد ساعدت بعض الأحماض الضعيفة غير المعروفة علميا على الإسراع في العمليات العضوية مما أعطى زمنا خاطئا أو توقيتا مخالفا لزمن الوفاة .
ثم ابتسم وهو يغمز بعينيه قائلا :
- ولكن ذلك لم يخدعني مطلقا فلقد أثبتت التحليلات المعملية أن هذا الحمض غير معروف على أي نطاق كما قرر الكمبيوتر .. ولكنني تأكدت من تأثيره على الخلايا الحية .
سأله محمود باهتمام :
- هل هذه الجثة للدكتور سالم يا سيدي ؟
أومأ الدكتور حجازي برأسه إيجابا وهو يقول بثقة :
- نعم بما لا يقبل الشك يا محمود .
زوى نور ما بين حاجبيه وهو يسأل الدكتور حجازي :
- وكيف يمكنك أن تكون واثقا إلى هذا الحد يا سيدي ؟ .... إن هذه الجثة متعفنة ومتحللة إلى درجة لا يمكن معها الحصول على أية بصمات .
ابتسم الدكتور حجازي وقال بهدوء :
- البصمات وسيلة قديمة جدا للتأكد من الشخصية يا نور لقد كشف العلماء منذ عدة سنوات أن الدم البشري يحتوي على عدد كبير من العناصر وأن كل عنصر من هذه العناصر مقسم إلى عدة مجموعات مختلفة مما يجعل من المستحيل تقريبا أن تتشابه قطرة دم انسان مع مثيلتها من انسان آخر ولقد وصلني التقرير الطبي الخاص بالدكتور سالم عن طريق التليفيديو وبمراجعة عناصر ومجموعات الدم المسجلة بالتقرير مع مثيلتها التي تم استخلاصها من الجثة لم يعد هناك أدنى مجال للشك .
تمتم رمزي بتعجب :
- ولكن هذا مستحيل .
أما نور فعاد يسأل الدكتور حجازي :
- وكيف أمكنك العثور على قطرة دم من هذه الجثة المتحللة يا سيدي ؟
هز الدكتور حجازي رأسه بأسف وقال :
- من المؤسف أن تسألني أنت هذا السؤال يا نور بعد هذا التفوق الذي أبديته في دروس الطب الشرعي عندما كنت طالبا بكلية الشرطة .. ألم تدرس يومها أن نخاع العظام يعطي النتائج التي تعطيها قطرة الدم ؟
سرت حمرة الخجل في وجه نور على حين أسرع محمود يسأل الدكتور حجازي :
- وماذا عن المهندس صبحي يا دكتور حجازي ؟
أشار إليه الدكتور حجازي بسبابته وقال :
- إن نظريتك في هذا الشأن خاطئة تماما يا محمود فهذا الرجل هو بنفسه المهندس صبحي بلحمه ولكن من دون شحمه فلقد عانى هذا الرجل الظلام والجوع لمدة طويلة أفقدته كلا من وزنه وصوابه كما تعرض جلده لنفس ذلك النوع المجهول من الأحماض الضعيفة .
ساد الصمت لحظة التقت فيها أنظار الجميع حتى قطعه محمود قائلا :
- ما دمت تؤكد ذلك يا سيدي فأعتقد أن نظريتي ليست خاطئة تماما وإنما تحتاج بعض التعديل .
برقت عينا نور علامة الفهم على حين زوى كل من رمزي والدكتور حجازي حاجبيهما تساؤلا فتابع محمود قائلا :
- ما دام هذا الرجل هو المهندس صبحي وهذه الجثة للدكتور سالم إذن فالرجلان اللذان قابلانا عند وصولنا إلى منطقة البحث كانا مزيفين .
***
قال رمزي محدثا نور في طريق العودة لمنطقة البحث :
- كنت أود أن يبقى الدكتور حجازي معنا حتى تنتهي هذه المهمة المعقدة يا نور .
قال نور وهو يقود السيارة بتركيز :
- إن أعماله تمنعه هذه المرة يا رمزي .
عاد رمزي يقول :
- لقد أصابني تقريره هذه المرة بالحيرة أكثر من ذي قبل .
قال نور وهو يتوقف أمام الحاجز الكهرومغناطيسي المحيط بمنطقة البحث :
- لو صحت نظرية محمود ستتبدد هذه الحيرة تماما .
وأعقب قوله بأن ضغط عدة أزرار أمامه بترتيب شفري معقد أدى إلى انطلاق خيط رفيع من أشعة الليزر نحو مكعب بلوري صغير مثبت في أحد الأعمدة التي تحيط بالموقع وما إن سقطت الأشعة على المكعب حتى أضاء بلون أزرق باهت وارتفع أزيز خافت فعاد نور يدير محركات سيارته ويمر عبر الحاجز الذي اختفى من منطقة مروره ثم عاد ليتكون بعد عبور السيارة فابتسم رمزي وقال :
- أعتقد أنه من المستحيل أن تعبر بعوضة هذا الحاجز الكهرومغناطيسي ما لم تحفظ هذه الشفرة المعقدة عن ظهر قلب .
زوى نور ما بين عينيه وهو يتمتم بصوت شديد الخفوت :
- نعم ... هذا صحيح .
وسرعان ما توقف بسيارته أمام المبنى المخصص لإقامته مع زوجته وقال وهو يهبط من السيارة :
- سأطمئن أولا على سلوى ثم نذهب معا إلى حيث يقيم المهندس عبيد وعبد المنعم لنحاول التوصل إلى وسيلة للتأكد من شخصية من رأيناهما هذا الصباح .
***
حدق المهندس عبيد في وجه نور بدهشة قبل أن يقول :
- هل أصابك الخبل أيها النقيب ؟ ... إنني واثق بالطبع أن الشخصين اللذين غادرا المبنى الرئيسي هما الدكتور سالم والمهندس صبحي بالتأكيد
حافظ نور على هدوء أعصابه وهو يقول :
- هل هناك من الأدلة المادية ما يؤكد ذلك أيها المهندس ؟
ضرب المهندس عبيد كفا بكف وهو يقول :
- وكيف تظن أنه يمكنني أن أؤكد ذلك أيها النقيب ؟
عاد نور يقول بهدوء شديد :
- هل أمسك أحدهما بشئ ما لم يمسه أحد بعد ذلك ؟ .. أعني هل نستطيع العثور على بصماتهما في أي مكان ؟
زفر المهندس عبيد بضيق على حين قال عبد المنعم باهتمام :
- دعني أتذكر يا سيدي ... لقد ارتدى كل منهما ملابسه في غرفته ثم حضرا إلى المبنى الرئيسي وحمل المهندس صبحي معه جهاز الترددات فوق الصوتية لعله يساعدهما في العثور على بقايا النيزك وحمل الدكتور سالم بعض الأقراص المهدئة نظرا لتوتر أعصابه الشديد وزجاجة ماء صغيرة .
أغلق عينيه بقوة وكأنه يحاول حث عقله على التذكر ثم تهلل وجهه فجأة وقال :
- نعم لقد تذكرت شيئا أمسك به المهندس صبحي ولم يأخذه معه ... وكذلك لم يمسه أحد حتى الآن ... إنه جهاز الاضاءة المركزة .. لقد أخبره الدكتور سالم أنه لا داعي له فسيعودان حتما قبل حلول الظلام .
تنهد نور بارتياح ثم التفت إلى رفيقيه وقال :
- سنرفع بصمات المهندس صبحي الذي قابلناه صباحا من فوق جهاز الاضاءة المركزة يا رفاق وسنرسل بها في الحال من خلال التليفيديو إلى الدكتور حجازي في بنها وأرجو أن تصح نظريتك هذه المرة يا عزيزي محمود فسيوفر ذلك الكثير من القلق الذي يعتمل بداخلي ... بل بداخلنا جميعا .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://svuy.ahlamontada.com
هزيم الألم
 
 
هزيم الألم


عدد الرسائل : 1459
العمر : 39
البلد : مصر
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : 09/01/2008

العدد 13 من ملف المستقبل Empty
مُساهمةموضوع: رد: العدد 13 من ملف المستقبل   العدد 13 من ملف المستقبل Emptyالأربعاء أبريل 30, 2008 1:18 pm

7- صرخة في الليل ..

__________________________________________________ ______________

جلس الجميع بصمت أمام جهاز التليفيديو في انتظار التقرير الذي سيرسل به الدكتور (حجازي) بعد فحص البصمة الخاصة بـ (صبحي) .. كان (محمود) يفرك كفيه بعصبية , و (رمزي) يحاول منع بصره من التعلق بالجهاز بلا فائدة , على حين استرخى نور في مقعده , وأغمض عينيه , وبدت ملامحه هادئة بشكل مثير للدهشة .. ولما طال الصمت قال (محمود) بتوتر:

- إنني قلق للغاية برغم تأكدي التام من صحة نظريتي .

قال (نور) دون أن يفتح عينيه :
- لاتكن واثقاً إلى هذه الدرجة يا (محمود) , فسيدهشني في الواقع لو أن البصمة لم تكن لـ (صبحي) .

حدق (رمزي) و (محمود) في وجهه بدهشة , وقال الأخير بتعجب :
- ما معنى قولك هذا ؟ .. ألسنا ننتظر عدم انتماء البصمة للمهنس (صبحي) ؟

فتح (نور) عينيه بهدوء , وقال :
- لقد كنا مخطئين يا عزيزي (محمود) .. هناك أكثر من نقطة تتعارض مع هذا الاحتمال .


بهت (محمود) ولم يستطع التعليق على قول (نور) , على حين سأله (رمزي) :
- ما الذي يثير شكك أيها القائد ؟


هز (نور) كتفيه , وقال وهو يعتدل في مجلسه :
- الكثير يا (رمزي) .. لقد وضعت نظرية (محمود) في ذهني , وحاولت ربطها بكل الأدلةوالأحداث التي لدينا , ووجدت أنها تنطبق على بعضها بصورة منطقية , وتتعارض مع البعض الآخر بشكل عنيف ...
ثم صمت لحظة مستجمعاً أفكاره قبل أن يتابع قائلاً :
- لو افترضنا أن هذه الأحداث عبارة عن خدعة أو محاولة من أحد أجهزة المخابرات المعادية لبلبلة أفكارنا فسنجد أنفسنا مضطرين لتصور أن هذه المخابرات المعادية تعمل بسرعة ومهارة شديدتين , وبخطة لابد من إعدادها مسبقاً , فلقد رأينا جميعاً أنه كيف من المستحيل عبور الحاجز الكهرومغناطيسي المحيط بمطقة البحث دون الإلمام التام بالشفرة المعقدة التي تتيح ذلك , فكيف إذن يمكن اختطاف رجلين و إدخال رجل أصابه الهزال من شدة الجوع وجثة متحللة ؟


قال (محمود) :
- قد يتم ذلك عن طريق نفق ما تحت سطح الأرض .


أشار (نور) بسبابته قائلاً :
- في هذه الحالة سيواجهنا سؤال آخر , وهو متى تم إعدادهذا النفق ؟


لم يحر أحدهما جواباً , فعاد (نور) يقول :
- ثم إن العلماء الثلاثة الذين اختفوا في البداية قد تركوا ملابس بالية متحللة , أثبت علماؤنا بما لايدع مجالاً للشك استحالة اصابتها بذلك بوسائل صناعية , وأنا أثق تماماً في آراء علمائنا ..ومن جهة أخرى أجد أنه من التعقيد أن تلجأ مخابرات معادية إلى استبدال رجلين في مهمة تحتاج إلى السرعة الشديدة .. ألم يكن واحد يكفي لصنع البلبلة المطلوبة ؟ .. وحتى لو لم يختف هذا الرجل ألم يكن حادث العلماء الثلاثةكافياً ؟


قال (رمزي) باهتمام :
- بلى , ولكن من المحتمل أيضاً أن تكون هذه المخابرات المعادية التي نفترض وجودها مازالت تواصل بحثها عن بقايا النيزك , وبالتالي فهي في حاجة لاستمرار خلق حالة البلبلة .


هز (نور) كتفيه ببساطة وقال :
- في هذه الحالة سأعترف بقوة ومهارة هذه المخابرات الافتراضية , التي استطاعت العمل ببساطة وحرية على أرض مصر , مجتازة كل وسائل الأمن المعقدة .. ولو أنك سألتني عن رأيي لقلت لك : إن ذلك مستحيل يا (رمزي) , كما هو من المستحيل أن نفعل ذلك في أرضهم .


هم (رمزي) بالكلام عندما ارتفع أزيز جهاز التليفيديو , وتراصت على شاشته كلمات منتظمة , أسرع (محمود) يقرؤها باهتمام , ثم قال بصوت ينم عن خيبة الأمل :
- لقد كنت محقاً يا (نور) .. لقد تطابقت البصمات التي تركها المهندس (صبحي) هذا الصباح مع البصمات المدونة في بطاقته .



استرخى (نور) في مقعده , وقال بهدوء :
- كنت واثقاً من ذلك يا (محمود) .


زوى (رمزي) ما بين حاجبيه وهو يقول بدهشة :
- ولكن هذا يعني أن الرجل الهزيل هو نفسه المهندس (صبحي) الذي قابلناه قبل ذلك بساعة واحدة مكتظ الوجه .. كيف بالله عليك أصابه هذا الهزال العنيف ؟


شرد (نور) ببصره لحظة قبل أن يقول :
- هنا يكمن اللغز يا (رمزي) .. إن جهودنا كلها يجب أن تتركز في محاولة كشف طبيعة هذا الزمن المفقود .


عاد الصمت يسود بينهم إلى أن قال (رمزي) :
- لقد أصبح عقلي عاجزاً عن التفكير أيها القائد .. فالأمور تختلط في ذهني بشكل عنيف .
وقل أن ينطق أحدهم بكلمة انطلقت صرخة مدوية أثارت الرجفة في أوصال الجميع , وقبل أن تتلاشى قفز (نور) من مقعده , واندفع خارجاً وقد امتلأت ملامحه بقلق عارم , فلم يكن وحده الذي ميز هذه الصرخة الملتاعة , إنها صوت زوجته (سلوى) .




* * * * *




كانت (سلوى) ملقاة على الأرض أمام المنزل المخصص لإقامتها وزوجها داخل منطقة البحث , فأسرع (نور) إليها وما إن لمسها حتى وجد جسدها يرتعد بشكل عنيف , وتعلقت به بذعر وهي تهتف بصوت باك ملتاع :
- لا تتركني وحدي يا (نور) .. لا تتركني وحدي .


وأخذت تردد هذه العبارة وهو يربت على ظهرها محاولاً تهدئتها حتى انفجرت باكية بعصبية , وهنا تدخل (رمزي) قائلاً :
- معذرة أيها القائد , ولكنها تحتاج لطبيب نفسي في هذه اللحظة .

أسرع (نور) يحملها إلى فراشها , وظل بجوارها يربت على كفها بحنان , على حين حقنها (رمزي) مرة ثانية بدوائه المهدئ , وخفت ارتجاف جسدها , وتعلقت عيناها بوجه (نور) الذي ابتسم بحنان محاولاً بث الطمأنينية في نفسها , ولكنها شدت على يده وهي تشير إلى الخارج قائلة بصوت واهن :
- لقد كان المهنس (عبيد) محقاً يا (نور) .. لقد رأيت هذا الشيء البشع .

حدق (نور) في وجهها بدهشة , وقد زوى ما بين حاجبيه , على حين بدأ النعاس يسري إلى عينيها وهي تقول بكلمات متقطعة :
- لقد .. لقد .. يا (نور) .. رأيت أرض .. المبنى المجاور وهي .. وهي .. تنبض .. كما لو كانت .. حية .
(الشامري: توني أفهم ألحين كلمة الأخت الملاك العدد 13 من ملف المستقبل Smilie )

ثم غابت بسبات عميق بفعل الدواء تاركة رفاقها وقد تصلبت ملامحهم , واتسعت عيونهم دهشة .





* * * * *
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://svuy.ahlamontada.com
هزيم الألم
 
 
هزيم الألم


عدد الرسائل : 1459
العمر : 39
البلد : مصر
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : 09/01/2008

العدد 13 من ملف المستقبل Empty
مُساهمةموضوع: رد: العدد 13 من ملف المستقبل   العدد 13 من ملف المستقبل Emptyالأربعاء أبريل 30, 2008 1:19 pm

<hr style="COLOR: #ffffff" SIZE=1>

8 – الضحية الجديدة ..
______________________________________________


اقترب (رمزي) من (نور) الذي جلس فوق مقعد ضخم وقد اعتمد بذقنه على كفيه المضمومتين , وزوى ما بين عينيه بشكل يجمع بين القلق والتفكير العميقين فربت على كتفيه , وقال :

- لا تقلق لما قالته (سلوي) يا (نور) , فلقد كانت لاتزال تحت تأثير الدواء المنوم عندما رأت ذلك , والشخص الواقع تحت تأثير مثل هذه العقاقير يخيل إليه عادة أن الأجسام من حوله تهتز , فلا عجب أن خيل إليها أن الأرضية المصنوعة من البولي إيثلين تنبض بنبض الحياة خاصة أن ذلك قد ترسب في عقلها الباطن عندما سمعته من المهنس (عبيد) , فاعتقدت أن أوهامها حقيقية .


لم يبد على (نور) أنه قد استمع لكلمة واحدة مما قاله (رمزي) , إذ قال بشرود :

- لقد قضت المسكينة أسوأ شهر عسل في التاريخ بين الرعب والقلق و الأدوية المنومة .. كم أشعر بالندم على إقحامي لها في هذه المهمة .



أطرق (رمزي) برأسه , وقال :

- سينتهي كل شيء على خير بإذن الله يا (نور) لقد واجهنا معا أموراً أشد صعوبة .



ظل (نور) على شروده وهو يتمتم قائلاً :

- نعم يا (رمزي) , إنه كذلك بإذن الله تعالى .



ثم التفت فجأة إلى (محمود) , وقال :

- ترى هل سنترك كل هذه الأجهزة الحديثة في المبنى الرئيسي دون أن ننتفع بها يا (محمود) ؟



قال (محمود) بحماس :

- مرني أيها القائد .


نهض (نور) بحيوية وقد تملكه حماس مفاجئ , وقال باهتمام :

- منطقة البحث صغيرة نسبياً فنصف قطرها كيلومتر واحد .. أريد منك أن تفحص كل سنتيميتر من هذه المنطقة بكل وسائل الفحص الإشعاعي المعروفة , وبمنهى الدقة , ولا تهمل أي شيء مهما بدا لك تافهاً .. أي تغير ولو طفيف للغاية في النشاط الإشعاعي عليك بتسجيله , وتحديد موقعه بدقة بالغة , وإبلاغي به على الفور .. كم يستغرق هذا ؟



انتقل الحماس إلى (محمود) , فرفع يده بتحية عسكرية ناسياً أنه مدني , وقال :

- ساعة واحدة أيها القائد , وسأنفذ أوامرك على الفور .



أسرع (محمود) إلى المبنى الرئيسي بحماس , على حين قال (رمزي) :

- هل تعتقد أن بقايا النيزك تبعث نوعاً من الإشعاع المنشط أيها القائد ؟



قطب (نور) حاجبيه وهو يقول :

- إنها فكرة جديرة بالدراسة يا (رمزي) .. ربما تبعث بقايا النيزك بالفعل نوعاً مجهولاً من الأشعة لا تلتقطه أجهزتنا , ولكنه يعجل بنمو الخلايا مما لا يتناسب مع الزمن الذي نعيش فيه على أرضنا , ولذلك تبدوا لنا الأشياء والأشخاص التي تتعرض للأشعة وكأنها قد قضت زمناً طويلاً , على حين لم يمض على اختفائها سوى دقائق أو ساعات بزمننا الأرضي .


رفع (رمزي) حاجبيه وهو يقول :

- فكرة رائعة يا (نور) .. إنك حقاً عبقري .



قال (نور) :

- لا تتعجل النتائج يا عزيزي (رمزي) , فما زالت أمامنا ساعة كاملة قبل أن يبلغنا (محمد) بما توصل إليه .



* * *



مرت الساعة ببطء دون أن يتفوه أحدهما بكلمة , وقد استغرق (نور) في تفكير عميق , وجلس (رمزي) متوتراً ينظر إلى ساعته بين دقيقة و أخرى إلى أن ارتفع أزيز جهاز التليفيديو , فأسرع إليه (نور) , وضغط على أحد أزراره , فظهرت صورة (محمود) وعلى وجه دلائل خيبة الأمل , فقال (نور) بضيق :

- من الواضح أنك لم تتوصل لشيء يا (محمود) .


هز (محمود) رأسه بأسف , وقال :

- هذا صحيح أيها القائد .. المنطقة خالية تماماً من أي نوع من الإشعاع باستثناء الأشعة الضعيفة للغاية الصادرة من ساعاتكم الذرية , وأجهزة إضاءة المباني .



مط (نور) شفتيه , وقال :

- هاهي ذي نظرية أخرى تنهار .. يالها من مهمة معقدة !!



عاد (محمود) يهز رأسه بأسف , ويقول :

- لقد عاونني المهندس (عبيد) و (عبدالمنعم) بحماس شديد , ولكن النتيجة أصابتهما بإحباط شديد , وها هو ذا المهندس (عبيد) يجلس بجواري حزيناً , أما ( عبد المنعم) فقد غادرنا إلى غرفته ليحص على قدر ضئيل من النوم قبل أن ينبلج الصباح .



قال (نور) بهدوء :

- حسناً يا (محمود) .. أعتقد أنك بحاجة إلى ذلك أيضاً .



أومأ (محمود) برأسه إيجاباً , وحيا (نور) تحية خافتة قبل أن يقطع الاتصال , والتفت (نور) إلى (رمزي) الذي قال بصوت ينم عن الإحباط :

- يبدو أننا نعيش أول هزيمة لفريقنا أيها القائد .


قطب (نور) حاجبيه بضيق وقال :

- في هذه المرة أيضاً سأطلب منك ألا تتعجل يا (رمزي) فلم ينه الأمر بعد .


هز (رمزي) كتفيه , ولاذ بالصمت , على حين توجه (نور) إلى مقعده , وألقى بجسده فوقه , وظهرت على وجهه علائم التفكير العميق .. كان من الواضح أنه يعاني قلقاً بالغاً كما هي عادته كلما واجه لغز غامض , فهو يبذل مجهوداً خارقاً ليذكر أدق الأمور والتفاصيل ومحاولة ربط بعضها ببعض , ولقد استغرق في التفكير هذه المرة حتى أنه لم ينتبه إلى الطرقات التي ارتفعت من باب الغرفة , ولكنه تنبه إلى (رمزي) وهو يفتح الباب , فاستدار برأسه ليرى من الطارق , وما إن وقع بصره عليه حتى اتسعت عيناه دهشة , فقد كان (محمود) شاحب الوجه بشكل عجيب , واصطكت أسنانه وهو يقول بصوت مرتجف :

- من الأفضل أن تأتوا معي لرؤية هذا .. لقد عثرت في أثناء عودتي إلى حجرتي على (عبد المنعم) أو ما تبقى منه .. فلم يعد هناك سوى هيكله العظمي وملابسه البالية .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://svuy.ahlamontada.com
هزيم الألم
 
 
هزيم الألم


عدد الرسائل : 1459
العمر : 39
البلد : مصر
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : 09/01/2008

العدد 13 من ملف المستقبل Empty
مُساهمةموضوع: رد: العدد 13 من ملف المستقبل   العدد 13 من ملف المستقبل Emptyالأربعاء أبريل 30, 2008 1:20 pm

9- بريق عينيه ..

________________________________________________

أشارت عقارب الساعة إلى السادسة صباحاً عندما خرج الدكتور (حجازي) من غرفة الفحص وتثائب قبل أن يقول :

- إنك تستحق جائزة يا (نور) , فأنت الوحيد الذي يمكنه إحضاري من (بنها) إلى (بلطيم) مرتين في ليلة واحدة , ولولا وسائل الانتقال السريعة في عصرنا هذا ما نجحت في ذلك مطلقاً .


سأله (نور) بجدية دون أن يبتسم لدعابته :

- ما نتائج فحص عظام الهيكل العظمي يا سيدي ؟

اعتدل الدكتور (حجازي) , وقال :

- نتيجة لاتقبل الشك يا (نور) .. هذه العظام تخص (عبد المنعم) , ولا يمكن أن تخص سواه .


قال (محمود) بدهشة :

- ولكن هذا مستحيل يا سيدي .. لقد كان معي بشحمه ولحمه , وأعصابه ودمائه .. قبل أن أعثر على هذا الهيكل العظمي بأربعين دقيقة فقط .


هز الدكتور (حجازي) رأسه نفياً , وقال :

- هذا مستحيل من وجهة نظر الطب الشرعي يا (محمود) , فهذه العظام لشاب توفي منذ خمس وعشرين يوماً على الأقل , ولكن هذا الحمض المجهول (******) أدى إلى التآكل التام للخلايا قبل موعدها الطبيعي .


قطب (نور) حاجبيه , وسأل الدكتور (حجازي) :

- ما سبب الوفاة يا سيدي ؟


أشاح الدكتور (حجازي) بذراعه قائلاً :

- الجوع يا بني .. الجوع الشديد .. حتى أن العظام كادت تفقد نخاعها .


تمتم (رمزي) بتعجب :

- يا إلهي !! هذا الموت البشع أصاب كل هؤلاء المساكين لسبب مجهول ونحن نعجز عن كشف سره .


قال (نور) بصوت خافت وقد ظهرت علامات التحدي في ملامحه :

- لا بد من وجود تفسير منطقي لكل هذا يا (رمزي) , وسنتوصل إليه قبل أن نفقد ضحية أخرى .


ثم صافح الدكتور (حجازي) , وشكره على استجابته السريعة لاستدعائه , وتوجه نحو باب الخروج , فسأله (رمزي) :

- إلى أين أيها القائد ؟


أجابه (نور) دون أن يتوقف عن السير :

- سأذهب للاطمئنان على زوجتي يا (رمزي) , فلا بد أنها ستستيقظ بين لحظة وأخرى , وأخشى أن تواجه ما يثير أعصابها المتعبة .



* * *

ما إن فتحت (سلوى) عينيها في الثامنة صباحاً حتى طالعها وجه (نور) مبتسماً بحنان , فابتسمت بتكاسل وهي تسمعه يقول :

- صباح الخير يا زوجتي العزيزة .. كيف حالك هذا الصباح ؟


قالت (سلوى) وهي ترفع رأسها لتجلس على الفراش :

- أعصابي هادئة للغاية يا زوجي العزيز .


ثم أمسكت يده برقة وهي تستطرد قائلة :

- إنني أشعر بالاطمئنان لوجودك بقربي يا (نور) .


ابتسم (نور) وهو يجلس بجوارها على طرف الفراش , فتثائبت هي وقالت :

- هل تعلم يا (نور) ما الشعور المسيطر على مشاعري في هذه اللحظة ؟


نظر إليها (نور) بتساؤل , فقالت وهي تتثائب مرة أخرى :

- الجوع .. الجوع الشديد , فإنني لم أتناول طعاماً منذ البارحة , وأعتقد أنني على استعداد لتناول خروف بأكمله .


ابتسم (نور) وهم بالتعقيب على عبارتها مداعباً عندما توقف فجأة , وزوى ما بين عينيه لحظة , واقترب حاجباه بشكل ينم عن التفكير العميق , فتوقفت (سلوى) عن الحديث , وحدق في وجه زوجها باهتمام تملك حواسها بأكملها , إلى أن انفرجت أساريره فجأة , وبرقت عيناه بشكل تعرفه هي جيداً , وتراقصت على شفتيه ابتسامة فوز واثقة .


أمسكت (سلوى) ذراعه بشدة وهي تقول بصوت لاهث من شدة الانفعال :


- (نور) .. لقد توصلت إلى الحل أليس كذلك ؟ .. أليس كذلك يا (نور) ؟


ربت (نور) على كتفها وهو شارد النظرات , وقال وقد اتسعت ابتسامته , وازداد وثوقاً :

- نعم يا عزيزتي لقد توصلت إلى الحل .. إنه الجوع بلا شك .. هذا يفسر كل شيء .. هذا هو التفسير الوحيد المنطقي لهذا الزمن المفقود .



* * *
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://svuy.ahlamontada.com
هزيم الألم
 
 
هزيم الألم


عدد الرسائل : 1459
العمر : 39
البلد : مصر
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : 09/01/2008

العدد 13 من ملف المستقبل Empty
مُساهمةموضوع: رد: العدد 13 من ملف المستقبل   العدد 13 من ملف المستقبل Emptyالأربعاء أبريل 30, 2008 1:21 pm


10 - نبض العقل ..
__________________________________________


هز المهندس (عبيد) رأسه نفيا بعناد وهو يقول :

- لقد أصابك الجنون أيها النقيب .. كيف يمكنك تصور احتمال إقناعي بهذه الفكرة العجيبة ؟ .. إنها تفوق ما يكتبه مؤلفو قصص الخيال العلمي .



ابتسم (نور) بثقة وهو يقول :

- ولهذا لم تخطر ببالنا أيها المهندس , ولكنها تفسر كل شيء , ولا تنس أننا نتعامل مع مادة مجهولة تخالف كل المعلومات المعروفة على كوكب الأرض .



عاد المهندس (عبيد) يهز رأسه نافياً , ولكنه التزم الصمت فقال (رمزي) :

- إذن فأنت تعتقد أن بقايا النيزك هي مادة حية يا (نور) .


قال (نور) بتأكيد:

- برغم غرابة الفكرة إلا أنها كذلك يا (رمزي) .. إنها مادة حية تختلف عن كل المواد المعروفة على كوكبنا , ولكننا نستطيع تشبيهها بالخلايا الأميبية , مع الفارق طبعاً , وهذا ما يفسر رؤيتك أيها المهندس (عبيد) للرمال التي تنبض , ورؤية (سلوى) للأرض المصنوعة من البولي إيثلين وهي تفعل ذلك أيضاً .. إن كلاً منكما لم يكن واهماً .. لقد رأيتما بالفعل تلك المادة الحية وهي تتحرك بشكل يشبه النبضات .


قال (محمود) :

- إذن فأنت تفترض وجود أكثر من مادة حية , فلون الرمال يختلف تماماً عن لون الأرضية الرمادية .



هز (نور) رأسه نفياً , وقال بابتسامة هادئة :

- بل إنني أفترض أن تمتلك هذه المادة الحية تفس الخاصية التي تمتاز بها لعض الحشرات والأسماك والزواحف , كالجراد , والضفادع , والحرباء .. إنها خاصية التماثل مع البيئة , وهذا يعني أن تلك المادة الحية يمكنها أن تتخذ نفس شكل البيئة المحيطة بها , وهذا ما جعل الأقمار الصناعية عاجزة عن كشفها عن طريق التصوير الفضائي , وما يجعلنا عاجزين عن تمييزها بعيوننا .



قال (رمزي) بريبة :

- ولكن ذلك لا يفسر عملية اختفاء العلماء الثلاثة , ولا ملابسهم التي عثر عليها بالية ومتحللة .. كما لا يفسر حادث المهندس (صبحي) , والدكتور (سالم) , ولا حتى وفاة (عبد المنعم) , وتحلل جسده .



لم تهتز ابتسامة (نور) الواثقة وهو يقول :

- لو أنك انتظرت قليلاً لوجدت فيما سوف أقول تفسيراً لكل ما يدور بخلدك يا صديقي .. ترى ما الصفة التي تتشارك فيها كل الكائنات الحية ؟ .. إنها الحاجة إلى الغذاء أو ما نسميه بالجوع يا رفاق .. لقد كانت هذه المادة الحية مثل أي كائن حي شعر بالجوع , ولما كان هذا الحاجز الكهرومغناطيسي يمنع دخول أية كائنات إلى منطقة البحث فقد منع خروجها أيضاً , والمنطقة كما تعلمون صحراوية , لا أثر فيها للنبات أو الماء , ولم تجد هذه المادة الحية غذاء سوانا .. أعني سوى المخلوقات البشرية .



قالت (سلوى) بذعر واشمئزاز :

- هل تعني أنها قد التهمت هؤلاء المفقودين ؟


قال (نور) :

- هذا صحيح .. ربما لم يكن هذا هو نوع الغذا الذي اعتادته أو ألفته , ولكنه الغذاء الوحيد المتوافر هنا , ولعلكم تذكرون ذلك الحمض الضعيف للغاية وغير المعروف على كوكب الأرض الذي تضمنته تقارير الدكتور (حجازي) .. إنه الحمض الذي تستخدمه المادة الحية في هضم غذائها .


قال المهندس (عبيد) بضيق :

- ولكن هذا لايفسر ما حدث للضحايا , ولا يوضح بشكل منطقي حقيقة الزمن المفقود .



رفع (نور) سبابته أمام وجهه وهو يقول :

- دعنا نفكر معاً أيها المهندس .. لقد أكدت كل التقارير أن الزمن الذي مر بالضحايا أطول كثيراً مما مر على كوكب الأرض في أثناء فترة اختفائهم , كما أكدت التقارير نفسها أنه لم يحدث تبديل أو خداع في هذا الأمر فكيف يمكننا تفسير ذلك إذن ؟


صاح المهدس (عبيد) بعصبية قائلاً :

- هل تطلب مني أنا أن أفسر ذلك أيها النقيب ؟



ابتسم (نور) وقال :

- بل أطلب منك أن نسترج معاً النظرية النسبية التي وضعها العالم (ألبرت أينشتاين) منذ زمن طويل أيها المهندس , والتي يقول فيها :

إن الزمن نسبي يختلف من منطقة لأخرى , ومن كوكب لآخر .. بل إنه يختلف ما بين قطبي الأرض وخط الاستواء .


ازدادت عصبية المهندس (عبيد) وهو يصيح قائلاً :

- وما صلة تلك المحاضرة العلمية باللغز الذي نحن بصدده أيها النقيب ؟



قال (نور) بهدوء :

- إنها صلة وثيقة أيها المهندس , فلا بد أن نتسائل :
كيف تهضم هذه المادة غذاءها إذا كان الحمض الذي تستخدمه ضعيفاً إلى هذه الدرجة ؟ .. لقد أجابت الطبيعة على هذا التساؤل , ومنح الله -سبحانه وتعالى- هذه المادة الحية خاصية لا تتوافر لأي كائن على كوكبنا , وأعتقد أن العالم (آينشتين) نفسه كان سيتخلى عن وقاره , ويرقص فرحاً لو أن هذه المادة ظهرت في أثناء حياته , فهي البرهان الحي على صحة نظريته .. إن هذه المادة الحية أيها السادة هي الكائن الوحيد الذي يسير الزمن بداخله بصورة مختلفة تماماً عما يحدث خارجه .




حدق الجميع في وجهه بدهشة , على حين سألته (سلوى) :

- ماذا تعني بذلك يا (نور) ؟ إنني لم أفهم شيئاً على الاطلاق .


توجه (نور) ببصره إليها وهو يقول :

- أعني يا زوجتي العزيزة أنه إذا ما ابتلعت هذه المادة الحية مخلوقاً حياً فإنه يشعر وكأنه قد قضي بداخلها أسبوعاً كاملاً , على حين لم يمض خارجها سوى ربع ساعة تقريباً , فهذا الحمض الضعيف للغاية غير قادر على إذابة المواد الغذائية إلا بعد زمن طويل , قد يستغرق عاماً أو أكثر , ولذلك فقد امتاز هذا الكائن الفضائي بخاصية الزمن النسبي , و أصبح الزمن بداخله يساوي آلاف الأضعاف للزمن خارجه , وهذا ما أصاب العلماء الثلاثة الذين مضى بهم الزمن داخل المادة الحية حتى ماتوا من شدة الجوع , وتحللت خلاياهم وعظامهم , وبليت ملابسهم , وتآكلت فيما يساوي داخل هذا الكائن مائة عام على الأقل , على حين لم يساو من زمننا الأرضي سوى يوم واحد فقط , وكذلك بالنسبة للمهندس (صبحي) والدكتور (سالم) فلقد شعر المهندس (صبحي) بمرور الزمن , بدليل أنه قد أكد أن وفاة الدكتور (سالم) قد حدثت منذ خمسة أيام , ولم يكن يستطيع قول ذلك ما لم يشعر بمرور الزمن داخل الكائن الفضائي .. لقد قضيا داخل الكائن اسبوعاً كاملاً , على حين لم يستغرق ذلك سوى ربع ساعة من زمننا الأرضي , وهذا ينطبق أيضاً على ما حدث للمسكين (عبد المنعم) .




تمتمت (سلوى) بصوت مرتجف :

- يا للمساكين !! يا للميتة البشعة !! الجوع والرعب والقلق .



سأل (رمزي) (نور) باهتمام :

- ولو افترضنا صحة هذه الفكرة يا (نور) كيف لم يختنق المهندس (صبحي) داخل هذا المخلوق الفضائي ؟



قال (نور) :

- لأن التفاعلات داخل هذا الكائن تولد الأكسوجين بسرعة تتناسب مع الزمن بداخله يا (رمزي) هذا هو التفسير الوحيد .



ساد الصمت في الغرفة , وقلب الجميع الأمر في عقولهم قبل أن يقول (محمود) :

- معذرة أيها القائد , ولكن تحليلك هذه المرة مبني على افتراض لا يستطيع أحدنا أن يجزم بصحته .. صحيح أن الأمور تبدو منطقية عند وضع هذا الافتراض , ولكنه في حد ذاته يبدو خيالياً إلى درجة كبيرة .


أطرق (نور) برأسه لحظة , ثم قال :

- سأجد هذا الكائن العجيب يا (محمود) .. وستصدقون جميعاً نظريتي برغم غرابتها .



قالت (سلوى) بهدوء وهي تقترب منه :

- أنا أصدقك يا (نور) , وسأبحث معك عن هذا الكائن .



ابتسم (محمود) متصوراً أن (سلوى) تفعل ذلك من باب الوفاء لزوجها وقال :

- لقد فحصت المنطقة بأكملها , ولم أجد أي أثر للنشاط الإشعاعي أيها القائد .



قال (نور) :

- ربما لو حاولنا استخدام جهاز للترددات الصوتية لأمكننا التقاط تلك النبضات التي يصدرها الكائن يا (محمود) .


فتحت (سلوى) حقيبتها , وتناولت اسطوانة صغيرة وهي تقول :

- أعتقد أنني أمتلك هذا الجهاز يا (نور) , وسأبدأ البحث معك في الحال .



ربت (نور) على كتفها , وتحركا معاً نحو باب الغرفة عندما هب المهندس (عبيد) واقفاً , وقال :

- لحظة أيها النقيب .. إن هذا التفسير العجيب الذي أخبرتنا به لا يوضح ذلك النشاط الحراري الذي ظهر , والتقطته أجهزتنا وصور الأقمار الحرارية .


توقف (نور) , والتفت إليه قائلاً :

- لقد وضح الدكتور (سالم) -رحمه الله- هذه النقطة أيها المهندس عندما قال :
إن أية عملية هضم بسيطة يمكنها أن تحدث مثل هذا الارتفاع الطفيف في النشاط الحراري , و أعتقد أن المادة الحية كانت تمارس عماية الهضم في ذلك الحين .



ثم تناول جهاز الترددات الصوتية الصغير من يد (سلوى) وهو يقول :

- أعتقد أنه من الأفضل أن تبقي هنا يا زوجتي العزيزة , وسأبحث وحدي عن هذا المخلوق .


وقبل أن يترك لها الفرصة لمجادلته أسرع خارجاً بخطوات أقرب إلى الركض , وأسرعت هي خلفه تناديه , وبصحبتها (رمزي) و (محمود) .

كان (نور) يسير بخطوات مسرعة عندما تنبه فجأة إلى أن الأرض التي يسير فوقها رخوة أكثر من المعتاد , فتوقف عن السير , ونظر تحته بدهشة , وعلى بعد أمتارقليلة منه صرخت (سلوى) بلوعة , فلقد ارتفع من حوله وفي دائرة نصف قطرها متران تقريباً كيان هلامي بشع يشبه رمال الصحراء تماماً . إلا أنه متماسك بشكل جيلاتيني مقزز ومرعب في آن واحد .


وقبل أن ينجح أحد في منعها , وقبل أن يخطو (نور) خطوة واحدة هتفت (سلوى) باسمه , وأسرعت تلقي بنفسها بين ذراعيه وسط الكيان الهلامي الذي انطبق عليهما مكوناً ما يشبه كرة جيلاتينية ضخمة , أثارت الرعب في أوصال (رمزي) وهو يهتف بهلع :


- رباه !! لقد كان (نور) محقاً في استنتاجه .. لقد ابتلعتهما المادة الحية وفقدناهما إلى الأبد !!



* * *
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://svuy.ahlamontada.com
هزيم الألم
 
 
هزيم الألم


عدد الرسائل : 1459
العمر : 39
البلد : مصر
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : 09/01/2008

العدد 13 من ملف المستقبل Empty
مُساهمةموضوع: رد: العدد 13 من ملف المستقبل   العدد 13 من ملف المستقبل Emptyالأربعاء أبريل 30, 2008 1:22 pm


11 - في قلب الخطر ..
__________________________________________

ما إن التقت أطراف الكائن الهلامي حتى ساد الظلام تماماً بداخله , وسرت رائحة رطبة عفنة , على حين أخذت جدرانه الداخلة تتموج بشكل بطيء , فأحاط (نور) زوجته بذراعيه , وهمس في أذنها بقلق وتوتر :

- لماذا فعلتِ ذلك أيها المجنونة ؟ سيقضي علينا هذا الكائن جوعاً وعطشاً .


قالت (سلوى) بصوت مرتجف وهي تزداد التصاقاً به :

- إن موتنا معاً أفضل من حياتي بدونك يا (نور) .


قال (نور) بحزن :

- ولكن هذه الميتة هي أبشع أنواع الموت يا عزيزتي .


قالت (سلوى) بحزن أشد :

- تعددت الأسباب والموت واحد يا زوجي العزيز .. يكفيني أن أموت بجوارك .



صمتا لحظة , ثم قال (نور) بهدوء :

- ربما لا يكون الموت نصيبنا يا (سلوى) .


ارتجف جسد (سلوى) , وقالت بصوت خافت :

- (نور) .. يخيل لي برغم الظلام أن عينيك تبرقان .. هل تفكر في شيء ما ؟



قال (نور) بنفس الهدوء :

- نعم يا عزيزتي .. إني أفكر في السبب الذي دعا هذا الكائن البشع إلى لفظ المهندس (صبحي) والدكتور (سالم) قبل أن يهضمهما , كما فعل مع الآخرين .



قالت (سلوى) وقد بدأت نفسها تطمئن برغم الموقف :

- هل تعتقد أنك تستطيع دفعه إلى لفظنا أحياء يا (نور) ؟



أومأ (نور) برأسه في الظلام , وقال :

- أظن ذلك يا عزيزتي لو أنني تمكنت من التوصل إلى سبب لفظه للمهندس (صبحي) حياً .



ارتجف جسد (سلوى) بالأمل وهي تقول :

- حاول أن تفكر بسرعة يا (نور) .. استجمع ذاكرتك وموهبتك .


قال (نور) بهدوء شديد :

- لا داعي للعجلة يا عزيزتي , فلو أن نظريتي صحيحة لاستطعنا التفكير مدة يوم كامل قبل أن تمضي ثلاث دقائق من زمن الأرض .. ولو أننا توصلنا إلى الأسلوب الصحيح فستكون مفاجأة مذهلة لأصدقائنا خارج هذا المكان البشع .


ساد صمت بينهما دقيقة أحست (سلوى) خلالها باشمئزاز شديد من هذه الرائحة التي تملأ داخل الكيان الهلامي , ومن جدرانه الملساء اللزجة , التي تلامسها في تموجات بطيئة مخيفة , وأخيراً قال (نور) :

- ترى ماذا يميز المهندس (صبحي) يا (سلوى) ؟ .. لقد التهمت هذه المادة الحية العلماء الثلاثة حتى النخاع قبل أن تشبع في المرة الأولى ربما لشدة جوعها عندما لم تجد حولها غذاء آخر , ثم لفظت المهندس (صبحي) حياً دون أن تهضم حتى جثة الدكتور (سالم) , وعادت لتلتهم أنسجة (عبد المنعم) تاركة هيكله العظمي فقط .. هل نقول : أنها لم تستسغ طعم المهندس (صبحي) ؟



لم تشعر (سلوى) بالرغبة في الابتسام لدعابته , على حين لم ينتظر هو ذلك فاستطرد قائلاً :

- أم أن المهندس (صبحي) كان يحمل شيئاً ما أو يرتدي شيئاً ما لم يحتمله هذا المخلوق , فأسرع يلفظ ما في جوفه ؟



شعرت (سلوى) ببعض الأمل وهي تستمع إليه باهتمام , وتلاشى خوفها وجزعها بعض الشيء , ولم يشعر هو بذلك , بل تابع حديثه بهدوء قائلاً :

- دعينا نتذكر ما حملاه معهما .. لقد حمل الدكتور (سالم) بعض الأقراص المهدئة وزجاجة صغيرة من الماء , على حين حمل المهندس (صبحي) ...


وهنا صمت فجأة قبل أن يتم عبارته , وصاح بلهجة انتصار :

- يا إلهي !! لقد حمل المهندس (صبحي) جهاز الترددات فوق الصوتية .. نعم هذا هو التفسير .. إن ذلك المخلوق الهلامي البشع لم يحتمل تلك الترددات .. لا بد أن ذلك الحمض الضعيف قد أثر مع مرور الوقت في أزرار الجهاز الحساس فارتفعت الترددات لتؤلم ذلك الكائن الفضائي , فلفظها قبل أن يتم عملية الهضم .




ارتجف جسد (سلوى) كله من شدة الانفعال , على حين أمسك (نور) ذراعها بقوة وهو يقول بمرح اختلطت به رنة الفوز :

- هذا هو التفسير المنطقي يا زوجتي العزيزة , لقد توصلت إليه .. سننجو يا (سلوى) .. سنجبر هذا المخلوق البشع على لفظنا .



قالت (سلوى) بفرحة عارمة :

- إنك عبقري بحق يا (نور) , وأعصابك قوية كالفولاذ , وباردة كالثلج , وإلا فما استطعت التفكير بهذه المنطقية , وهذا الهدوء في هذه الظروف .



ثم تلاشت فرحتها فجأة , وتملكها يأس شديد وهي تقول :

- ولكن أين لنا بجهاز مماثل ؟



ضحك (نور) ضحكة قصيرة وهو يقول :

- إنني أمسك به في كفي يا عزيزتي .. ألم أختطفه من يدك قبل أن يبتلعنا هذا المخلوق البشع بلحظات ؟


صاحت (سلوى) بسعادة :

- هذا صحيح .. ناولني إياه يا (نور) , وسأذيق هذا المخلوق من الآلام أضعاف ما أذاقنا منها .


ناولها (نور) الجهاز بصعوبة بعد أن اقتربت جدران الكيان الهلامي , فضغطت (سلوى) على زر صغير في قاعدة الجهاز , وارتفع صوت رفيع مؤلم , وبدأت جدران المخلوق الفضائي في الاهتزاز بشدة حتى أن (نور) صاح قائلاً :

- لقد انتصرنا يا زوجتي العزيزة .. لقد هزمنا هذا المخلوق , وحرمناه تناول وجبة شهية .



* * *
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://svuy.ahlamontada.com
هزيم الألم
 
 
هزيم الألم


عدد الرسائل : 1459
العمر : 39
البلد : مصر
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : 09/01/2008

العدد 13 من ملف المستقبل Empty
مُساهمةموضوع: رد: العدد 13 من ملف المستقبل   العدد 13 من ملف المستقبل Emptyالأربعاء أبريل 30, 2008 1:22 pm

<hr style="COLOR: #ffffff" SIZE=1>
12 - الضحية الأخيرة
__________________________________________________ ______

ما إن انطبق الكائن الهلامي البشع على (نور) و (سلوى) حتى ارتجفت أوصال (رمزي) رعباً وهو يهتف بهلع :

- رباه لقد كان (نور) محقاً في استنتاجه .. لقد ابتلعتها المادة الحية , وفقدناهما إلى الأبد .


ولم يكد يتم عبارته حتى أخذ الكائن يرتعد بشدة , ثم تباعدت أطرافه دفعة واحدة , وقذف (نور) و (سلوى) خارجه قبل أن ينبسط مرة أخرى فوق الرمال بشكل يصعب تمييزه من وسطها ..


ولم يكد جسد (نور) يلامس الأرض حتى قفز واقفاً , وأمسك بيد (سلوى) يساعدها على النهوض ليسرعا مبتعدين عن المخلوق الفضائي , فاتسعت عيون (رمزي) و (محمود) والمهندس (عبيد) ذهولاً , وصاح الأخير :


- لقد نجوتما .. حمداً لله .. كيف لم يلتهمكما هذا المخلوق البشع ؟



قال (نور) متهكماً :

- لقد سببنا له عسر هضم شديد أيها المهندس .


ثم التفت إلى (رمزي) , وسأله :

- كم استغرق غيابنا داخله يا (رمزي) ؟


قال (رمزي) بصوت لم تفارقه الدهشة بعد :

- أقل من الثانية الواحدة يا (نور) , فلم يكد ينطبق عليكما حتى عاد يلقيكما خارجه .. ماذا فعلتما له ؟


ضحك (نور) وهو يقول :

- لقد قضينا بداخله ما لا يقل عن نصف الساعة يا (رمزي) , وهذا يؤكد صحة نظريتي عن نسبية الزمن داخله وخارجه .



عاد (رمزي) ينظر إلى المخلوق العجيب الذي أخذ ينبض بشكل يشبه قلباً ضعيفاً , وقال :

- صدقني يا (نور) , إذا قلت إن (آينشتاين) نفسه , كان حرياً أن يصفق لك إعجاباً إذا قدر له أن يكون معنا الآن .. لن يجرؤ أحد على مخالفة استنتاجاتك بعد الآن .



وفجأة ارتفعت أطراف الكائن الهلامي , وأخذ يزحف ببطء , وقد ازدادت نبضاته عنفاً , فتراجع الجميع إلى الوراء بذعر , وصاح المهندس (عبيد) برعب شديد :

- يا إلهي !! لقد جن هذا المخلوق البشع .. إنه يهاجمنا مباشرة .



ازدادت سرعة زحف الكائن الهلامي , فصاح (نور) :

- ابتعدوا جميعاً , لقد دفعه الجوع إلى مهاجمتنا بشراسة .



تراجع الجميع باستثناء المهندس (عبيد) , إذ قفز الكائن نحوه فجأة بشكل عجيب , و أحاطت أطرافه به والمسكين يصرخ برعب , وقد جحظت عيناه إلى أن اختفى جسده داخل الكائن البشع , فصاح (نور) وهو يعدو نحو الكرة الجيلاتينية الضخمة التي تكونت :

- لا .. مستحيل .. ليس مرة أخرى .


قذفت إليه (سلوى) بأسطوانة الترددات الصوتية وهي تصيح :

- خذ يا (نور) .. أطلق الترددات بأقصى قوة قبل أن ينتهي ذلك المسكين .



ضغط (نور) الزر بقاعدة الاسطوانة , وانطلقت الترددات عالية , ولكنها لم تؤثر في الكرة الجيلاتينية الضخمة على الاطلاق , فصاح (نور) بأسى :

- يا إلهي !! إنها تؤثر به من الداخل وليس من الخارج .


صاحت (سلوى) :

- رباه !! هذا صحيح يا (نور) , لأن المكان بالداخل مغلق تماماً .



فقد (رمزي) القدرة على النطق , على حين أسرع (محمود) إلى غرفة (نور) , وعاد بمسدسه الليزري , وصوبه إلى المخلوق الهلامي , فصاح به (نور) :

- توقف يا (محمود) , إنك قد تقتل المهندس (عبيد) بداخله .



صاح (محمود) بإصرار :

- ستكون هذه الميتة أهون يا (نور) .



أوقفه (نور) وهو يصيح قائلاً :

- ليس هذا ضرورياً يا (محمود) لدي فكرة أخرى .



ثم أسرع نحو المبنى الرئيسي وهو يصيح :

- عاونوني يا رفاق لنعثر على زجاجة من الحامض لمحتها في هذا المكان , وأسرعوا فكل دقيقة تمر تمثل نصف يوم تقريباً لهذا المسكين داخل المخلوق البشع .


سألته (سلوى) وهو يبحثون باهتمام :

- لماذا الحامض بالذات يا (نور) ؟



قال (نور) بسرعة :

- لأن جسد هذا المخلوق لا يحتمل الأحماض القوية يا (سلوى) , وإلا فما كانت الأحماض التي يفرزها بداخله بكل هذا الضعف .



صاح (رمزي) :

- ها هي ذي لقد وجدتها .




اختطفها (نور) من يده و جرى نحو المخلوق البشع وهو يقول :

- لقد مضت أربع دقائق منذ ابتلعه هذا المخلوق , أي ما يساوي يومين بداخله .. يجب أن نسرع .



ثم قذف الزجاجة نحو الكائن الهلامي , ولم تكد تلمسه حتى أطلق (نور) نحوها دفقة من أشعة الليزر حطمتها , وسكب الحامض القوي فوق جسد المخلوق الذي ارتعد بقوة , وتصاعدت منه أبخرة سوداء , ثم انفرجت أطرافه , وقذف بالرجل الذي بداخله , وأخذينكمش وينبسط بانقباضات عنيفة دون أن يتوقف تصاعد الأبخرة السوداء منه .


أسرع (رمزي) نحو المهندس (عبيد) , ثم توثف فجأة , فقد كان وجهه قد ازداد نحولاً , وجحظت عيناه رعباً , على حين تحول شعره الأكرت الكثيف إلى الشيب تماماً دون أن تنمو لحيته إلا بقدر ضئيل للغاية .

فانحنى (رمزي) فوق صدره , ثم وقف وقال بأسى بالغ :


- إن قلب هذا المسكين لم يحتمل حالة الفزع هذه .. لقد شاب شعره رعباً قبل أن يقضي نحبه .



سرت موجة من الحزن في قلوب الجميع , و تعلقت أبصارهم بالكائن الهلامي الذي توقفت حركته , وتفحم جسده تماماً وتحولت الأبخرة المتصاعدة منه إلى اللون الرمادي الفاتح المشوب بالزرقة , كان من الواضح أن هذا الكائن المرعب قد قضى نحبه هو الآخر .

وبحركة آلية استدار (نور) , وتوجه إلى غرفته , وتبعته (سلوى) والحزن يعتصر قلبها الرقيق , وما أن دخلت الغرفة حتى وجدت (نور) واقفاً أمام جهاز التليفيديو الذي ارتسمت على شاشته صورة القائد الأعلى للمخابرات العلمية , وشهادت (نور) وهو يؤدي التحية العسكرية قبل أن يقول بصوت حزين وبلهجة رسمية :


- لقد انتهت المهمة يا سيدي .. لقد عثرنا على بقايا النيزك , وتوصلنا إلى حل لغز الزمن المفقود




* * *
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://svuy.ahlamontada.com
هزيم الألم
 
 
هزيم الألم


عدد الرسائل : 1459
العمر : 39
البلد : مصر
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : 09/01/2008

العدد 13 من ملف المستقبل Empty
مُساهمةموضوع: رد: العدد 13 من ملف المستقبل   العدد 13 من ملف المستقبل Emptyالأربعاء أبريل 30, 2008 1:23 pm

13 – الختام ..
___________________________________________

كان (نور) يجلس ساكناً في شرفة المنزل الأنيق المطل على شاطئ (بلطيم) يتطلع إلى النجوم عندما وضعت (سلوى) أمامه كوباً من الشاي , ثم جلست قبالته , وقالت :

- مازال هناك أمر يشغلني بشأن ذلك المخلوق الهلامي يا (نور) .



التفت إليها (نور) بنظرة متسائلة , فتابعت قائلة :

- وهي : من أين أتى ؟ .. وكيف استطاع الباقء في الفضاء وفي أثناء اختراق الغلاف الجوي حياً ؟


هز (نور) رأسه , وقال :

- لا أحد يستطيع إجابة هذا السؤال يا (سلوى) .. ربما كان يمتلك القدرة على التحوصل مثل بعض أنواع البكتيريا , وربما انفجر كوكبه الأصلي وهو في هذه الحالة , فتحول إلى نيزك يشق الفضاء إلى أن جذبته جاذبية الأرض .. وربما لم يكن ذلك الخط الناري الذي ظهر في السماء ليلة زفافنا سوى ناتج احتراق حوصلته مع احتكاكها بالغلاف الجوي .



ثم عاد ينظر إلى النجوم ويقول :

- ولكن لا أحد يستطيع الجزم بذلك .



صمتت (سلوى) لحظة , ثم قالت :

- هل تعلم يا (نور) أنني أعتقد أن هذا الكائن برغم بشاعته مخلوق مسكين , وجد نفسه فجأة وحيداً جائعاً فوق كوكب غريب دون طعام أو رفيق ؟


ابتسم (نور) بهدوء , وقال :

- هل تعلمين أنت يا (سلوى) أنه في القرن العشرين وقبل إنشاء منظمة التعاون الغذائي كان نصف العالم يموت جوعاً , على حين يلقي النصف الآخر بفائض طعامه في المحيط ليحافظ على ثبات أسعاره ؟
(الشامري : ولا يزال العالم يفعل ذلك)



مطت (سلوى) شفتيها , وقالت :

- يا للبشاعة !!



ثم صمتت لحظة قبل أن تقول :

- هل تعلم فيم أفكر الآن يا (نور) ؟


ابتسم (نور) وقال :

- لا بد أنها فكرة رومانسية .


ضحكت (سلوى) ضحكة قصيرة , وقالت :

- نوعاً ما .. إنني أتمنى وجود مكان مثل باطن هذا المخلوق الهلامي .. مكان أستطيع أن أقضي معك فيه شهر عسل كامل هادئ دون أن يمر من زمن الأرض سوى ساعة واحدة .


ضحك (نور) , وقال مداعباً :

- احذري يا عزيزتي , فبهذه الطريقة سيتقدم بك العمر بسرعة على الأرض .



تطلعت (سلوى) إلى النجوم , وقالت وهي تسترخي في مقعدها :

- اعتقد أن هذا أفضل يا (نور) فطبيعة العمل الذي نمارسه قد لا تسمح لنا حتى بالوصول إلى هذا العمر المتقدم .



ربت (نور) على كفها برقة , وهما يتطلعان إلى النجوم .. إلى المستقبل الذي لا يعلم إلا الله – سبحانه وتعالى – ما يخبئه لهما .




* * *



( تمت بحمد الله )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://svuy.ahlamontada.com
الجنرال
 
 



عدد الرسائل : 64
البلد : مصر
رقم العضوية : 16
تاريخ التسجيل : 29/01/2008

العدد 13 من ملف المستقبل Empty
مُساهمةموضوع: رد: العدد 13 من ملف المستقبل   العدد 13 من ملف المستقبل Emptyالأربعاء أبريل 30, 2008 2:30 pm


رهيب والله رهيب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
العدد 13 من ملف المستقبل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى شباب جنوب الوادى  :: 
أدبيـــــــــات
 :: 
مكتبة القصص والروايات
-
انتقل الى: