منتدى شباب جنوب الوادى
أهلا ومرحبا بك زائرنا الكريم إذا كنت غير مشترك بالمنتدى يشرفنا اشتراكك معنا
منتدى شباب جنوب الوادى
أهلا ومرحبا بك زائرنا الكريم إذا كنت غير مشترك بالمنتدى يشرفنا اشتراكك معنا
منتدى شباب جنوب الوادى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى شباب جنوب الوادى

منتديات شباب جامعة جنوب الوادى وصعيد مصر
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 علم نفس النمو

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نور الصباح
 
 
نور الصباح


عدد الرسائل : 366
البلد : مصر
رقم العضوية : 121
تاريخ التسجيل : 28/04/2011

علم نفس النمو Empty
مُساهمةموضوع: علم نفس النمو   علم نفس النمو Emptyالإثنين مايو 09, 2011 3:17 am

بسم الله الرحمن الرحيم

سوف أقدم لكم علم يسمى بعلم النمو وسوف يوضع على حلقات بإذن الله

الفصل الأول

علم نفس النمو هو فرع علم النفس الذى يهتم بدراسة التغيرات التي تطرأ على السلوك الأنسانى من المهد - بل وقبلة - إلى اللحد .
وهذة التغيرات شاملة بمعنى
إنها تحدث للكائن في كل الجوانب , وأن كانت لا تحدث بسرعة واحدة أو بمعدل
واحد فى كل جانب من جوانب شخصية الفرد .


1- التغير فى الحجم أو فى الكم :
ويعنى أن التغير يشمل حجم
الأعضاء أو كم الوحدات , ففى الجانب الجسمى نجد أن حجم الجسم ككل يزيد
ويكبر , كما أن حجم كل عضو على حدة يزيد أيضا , ينطبق هذا على الأعضاء
الخارجية , كما ينطبق على الأعضاء الداخلية كالقلب والمعدة والبنكرياس.
كذلك يظهر هذا النوع من التغير فى زيارد عدد الوحدات فى بعض الجوانب مثل
عدد الخطوات التى يستطيع الوليد أن يمشيها قبل أن يقع على الأرض عند تعلمة
المشى , وعدد الكلمات الصحيحة التى ينطقها عند تعلمة الكلام .


2- التغبر فى النسب :
لا يقتصر التغير فى النمو على
الحجم أو كم الوحدات وإنما يشمل أيضا النسبة التى يحدث بها التغير ,
فالتغير لا يحدث بنسبة واحدة فى كل الأعضاء , بل يحدث تغير فى النسب بمعنى
أن أجزاء فى الجسم مثلا تنمو بنسبة أكبر مما تنمو أجزاء أخرى , فالنسب
الموجودة بين أعضاء جسم الطفل عند الميلاد لا تبقى كما هى مع النمو ,
فالطفل يولد ورأسة تقارب ربع طول جسمة , ولكنها عند الرشد لا تزيد عن الثمن


3- التغير من العام إلى الخاص:
التغيرات تسير أحيانا من العام
الى الخاص ومن المجمل الى المفصل . كما تسير فى الاتجاة المضاد أحيانا
أخرى , فالتغيرات تتجة من العام الى الخاص عندما يستجيب الكائن الحى
للمواقف استجابة عامة بكليتة , ثم تبدأ أعضاء معينة أو وظائف خاصة فى العمل
, فالطفل يحاول ان يميل بجسمة كلة ليلتقط شيئا امامة ثم يتعلم بعد ذلك كيف
يحرك يدية فقط , ويكون مشى الطفل فى البداية حركة غير منتظمة لكل أجزاء
جسمة وبعدها يأخذ شكلا متسقا لحركة اليدين والرجلين . والنمو لا يتجة من
العام الى الخاص فقط بل أن هناك حركة عكسية فى الاتجاة المضاد تشملها عملية
النمو . وهى تكوين وحدات اكبر أو سلوك أعم من الاستجابات الجزئية النوعية
أو المتخصصة , ويحدث ذلك عند تعميم استجابة الخوف من مثيرات معينة الى كل
المثيرات التى ترتبط بالمثيرات الاصلية .


4- التغير كأختفاء خصائص قديمة وظهور خصائص جديدة :
التغير فى النمو لا يقتصر على
التغير فى الحجم أو فى النسبة ولكنة يشمل أيضا إختفاء خصائص قديمة وظهور
خصائص جديدة , ويحدث هذا عندما ينتقل الطفل من مرحلة من مراحل النمو الى
المرحلة التى تليها , وتكون هذة الخاصية القديمة من خضائص المرحلة الى
إنتقل منها الطفل , ولذا تميل الى التناقص حتى تختفى , بينما تبدأ الخصائص
الجديدة والتى تنتمى الى المرحلة الجديدة التى إنتقل إليها وتأخذ فى
الظهور. مثال ذلك , ما يحدث عند إنتقال الطفل من مرحلة الطفولة المتأخرة
الى مرحلة المراهقة , ويبدو ذلك فى ضمور الغدتين التيموسية والصنوبرية , فى
آواخر مرحلة الطفولة المتأخرة , وفى الوقت نفسة تبدأ الخصائص الجديدة فى
الظهور ممثلة فى نضج الغدد الجنسية وبدئها للإفراز. ويعتبر بداية إفراز
الغدد الجنسية , وهو ظاهرة البلوغ الجنسى , بداية مرحلة المراهقة .



موضوع علم نفس النمو
النموالإنسانى
ارض مشتركة لعدد من العلوم الإنسانية الإجتماعية والبيولوجية الفيزيائية,
وتشمل علم النف وعلم الأجتماع والانثروبولوجية وعلم الأجنة وعلم الوراثة
وعلم الطب , إلا أن علم النفس يقف بين هذة العلوم بتميزة الواضح فى تناول
هذة الظاهرة وأنشأ فرعا منة يختص بدراستها هو علم نفس النمو .

ولقد ظهر هذا العلم فى أواخر
القرن التاسع عشر , وكان تركيزة على فترات عمرية خاصة وظل على هذا النحو
لعقود طويلة متتابعة وكانت الاهتمامات المبكرة مقتصرة على أطفال المدارس ,
ثم أمتد الاهتمام الى سنوات ما قبل المدرسة , وبعد ذلك الى سن المهد (
الوليد والرضيع ) , فإلى مرحلة الجنين ( مرحلة ما قبل الولادة ) .

وبعد الحرب العالمية الأولى بقليل
بدأت البحوث حول المراهقة فى الظهور والذيوع , وخلال فترة ما بين الحربين
ظهرت بعض الدراسات حول الرشد المبكر , إلا أنها لم تتناول النمو فى هذة
المرحلة بالمعنى المعتاد , بل ركزت على قضايا معينة مثل ذكاء الراشدين
وسمات شخصياتهم .

ومنذ الحرب العالمية الثانية
ازداد الاهتمام التدريجى بالرشد , وخاصة مع زيادة الاهتمام بحركة تعليم
الكبار , أما الاهتمام بالمسنين فلم يظهر بشكل واضح الا منذ مطلع الستينات
من هذا القرن , وكان السبب فى ذلك الزيادة السريعة فى عددهم ونسبتهم فى
الاحصاءات السكانية العامة , وما تتطلب ذلك من دراسة لمشكلاتهم وتحديد
أنواع الخدمات التى يجب أن توجة إليهم

ومن الدوافع الهامة التى وجهت
البحث فى علم نفس النمو الضرورات العملية , والرغبة فى حل المشكلات التى
يعانى منها الافراد فى مرحلة عمرية معينة , , ومن ذلك أن بحوث الطفولة بدأت
فى أصلها للتغلب على الصعوبات التربوية والتعليمية لتلاميذ المدارس
الابتدائية ثم توجهت الى المشكلات المرتبطة بطرف تنشئة الاطفال على وجة
العموم , ووجة البحث فى مرحلة المهد الرغبة فى معرفة ما يتوافر لدى الوليد
من استعدادات يولد مزوداً بها , أما البحث فى مرحلة الرشد فقد وجهه الدافع
الى دراسة المشكلات العملية المتصلة بالتوافق الزواجى وأثر تهدم الأسرة على
الطفل , ثم بعد ذلك وجهه البحوث الى مجال الشيخوخة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الصباح
 
 
نور الصباح


عدد الرسائل : 366
البلد : مصر
رقم العضوية : 121
تاريخ التسجيل : 28/04/2011

علم نفس النمو Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم نفس النمو   علم نفس النمو Emptyالإثنين مايو 09, 2011 3:19 am

أهداف علم نفس النمو
يمكن القول أن لسيكولوجية
النمو هدفين أساسين : أولهما الوصف الكامل والدقيق قدر الامكان للعمليات
النفسية عند الناس فى مختلف اعمارهم واكتشاف خصائص التغير الذى يطرأ على
هذة العمليات فى كل عمر , وثانيهما : تفسير التغيرات العمرية ( الزمنية )
فى السلوك أى أكتشاف العوامل والقوى والتغيرات التى تحدد هذة التغيرات , ثم
أضيفت أهداف أخرى تتصل بالرعاية والنعاونة والتحكم والتنبؤ , أو باختصار
التدخل فى التغيرات السلوكية .

1- وصف التغيرات السلوكية :
على الرغم من ان هدف الوصف هو أبسط أهداف العلم إلا أنة أكثرها
أساسية , فبدونة يعجز العلم عن التقدم الى اهدافة الاخرى , والوصف مهمتة
الجوهرية ان يحقق الباحث فهما افضل للظاهرة موضع البحث , ولذلك فالباحث فى
علم نفس النمو علية ان يجيب أولاً على أسئلة هامة مثل : متى تبأ عملية
نفسية معينة فى الظهور ؟ وما هى الخطوات التى تسير فيها سواء نحو التحسن أو
التدهور؟ وكيف تؤلف مع غيرها من العمليات النفسية الأخرى أنماطا معينة من
النمو ؟ مثال ذلك اننا جميعا نلاحظ تعلق الرضيع بامة وان الام تبادل طفلها
هذا الشعور , والسؤال هنا : متى يبدأ شعور التعلق فى الظهور ؟ وما هى مراحل
تطورة ؟ وهل الطفل المتعلق بأمة تعلقا آمنا يكون أكثر قدرة على الاتصال
بالغرباء أم أن هذة القدرة تكون أكبر لدى الطفل الأقل تعلقا بأمة ؟ هذة
وغيرها اسئلة من النوع الوصفى .
ويجاب عن هذة الاسئلة بالبحث العلمى الذى يعتمد على الملاحظة , أى من خلال
مشاهدة الاطفال والاستماع اليهم , وتسجيل ملاحظاتنا بدقة وموضوعية . ولا شك
أن مما يعيننا على مزيد من الفهم أن ملاحظاتنا الوصفية تتخذ فى الاغلب
صورة النمط أو المتوالية , وحالما يستطيع الباحث أن يصف اتجاهات نمائية
معينة ويحدد موضع الطفل أو المراهق أو الراشد فيها فأنة يمكنة الوصول الى
الاحكام الصحيحة حول معدل نموة , وهكذا نجد أن هدف الوصف فى علم نفس النمو
يمر بمرحلتين أساسيتين : أولاهما الوصف المفصل للحقائق النمائية , وثانيهما
ترتيب هذة الحقائق فى اتجاهات أو انماط وصفية , وهذة الأنماط قد تكون
متآنية فى مرحلة معينة , أو متتابعة عبر المراحل العمرية المختلفة .

2- تفسير التغيرات السلوكية :
الهدف الثانى لعلم نفس النمو هو التعمق فيما وراء الانماط
السلوكية التى تقبل الملاحظة , والبحث عن اسباب حدوثها أى هدف التفسير ,
والتفسير يعين الباحث على تعليل الظواهر موضع البحث من خلال الاجابة على
سؤال لماذا ؟ بينما الوصف يجيب على الشؤال : ماذا ؟ وكيف؟
ومن الاسئلة التفسيرية : لماذا يتخلف الطفل فى المشى أو يكون أكثر
طلاقة فى الكلام , أو أكثر قدرة على حل المشكلات المعقدة بتقدمة فى العمر ؟
والى أى حد ترجع هذة التغيرات الى " الفطرة " التى تشمل فيما تشمل الخصائص
البيولوجية والعوامل الوراثية ونضج الجهاز العصبى , أو الى " الخبرة " أى
التعلم واستثارة البيئة .
فمثلا اذا كان الاطفال المتقدمون فى الكلام فى عمر معين يختلفون وراثيا
عن المتخلفين نسبيا فية نستنتج من هذا أن معدل التغير فى اليسر اللغوى
يعتمد ولو جزئيا على الوراثة , أما اذا كشفت البحوث عن أن الاطفال
المتقدمين فى الكلام يلقون تشجيعا أكثر على انجازهم اللغوى ويمارسون الكلام
اكثر من غيرهم فاننا نستنتج أن التحسن فى القدرة اللغوية الحادث مع التقدم
فى العمر يمكن ان يرجع جزئيا على الأقل الى الزيادة فى الاستثارة البيئية .
وفى الأغلب نجد ان من الواجب علينا لتفسير ظواهر النمو أن نستخدم
المغارف المتراكمة فى ميادين كثيرة أخرى من علم النفس وغيرة من العلوم مثل
نتائج البحوث فى مجالات التعلم والادراك والدافعية وعلم النفس الاجتماعى
والوراثة وعلم وظائف الاعضاء والانثروبولوجيا .

3- التدخل فى التغيرات السلوكية :
الهدف الثالث من اهداف الدراسة العلمية لنمو السلوك النسانى هو التدخل
فى التغيرات السلوكية سعيا للتحكم فيها حتى يمكن ضبطها وتوجيهها والتنبؤ
بها .
ولا يمكن ان يصل العلم إلى تحقيق هذا الهدف إلا بعد وصف جيد لظواهرة
وتفسير دقيق صحيح لها من خلال تحديد العوامل المؤثرة فيها , لنفرض أن البحث
العلمى أكد لنا ان التاريخ التربوى الخاطىء للطفل يؤدى بة إلى أن يصبح
بطيئا فى عملة المدرسى , ثائرا متمردا فى علاقاتة مع الافراد , أن هذا
التفسير يفيد فى اغراض العلاج من خلال تصحيح نتائج الخبرات الخاطئة ,
والتدريب على مهارات التعامل مع الآخرين , وقد يتخذ ذلك صوراً عديدة لعل
أهمها التربية التعويضية , والتعلم العلاجى .



خصائص النمو الأنسانى
حتى يتوجة فهمنا لطبيعة النمو الانسانى وجهه صحيحة نعرض فيما يلى الخصائص الجوهرية لهذة العملية الهامة :
1- النمو عملية تغير :
كل نمو فى جوهرة تغير , ولكن ليس كل تغير يعد نمواً حقيقيا , وعموما
يمكن القول أن علم نفس النمو يهتم بالتغيرات السلوكية التى ترتبط ارتباطا
منتظما بالعمر الزمنى . فإذا كانت هذة التغيرات تطرأ على النواحى
البيولوجية والفسيولوجية وتحدث فى بنية الجسم الانسانى ووظائف اعضاءة نتيجة
للعوامل الوراثية ( الفطرة ) فى اغلب الأحيان , فان هذة التغيرات تسمى
نضجا Maturation . اما إذا كانت هذة التغيرات ترجع فى جوهرها الى آثار
الظروف البيئية ( الخبرة ) تسمى تعلماً Learing . وفى كلتا الحالتين ,
النضج والتعلم قد تدل التغيرات على تحسن أو تدهور , وعادة ما يكون التدهور
فى الحالتين فى المراحل المتأخرة من العمر .
أما التغيرات غير النمائية فانها على العكس تعد نوعا من حالة الانتقال
التى لا تتطلب ثورة أو تطوراً , فالشخص قد يغير ملابسة إلا أن ذلك لا يعنى
نمواً , فتتابع الاحداث فى هذا المثال لا يتضمن وجود علاقة بين الحالة
الراهنة للشخص وحالتة السابقة , ومن السخف بل ومن العبث , أن نفترض مثلاً
أن ملابس الشخص التى كان يرتديها فى العام الماضى نمت بالتطور أو الثورة
إلى ما يرتدية الآن .
وهناك خاصية أخيرة فى التغيرات النمائية أنها شبة دائمة باعتبارها
نتاج كل من التعلم والنضج , وفى هذا تختلف عن التغيرات المؤقتة أو العارضة
أو الطارئة مثل حالات التعب أو النوم أو الوقوع تحت تأثير مخدر , فكلها
ألوان من التغير المؤقت فى السلوك ولكنها ليست نموا لأن هذة التغيرات جميعا
تزول بزوال العوامل المؤثرة فيها وتعود الأحوال إلى ما كانت علية من قبل .

2- النمو عملية منتظمة :
توجد أدلة تجريبية على ان تغيرات النمو تحدث بطريقة منتظمة ,
على الأقل فى الظروف البيئية العادية , ومن هذة الأدلة ما يتوافر من دراسة
الاطفال المبتسرين ( الذين يولدون بعد فترة حمل تقل عن 38 أسبوعا ) والذين
يوضع الواحد منهم فى محضن يتشابة مع بيئة الرحم لاكتمال نموة كجنين , فقد
لوحظ انهم ينمون بيولوجيا وفسيولوجيا وعصبيا بنفس معدل نمو الأجنة الذين
يبقون فى الرحم نفس الفترة الزمنية .
وتحدث تغيرات منتظمة مماثلة بعد الولادة , وأشهر الأدلة على ذلك جاء من
بحوث جيزل وزملائة الذين درسوا النمو الحركى للأطفال فى السنوات الاولى من
حياتهم , فقد لاحظوا الاطفال فى فترات منتظمة وفى ظروف مقننة ووصفوا سلوكهم
وصفا دقيقاً ووجدوا نمطا تتابعيا للنمو الحركى , ومن أمثلة ذلك , الاتجاة
من اعلى الى أسفل , والاتجاة من الوسط الى الأطراف , كما تظهر خصائص
الانتظام فى سلوك الحبو والوقوف والمشى واستخدام الايدى والاصابع والكلام ,
هذة الالوان من السلوك تظهر فى معظم الاطفال بترتيب وتتابع يكاد يكون
واحداً , ففى نضج المهارات الحركية عند الاطفال نجد أن الجلوس يسبق الحبو ,
والحبو يسبق الوقوف , والوقوف يسبق المشى وهكذا , فكل مرحلة تمهد الطريق
للمرحلة التالية , وتتتابع المراحل على نحو موحد .

3- النمو عملية كلية :
إذا كان النمو عملية كلية فالعلاقات الموجودة بين جوانب النمو تسير فى
اتجاة واحد سواء فى طور البناء أم فى طور الهدم , وهو ما يمكننا من التنبؤ
بمعدل النمو فى احد الجوانب إذا عرفنا معدلة فى جانب آخر لأن هناك تلازما
فى معدل سرعة النمو فى الدورات المختلفة سرعة أو بطأ , فإذا كان هناك طفل
ينمو ذكاؤة بمعدل أعلى من المتوسط فيمكن التوقع بأن نموة الجسمى سيكون أعلى
من المتوسط أيضاً , والعكس صحيح أيضاً فقد يكون التأخر فى أحد المهارات
الحركية كالمشى مثلا دليل على التأخر فى الذكاء .

4- النمو عملية فردية :
يتسم النمو الانسانى بأن كل فرد ينمو بطريقتة وبمعدلة , ومع ذلك فإن
الموضوع يخضع للدراسة العلمية المنظمة , فمن المعروف أن البحث العلمى
يتناول حالات فردية من أى ظاهرة فيزيائية أو نفسية , ثم يعمم من هذة
الحالات الى الظواهر المماثلة , إلا أن شرط التعميم العلمى الصحيح أن يكون
عدد هذة الحالات عينة ممثلة للأصل الاحصائى الذى تنتسب الية , وبالطبع فان
هذا التعميم فى العلوم الانسانية يتم بدرجة من الثقة أقل منة فى العلوم
الطبيعية وذلك بسبب طبيعة السلوك الانسانى الذى وهو موضوع البحث فى الفئة
الاولى من هذة العلوم .
والنمو الانسانى على وجه الخصوص خبرة فريدة , ولهذا فإن ما يسمى
القوانين السلوكية قد لا تطبق على كل فرد بسبب تعقد سلوك الانسان , وتعقد
البيئة التى يعيش فيها , وتعقد التفاعل بينهما , ومن المعلوم فى فلسفة
العلم أن التعميم لا يقدم المعنى الكلى للقانون اذا لم يتضمن معالجة مفصلة
لكل حالة من الحالات التى يصدق عليها , ومعنى هذا أن علم نفس النمو لة الحق
فى الوصول الى قوانينة وتعميماتة , إلا أننا يبقى معنا الحق دائماً فى
التعامل مع الانسان موضع البحث فية على انة كائن فريد , ولعلنا بذلك نحقق
التوازن بين المنحى العام والمنحى الفردى , وهو ما لا يكاد يحققة أى فرع
آخر من فروع علم النفس .

5- النمو عملية فارقة :
على الرغم من أن كثيراً من المعلومات التى تتناولها بحوث النمو تشتق مما
يسمى المعيير السلوكية , إلا أننا يجب أن نحذر دائماً من تحويل هذة
المعايير الى قيود . وهذا التفظ ضرورى وإلا وقع الناس فى خطأ فادح يتمثل فى
اجبار أنفسهم واجبار الآخرين على الالتزام بما تحددة هذة المعايير ,
ويدركونة بالطبع على أنة النمط ( المثالى ) للنمو . ومعنى ذلك أن ما يؤدية
الناس على انة السلوك المعتاد أو المتوسط , أو ما يؤدى بالفعل ( وهو جوهر
المفهوم الأساسى للمعيار) يتحول فى هذة الحالة ليصبح ما يجب أن يؤدى , ولعل
هذا هو سبب ما يشيع بين الناس من الاعتقاد فى وجود أوقات ومواعيد " ملائمة
" لكل سلوك . وهكذا يصبح المعيار العمرى البسيط تقليداً اجتماعيا , ويقع
الناس أسرى الساعة الاجتماعية , بها يحكمون على كل نشاط من الأنشطة العظمى
فى حياتهم بأنة فى وقتة تماما أو أنة مبكر أو متأخر عنة , يصدق هذا على
دخول المدرسة أو أنهاء الدراسة أو الالتحاق بالعمل أو الزواج أو التقاعد
مادام لكل ذلك معاييرة , فحينما ينتهى الفرد من تعليمة الجامعى مثلا فى سن
الثلاثين فإنة يتصف بالتأخر حسب الساعة الإجتماعية , بينما انجازة فى سن
السابعة عشرة يجعلة مبكراً .
وتوجد بالطبع أسباب صحيحة لكثير من قيود العمر , فمن المنطقى مثلا أن
ينصح طبيب الولادة سيدة فى منتصف العمر بعدم الحمل , كما ان من العبث أن
نتوقع من طفل فى العاشرة من عمرة أن يقود السيارة , إلا أن هناك الكثير من
قيود العمر التى ليس لها معنى على الإطلاق فيما عدا أنها تمثل ما تعود
الناس علية , كأن تعتبرالعشرينات أنسب عمر للزواج فى المعيار الامريكى ,
وهذة المجموعة الأخيرة من القيود هى التى نحذر منها حتى لا يقع النمو
الإنسانى فى شرك " القولبة " والجمود بينما هو فى جوهرة مرن على أساس مسلمة
الفروق الفردية التى تؤكد التنوع والأختلاف بين البشر .

6- النمو عملية مستمرة :
بمعنى أن التغيرات التى تحدث للفرد فى مختلف جوانبة العضوية والعقلية لا
تتوقف طوال حياتة , ويغلب على هذة التغيرات طابع البناء فى المراحل الأولى
من العمر. بينما يغلب عليها طابع الهدم فى المراحل الأخيرة منة , والنمو
بهذا المعنى سلسلة من الحلقات يؤدى اكتساب حلقة منها الى ظهور الحلقة
التالية , فاذا اخذنا النمو الحركى مثلا فاننا نجد أن الطفل يمر بالتطورات
الآتية : إنتصاب الرأس ثم الجلوس فالحبو فالوقوف فالمشى والقفز والتسلق ,
ولا بد أن تتم هذة العمليات بنفس الترتيب , فلا يمكن أن يمشى الطفل قبل أن
يقف , ولا يمكن ان يجرى ويقفز قبل أن يتعلم المشى هكذا , وإذا كان النمو
مجموعة من الحلقات فهى حلقات متصلة فى سلسلة واحدة , وهى سلسلة النمو أو
دورة النمو .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الصباح
 
 
نور الصباح


عدد الرسائل : 366
البلد : مصر
رقم العضوية : 121
تاريخ التسجيل : 28/04/2011

علم نفس النمو Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم نفس النمو   علم نفس النمو Emptyالإثنين مايو 09, 2011 3:20 am


النماذج النظرية للنمو الأنسانى
النموذج النظرى هو أداة
منهجية يستخدم لشرح وتفسير الظواهر والعلاقات القائمة بينها , ويمدنا
النموذج فى سبيل الشرح والتفسير بمصطلحات معينة وبالأساس الذى يمكن تصنيف
الظواهر على أساسة وبالمبدأ التفسيرى الذى يوضح طبيعة العلاقة بين الظواهر
أو المتغيرات , أن النموذج النظرى هو الوسيلة التى يمكننا من اخضاع ظواهر
عالمنا للدراسة العملية , عن طريق ترجمة هذة الظواهر الى متغيرات محددة
يمكن التحقق منه ودراسة العلاقات بينها .
ويميل بعض الباحثين الى تصنيف النماذج النظرية السائدة فى مجال علم
نفس النمو الى مجموعات أو فئات حسب أسس معينة يرونها جديرة بالاعتبار ,
لأنها تزيد من الفهم لظاهرة التغير النمائى , فالبعض يصنف النماذج النظرية
حسب السعة أو الشمول , فيكون لدينا النماذج الشاملة التى تحاول أن تشرح أو
تفسر كل مظاهر السلوك تقريبا مثل نظرية التحليل النفسى , وهناك النماذج
الأقل شمولا وتركز على بعض الجوانب الأساسية فى السلوك مثل نظرية بياجية
وتهتم بتفسير الجوانب المعرفية للسلوك أيضا نظرية اريكسون والتى تهتم
بتفسير الجوانب الأجتماعية للسلوك .

نظرية التحليل النفسى ( فرويد ):
نظرية التحليل النفسى كما وضع أسسها وصاغها سيجموند فرويد ,
نظرية يغلب عليها الطابع البيولوجى . فالطفل يولد وهو مزود بطاقة غريزية
قوامها الجنس والعدوان , وهى ما أطلق عليها فرويد أسم " اللبيدو" Libido
بمعنى الطاقة , وهذة الطاقة تدخل فى صدام محتم مع المجتمع , وعلى أساس شكل
الصدام ونتيجتة تتحدد صورة الشخصية فى المستقبل .
ويذهب فرويد إلى أن الطاقة الغريزية التى يولد الطفل مزوداً بها تمر
بأدوار محددة فى حياتة , والنضج البيولوجى هو الذى ينقل الطفل من دور الى
آخر أو من مرحلة الى آخرى ولكن نوع وطبيعة المواقف التى يمر بها هى التى
تحدد النتاج السيكولوجى لهذة المراحل , كما أنها هى التى تحدد مدى إنتظام
سير الطاقة فى خطها المرسوم سلفا أو تعثرها فى السير وتخلفها أو تخلف
معظمها فى مراحل معينة , هذا التخلف الذى يطلق علية فرويد" التثبيت" .
ويرى فرويد أن التثبيت يعود بجانب العوامل الجبلية ( الوراثية ) الى
عوامل ذات طبيعة تربوية إجتماعية وعلى رأس هذة العوامل الإشباع المسرف فى
سنى المهد والطفولة المبكرة , والذى يجعل الطفل لا يريد أن يترك هذا
المستوى الذى ينعم فية بالاشباع والمتعة . ولكن النمو يتابع سيرة الى
المرحلة التالية , ولكن بعد أن يكون قد تخلف قدر كبير من الطاقة اللبيدية
فى المرحلة التى حدث فيها التثبيت , ومن عوامل التثبيت أيضا الاحباط الشديد
الذى يجعل الطفل يجد صعوبة فى تخطى هذا المستوى الى المستوى التالى طلبا
للاشباع الذى كان من المفروض أن يتلقاة فى هذة المرحلة , كما أن التثبيت قد
يحدث فى ظل الاشباع المسرف والاحباط الشديد لأنة كثيراً ما يكون التناوب
بين الاشباع المسرف والاحباط الشديد هو العامل الحاسم وراء التثبيت .
وإذا لم يحدث تثبيت للطاقة اللبيدية فى أية مرحلة وواصلت سيرها , فأن
الطفل ينتقل من مرحلة سيكولوجية الى التى تليها , ويستمد الطفل إشباعة
لطاقتة الغريزية فى كل مرحلة خلال عضو معين من أعضاء جسمة , ويسمى فرويد
المراحل النفسية بأسم العضو الذى يستمد منة الطفل الإشباع فى مرحلة معينة .

مراحل النمو النفسى :
علم نفس النمو Iconالمرحلة الفمية المصية :
وتشمل العام الأول من حياة الطفل . وتتركز حياة الطفل فى هذة
السن حول فمة , ويأخذ لذتة من المص , حيث يعمد الى وضع أصبعة أو جزءً من
يدية فى فمة ومصة , ويتمثل الاشباغ النموذجى فى هذة المرحلة فى مص ثدى الأم
, وحينما يغيب الثدى عنة يضع أصبعة فى فمة كبديل للثدى , ويؤكد فرويد على
أن هذة المرحلة هى مرحلة الإدماج القائمة على الأخذ.
علم نفس النمو Iconالمرحلة الفمية العضية :
وتشمل العام الثانى. ويتركز النشاط الغريزى حول الفم أيضا ,
ولكن اللذة يحصل عليها هذة المرة من خلال العض وليس المص , وذلك بسبب
التوتر الناتج عن عملية التسنين , فيحاول الطفل أن يعض كل ما يصل إلية ,
وهنا يشير فرويد الى أول عملية احباط تحدث للفرد فى حياتة , وذلك حينما
يعمد الطفل الى عض ثدى الأم , وما يترتب على ذلك من سحب الأم للثدى من فمة ,
أو عقابة , مما يوقعة فى الصراع لأول مرة , فهو يقف حائراً بين ميلة الى
اشباع رغبتة فى العض وبين خوفة من عقاب الأم وغضبها والذى يتمثل لدية فى
سحبها للثدى من فمة , وهذة المرحلة هى مرحلة ادماج أيضا تقوم على الأخذ
والإحتفاظ , والطفل فى هذة المرحلة ثنائى العاطفة يحب ويكرة الموضوع (
الشخص ) الواحد فى نفس الوقت , حسب ما ينالة من اشباع أو احباط على يد هذا
الموضوع ( الشخص ) .
علم نفس النمو Iconالمرحلة الأستية :
وتشمل العام الثالث , حيث تنتقل منطقة الأشباع الشهوى من الفم
الى الشرج , ويأخذ الطفل لذتة من تهيج الغشاء الداخلى لفتحة الشرج عند
عملية الاخراج , ويمكن أن يعبر الطفل عن موقفة أو اتجاهه إزاء الأخرين
بالإحتفاظ بالبراز أو تفريغة فى الوقت أو المكان غير المناسبين , والطابع
السائد للسلوك فى هذة المرحلة هو العطاء , ويغلب على مشاعر الطفل المشاعر
الثنائية أيضا , كما فى المرحلة السابقة .
علم نفس النمو Iconالمرحلة القضيبية :
وتشمل العامين الرابع والخامس , وفيها ينتقل مركز الاشباع من
الشرج الى الأعضاء التناسلية , ويحصل الطفل على لذتة من اللعب فى أعضائة
التناسلية , ويمر الطفل فى هذة المرحلة بالمركب الأوديبى الشهير وهو ميل
الطفل الذكر الى أمة , والنظر الى أبية كمنافس لة فى حب الأم , وميل الطفلة
الأنثى الى الوالد وشعورها بالغيرة من الأم .
وفى الظروف الطبيعية للنمو ينتهى الموقف الأوديبى بتوحد الطفل مع والدة
من نفس الجنس . والتوحد مفهوم يشير الى أن الفرد يسلك أحيانا , وكأن سلوك
شخص آخر هو سلوكة هو , ويتضمن التوحد إعجاب المتوحد بالمتوحَد . واتخاذة
نموذجا يتحد بة , وتتم عملية التوحد على المستوى اللاشعورى . فيبدأ الطفل
فى تشرب قيم الوالد الثقافية , وهى القيم السائدة فى المجتمع , كما تبدأ
البنت فى التحول بعواطفها نحو الأم , وإذا حدث ما يؤثر على سير النمو , كما
يحدث خلال ظاهرة التثبيت , فأن علاقة الطفل بأمة تظل قوية , وتتعطل عملية
التوحد مع الوالد , كما تستمر روابط الطفلة العاطفية بوالدها, أو تضطرب
علاقة الطفل بوالدية معا . ويترتب على ذلك إصطرابات فى الشخصية والسلوك
فيما يعد .
علم نفس النمو Iconمرحلة الكمون :
وبتصفية المركب الأوديبى , والتوحد مع الوالد مع نفس الجنس يدخل
الطفل فى مرحلة ينصرف فيها عن ذاتة الى الأنشغال بمن حولة وبما حولة .
ويحدث تقدم كبير فى النمو العقلى والانفعالى والاجتماعى فى هذة المرحلة
التى تمتد من سن السادسة حتى حدوث البلوغ الجنسى فى الثانية عشر للبنات
والثالثة عشر للبنين , ويكون الطفل حريصا فى هذة المرحلة على طاعة الكبار
والإمتثال لأوامرهم ونواهيهم وراغبا فى الحصول على رضائهم وتقديرهم . ولذا
فهذة المرحلة مرحلة هدوء من الناحية الإنفعالية .
علم نفس النمو Iconالمرحلة الجنسية الراشدة :
وفى هذا المستوى تأخذ الميول الجنسية الشكل النهائى لها . وهو
الشكل الذى سيستمر فى النضج . ويحصل الفرد السوى على لذتة من الاتصال
الجنسى الطبيعى مع فرد راشد من أفراد الجنس الآخر . حيث تتكامل فى هذا
السلوك الميول الفمية والشرجية , وتشارك فى بلورة الجنسية السوية الراشدة .
وعلية فإن الفرد السوى هو من يحصل على إشباع مناسب فى كل مرحلة نمائية ,
أما إذا تعطلت مسيرة النمو كما يحدث فى بعض الحالات فأنة قد يترتب علية
حدوث ما أسماة فرويد " عملية التثبيت " ويكون الفرد أميل الى النكوص الى
المرحلة التى حدث فيها التثبيت , والنكوص الى مرحلة معينة يعنى إتيان
أساليب سلوكية تتناسب مع هذة المرحلة .

نظرية التحليل النفسى الأجتماعى ( اريكسون ) :
نمو الشخصية سلسلة من التحولات يوصف كل تحول بنقطتين متقابلتين
تمثل أحداهما خاصية مرغوب فيها وتمثل الأخرى المخاطر التى يتعرض لها الفرد
, ولا يعنى اريكسون أن الخصائص الموجبة هى التى ينبغى أن تبزغ وأن أى مظهر
خطر يحتمل حدوثة غير مرغوب فية . وإنما يؤكد على أننا ينبغى أن نسعى لكى
تكون السيطرة للجوانب الايجابية . وحين تزيد الخاصية السلبية على الخاصية
الايجابية تظهر صعوبات النمو .

مراحل النمو النفسى الاجتماعى :
علم نفس النمو Icon%20%285%29مرحلة الثقة مقابل عدم الثقة ( منذ الميلاد حتى السنة الثانية ) :
ان الاتجاة النفسى الاجتماعى الذى على الوليد تعلمة هو انة
يستطيع ان يثق فى العالم . وينمى هذة الثقة الاتساق فى الخبرة والاستمرارية
والمماثلة فى اشباع حاجاتة الاساسية عن طريق الوالدين , فإذا اشبعت هذة
الحاجلت واذا عبر الوالدان نحوة عن عاطفة حقيقية وحب فان الطفل يعتقد ان
عالمة آمن يمكن الوثوق بة , أما اذا كانت الرعاية الوالدية قاصرة وغير
متسقة أو سلبية فإن الاطفال سوف يتعاملون مع العالم بخزف وشك .
علم نفس النمو Icon%20%285%29مرحلة الاستقلال مقابل الشك ( 3 سنوات ) :
وبعد أن يتعلم الاطفال أن يثقوا فى الوالدين ( أو لا يثقون
فيهما ) , ينبغى ان يحققوا قدراً من الاستقلال , فإذا أتيح لهم الحبو
وشجعوا على ان يعملوا ما يقدرون علية بمعدلهم وبطريقتهم مع اشراف حانى من
الوالدين والمربين فانهم ينمون احساسا بالاستقلال الذاتى , أما إذا لم يصبر
الوالدان , وقاما بكثير من الاعمال نيابة عن طفل الثالثة فانهما يشككان فى
قدرتة على التعامل مع بيئتة , وفضلا عن ذلك , فانة ينبغى أن يتجنب
الوالدان إخجال الطفل عن السلوك غير المقبول إذ يحتمل أن يسهم هذا فى تنمية
مشاعر تشككة فى نفسة .
علم نفس النمو Icon%20%285%29مرحلة المبادأة مقابل الخجل ( 4 -5 سنوات ) :
ان قدرة الطفل على المشاركة فى كثير من الانشطة الجسمية وفى
استخدام اللغة يعد المسرح للمبادأة والتى تضيف الى الاستقلال الذاتى خاصية
القيام بالفعل والتخطيط والمعالجة ذلك أن الطفل يكون نشطا ومتحركا , واذا
اتيح لطفل الرابعة والخامسة الحرية للاكتشاف والارتياد والتجريب واذا اجاب
الوالدان والمعلمون عن اسئلة الطفل فانهم يشجعون اتجاهاتة نحو المبادأة ,
أما أذا قيد الأطفال فى هذا العمر وأشعروا بأن أنشطتهم وأسئلتهم لا معنى
لها ومضايقة فإنهم سوف يشعرون بالإثم فيما يفعلون على نحو مستقل .
علم نفس النمو Icon%20%285%29الاجتهاد مقابل النقص ( 6 -12 سنة ) :
يلتحق الطفل بالمدرسة فى مرحلة من نموة ويسيطر على سلوكة حب
الأستطلاع والأداء , إنة يتعلم الآن كيف يحصل على التقدير يصنع الأشياء
بحيث ينمى احساسا بالجد والاجتهاد . والخطر فى هذة المرحلة أن يخبر الطفل
مشاعر النقص والدونية وإذا شجع الطفل على صنع الأشياء وإتمام الأعمال ,
وأثنى علية لمحاولاتة يشعر بالأجتهاد والأنجاز . وإذا باءت جهود الطفل
بالأخفاق أو إذا عوملت على أنها مضايقة ومقلقة , يشعر بالنقص والقصور .
علم نفس النمو Icon%20%285%29الهوية مقابل تميع الهوية ( 12 - 18 سنة ) :
ان الشباب يتقدم نحو الاستقلال عن الوالدين وتحقيق النضج
الجسمى , وهم يهتمون بنوع الأشخاص الذين يصيرون إلية . أن الهدف فى هذة
المرحلة هو تنمية هوية الذات , أى أن الفرد يثق فى أستمرارية شخصيتة
واستقرارها وتماثلها , والخطر الذى يتعرض لة الشاب فى هذة المرحلة هو الخلط
فى الدور , وخاصة التشكك فى هويتة الجنسية والمهنية . وإذا نجح المراهقون ,
كما ينعكس ذلك فى استجابات الاخرين , فى تحقيق تكامل فى ادوارهم فى
المواقف المختلفة بحيث يخبرون الاستمرارية فى ادراك الذات , فإن الهوية
تنمو . وإذا عجزوا عن تحقيق احساس بالاستقرار فى الجونب المختلفة من حياتهم
ينتج عن ذلك الخلط والارتباك .
علم نفس النمو Icon%20%285%29مرحلة الألفة مقابل العزلة ( 18 - 35 سنة ) :
لكى يخبر الفرد نموا مشبعا ومرضيا فى هذة المرحلة فإنة يحتاج
إلى تكوين علاقة حميمة بشخص آخر , والأخفاق فى عمل هذا يؤدى الى احساس
بالعزلة .
علم نفس النمو Icon%20%285%29مرحلة الأنتاج مقابل الركود ( 35 -60 سنة ) :
أى أن يهتم الفرد بارشاد وتوجية الجيل القادم وترسيخ اقدامة ,
والذين يعجزون عن الاندماج فى عملية التوجية يصبحون ضحايا الانغماس فى
الذات والركود .
علم نفس النمو Icon%20%285%29مرحلة التكامل مقابل اليأس ( 60 سنة الى الموت ) :
التكامل هو تقبل الفرد لدورة حياتة , باعتبارها هى الدورة
المناسبة لة بالضرورة ولم يكن لها بديل . واليأس تعبير عن أن الزمن الآن
قصير لا يسمح بالبدء فى حياة جديدة وتجريب طرق بديلة لتحقيق التكامل .

نظرية النمو المعرفى ( جان بياجية ) :
يرث الأنسان ميلين أساسين :
التنظيم : أى الميل الى ان يرتب ويؤلف بين العمليات فى أنساق أو نظم مترابطة
التكيف: وهو الميل الى التوافق مع البيئة
وكما يحول الهضم الطعام الى صيغة يستطيع ان يستخدمها الجسم , فأن
العمليات العقلية تحول الخبرات الى صيغة يستطيع ان يستخدمها الطفل فى
تناولة للمواقف الجديدة , وكما ان العمليات البيولوجية ينبغى ان تبقى فى
حالة اتزان وأن تستعيد توازنها كلما حدث لهذا الاتزان خلل كذلك تسعى
العمليات العقلية الى الاتزان عن طريق عملية استعادة التوازن واستعادة
التوازن صيغة من صيغ تنظيم الذات التى يستخدمه الاطفال لتحقيق التماسك
والاستقرار فى تصورهم للعالم وفهمهم لعدم الاتساق فى الخبرة .
والتكيف هو ميل الفرد للتوافق مع بيئتة ويتضمن عمليتين تكمل إحداهما
الأخرى : الاستيعاب والملائمة ولكى نفهم هاتين العمليتين من الضرورى اولا
ان نلم بمفهوم آخر اساسى عند بياجية وهو الخطط , والخطط هى أنماط منظمة من
التفكير أو السلوك يصوغها الاطفال وهم تيفاعلون مع بيئتهم وآبائهم ومدرسيهم
ومن فى سنهم , وقد تكون الخطط سلوكية ( مثال : كيف ترمى الكرة ) أو معرفية
( ادراك أن هناك انواعا كثيرة مختلفة من الكرات ) . وكلما قابل طفل خبرة
جديدة لا يمكن بسهولة ان تلائم خطة موجودة فان الملائمة تكون ضرورية , وقد
يتكيف الطفل إما بتفسير الخبرة بحيث تلائم خطة موجودة ( استيعاب ) أو
بتغيير الخطو الموجودة لتلائم الفكرة الجديدة , ولو تصورت طفلا التحق برياض
الاطفال وتعامل مع مربية ودودة داعمة تتيح لة اكبر قدر من توجية الذات .
ثم التحق بالصف الأول الابتدائى وتعامل مع مدرس يؤمن بالاشراف الدقيق
والتعليم النظامى عندئذ تحدث الملائمة , وقد يربط الطفل بعض جوانب روتين
الصف الاول ( مثال ذلك ان يقف فى صف للحصول على مواد تعليمية) مع ملامح
مشابهة لروتين خبرة من قبل فى رياض الاطفال , ويحتمل ان يعدل الطفل خططا
أخرى فيغير خطتة التصورية عن المدرس مثلا بحيث تشمل خصائص مدرس الصف الاول
الذى يختلف اختلافا اساسيا عن مربية رياض الاطفال .
وطفل المدرسة الابتدائية الجديد الذى يخبر المدرسة لأول مرة والذى
يطلب منة تعلم كثير من الأشياء الجديدة , يعدل وينقح خططة التصورية
ويكملها, بل أن طالب الجامعة الناضج والذى درس أكثر من عشر سنوات بالتعليم
الابتدائى والثانوى ينغمس فى عملية الملائمة والتوفيق هذة , وإذا كنت تريد
أن تحقق استبصارات جديدة فى النمو المعرفى والسلوك ينبغى أن تحقق الملائمة
بتنقيح ومراجعة تصوراتك ومفاهيمك الحالية عن التفكير بحيث تستوعب أفكار
بياجية .

مراحل النمو المعرفى :
انتهى بياجية بعد دراستة لكثير من الاطفال الى وجود مراحل
نمو معرفى متمايزة . وان هذة المراحل تتبع نمطا يتسم بالاستمرار , وأن
الاطفال لا يقفزون فجأة من مرحلة الى مرحلة تالية . وأن النمو المعرفى يتبع
تسلسلا أة تتابعا محددا , ولكن الاطفال قد يستخدمون أحيانا نوعا أكثر
تقدما من التفكير أو يعودون الى شكل اكثر بدائية ويختلف معدل تقدم الطفل
خلال هذة المراحل , ولكن التتابع واحد بالنسبة لجميع الاطفال وفيما يأتى
عرض لأربع مراحل أساسية :
علم نفس النمو Icon%20%281%29المرحلة الحسية الحركية :
يكتسب الوليد أو الطفل الصغير حتى سن الثانية الفهم أساسا عن
طريق الانطباعات الحسية والانشطة الحركية , ولما كان الوليد لا يستطيع
الحركة كثيرا معتمدا على نفسة خلال الشهور الاولى بعد مولدة , فأنة ينمى
خططا تصورية أساسا باكتشاف جسمة وحوسة , وبعد أن يتعلم المشى وتناول
الاشياء بتفاعلة مع كل شىء يكون حصيلة كبيرة من الخطط التى تتضمن الاشياء
الخارجية والمواقف , وقبل سن العمين يستطيع معظم الاطفال ان يستخدموا خططا
اكتسبوها لكى يندمجوا فى سلوك المحاولة والخطأ العقلى والجسمى .
علم نفس النمو Icon%20%281%29مرحلة ما قبل العمليات :
يتركز تفكير الاطفال فى سنى ما قبل المدرسة على اكتساب الرموز (
الكلمات ) التى تتيح لهم الافادة من الخبرة الماضية بدرجة أكبر, وتستق
كثير من الرموز من التقليد العقلى وتتضمن صورا بصرية وإحساسات جسمية وعلى
الرغم من ان تفكيرهم أكثر تقدما من تفكير الاطفال فى السنة الاولى أو
الثانية من أعمارهم , إلا أن أطفال سنى ما قبل المدرسة يميلون الى تركيز
انتباهم على خاصية واحدة فى الوقت الواحد , وهم غير قادرين على قلب أو عكس
الافعال عقليا , ولأنهم لم ينغمسوا بعد فى التفكير الاجرائى أو العمليات
سميت المرحلة ما قبل الإجرائية ( أو العملياتية ) وتشير الى تفكير الاطفال
الذى تبلغ اعمارهم ما بين عامين وسبعة اعوام .
علم نفس النمو Icon%20%281%29مرحلة العمليات العيانية :
إن الاطفال التى تزيد اعمارهم عن سبع سنوات يقدرون عادة على
قلب الافعال عقليا , ولكن تفكيرهم العملياتى محدود بالاشياء الماثلة فعلا
فى الحاضر والتى يخبرونها على نحو عيانى ومباشر ولذلك يطلق على هذة المرحلة
مرحلة العمليات العيانية , وطبيعة هذة المرحلة يمكن توضيحها باكتساب الطفل
للأنواع المختلفة من المحافظة أو البقاء .
وما أن يبلغ معظم الاطفال السابعة من اعمارهم إلا ويستطيعوا أن يشرحوا
على نحو صحيح ان الماء الذى يصب فى اناء زجاجى قصير وتخين الى اناء طويل
ورفيع يبقى مقدارة واحدا , والقدرة على حل مشكلة صب الماء لا تضمن بالضرورة
ان طفل السابعة سوف يقدر على حل مشكلة مشابهه تتضمن كرتين من الصلصال
فالطفال الذى شرح لماذا يحتوى الاناء الرفيع الطويل على نفس القدر من الماء
الذى يحتوية الإناء القصير التخين قد يصر بعد دقائق قليلة على ان تغير كرة
الصلصال المساوية لكرة اخرى بحيث تتخذ شكل مستطيل يجعلها اكبر من نظيرتها
ويميل الاطفال فى صفوف المرحلة الابتدائية الأولى الى الاستجابة الى كل
موقف على اساس الخبرات العيانية ولا يتحقق الاتجاة الى حل المشكلات
بالتعميم من موقف الى موقف آخر مشابة وليس مماثلا بأى درجة من الاتساق حتى
يبلغ الطفل نهاية سنوات المدرسة الابتدائية , وفضلا عن ذلك إذا طلب منة أن
يتناول مشكلة افتراضية , فأنة فيما يحتمل يتعرص للاحراج , ولا يحتمل أن
يقدر الاطفال فى سن السابعة على حل المشكلات المجردو بالاندماج فى
استكشافات عقلية , أنهم فى حاجة الى تناول اشياء عيانية فيزيقيا , أو
استرجاع خبرات ماضية محددة, لكى يفسروا الاشياء لأنفسهم وللأخرين .
علم نفس النمو Icon%20%281%29مرحلة العمليات الشكلية :
حين يبلغ الاطفال النقطة التى يقدرون فيها على التعميم وعلى
الاندماج فى التفكير , المحاولة والخطأ والى فرض الفروض واختبارها بعقولهم
فإنهم فى نظر بياجية قد بلغوا مرحلة العمليات الشكلية أو الصورية , وكلمة
شكل تعنى نمو وتطور شكل التفكير أو بنيتة , وعلى الرغم من أن الاطفال فى
الثانية عشرة من اعمارهم يستطيعون ان يعالجوا التجريدات العقلية التى تمثل
الاشياء العيانية , فإنهم يحتما ان يندمجوا فى سلوك المحاولة والخطأ حين
يطلب منهم حل مشكلة . ولكن الأغلب أن يعالج المراهقون حل المشكلة بتكوين
فروض وغربلة الحلول الممكنة لها وباختيار أكثر هذة الفروض رجاحة على نحو
نسقى حين يبلغون نهاية المرحلة الثانوية .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الصباح
 
 
نور الصباح


عدد الرسائل : 366
البلد : مصر
رقم العضوية : 121
تاريخ التسجيل : 28/04/2011

علم نفس النمو Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم نفس النمو   علم نفس النمو Emptyالإثنين مايو 09, 2011 3:22 am


مناهج البحث فى النمو الأنسانى
البحث فى علم نفس النمو هو
عمل علمى ينتمى الى فئة العلم التجريبى ( الامبريقى ) . والباحثون فى هذا
النوع من المعرف يلتزمون بنظام قيمى يسمى الطريقة العلمية يوجة محاولاتهم
للوصف ( الفهم ) والتفسير ( التعليل ) والتحكم ( التوجية والتطبيق ) وهى
أهداف العلم التقليدية .
الطريقة العلمية فى البحث اذن هى لون من الاتجاة أو القيمة , وهذا
الاتجاة العلمة أو القيمة العلمية يتطلب من الباحث الاقتناع والالتزام
بمجموعة من القضايا هى : -
1- الملاحظة هى جوهر العلم التجريبى , وعلم النفس ينتمى بالطبع الى فئة هذة
العلوم . والمقصود هنا الملاحظة المنظمة لا الملاحظة العارضة أو العابرة .
2- تتمثل أهمية الملاحظة فى العلم فى أنها تنتج أهم عناصرة وهى مادتة الخام أى المعطيات Data والمعلومات أو البيانات Information .
3- لا بد للمعطيات أو المعلومات أو البيانات التى يجمعها الباحث العلمى
بالملاحظة أن تتسم بالموضوعية Objectivity . والموضوعية فى جوهرها هى اتفاق
الملاحظين فى تسجيلاتهم لبياناتهم وتقديراتهم وأحكامهم اتفاقا مستقلا .
4- تتطلب الموضوعية أن يقوم بعمليات التسجيل والتقدير والحكم ( وهى
المكونات الجوهرية للملاحظة العلمية ) أكثر من ملاحظ واحد , على أن يكونوا
مستقلين بعضهم عن بعض , وهذا يتضمن قابلية البحث العلمى للاستعادة والتكرار
Replicability .
5- المعطيات والمعلومات والبيانا التى يجمعها الباحثون بالملاحظة العلمية
هى وحدها الشواهد والادلة التى تقرر صحة الفروض أو النظرية . وعلى الباحث
ان يتخلى عن فرضة العلمى أو نظريتة اذا لم تتوافر ادلة وشواهد كافية على
صحتها .

الملاحظة الطبيعية :
من طرق البحث التى يفضلها علماء النفس ما يسمى الملاحظة
الطبيعية , أى ملاحظة الانسان فى محيطة الطبيعى اليومى المعتاد . ويعنى هذا
بالنسبة للاطفال مثلا ملاحظتهم فى المنزل أو المدرسة أو الحديقة العامة أو
فناء الملعب , ثم تسجيل ما يحدث , ويصنف رايت Wright,1960 طرق الملاحظة
الطبيعية الى نوعين : أحدهما يسمية الملاحظة المفتوحة وهى التى يجريها
الباحث دون ان يكون لدية فرض معين يسعى لاختبارة , وكل ما يهدف الية هو
الحصول على فهم أفضل لمجموعة من الظواهر النفسية التى تستحق مزيدا من البحث
اللاحق . أما النوع الثانى فيسمية رايت الملاحظة المقيدة وهى تلك التى
يسعى فيها الباحث الى اختبار فرض معين , وبالتالى يقرر مقدما ماذا يلاحظ
ومتى .

طرق الملاحظة المفتوحة :
دراسة الفرد : وتشمل مجموعة من الطرق منها المقابلة الشخصية ودراسة
الحالة وتسجيل اليوميات والطريقة الإكلينيكية . وفى هذة الطرق يسجل الباحث
المعلومات عن كل فرد من الافراد موضوع الدراسة بهدف اعداد وصف مفصل لة دون
أن تكون لدية خطة ثابتة تبين أى المعلومات لة أهمية أكثر من غيرة . وقد
يلجأ الفاحص الى تسجيل هذة المعلومات فى يومياتة فى صورة " سجلات قصصية " ,
وقد يطلب من المفحوص أن يروى عن فترة معينة من حياتة فى موقف تفاعل مباشر
بينة وبين الفاحص ( المقابلة الشخصية ) , وقد تمتد هذة الطريقة لتصبح سجلا
للفرد أو الحالة يستخدم فية الباحث مصادر عديدة للمعلومات مثل ظروف المفحوص
الاسرية , والوضع الاقتصادى والاجتماعى , ودرجة التعليم ونوع المهنة وسجلة
الصحى وبعض التقارير الذاتية عن الاحداث الهامة فى حياة الفرد , وأدائة فى
الاختبارات النفسية , وكثير من المعلومات التى تتطلبها دراسة الحالة تتطلب
اجراء مقابلات شخصية مع الفرد , وعادة ما تتسم هذة المقابلات بانها غير
مقننة أى تختلف الاسئلة التى تطرح فيها من فرد لآخر .
وتعد من قبيل دراسة الحالة وتسجيل اليوميات سير الاطفال التى كتبها
الآباء من الفلاسفة والادباء والعلماء عن ابنائهم , والتراجم التى كتبت عن
بعض العباقرة والمبدعين , والسير الذاتية التى كتبوها عن انفسهم , كما يعد
من قبيل الطريقة الكلينيكية اسلوب الاستجواب الذى استخدمة جان بياجية
وتلاميذة فى بحوثهم الشهيرة فى النمو , وعلى الرغم من ان هذة الطريقة ,
باعتبارها من نوع الملاحظة المفتوحة , فيها ثراء المعرفة وخصوبة المعلومات
وحيوية الوصف الا ان فيها مجموعة من النقائص نذكر منه :
1- تعتبر هذة الطريقة من جانب الفاحص مصدرا ذاتيا وغير منظم للمعلومات ,
أما من جانب المفحوص فانى الى جانب الطابع الذاتى لتقاريرة قد تعوز
المعلومات التى يسجلها الدقة اللازمة , وخاصة حين يكون علية استدعاء احداث
هامة وقعت لة منذ سنوات طويلة .
2- المعلومات التى نحصل عليها بهذة الطريقة من فردين أو أكثر قد لا تكون
قابلة للمقارنة مباشرة , وخاصة اذا كانت الاسئلة التى توجة الى كل منهما
مختلفة . صحيح أنة فى بعض الطرق الكلينيكية قد تكون الاسئلة مقننة فى
المراحل الاولى من المقابلة إلا ان اجابات المفحوصين على كل سؤال قد تحدد
نوع الاسئلة التى تطرح على المفحوص الفرد فيما بعد , يصدق هذا على طريقة
الاستجواب عند بياجية وعلى بعض المقابلات المقننة .
3- النتائج التى نستخلصها من خبرات افراد بذواتهم تمت دراستهم بهذة الطريقة قد تستعصى على التعميم , أى قد لا تصدق على معظم الناس .
4- التحيزات النظرية القبلية للباحث قد تؤثر فى الاسئلة التى يطرحها والتفسيرات التى يستخلصها .
الوصف على سبيل المثال : فى هذة الطريقة يحاول الباحث أن يسجل بإسهاب
وتفصيل كل ما يحدث فى وقت معين على نحو يجعلة أقرب إلى آلة التسجيل . ولعل
هذا ما دفع الباحثين الذين يستخدمون هذة الطريقة الى الاستعانة
بالتكنولوجيا المتقدمة فى هذا الصدد . فباستخدام آلات التصوير وكاميرات
الفيديو , وأجهزة التسجيل السمعى يمكن للباحث أن يصل الى التسجيل الدقيق
الكامل لما يحدث , وهذة الطريقة فى الملاحظة المفتوحة اكثر دقة وموضوعية
ونظاما من الطريقة السابقة , إلا أن المشكلة الجوهرية هنا هى أننا بطريقة
وصف العينة نحصل على معلومات كثيرة للغاية اذا استمر التسجيل لفترة طويلة .
مثلا لقد تطلب تسجيل كل ما يفعلة ويقولة طفل عمرة 8 سنوات فى يوم واحد أن
يصدر فى كتاب ضخم مؤلف فى 435 صفحة .

طرق الملاحظة المقيدة :
تعتمد هذة الطريقة على استراتيجية اختيار بعض جوانب السلوك
فقط لتسجيلها , وبالطبع فان هذا التقييد يفقد الملاحظة خصوبة التفاصيل التى
تتوافر بالطرق السابقة , الا ان ما تفقدة فى جانب الخصوبة تكسبة فى جانب
الدقة والضبط , ولعل اعظم جوانب الكسب ان الباحث يستطيع ان يختبر بسهولة
بعض فروضة العلمية باستخدام البيانات التى يحصل عليها بهذة الطريقة . وهو
ما يعجز عنة تماما اذا استخدم الاوصاف القصصية التى يحصل عليها بالطرق
الحرة السابقة .
عينة السلوك : وفى هذة الطريقة يكون على الباحث ان يسجل انماطا معينة من
السلوك فى كل مرة يصدر فيها عن المفحوص , كأن يسجل مرات الصراخ التى تصدر
عن مجموعة من الاطفال سن ما قبل المدرسة . أو مرات العدوان بين اطفال
المرحلة الابتدائية . وقد يسجل الباحث معلومات وصفية اضافية ايضا . ففى
السلوك العدوانى قد يلاحظ الباحث ايضا عدد الاطفال المشاركين فى العدوان
وجنس الطفل , ومن يبدأ العدوان , ومن يستمر فية الى النهاية , وما اذا كانت
نهاية العدوانية تلقائية أم تتطلب تدخل الكبار , وهكذا , ويحتاج هذا الى
وقت طويل بالطبع . وتزداد مشكلة الوقت حدة اذا كان على الباحث ان يلاحظ عدة
مفحوصين فى وقت واحد , فمثلا اذا كان الباحث مهتما بالسلوك العدوانى الذى
يصدر عن ستة اطفال خلال فترة لعب طولها 60 دقيقة فان علية ان يلاحظ كل طفل
منهم بكل دقة لخمس فترات طول كل منها دقيقتان طوال الزمن المخصص للملاحظة .
ويسجل كل ما يصدر عن الطفل مما يمكن ان ينتمى الى السلوك العدوانى .
وقد يسهل علية الامر اذا لجأ الى التسجيل الشخصى المباشر , ان يستخدم
نوعا من الحكم والتقدير للسلوكم الذى يلاحظة , وتفيدة فى هذا الصدد مقاييس
التقدير التى تتضمن نوعا من الحكم على مقدار حدوث السلوك موضع البحث ومن
ذلك ان يحكم على السلوك العدوانى للطفل بانة :
يحدث دائما - يحدث كثيرا - يحدث قليلا - نادرا ما يحدث - لا يحدث
على الاطلاق . وعلية ان يحدد بدقة معنى ( دائما - كثيرا - قليلا - نادرا -
لا يحدث ) حتى لا ينشأ غموض فى فهم معانيها , وخاصة اذا كان من الضرورى
وجود ملاحظ آخر لنفس السلوك يسجل تقديراتة مستقلا تحقيقا لموضوعية الملاحظة
.
عينة الوقت : فى هذة الطريقة يتركز اهتمام الباحث بمدى حدوث انماط معينة من
السلوك فى فترات معينة يخصصها للملاحظة ويتم تحديد اوقاتها مقدما ,
والمنطق الرئيسى وراء هذة الطريقة ان الانسان يستمر فى اصدار نفس السلوك
لفترات طويلة نسبيا من الزمن , وعلى هذا يمكننا الحصول على وصف صحيح لهذا
السلوك وحكم صحيح علية اذا لاحظناة بشكل متقطع فى بعد الزمن . وتختلف
الفترات الزمنية التى يختارها الباحثون لهذا الغرض ابتداء من ثوان قليلة
لملاحظة بعض انواع السلوك , الى دقائق أو ساعات عديدة لبعض الانواع الاخرى ,
وفى جميع الاحوال يجب ان يكون المدى الزمنى للملاحظة واحدا تبعا لخطة معدة
مقدما . وخلال هذة الفترات يسجل الباحث عدد مرات السلوك وموضه الاهتمام ,
ومن امثلة ذلك ان يختار الباحث حصة فى اول النهار وحصة في آخرة مرتين في
الأسبوع على مدار العام الدراسي لبحث بعض جوانب سلوك تلميذ المدرسة
الابتدائية واذا عدنا لمثال السلوك العدوانى قد يقرر الباحث ملاحظة سلوك
العدوان عند الاطفال خلال الدقائق العشر الاولى من كل ساعة من اربع ساعات
متصلة خلال مرحلة .
ومن مزايا هذة الطريقة انها تسمح بالمقارنة الباشرة بين المفحوصين
مادام الوقت الذى تجرى فية الملاحظة والزمن الذى تستغرقة واحدا .
وحدات السلوك : فى هذة الطريقة يلاحظ الباحث خلال فترة زمنية معينة وحدات
معينة من السلوك وليس عينة سلوك أو عينة وقت . ومعنى ذلك ان تتم ملاحظة
احدى جزئيات السلوك بدلا من ملاحظتة ككتلة مركبة غير متجانسة , وتبدأ وحدة
السلوك فى الحدوث فى اى وقت يطرأ فية اى تغير على استجابات المفحوص وما قد
يصاحبة من تغير فى بيئتة , فمثلا اذا لاحظنا ان الطفل وهو يلعب برمال
الشاطىء تحول فجأة الى وضع كمية من الرمل فى شعر طفل آخر فاننا نسجل فى هذة
الحالة حدوث ذلك , باعتبارة وحدة سلوك تختلف عما كان يحدث من قبل حين كان
الطفلان يتبادلان الابتسام مثلا فأصبحا يتبادلان الهجوم , ويسجل الباحث ما
طرأ على بيئة الطفلين من تغير فى هاتين الحالتين حين كان الطفل الاول يمسك
فى المرة الاولى كرة يلعب بها وحدة . فجاء ابوة واخذها منة لبعطيها للطفل
الثانى الذى كان يلح فى طلبها , وهكذا يكون على الباحث فى كل مرة ان يسجل
حدوث وحدة السلوك على انها تغير فى استجابات الطفل وفى بيئتة , وحين تنتهى
فترة الملاحظة يقوم الباحث بفحص وحدات السلوك التى تم تجميعها ثم تحليلها ,
ويتطلب ذلك بالطبع تصنيفها فى فئات .

تعليق عام على طرق الملاحظة الطبيعية :
من مشكلات طرق الملاحظة الطبيعية ان الملاحظ قد يتجاوز حدود
مهمتة ايضا اذا تدخل فى عملية التسجيل التى يقوم عليها الوصف الدقيق
للظواهر وحولها الى مستوى التفسير , ولذلك فان كثيرا من تقارير الملاحظة لا
يعتد بها اذا تضمنت الكثير من آراء الباحث وطرقة فى فهم الاحداث بدلا من
ان يتضمن وصفا دقيقا للاحداث ذاتها , واحدى طرق زيادة الدقة فى هذا الصدد
تحديد انواع الانشطة التى تعد امثلة للسلوك موضوع الملاحظة , وتكون هذة
الانشطة تعريفا اجرائيا لهذا السلوك .
وتتضمن المشكلة السابقة قضية الموضوعية فى الملاحظة , فاذا لم تكن
ملاحظتنا الا محض تفسيرتنا وتأويلاتنا وفهمنا للاحداث فبالطبع لن يحدث
بيننا الاتفاق المستقل فى الوصف , لأنها سمجت بأن تلعب جوانبنا الذاتية
دورا فى ملاحظتنا . ومن الشروط التى يجب ان نتحقق منه فى طريق الملاحظة شرط
الثبات , وهو هنا ثبات الملاحظين , ويتطلب ذلك ان يقوم بملاحظة نفس
الافراد فى نفس السلوك موضع البحث اكثر من ملاحظ واحد على ان يكونوا
مستقلين تماما بعضهم عن بعض , ثم تتم المقارنة بين الملاحظين , فاذا كان
بينهم قدر من الاتفاق المستقل فيما يسجلون أمكننا الحكم على الملاحظة
بالدقة والثبات , والا كانت نتائج الملاحظة موضع شك . وبالطبع فان هذا
الثبات يزداد فى طرق الملاحظة المقيدة عنة فى طرق الملاحظة المفتوحة .
وتحتاج طرق الملاحظة الطبيعية الى التدريب على رؤية أو سماع ما يجب
رؤيتة أو سماعة وتسجيلة . وتدلنا خبرة رجال القضاء ان شهادة شهود العيان فى
كثير من الحالات تكون غير دقيقة , لأنهم بالطبع غير مدربين على الملاحظة .
وما لم يتدرب الملاحظ تدريبا جيدا على الملاحظة فان تقاريرة لن تتجاوز
حدود الوصف الذاتى المحض , وهى بهذا تكون عديمة الجدوى فى اغراض البحث
العلمى , وفى كثير من مشروعات البحوث يتم تدريب الملاحظين قبل البدء فى
الدراسة الميدانية حتى يصلوا فى دقة الملاحظة الى درجة الاتفاق شبة الكامل
بينهم ( بنسبة اتفاق لا تقل عن 90 % ) .
ومن المشكلات الأخرى فى طرق الملاحظة الطبيعية ان محض وجود ملاحظ غير
مألوف بين المفحوصين يؤثر فى سلوكهم ويؤدى الى أنتفاء التلقائية والطبيعية
فى اللعب والعمل أو غير ذلك من المواقف موضع الملاحظة . وقد بذلت جهود كثير
للتغلب على هذة المشكلة , ومن ذلك تزويد معامل علم النفس بالغرف التى تسمح
حيطانها الزجاجية بالرؤية من جانب واحد ( هو فى العادة الجانب الذى يوجد
فية الفاحص ) . وفى هذة الحالة يمكن لفاحص ان يكون خارج الموقف ويلاحظ سلوك
الشخص وهو يتم بتلقائية , ومنها ايضا استخدام آلات التصوير بالفيديو أو
السينما , وآلات التسجيل السمعى بشرط ان توضع فى اماكن خفية لا ينتبة اليها
المفحوصين , أو توضع فى اماكن مرئية لهم على ان تظل فى مكانها لفترة طويلة
نسبيا من الزمن قبل استخدامها حتى يتعود على وجودها المفحوصين . وقد يلجأ
بعض الباحثين للتغلب على هذة المشكلة الى الاندماج مع المفحوصين فى محيطهم
الطبيعى قبل الاجراء الفعلى بحيث يصبح وجودهم جزءا من البيئة الاجتماعية
للبحث , وهذة الطريقة تسمى الملاحظة بالمشاركة .
وبالطبع كلما اجريت الملاحظة فى ظروف مقننة ومضبوطة زودتنا بمعلومات
اكثر قابلية للتعميم , فمثلا عند دراسة نمو القدرة على القبض على الاشياء
ومعالجتها قد يتطلب الامر ملاحظات دقيقة وتفصيلية للاطفال من مختلف الاعمار
, كل منهم يقوم بمعالجة نفس الشىء فى موقف مقنن أو موحد . وحتى نوضح ذلك
فقد نختبر اختبارا فرديا 40 طفلا كل عشرة منهم فى مجموعة عمرية معينة ولتكن
20 اسبوعا , 30 اسبوعا , 40 اسبوعا , 50 اسبوعا بينما هم جالسون جلسة
معتدلة فى مقعد مرتفع , ثم نضع مكعبا على لوح خشيى امام كل طفل , وفى هذة
الحالة يمكننا ان نلاحظ ونسجل بالتفصيل جهود الطفل للقبض على المكعب الخشبى
ومعالجتة .
وبالطبع فان التصوير السينمائى لاستجابات الاطفال يعطى تسجيلا موضوعيا
وكاملا ويمكننا ان نحللة بدقة ونعود الية اذا اختلفنا فى ملاحظة اساليب
الطفل فى القبض على الاشياء ( مثلا استخدام الذراع أو الرسخ أو اليد أو
الاصابع ) . وتعطينا المقارنة بين سجلات الاطفال من مختلف الاعمار اساسا
لوصف اتجاهات النمو فى القدرة على معالحة الاشياء .
وأخيرا فان الملاحظة الطبيعية فيها كل خصائص التعقد والتركيب لمواقف
الحياة الطبيعية التى تتحرر منها قدر الامكان المواقف المعملية . الا ان
هذا ليس عيبا فى الطريقة وانما هو احد حدودها , فالواقع اننا فى حاجة الى
البحوث التى تعتمد على وصف دراسة السلوك الانسانى فى سياقة الطبيعى
والمعتاد والتى قد تقودنا الى بحوث آخرى تعتمد على طرق أخرى تستند فى
جوهرها على منطق العلية , توجها الى التفسير والتنبؤ والتوجية والتحكم فى
هذا السلوك .

الطريقة التجريبية :
الطريقة التجريبية أساس التقدم العلمى فى مجالات المعرفة البشرية
لأنها تنتهى الى الكشف عن اسباب الظواهر والعوامل المؤثرة فيها , ولذا تعد
هذة الطريقة , الطريقة الرئيسية فى ابحاث العلوم الطبيعية , وتقترب العلوم
الانسانية من دقة وموضوعية تلك العلوم بمقدار استخدامها لتلك الطريقة فى
ابحاثها المختلفة .
وهى تحقق كل الاهداف الثلاثة الاساسية للبحث العلمى وهى : التنبؤ ,
والفهم , والتحكم . ولا تكاد ترقى اغلب الطرق الآخرى الى ما ترقى الية
التجربة , لأن تلك الطرق غالبا ما تنتهى عند هدف الفهم ولا ترقى الى هدف
التحكم .
المتغير المستقل والمتغير التابع :
علم نفس النمو Iconالمتغير
المستقل : هو العامل الذى يظهر أو يختفى أو يتغير تبعا لظهور أو اختفاء أو
تغير المتغير الذى يتحكم فية الباحث ويعالجة تجريبيا فيظهرة أو يخفية أو
يزيدة أو ينقصة فى محاولتة لتحديد علاقتة بظاهرة تلاحظ , وغالبا ما يرمز لة
بالرمز " م " أى المثير أو متغير الاستثارة .
علم نفس النمو Iconالمتغير
التابع : ويرمز لة بالرمز " س " أى الاستجابة أو متغير الاستجابة والباحث
لا يتحكم فيما يحدث للمتغير التابع , وما علية إلا أن يسجل ما يحدث لهذا
المتغير نتيجة لتحكمة هو فى المتغير المستقل , وذلك لأن ما يحدث للمتغير
التابع هو فى الحقيقة نتيجة لما حدث أو يحدث للمتغير المستقل .
علم نفس النمو Iconالجماعة
التجريبية والجماعة الضابطة : الجماعة التجريبية هى الجماعة التى يتعرض
افرادها للمتغير المستقل , والجماعة الضابطة هى الجماعة التى يناظر افرادها
افراد الجماعة التجريبية ولا يتعرضون للمتغير المستقل .
فاذا كان الهدف مثلا هو قياس أثر وجود الجماعة على انتاج الفرد فان
الجماعة التجريبية فى هذة الحالة يمكن ان تكون من مجموعة من الافراد بحيث
يعمل كل فرد من افرادها فى مواجهه جماعة من الناس وتصبح المتغيرات التابعة
فى الجماعة التجريبية انتاج الافراد فى الاعمال التى يقومون بها .
وتتكون الجماعة الضابطة من مجموعة من الافراد , بحيث يناظر افرادها
الجماعة التجريبية ويعمل كل فرد من افرادها بمعزل عن جماعة المواجهه التى
يتعرض لها افراد الجماعة التجريبية . وبذلك لا يتعرض افراد مثل هذة الجماعة
للمتغير المستقل . وتصبح المتغيرات التابعة ايضا هى انتاج افراد الجماعة
الضابطة أو استجاباتهم .
علم نفس النمو Iconالتصميم
التجريبى : يدل التصميم التجريبى فى معناة العام على خطة التجربة التى
تشتمل على اختيار الافراد . وترتيب الاجراءات . ونوع المعالجة التجريبية .
وطريقة تسجيل البيانات . زمع الاشارة الى الاسلوب الاحصائى الذى سيتبع فى
تحليل النتائج .
علم نفس النمو Iconالقياس البعدى للجماعتين :
يقاس أثر المتغير المستقل بمقارنة متوسط استجابات الجماعة التجريبية
بعد تعرضها للمتغير المستقل بمتوسط استجابات الجماعة الضابطة التى لم تتعرض
للمتغير المستقل , وذلك باعتبار ان تلك الاستجابات هى المتغيرات التابعة ,
ثم يحسب فرق المتوسطين والدلالة الاحصائية لهذا الفرق , فاذا كان للفرق
دلالة احصائية فان ذلك يدل على أثر المتغير المستقل , واذا لم يكن للفرق
دلالة فان ذلك يدل على انعدام أثر المتغير المستقل .
الجماعة القياس القبلى المتغير المستقل القياس البعدى الفرق
التجريبية لا نعم نعم ( ص2 ) ص - ص2َ
الضابطة لا لا نعم ( ص 2َ )
يتضح من الجدول السابق ان الرمز ص2 يدل على نتيجة القياس البعدى
للمتغير التابع فى الجماعة التجريبية , ويدل الرمز ص2َ على نتيجة القياس
البعدى للمتغير التابع فى الجماعة الضابطة .
القياس القبلى - البعدى للجماعتين :
تقاس المتغيرات التابعة فى الجماعتين التجريبية والضابطة
قبل بدء التجربة وبعد انتهائها , أى قبل تعرض الجماعة التجريبية للمتغير
المستقل وبعد تعرضها ثم تقاس الفروق وتحسب الدلالة , والجدول التالى يوضح
ذلك
الجماعة القياس القبلى المتغير المستقل القياس البعدى الفرق
التجريبية نعم ( ص1 ) نعم نعم ( ص2 ) ق=ص2-ص1
الضابطة نعم (ص1َ ) لا نعم ( ص2َ ) ق=ص2َ-ص1َ
ويدل الرمز ص1 على نتيجة القياس القبلى للمتغير التابع فى الجماعة
التجريبية , ويدل الرمز ص1َ على نتيجة القياس القبلى للمتغير التابع فى
الجماعة الضابطة , ويدل الرمز ص2 على نتيجة القياس البعدى للمتغير التابع
فى الجماعة التجريبية , ويدل الرمز ص2َ على نتيجة القياس للجماعة الضابطة ,
ويدل الرمز ق على فرق القياس القبلى من القياس البعدى للمتغير التابع فى
الجماعة التجريبية , ويدل الرمز قَ على فرق القياس القبلى من القياس البعدى
للمتغير فى الجماعة الضابطة .
وعلى الباحث بعد ذلك أن يقارن ق , قَ أو يقارن ص2 , ص2َ ليستدل على أثر المتغير المستقل على المتغير التابع .
القياس القبلى - البعدى لجماعة واحدة :
ومن القياس القبلى - البعدى ما يصبح على جماعة واحدة فقط هى الجماعة
التجريبية , ويحل كل فرد محل الجماعة الضابطة , أى ان الفرد يصبح هو نفسة
جماعتة الضابطة فتقاس استجابتة فى المتغير التابع قبل تعرضة للمتغير
المستقل ثم تقاس استجابتة بعد ذلك فى المتغير التابع بعد تعرضة للمتغير
المستقل , ويحسب الفرق بين الاستجابتين على انة اثر المتغير المستقل .
الجماعة القياس القبلى المتغير المستقل القياس البعدى الفرق
الجماعة التجريبية نعم ( ص1 ) نعم نعم (ص2 ) ق=ص2-ص1

وعلى الرغم من ان المنهج التجريبى هو اقوى المناهج فى اختبار العلاقات
السببية والتى تقود الى تفسيرات مقنعة فان فية بعض المشكلات التى نلخصها
فيما يلى :
1- مجرد وجود المفحوص ضمن اجراء تجريبى قد يؤثر فى سلوكة ويجعلة يفتقد
التلقائية والطبيعية التى تميز طرق الملاحظة المباشرة واذا حدث ذلك فان
نتائج التجربة لن تصدق على احداث الحياة الواقعية .
2- البيئة ( المعملية ) المضبوطة المقننة التى عادة ما تجرى فيها البحوث
التجريبية هى ايضا بيئة اصطناعية للغاية ومن المتوقع للمفحوصين ان يسلكوا
على نحو مختلف فى مواقف الحياة الفعلية , ولهذا يجب ألا تنتقل نتائج بحوث
المعمل الى الميدان انتقالا مباشرا , وانما على الباحث ان يمر بخطوات عديدة
فى سبيل ذلك . واحدى طرق التغلب على هذة المشكلة تصميم تجارب تبدو طبيعية
للمفحوصين ويمكن جعل الموقف التجريبى اكثر طبيعية للاطفال مثلا بان تجرى
التجربة فى موقف معتاد كالبيت أو المدرسة , كما ان الاطفال قد يسلكون على
نحو اكثر طبيعية اذا قام والداهم أو معلموهم بدور المجربين بدلا من وجود
شخص غريب لا يعرفونة بشرط تدريب هؤلاء على شروط التجربة واجراءاتها , كما
يمكن عرض الموقف التجريبى على نحو يتفق مع ميول الاطفال كأن تعرض اسئلة
اختبار الذكاء أو الابتكار عليهم على انها نوع من الالعاب أو الالغاز بدلا
من القول على انها لسئلة فى اختبار , كما يمكن للباحث اجراء تجربة ميدانية
فى البيئة الطبيعية بالفعل على نحو يجعل المفحوصين لا يشعرون بانهم موضع
تجربة . وهذا الاسلوب يجمع بين مزايا الملاحظة الطبيعية والضبط الاكثر
احكاما فى الموقف التجريبى .
3- التوزيع العشوائى للمفحوصين على مجموعات المعالحة يحدث فى بعضهم
استجابات سلبية ازاء الموقف التجريبى . وخاصة اذا كان على المفحوص ان يعمل
مع مجموعة لا يحب الانتساب اليها . ومعنى ذلك ان الباحث التجريبى علية ان
يتعامل مع مفحوصية على انها بشر . واذا نشأت مثل هذة المشكلات علية ان
يواجهها ويحلها فى الحال لا ان يتجاهلها , لأن مثل هذة الاتجاهات السلبية
لدى بعض المفحوصين قد يهدد صدق نتائج البحث .
4- الاجهزة والادوات والمواد التى تستخدم فى الموقف التجريبى وخاصة داخل
المعمل قد تؤدى بالمفحوص الى الاعتقاد بان عليهم ان يسلكوا على نحو غير
عادى . زمن ذلك مثلا ان يطلب منة حفظ مقاطع عديمة المعنى . وهو ما لايفعلة
عادة فى حياتة اليومية .
5- توقعات المجرب قد تؤثر فى نتائج التجربة . فالباحث الذى يعتقد بشدة فى
صحة فرضة فانة قد يلجأ , ولو عن غير قصد , الى تهيئة الشروط التى تدعم هذا
الفرض . ولعل هذا يفسر لنا كثرة الفروض التى تتحقق فى بحوثنا العربية بينما
نسبة كثيرة منها لم يتحقق فى البحوث التى اجريت فى بيئات اخرى . بل لعل
هذا يفسر لنا ما نلاحظة على بعض الباحثين الذين يشعرون بالضيق والقلق حين
لا تتحقق فروضهم . زهذا لون من الخطأ الفاحش فى فهم طبيعة البحث العلمى .
لقد صارت الفروض عند بعض الباحثين جزءا من نظامهم العقيدى لا قضايا تقبل
الصحة والخطأ على اساس الادلة والشواهد والموضوعية . وللتغلب على هذة
المشكلة يقترح علماء مناهج البحث استخدام اسلوب اجراء التجارب بطريقة "
معماة " على الفاحصين , وفى هذة الحالة لا يعلم الفاحصون ولا المفحوصون أى
معالجة يشاركون فيها الا بعد انتهاء التجربة .
وبالرغم من هذة المشكلات . تبقى للمنهج التجريبى قيمتة العظمى فى
تزويدنا بأدق فهم لعلاقات السبب - النتيجة فى دراسة السلوك الانسانى .

الطريقة المستعرضة :
وتعتمد فى جوهرها على انتقاء عينات مختلفة من الافراد من مختلف الاعمار ,
ثم نلاحظ فيهم بعض جوانب السلوك موضع الاهتمام أو تطبيق عليهم مقاييس لهذة
الجوانب من السلوك , على ان تتم الملاحظة أو القياس فى نفس الوقت تقريبا ,
ويقارن أداء العينات المختلفة فى كل مقياس على حدة , وتتم هذة المقارنات فى
ضوء متوسطات العينات أى أن المقارنة بين مختلف الاعمار تتم فى ضوء الفروق
بين المجموعات , وتفترض هذة الطريقة أن هذة المتوسطات توضح مسار النمو
العادى وتقترب بنا الى حد كبير من الدرجات التى نحصل عليها لو أجرينا البحث
على افراد من عمر معين ثم أعيد اختبارهم تتبعيا عدة مرات حتى يصلوا الى
الحد الاقصى من العمر موضع البحث . ومن امثلة ذلك اذا اراد الباحث دراسة
النمو العقلى باستخدام هذة الطريقة فانة يختار عينات من الاطفال والمراهقين
والشباب والكهول والمسنين يطبق عليهم خلال فترة زمنية معينة قد لا تتجاوز
الاسبوع الواحد اختبارات تقيس الذكاء يفترض فيها انها تقيس نقس الخاصية
السلوكية . ثم يقارن بين متوسطات ادائهم فى هذة الاختبارات الا ان لهذة
الطريقة مشكلاتها المنهجية التى تتلخص فيما يلى :
1- العوامل الانتقائية فى العينات المختلفة : فجماعات العمر المختلفة قد لا
يكون بينها وجة للمقارنة نظرا لآثار العوامل الانتقائية المتتابعة . ويظهر
أثر هذة العوامل خاصة حين تجرى البحوث على التلاميذ والطلاب . فطلبة
الجامعات الذين نختارهم لفئة الشباب أكثر انتقائية من طلبة المدارس
الثانوية الذين نختارهم لفئة المراهقين , وأولئك أكثر انتقائية من تلاميذ
المدارس الابتدائية الذين نختارهم لفئة الاطفال , وذلك لأن الطلاب الاقل
قدرة يتم استبعادهم خلال مسار العمل التعليمى , وهكذا فان المتوسط المرتفع
لطلاب الحامعات قد ينتج عن عمليات التصفية هذة . ولذلك لكى تستخدم هذة
الطريقة بفعالية أكثر فى بحوث النمو لا بد ان تكون ممثلة للأصول الاحصائية
العامة للسكان من مختلف الاعمار وان تشتق منها . لا ان يتم اختيار مجموعة
الافراد من مؤسسات تعليمية أو مهنية .
2- اللاتاريخية : تفتقد هذة الطريقة المعنى التاريخى الذى هو جوهر البحث فى
النمو , فالطريقة كما هو ملاحظ تقتصر على دراسة الفرد الواحد فى لحظة
زمنية معينة , وبالتالى لا توفر لنا معلومات عن السوابق التاريخية للسلوك ,
أى ما هى الخبرات المبكرة التى تؤثر فى السلوك موضع البحث , كما لا تقدم
لنا شيئا من المعرفة عن مدى استقرارالسلوك أو عدم استقرارة فى الفرد الواحد
. أى الى أى حد يظل السلوك الملاحظ فى وقت معين هو نفسة حين يلاحظ فى وقت
آخر . ويرجع ذلك فى جوهرة الى ان التصميم المستعرض يوفر لنا معلومات عن
الفروق الجماعية اكثر مما يقدم اية معلومات عن النمو داخل الفرد .
3- اختلاف رصيد الخبرة : قد لا يكون هناك درجة للمقارنة بين ارصدة الخبرة
المختلفة عند جماعات الاعمار المختلفة التى تدرس فى لحظة زمنية معينة . فمن
المستحيل الحصول على عينات مختلفة الاعمار فى وقت معين ونفترض انها عاشت
فى ظروف ثقافية موحدة عندما كانت متساوية فى العمر, وواقع الامر ان
المقارنة فى هذا النوع من البحوث تكون بين جماعات عمرية تفصل بينها فوارق
زمنية مختلفة قد تصل الى حد الفروق بين الاجيال , كما هو الحال عند
المقارنة فى لحظة معينة بين سلوك عينات من الاطفال والمراهقين والراشدين .
فمثلا لا يستطيع احد ان يعزى الفروق بين من هم اليوم فى سن الاربعين ومن هم
الآن فى سن 15 سنة أو 8 سنوات الى عوامل تتعلق بالعمر وحدة . فعندما كان
الافراد الذين هم الان فى سن الاربعين فى سن الخامسة عشرة أو الثامنة كان
التعليم اكثر تواضعا والفرص المتاحة للاطفال والشباب اقل تنوعا ,
والاتجاهات الاجتماعية اكثر اختلافا , ومعنى هذا ان الاختلافات بين مجموعات
العمر قد ترجع فى جوهرها الى ظروف متباينة نتيجة للتغيرات الثقافية
والحضارية , وبالتالى لا يمكن الجزم بان التغير المشاهد يرجع الى العمر
وحدة . ولعل هذا يدفعنا الى ان ننبة دائما الى ضرورة حساسية الباحث لعينة
المفحوصين فى هذا النوع من البحوث والتى تختلف فى جوهرها من عمر لآخر . ومن
جيل لآخر , فالمفحوصين فى الدراسات المستعرضة لا ترجع الفروق بينهم الى
العمر الزمنى وحد ولكن ايضا الى الفترة الزمنية التى ولدوا ونشأوا فيها .
ومعنى ذلك ان الجماعات العمرية فى هذة البحوث تؤلف اجيالا مختلفة . ومفهوم
الجيل يعنى مجموعة الافراد الذين ولدوا وعاشوا خلال نفس الفترة الزمنية
ولهذا يفترض منهم ام يشتركوا فى كثير من الخبرات الثقافية والاجتماعية التى
قد تؤثر فى جوانب نموهم . تأمل مثلا أثر التنشئة فى عصر الكمبيوتر
والفيديو ومن قبلهما التليفزيون , فالانسان المعاصر يجنى ثمار هذا الانفجار
الاتصالى بتعرضة لمدى اكثر اتساعا من المعلومات لم يسبق الى مثلة فى
الماضى , فاذا قورن اطفال اليوم بالاشخاص الذين يبلغون الان من العمر 50 أو
60 عاما حين كانوا فى طفولتهم فاننا نتوقع ان نجد لدى شباب اليوم اتجاها
مختلفا نحو التكنولوجيا . ومن الصعب حينئذ ان نحدد بحسم ما اذا كان هذا
الاختلاف هو نتاج التغيرات التى ترجع الى النمو ام انها ببساطة ترجع الى
اختلاف فرص التعرض للتكنولوجيا الحديثة .
4- المقارنة الجماعية : لا تسمح الطريقة المستعرضة الا برسم منحنيات
المتوسطات موضوع البحث . والسبب فى هذا ان الاشخاص مختلفون فى كل مستوى
عمرى من مستويات البحث , ويتحيل فى هذة الحالة رسم المنحيات الفردية , الا
ان مثل هذا الاجراء قد يخفى اختلافات هامة بين الافراد من ناحية وداخل
الافراد من ناحية آخرى , وقد ينشأ عن رسم المنحنيات الجماعية ان تتلاشى هذة
الاختلافات أو تزول , ولهذا قد يكون منحنى المتوسطات الناجم مختلفا
اختلافا بينا عن منحنى النمو لكل فرد على حدة . ومن اشهر النتائج التى توضح
لنا خطورة هذة المسألة حالة التقدم الفجائى فى النمو الذى يسبق المراهقة .
فمنحنيات النمو الفردية بالنسبة لكثير من السمات الجسمية تكسف عن زيادة
فجائية تطرأ على معدل النمو الجسمى قبيل البلوغ . ولما كان الافراد يختلفون
فى سن البلوغ فان هذة الوثبة تحدث فى فترات مختلفة لكل فرد على حدة
وبالتالى يمكن ان تظهر فى المنحنيات الفردية للافراد المختلفين , فاذا رسمت
المنحنيات الجماعية نجد ان هذة الاختلافات الفردية يلغى بعضها بعضا , ونجد
المنحنى الناجم عن الفروق الجماعية لا يكشف عن هذة الزيادة الفجائية الا
اذا اشتملت عينة الدراسة على افراد يصلون الى البلوغ فة نفس السن , وهو
احتمال صعب الحدوث .
وبالرغم من مشكلات الطريقة المستعرضة الا انها اكثر شيوعا فى بحوث
المقارنات بين الاعمار ربما لسهولتها النسبية وسرعتها الظاهرة ,
واقتصادها الواضح فى الوقت والجهد . اضف الى ذلك انها تهيىء للباحث فى مجال
النمو الانسانى نظرة مجملة للظاهرة النمائية موضع البحث .

الطريقة الطولية :
وفيها تتم ملاحظة نفس العينة من الافراد التى تكون من نفس العمر لحظة
البدء فى البحث واعادة ملاحظتهم أو اختبارهم عدة مرات على فترات زمنية
مختلفة , وهذة الفترات تختلف حسب طبيعة البحث أى أن هذة الطريقة تتطلب
تكرار الملاحظة والقياس لنفس المجموعة من الافراد لفترة زمنية معينة .
وبالطبع فان مدى الزمن المستغرق والفواصل الزمنية بين الملاحظات
والاختبارات تختلف من بحث لآخر , وذلك حسب طبيعة موضوعة ففى بحث حول نمو
تفضيل احدى اليدين فى العمل اليدوى يختبر الاطفال ابتداء من سن 10 شهور مرة
كل شهر حتى يصلوا الى العمر الذى يظهر فية تفضيل لاحدى اليدين على الاخرى ,
وهو عادة ما يكون سن 18 شهرا . وفى بحث النمو العقلى قد نحتاج لفترات
زمنية اطول . فالاطفال يختبرون كل شهر عندما يكون عمرهم بين شهر واحد و 15
شهر , ثم كل 3 شهور بعد ذلك حتى يصلوا الى سن 2,5 سنة , ثم كل 6 شهور حتى
يصلوا الى سن الخامسة , ثم كل سنة حتى سن المراهقة , وبعض البحوث تتضمن
نظاما مختلفا وفترات زمنية اطول وخاصة حين يكون اهتمامها بالنمو عبر مدى
الحياة .
والطريقة الطولية بهذا تتغلب على بعض مشكلات الطريقة المستعرضة ,
وتوفر للباحثين امكانات بحث افضل . انها تقدم صورة جيدة عن النمو داخل
الافراد وليس صورة مجملة عن الفروق بين الجماعات العمرية . ثم انها تحدد
لنا اى الظروف السابقة أو الخبرات السابقة يؤثر فى النمو السلوكى موضع
البحث . ففيها لا تتداخل الفروق بين الاجيال والفروق داخل الجماعات من فروق
العمر , كما هو الحال فى الدراسات المستعرضة , ولعل من اهم مميزات التحكم
فى اثر اختلاف الاجيال ان الاثار فيها ترجع الى زمن ولادة المفحوص أو الجيل
الذى ينتسب الية ولا ترجع فى الواقع الى محض عمرة , فالاجيال كما بيننا قد
تختلف فى سنوات التعلم ومما رسات تنشئة الاطفال والصحة والاتجاهات نحو
الموضوعات الحساسة كالجنس أو الدين , وهذة الاثار التى ترجع الى الاجيال
لها اهميتها لأنها تؤثر بقوة فى المتغيرات التابعة فى الدراسات التى تبدو
ظاهريا مهتمة بالعمر , وآثار اختلاف الاجيال قد تبدو كما لو كانت آثار
اعمار مع انها ليست كذلك بالفعل , ومن ناحية اخرى فان هذة الطريقة تسمح
للباحثين بتحليل الاستقرار أو الاختلاف الذى يحدث داخل الفرد بمرور الزمن .
أضف الى ذلك ان هذة الطريقة تستغرق وقتا طويلا فى دراسة كل الفروق بين
افراد العينة حتى يكتما البحث , ومعنى ذلك انها اقل جاذبية من الطريقة
المستعرضة فى ضوء معيار الزمن , ومع ذلك فاننا بها وحدها نستطيع ان نحدد اى
الشروط او الخبرات السابقة تؤثر فى نمو السلوك موضع البحث .
ومع هذة المزايا الظاهرة للطريقة الطولية الا ان لها مشكلاتها ايضا نلخصها فيما يلى :
1- العوامل الانتقائية فى العينة الاصلية : فالافراد الذين يشاركون فى بحث
من طبيعتة ان يستمر لعدة سنوات يتم انتقائهم فى الاغلب تبعا لعوامل تحكمية
وليست عشوائية . ومن هذة العوامل استقرار محل الاقامة , والتعاون المستمر
مع الباحث , وبالطبع فان المفحوصين الذيم يتم انتقاؤهم بهذة الطريقة قد
تتوافر فيهم حصائص أخرى بالمستوى الثقافى والميول والاتجاهات بل والظروف
الطبيعية والصحية تختلف عن الاصل السكانى العام على نحو يجعلها منذ البداية
عينة متحيزة ولبست عشوائية , فقد تكون العينة أعلى نسبيا من المستوى العام
للاصل الاحصائى السكانى .
وقد يكون العكس صحيحا ايضا فى بعض عينات هذة البحوث ومن ذلك الافراد الذين
يقيمون فى المؤسسات ( كالاطفال والمراهقين الذين يعيشون فى الملاجىء
والشيوخ الذين يقيمون فى بيوت المسنين ) فاطفال ومراهقو الملاجىء
والاصلاحيات يمثلون مستوى ادنى من الاصل الاحصائى العام . بينما شيوخ دور
المسنين قد يكونون من مستويات اقتصادية واجتماعية عالية نسبيا اذا كانت هذة
البيوت بمصروفات تديرها جمعيات خاصة , وقد يكونون من مستويات دنيا اذا
كانت هذة البيوت من النوع المجانى الذى تديرة هيئات حكومية للإيواء العام .
وفى الحالتين يصعب تعميم نتائج مثل هذة البحوث الطولية على المجتمع الاصلى
, ومع ذلك فان لهذة البحوث فائدتها اذا تم توصيف الاصل المشتقة منة
العينات توصيفا دقيقا , أو تم توصيف العينة موضوع البحث توصيفا مفصلا بحيث
يمكن تعميم النتائج التى تتوصل اليها البحوث على اى اصل احصائى مشابة لها .

2- النقصان التتابعى للعينة : فلا شك فى ان البحث الطولى يستغرق فترة طويلة
نسبيا من الزمن , ولهذا نتوقع ان يتناقص عدد المفحوصين تدريجيا , ولذلك
فان المتابعات المتأخرة لنفس العينة نجدها تتم على اعداد قليلة الى حد كبير
لة قورنت باحجم الاصلى لهذة العينة عند بدء البحث منذ سنوات بعيدة , وهذا
التسرب فى العينة لا يتم بطريقة عشوائية , فالمفحوصون الذين يستمرون فى
المشروع التتبعى حتى نهايتة هم فى العادة من الذين يتسمون بانهم اكثر
تعاونا واكثر دافعية واكثر مثابرة واكثر كفاءة من اولئك الذين يتسربون طوال
الطريق . وعلى هذا فانة عند نهاية اى دراسة طولية نجد ان المتبقى من عينة
المفحوصين قد يكون متحيزا على نحو يجعل من الصعب مرة اخرى الوصول الى
استنتاجات وتعميمات الى الاصل الاحصائى العام .
3- أثر اعادة الملاحظات : توجد مشكلة منهجية ثالثة فى البحوث الطولية تتمثل
فى الاثر المحتمل الذى تحدثة المشاركة المستمرة فى سلوك المفحوص ,
فالممارسة المتكررة للاختبارات وزيادة الالفة بفريق البحث , والتوحد باحدى
الجماعات لفترة طويلة نسبيا من الزمن . هى جماعة البحث . وغير ذلك من ظروف
البحث الطولى التتبعى ذاتة , قد تؤثر جميعا فى اداء المفحوص فى الاختبارات
وفى اتجاهاتة ودوافعة , وفى توافقة الانفعالى , وغير ذلك من جوانب السلوك .
ومن ذلك مثلا ان المفحوص حين يعطى نفس الاختبارات أو ما يسبهها عدة مرات
فانة يصبح على درجة كبيرة من الخبرة بها وفى مثل هذة الحالات سوف يؤدى
المفحوص جيدا على الاختبارات اللاحقة لا بسبب النمو وانما بسبب أثار
تكرارالممارسة .

وعلى الرغم من هذة الطريقة تستغرق وقتا طويلا وتتطلب تكلفة هائلة
فانها لها قيمتها فى انها تهيىء لنا تتبع مسار التغيرات فى المفحوصين
كأفراد عبر الزمن . تخيل باحثا يجرى دراسة على النمو العقلى خلال مدى
الحياة . انة يواجه المهمة المستحيلة اذا صمم بحثة لجمع البيانات بنفسة ,
لأنة اذا بدأ بحثة على مفحوصيم من الاطفال وعمرة مثلا 25 سنة , فانة حين
يبلغ مفحوصوة سن 65 سنة مثلا ويدخلون فى مرحلة الشيخوخة ربما يكون قد مات
هو نفسة . بل انة فى الحدود الزمنية الاقل تطرفا توجد عوائق كثيرة من
الوجهه العملية , ولهذا السبب نجد ان القاعدة هى وجود بحوث طولية قصيرة
المدى لا تتجاوز فى العادة خمس سنوات .
4- أثر وقت القياس : يمكن لبعض الاثار التى تحدث فى المفحوصين من عينة
البحث الطولى ان ترجع الى وقت القياس وليس الى النمو فى ذاتة . لنتأمل مثلا
فرضية فحصت التغيرات المرتبطة بالعمر فى الاتجاة نحو العمل اليدوى اثناء
الرشد , ان هؤلاء المفحوصين اذا كانوا قد اختبروا أو تمت ملاحظتهم
ومقابلتهم فى اوائل الخمسينات حين كانوا فى بداية المراهقة قد يظهرون
اتجاهات محافظة نسبيا حول هذا الموضوع , ولكنهم عندما يختبرون اليوم بعد
اكثر من ثلاثين عاما فان هؤلاء المفحوصين انفسهم قد يكونون اكثر تحررا
وتسامحا فى اتجاهاتهم , وقد تفسر هذة النتيجة بانها تعنى ان الاتجاة نحو
العمل اليدوى يصير اقل محافظة عند التحول من المراهقة الى الرشد الاوسط ,
الا ان السبب الحقيقى ان الزمن قد تغير طوال هذة الفترة مع تغير المجتمع
ككل حيث اصبح اكثر تقبلا للعمل اليدوى . فالتغيرات الملاحظة فى هذة الدراسة
الفرضية قد تعكس بنفس القدر التغير التاريخى فى المجتمع وليس التغير
النمائى العادى الذى يحدث خلال الرشد فحسب ومعنى ذلك ان التصميم الطولى فى
ذاتة لا يساعدنا بالضرورة على الوصول الى تعميمات جيدة حول آثار النمو ,
وكما هو الحال بالنسبة للبحوث المستعرضة لا بد ان تكون حذر شديد فى تفسير
النتائج .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الصباح
 
 
نور الصباح


عدد الرسائل : 366
البلد : مصر
رقم العضوية : 121
تاريخ التسجيل : 28/04/2011

علم نفس النمو Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم نفس النمو   علم نفس النمو Emptyالإثنين مايو 09, 2011 3:23 am

الفصل الثانى : العوامل المؤثرة فى النمو
[size=21]الوراثة : [/size]

تبدأ حياة الجنين باتحاد الخلية
الذكرية بالخلية الانثوية , وذلك عندما يخترق الحيى المنوى الذكرى الغلاف
الخارجى للبيضة الانثوية ويظل يمعن فى سيرة حتى تلتصق نواتة بنواة البيضة .
وهكذا تنشأ البيضة المخصبة أو اللاقحة أو البذرة التى بها ومنها تبدأ حياة
الجنين , أى انها تبدأ باتحاد الامشاج الذكرية والانثوية .

ناقلات الوراثة - المورثات :
تحتوى نواة الحيى المنوى الذكرى على 24
خيطا يشبة كل خيط منها خيط العقد أو المسبحة , ويحمل هذا الخيط , حبات
صغيرة تسمى بالمورثات أو الجينات Genes وتحمل المورثات جميع الصفات
الوراثية التى تحدد بعض صفات الكائن الحى , وتقوم كل موروثة بوظيفة خاصة
بالنسبة لهذة الصفات الوراثية . وتسمى هذة الخيوط بالصبغيات أو
الكروموسومات Chromosomes لأنها تمتص الالوان والاصباغ بسرعة فائقة وتحتوى
نواة البيضة على 23 صبغيا , وبذلك تحتوى نواة البيضة المخصبة أو اللاقحة
على 46 صبغيا أو 23 زوجا من الصبغيات نصفها من الاب والنصف الاخر من الام.
ويختلف كل زوج من الصبغيات عن الزوج الاخر فى مميزاتة وشكلة وحجمة وغير ذلك
من الصفات الاخرى .

المورثات السائدة والمورثات المتنحية :
حينما يلتصق الصبغى الذكرى بالصبغى الانثوى
ليكونا معا زوجا من الصبغيات , تتناظر المورثات بحيث تقع كل مورثة من
مورثات الصبغى الذكرى امام المورثة التى تناظرها من مورثات الصبغى الانثوى ,
وهما قد يعملان معا على تكوين صفة خاصة من الصفات الوراثية أو يعملان فى
اتجاهين متضادين بالنسبة لهذة الصفة , فاذا كانتا متشابهتين فى تأثيرهما
ظهرت تلك الصفة , وذلك حينما يتعادل التأثير المضاد للمورثتين , وإما أن
تظهر تلك الصفة اذا ساد تأثير مورثة على تأثير المورثة الاخرى , وبذلك يكمن
تأثير المورثة المتنحية , حتى تتاح لها الفرصة فى الاجيال التالية وفى
افراد اخرين , وذلك حينما تناظرها مورثة تماثلها فى اتجاة تأثيرها , فيظهر
أثرها وتظهر صفتها الوراثية , وهذا يفسر لنا بعض الصفات الوراثية التى تظهر
فى الاجداد ثم تختفى فى الابناء ثم تعود لتظهر فى الاحفاد .

الصفات والجنس :
هذا وتختلف الصفات الوراثية بإختلاف الجنس ذكرأ أو أنثى ، فهى إما أن تكون متصلة به ، أو متأثرة بنوعه ، أو مقصورة عليه .
o فعمى الألوان صفة تتصل بالذكور ويقل ظهورها فى الإناث ، وتدل الإحصائيات
العلمية على أن 100% من الذكور يصابون بهذا المرض الوراثى ، وأن 1% من
الإناث يصبن به . وتدل أيضا على أن هذه الصفة تظهر فى الأحفاد ولا تظهر فى
الأبناء إلا نادراً جداً . وينتقل عمى الألوان من الأب إلى ابنته ولا تصاب
به الأبنة بل يظل كامنا لديها حتى تنقله هى بدورها إلى ابنها ، وهنا يظهر
عمى الألوان فى الحفيد .
o والصلع الوراثى صفة تظهر فى الذكور وتنتحى حتى لا تظهر فىالإناث ، أى أنه يتأثر بنوع الجنس .
والتغيرات الجسمية التى تطرأ على الأفراد عند البلوغ تظهر فى الفتى بصورة
خاصة . وتظهر فى الفتاة بصورة أخرى ، أى أن لهذه التغيرات آثارا لا تظهر
إلا فى الفتى وآثاراً أخرى لا تظهر إلا فى الفتاة. وترجع هذه التغيرات فى
تباينها واختلافها إلى أفرازات الغدد التناسلية وبعض الغدد الصماء الأخرى ،
أى تأثير الهرمونات.


الوراثة والبيئة :

تتفاعل العوامل الوراثية المختلفة مع
عوامل البيئة عضوية أو غذائية أو نفسية عقلية أو اجتماعية أو غير ذلك من
الألوان المختلفة للبيئة فى تحديد صفات الفرد وفى تباين نموه ومسالك حياته
ومستويات نضجه ومدى تكيفه وشذوذه .
وتختلف صفات الفرد اختلافاً بينياًَ فى مدى تأثرها بتلك العوامل المختلفة ،
فالصفات التى لا تكاد تتأثر بالبيئة تسمى الصفات الوراثية الأصلية وأهمها
لون العين ، ولون ونوع الشعر سبطاً كان أم جعداً ، ونوع الدم ، وهيئة الوجه
ومعالمه ، وشكل الجسم .
والصفات التى تعتمد فى جوهرها على البيئة ولا تكاد تتأثر بالمورثات تسمى
صفات مكتسبة ومن أهمها الخلق والمعايير الاجتماعية والقيم المرعية .
والصفات التى ترجع فى جوهرها إلى الوراثة وتتأثر بالبيئة تأثراً يتفاوت فى
مداه بين الضعف والشدة ، تسمى صفات وراثية بيئية ، أو استعدادت فطرية تعتمد
على البيئة فى نضجها وتتأثر بها فى قصورها وعجزها عن بلوغ هذا النضج ،
ولعل أهم هذه الصفات هى لون البشرة ، وذلك لتفاوت تأثير أشعة الشمس فى هذا
اللون كما يحدث عادة لمصطافين . والذكاء ، والمواهب العقلية المختلفة وسمات
الشخصية والقدرة على التحصيل المدرسى.

هذا ، ويمكن اكتشاف الأثر النسبى لكل من الوراثة والبيئة فى نمو الأطفال
وذلك بدراسة صفات التوأمين المتماثلين حينما يعيشان فى بيئة واحدة وحينما
يعيش كل منهما فى بيئة تختلف عن بيئة أخرى ،وبما ان التوائم المتماثلة تنتج
من تلقيح بيضة أنثوية واحدة بحى ذكرى واحد ، إذن تصبح الصفات الوراثية لكل
توأمين من هولاء التوائم المتماثلة . فإذا عاش توئمان متماثلان فى بيئتين
مختلفتين ظهر أثر البيئة فى التفرقة بينهما فى الصفات التى تتأثر بالبيئة .
هذا ويمكن أيضاً إجراء مثل هذه التجربة على توأمين متماثلين أخريين يعيشان
فى بيئة واحدة ، وعلى توأمين غير متماثلين يعيشان معاً فى بيئة واحدة .
وهكذا قد نصل من مقارنة نتائج هذه التجارب إلى معرفة الأثر النسبى لكل من
الوراثة والبيئة فى النمو ، ومدى اعتماد الصفات الجسمية والعقلية المختلفة
على الوراثة من ناحية وعلى البيئة من ناحية أخرى .
وهكذا نرى أن النمو يكاد يتأثر فى بعض مظاهره تأثراً كلياً بالوراثة ثم تخف
حده الوراثة فى بعض المظاهر الأخرى ، وتزداد أهمية البيئة ثم يبلغ أثر
البيئة أشده فى مظاهر أخرى من مظاهر النمو . وبذلك فحياة الفرد فى تفاعل
دائم مستمر بين الوراثة والبيئة ، ويصعب علينا أن نفصل بينهما فصلا حاداً
قاطعاً ، ذلك لأن الوراثة لا توجد بمعزل تام عن البيئة ، فالمورثات التى
تتآلف بعضها مع بعض وتنتظم على خيوط الصبغات تحيا فى بيئة تؤثر فيها وتتأثر
بها بدرجات تتفاوت فى شدتها .

هدف الوراثة :
تعمل الوراثة على المحافظة على الصفات العامة
للنوع ، وذلك بنقل هذه الصفات من جيل لآخر ، فالإنسان لا يلد إلا إنساناً ،
والفأر لا يلد إلا فأراً .
وتعمل الوراثة أيضاً على المحافظة على الصفات العامة لكل سلالات النوع
وبذلك يختلف سكان القطب الشمالى عن سكان خط الأستواء فى الشكل واللون وغير
ذلك من الصفات .
وتستطرد الوراثة فى أثرها حتى تقارب بين الوالدين والأبناء فى صفاتهما
الوراثية ، حتى ذهب الناس فى أمثلتهم المأثورة إلى القول بأن " الولد سر
أبيه " وبأن " ما شابه أباه فما ظلم " هذا وتدل نتائج الأبحاث العلمية على
أن الطفل يرث نصف صفاته الوراثية من والديه. وأن بعض صفات الأب قد تتغلب
على بعض صفات الأم ، أو أن بعض صفات الأم قد تتغلب على بعض صفات الأب .
وأيا كان أثر الأب والأم فى صفات الطفل فإن المجموع النهائى لأثرهما معا
يساوى نصف الصفات التى يرثها الطفل عامة . ويرث الطفل ربع صفاته الوراثية
من أجداده المباشرين .

وتهدف الوراثة من زواية أخرى إلى المحافظة على
الأتزان القائم فى حياة النوع عامة وحياة الأفراد خاصة . فهى كما تعمل على
المحافظة على الصفات العامة للنوع والسلالة والأجيال ، تعمل أيضاً على
الأحتفاظ بالحياة الوسطى المتزنة ، فالوالدان الطويلان ينجبان أطفالاً
طوالاً ، لكن متوسط طول الأطفال لا يساوى متوسط طول الوالدين بل ينقص عنه
بمقدار صغير . والوالدان القصيران ينجبان أطفالاً قصاراً ، لكن متوسط قصر
الأطفال لا يساوى متوسط قصر الوالدين بل يزيد عنه بمقدار صغير . هذا
ويستطرد أثر هذه الظاهرة حتى يشمل جميع الصفات الوراثية ، حتى العقلية منها
. ويرجع الفضل إلى جولتون F.Galton فى الكشف عن هذه الظاهرة الغريبة
المسماه بالأنحدار Regression .
ولهذا كانت نسبة الضعف العقلى ونسبة العبقرية نسبة صغيرة فى كل تعداد عام
للسكان ، وذلك لأن النسبة الغالبة هى نسبة المتوسطين فى جميع الصفات .
فالوراثة بهذا المعنى عامل من أهم عوامل النمو لأنها تؤثر على صفاته
ومظاهره من حيث نوعها ومداها وزيادتها ونقصانها وسرعتها ونضجها وقصورها عن
بلوغ هذا النضج .
هذا ، وتختلف سرعة النمو باختلاف نسب الذكاء ، فالأذكياء ينمون أسرع من
الأغبياء . وكذلك تختلف سرعة النمو بأختلاف الجنس ، فللأناث سرعة خاصة فى
نموهن . تختلف فى جوهرها عن سرعة الذكور . والذكاء والجنس صفات وراثية .
وبذلك تؤثر الوراثة على النمو بطريق غير مباشر خلال هاتين الصفتين .
ومن هنا نرى أن الوراثة لا تصل إلى مداها الصحيح إلا فى البيئة المناسبة
لها . من أجل ذلك كان المربين أن يهيئوا للفرد العوامل المساعدة على ظهور
خواصه الوراثية .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الصباح
 
 
نور الصباح


عدد الرسائل : 366
البلد : مصر
رقم العضوية : 121
تاريخ التسجيل : 28/04/2011

علم نفس النمو Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم نفس النمو   علم نفس النمو Emptyالإثنين مايو 09, 2011 3:26 am

الهرمونات

الهرمونات هى إفرازات الغدد
الصماء . والغدد أعضاء داخلية فى الجسم . هذا وتتكون الأعضاء من أنسجة ،
وتتكون الأنسجة بدورها من خلايا هى الوحدات الأولى للجسم الحى ،ومن أمثلتها
الخلايا العصبية والخلايا العضلية والخلايا العظمية .
وتتلخص وظيفة الغدد فى تكوين مركبات كيميائية خاصة ، يحتاج إليها
الجسم بأعضائه الأخرى المختلفة ، فهى بهذا المعنى تشبه المعامل الكيمائية .
وتنقسم الغدد إلى نوعين رئيسيين :
1- غدد قنوية .
2- غدد صماء .
فأما القنوية فهى التى تجمع موادها الأولية من الدم حين مروره بها ، وتخلط
هذه المواد ثم تفرزها خلال قنواتها ، كما تفعل الغدد الدمعية ، إذ تجمع من
الدم الماء وبعض الأملاح المعدنية ثم تخلطهما لتتكون من ذلك كله الدموع .
وأما الغدد الصماء فهى التى تجمع موادها الأولية من الدم مباشرة ثم تحولها
إلى مواد كيمائية معقدة التركيب تسمى هرمونات ، ثم تصبها مباشرة فى الدم
دون الاستعانة بقناة خاصة تسير فيها هذه الهرمونات

الغدد الصماء :
يحتوى جسم الإنسان على عدد من الغدد الصماء تنتشر فى النصف العلوى من الجسم بالترتيب التالى :
1- الغدد الصنوبرية : وتوجد بأعلى المخ ، وتضمر قبل البلوغ .
2- الغدد المخامية : وتوجد فى منتصف الرأس ، وتتدلى من السطح السفلى للمخ .
3- الغدد الدرقية : وتوجد بأسفل الرقبة أمام القصبة الهوائية .
4- جارات الدرقية : وهى أربعة فصوص تنتشر حول الغدة الدرقية .
5- الغدة التيموسية : وتوجد داخل تجويف الصدر ، فى الجزء العلوى وهى كالصنوبرية تضمر قبل البلوغ .
6- الغدة الكظرية : وتوجد على القطب العلوى للكلية .
7- الغدد التناسلية : الخصية فى الرجل ، والمبيض فى المرأة .

وظيفة هرمونات الغدد الصماء :
تسيطر الهرمونات على وظائف الأعضاء المختلفة ، وتتعاون معا
على تحديد شكل الجسم وذلك بتأثيرها على نمو الجنيني وسيطرتها على تطوره ،
وبتأثيرها فى تنظيم عملية تغذية الطفل ومدى استفادته من هذه التغذية . هذا ،
والأختلال فى إفراز الهرمونات يؤدى إلى تغيير وتحول النمو عن مجراه
الطبيعى ، فيقف فى بعض النواحى ، أو يزداد فى نواحى بطريقة أخرى تعرض حياة
الفرد للمرض أو للفناء . وهى تنظم أيضاً النشاط الحيوى العام والنشاط
الحيوى العام العقلى للكائن الحى .

هرمونات الغدة الصنوبرية :
لا تكاد الغدة الصنوبرية تزيد فى طولها عن 1 سم ، وفى عرضها عن 1/2
سم . وهى تضمر تماماً فى حجمها حين يبلغ عمر الفرد 17 سنة . هذا ، ويبدأ
تكوينها فى حوالى الشهر الخامس من حياة الجنين .
ويختلف حجم هذه الغدة باختلاف أنواع الكائنات الحية المختلفة ، فهى
نامية كبيرة عند الزواحف ، ولهذا يذهب بعض علماء الحياة إلى أنها من
الأعضاء الأثرية التى بقيت عند الإنسان لتشير إلى الصلة التى تربطه ببقية
الكائنات الحية وخاصة الزواحف الأرضية ، فهى توجد مثلا عند بعض الزواحف
وخاصة أنواع الورل ، على هيئة عين ثالقة فى وسط رأسها وتسمى بالعين
الصنوبرية .
وكان ديكارت Descartes الفيلسوف الفرنسى يعتقد أن هذه الغدة هى مهبط ومسكن الروح الإنسانية .
وأى اختلاف فى هرمونات هذه الغدة يؤدى بالطفل الصغير إلى نمو سريع لا
يتناسب ومراحل حياته وسنى عمره . وتؤثر زيادة إفراز هذه الهرمونات على
الغدة التناسلية فتثيرها وتنشطها قبل ميعادها ، وبذلك يصبح الطفل الذى لم
يتجاوز الرابعة من عمره ، طفلا مراهقاً بالغاً ، وتظهر عليه الصفات
الثانوية للبلوغ كخشونة الصوت وظهور الشعر فى الأماكن الجسمية المختلفة
التى تدل على المراهقة . وهكذا قد يؤدى هذا الأختلال إلى موت الفرد .
وتدل الدراسات العلمية الحديثة على أن وظيفة هذه الهرمونات تتلخص فى
سيطرتها على تعطيل الغدد التناسلية حتى لا تنشط قبل المراهقة ، أى أنها
تعمل على المحافظة على إتزان حياة الفرد فى نموها خلال مراحلها المختلفة .
ولهذا فهى تضمر عند البلوغ ، أى عند انتهائها من إداء مهمتها الحيوية للفرد .

هرمون النمو :
يتكون الهرمون فى الفص الأمامى من الغدة النخامية . وتقع هذه
الغدة كما أسلفنا فى منتصف الرأس حيث تتدلى من السطح الأسفل للمخ وتوجد فى
جيب صغير فى إحدى عظام الجمجمة. ويبلغ وزنها حوالى نصف جرام . ويفرز الفص
الأمامى حوالى 12 هرمونا ، ويفرز الفص الخلفى ما يزيد على نوعين من
الهرمونات ، وهرمون النمو هو أحد هذه الأثنى عشر هرمونا التى يفرزها الفص
الأمامى لهذه الغدة ، ويبدأ هذا الهرمون عمله منذ الشهور الأولى فى حياة
الجنين .
ويتأثر النمو بأى نقص يصيب نسبة الهرمون فى الدم . وتختلف مظاهر النمو
باختلاف هذا النقص ، وباختلاف المرحلة التى ينقص فيها فإن حدوث هذا النقص
قبل البلوغ يسبب وقف نمو عظام الطفل فيصبح بذلك قزماً طول حياته لا يكاد
يزيد طوله عن 50 سم. ويؤثر هذا النقص أيضا فى القوى العقلية والتناسلية
فيضعفها .
وحدوث النقص قبل البلوغ يؤدى إلى السمنة المفرطة ، ويؤدى أيضاً إلى إنعدام القوى التناسلية .
ويتأثر النمو أيضا بأية زيادة تصيب نسبة هذا الهرمون فى الدم ، فإذا
حدثت هذه الزيادة قبل البلوغ فإنها تؤدى إلى استمرار النمو حتى يصبح الطفل
عملاقاً ، ولهذا يسمى هذا المرض باسم رمض العملقة . وتبدو مظاهره فى نمو
الجذع والأطراف نمواً شاذاً ، كحالة القروى الذى وجد فى المستشفى الأميرى
بالإسكندرية سنة 1955 حيث بلغ طوله حوالى 210 سم . وتؤدى هذه الزيادة إلى
ضعف القوى العقلية والتناسلية .
وحدوث الزيادة بعد البلوغ يؤدى إلى تضخم الاطراف ونموها فى الاتجاة
العرضى , والى تضخم عظام الفك السفلى , والى تشوه عظام اليد والوجة . وهذة
كلها صفات المرض المعروف للطول العظام أو الاكبر ومجاليا .

هرمون الثيروكسين :
هرمون الثيروكسين (1) مركب يؤدى تكونه الغدة الدرقية (2) وهو
يتكون ايضا بكميات كبيرة فى الكبد .ويتكون أيضا بإضافة اليود إلى اللبن
ولعل السمك هو اغنى المصادر الحيوانية التى يعتمد عليها الجسم فى تكوين هذا
الهرمون .
ويتأثر النمو بأى نقص يصيب نسبة الثروكسين فى الدم . فإن حدث هذا
النقص قبل البلوغ فإن نمو الهيكل العظمى يقف فى الطول , لكن العظام تنمو فى
العرض وتؤدى هذه الظاهرة الى السمنة الذائدة , وتاخر ظهور الأسنان .هذا
ويؤدى نقص الثيروكسين إلى ضعف عقى وإلى تأخر المشى والكلام عند الطفل .
وإن حدث النقص بعد البلوغ فأن النسيج الضام الذى يوجد تحت الجلد
يتضخم . وهذا يؤدى إلى أنتفاخ الوجة والأطراف, وسقوط الشعر , ويقل النبط
أيضا , وتنقص درجة حرارة الجسم قليلا عن الدرجة العادية , ويعرف هذا المرض
باسم مرض مكسيديما.
هذا, ويتأثر النمو أيضا بأية زيادة فى نسبة الثيروكسين . فإن حدث تلك
الزيادة قبل البلوغ فإن الطفل ينمو نمو سريعا لا يتناسب وسرعته الطبيعية .
وإن حدثت هذه الزيادة بعد البلوغ فإن ذلك يؤدى إلى ارتفاع درجة حرارة
الجسم عن الدرجة العادية , ويؤدى أيضا الى ضعف القلب وجحوظ العينين وسرعة
التنفس , وتتابع ضربات القلب , ويعرف هذا المرض باسم مرض جريفز . وهكذا
يصبح المصاب ولة حساسية انفعالية شديدة , فهو بذلك كثير الاستفزاز قليل
الاستقرار.
وإذا لم تكن النسبة الضرورية من اليود فى غذاء الأم الحامل ادى ذلك الى
تضخم الغدة الدرقية عند الجنين وهكذا يولد بعض الأطفال وغددهم الدرقية
متضخمة وغير قادرة على تكوين الثيروكسين . وإذا استمر نقص الثيروكسين فى
غذاء الطفل بعد الولادة , ظهرت على الطفل الحلات المرضية التى اشرنا اليها
من قبل , أما إذا احتوى غذاء الطفل على اليود , فإن تضخم الغدة الدرقية
يزول , ثم تفرز الغدة النسبة الأزمة من الثيروكسين .

جارات الدرقية :
تتكون من اربع فصوص , يقع كل زوج منها الى جوار فص من فصى
الغدة الدرقية . وتقوم جارات الدرقية (2) بضبط مراقبة الكليسوم فى الدم .
هذا وتتراوح النسبة العادية للكلسيوم فى الدم فيما بين 0010,0008 فى المائة
, فإذا هبطت هذة النسبة الى 60000إو أقل شعر الفرد بصداع حاد وهبوط عام
الم فى الاطراف . وقد يؤدى هذا النقصان إلى الشعور بالنقصان الى شعور
بالضيق , وإلى البلادة والخمول , وقد يؤدى أحيانا إلى انفعالية حادة , تظهر
فى صور مختلفة أهمها الميل الى المتقاتلة العنيفى , وتمزيق الملابس
والصراخ الحاد المتواصل لاتفة الاسباب .

الغدة التيموسية :
توجد هذة الغدة فى الجزء العلوى من التجويف الصدرى وتتكون من
فصين يقسمان التجويف الصدرى إلى قسمين متساوين (1) . وتضمر الغدة
التيموسية عند البلوغ . ومازال العلم قاصرا عن معرفة سبب هذا الضمور وعن
معرفة الوظيفة الحقيقية لهذة الغدة . ومهما يكن من أمر هذة الاراء فإن كل
ما نعرفة عنها يتلخص فى إن مرضها قد يؤدى إلى تأخر ضمور الغدة الصنوبرية
وهذة بدورها تؤثر فى النمو . ويرجع الفصل فى الكشف عن هذة الحقيقة إلى
نتائج التجاوب والعمليات الجراحية التى قام بها بارك E.A .park ومكلير
mclure E.D. . (2) وتدل الأبحاث الطبية الأخرى على أن الضعف الذى يصيب هذة
الغدة يرتبط ارتباطا وثيقا بالضعف العقلى , وأن ضعفها قد يؤدى أيضا إلى
تأخر المشى حتى حوالى السنة الرابعة والنصف من عمر الطفل (3) .هذا وقد يؤدى
تضخمها إلى صعوبة التنفس , وتشبة أغراض هذا المرض أعراض. المرض المعروف
باسم الربو , ومهما يكن من أمر هذة الغدة فكل ما نعرفة عنها لايكاد يتجاوز
مستوى الفروض العلمية التى لم تثبت بعد ثبوتا قاطعا جازما لكن الحقيقة
الثابتة من أمرها هى أنها تضمر ويتناقص حجمها ووزنها نضج الفرد .أى أنها لا
تزدهر إلا فى المراحل الأولى من الحياة ,فهى إذن من المميزات التشريحية
الرئيسية للطفولة . وهى بذلك تشبة فى عملها عمل الغدة الصنوبرية فى علاقتها
بالغدة التناسلية وهكذا نرى أن النهاية العظمى للزيادة فى وزن الغدة
التيموسية تبلغ أقصاها قبيل المراهقة ، ثم تضمر وتضمحل بعد ذلك 0

هرمونات الغدة الكظرية :
توجد فى الجسم الأنسى غدتان كظريتان (1) وتقع .كل منهما على القطب
العلوى للكلية ولهذا قد تسمى بالغدة فوق الكلوية بالنسبة لموضعها وتتكون كل
غدة من قشرة خارجية ولب داخلى ، (2) وتفرز القشرة هرمونات تختلف فى
تكونيها الكيميائى ووظائفها عن الهرمونات التى يفرزها اللعب .
وتتكون إفرازات القشرة الكظرية من مجموعة من الهرمونات من مجموعات
من الهرمونات تتصل من قريب بالهرمونات التناسلية ، وفيتثامين " د "
وبالصفراء التى يفرزها الكبد ، وتؤثر هذه الهرمونات فى جميع هذه الأشياء
وتؤثر أيضاً فى الفرد وتساعده على مواصلة بذل الجهد البدنى وعلى مقاومة
العدوى .
ويتأثر الفرد بأى نقص يصيب نسبة هذه الهرمونات فى الدم، فتظهر عليه
أعراض الأنيميا . وتفتر همته بعد أى مجهود بسيط يبذله ، ويفقد رغبته فى
الطعام ، ويحس بضعف ينتاب القلب ، وباضطرابات معدية مختلفة ويتغير لون
بشرته وتضعف قوته التناسلية ، ويعجز الفرد عن حل المشاكل العقلية البسيطة ،
ويميل إلى العزلة ولا يجد فى نفسه الرغبة فى التعاون مع الآخرين . وهكذا
ينتابه هبوط عام فى حيويته ، بمظاهره البدنية والعقلية والانفعالية
والاجتماعية .
وإذا زادت نسبة هرمونات القشرة الكظرية فى الدم عن نسبتها الطبيعية
، تأثر النمو بهذه الزيادة وخاصة النمو الجنسى . ولقد ذكر هوسكين
R.G.Hoskins وصفا لحالة طفل صغير زادت لديه إفرازات هذه الغدة فأثرت فى
نمو أسنانه ، ونموه الجنسى وأختل بذلك توازنه العام ، فتأخر نموه العقلى ،
وزادت حساسيته الانفعالية ، فأصبح يثور ويغضب لأتفه الأمور . فعندما بلغ
عمره سنة واحدة ، كانت أسنانه نامية نمو الطفل البالغ من العمر 3 سنوات ،
وكانت عظامه نامية نمو الطفل البالغ من العمر 5 سنوات ، وكان نضجه الجنسى
يناسب نضج الفرد البالغ من العمر 12 سنة ، وهكذا تؤدى زيادة نسبة الهرمون
فى الدم إلى تغيرات مختلفة تؤثر على شخصية الفرد تأثيراً حاداً عميقا.
وتتكون إفرازات اللب من هرمون خاص يعرف باسم الأدرنالين Adrenalin
وهو أحد مشتقات التيروسين Tyrosine . أى أنه أحد الآحماض الأمينية الى
تتكون منها البروتينات ( الزلاليات ) التى يعتمد عليها الإنسان فى غذائه .
وتتلخص وظيفة الأدرنالين فى مساعدة الفرد على مواجهة المواقف الشاذة
التى تنطوى على خطر داهم يهدد كيانه ، والتى تحتاج تبعاً لذلك - إلى تفكير
وحكم قوى مفاجىء وإلى سلوك ونزوع سريغ فيؤثر الأدرنالين فى الدم ويوجه
نسبة كبيرة منه نحو المخ والنخاع الشوكى والعضلات ليساعد الفرد على التفكير
القوى ، والنزوع السريع ، ويزيد نسبة السكر فى الدم حتى يؤدى إحتراق هذا
السكر إلى زيادة الطاقة التى يستعين بها الفرد فى نشاطه القوى، وتزادا
تبعاً لذلك ضربات القلب، وتتلاحق حركات الرئتين فى سرعة غريبة كى تمد الفرد
بما يحتاجه من الهواء اللازم لعملية الاحتراق ، وانطلاق الطاقة : وهكذا
يصبح الفرد قادراً على مواجهة ذلك الموقف الشاذ .
هذا ، ويتأثر نمو الفرد تأثراً جوهرياً بالأدرينالين ، فإذا بلغت
نسبته فى الدم حدا عاليا ، وإذا ظلت هذه النسبة مرتفعة نتيجة لأى خلل يعترى
لب الكظرية ، فإن ذلك يؤدى بدوره إلى شحوب اللون، والقشعريرة ، والغثيان ،
ويؤدى أيضاً إلى حالات مرضية مختلفة ، تؤثر تأثيراً ضاراً على نمو الفرد .

الغدد التناسلية :
توجد فى كل فرد غدتان تناسليتان . وتختلف الغدد الذكرية عن
الغدد الأنثوية فى مكانها التشريحى بالجسم فى وظائفها الأولية والثانوية ،
وفى تأثيرها على شخصية الفرد .
وتؤثر هذه الغدد بهرموناتها المختلفة فى التفرقة بين الذكر والأنثى،
ولهذه الفروق الجنسية ، أثر قوى فى سرعة النمو وفى تباين واختلاف مظاهره .
هذا ، وتنشأ الاختلافات الجنسية منذ اللحظة الأولى التى تتكون فيها
البيضة المخصبة ، أى عندما تلتقى الصبغات الذكرية بالصبغات الأنثوية فى
نواة البيضة . وتتميز البيضة بإنها تحتوى على صبغ خاص بالجنس يوجد دائماً
بصورة واحدة نرمز لها بالرمز (س) . ويتميز الحيى المنوى بوجود صبغى خاص
بالجنس يوجد أحياناً بصورة الصبغى الأنثوى ، ولذلك يرمز له بالرمز (س) ايضأ
، ويوجد أحيانا ً بصورة أخرى يرمز لها بالرمز (ص) . فإذا احتوت البيضة
المخصبة على الصبغتين (س س) كان الجنين أنثى . وإذا أحتوت على الصبغتين
(س ص) كان الجنين ذكرأ . وهكذا يتحدد نوع الجنس منذ اللحظة الأولى فى تكوين
البيضة المخصبة ، وبذلك يسيطر الحى المنوى على نوع الجنس ، أى أن الجنس
ذكر كان أن أنثر يرجع فى جوهره إلى الجل لا إلى المرأة . وإذا عرفنا أن عدد
الحيوانات المنوية الذكرية فى نطفة يربو على 200,000,000 حيى ذكرى ،
عرفنا بعد ذلك أن تحديد نوع المولود يرجع فى جوهره إلى الصدفة أو
الاحتمالات التى يعجز العلم عن التنبؤ بها .
ويؤثر نشاط هذه الغدد بطريقة غير مباشرة وبوجه عام على النمو تبعاً
لاختلاف جنس الفرد ذكراً كان أم أنثى . ويؤثر أيضاً على نشاط الجهاز العصبى
وعلى عمليات الهضم والتمثيل وعلى نشاط الغدد الأخرى . كما يتأثر بهرمونات
تلك الغدد كما سبق أن بينا ذلك فى تحليلنا للغدد النخامية والتيموسية
والدرقية والكظرية وغيرها من الغدد الأخرى .
ويؤثر نشاط هذه الغدد بطريقة مباشرة على الصفات والمميزات الجنسية
المختلفة للذكر والأنثى ، وتنقسم هذه الصفات إلى أولية وثانوية ، فأما
الأولية فتتلخص فى شكل وظيفة الأعضاء التناسلية ،وفى مقدرة الفرد على
التناسل ، وأما الثانوية فهى فى الأغلب والأعم تميز الرجل بضخامة تكوينه ،
وبقوته عضلاته وبأتساع منكبيه ، وبضمور دره ، وبنمو شعر شاربه ولحيته ،
وبعمق وخشونة صوته ، وبالمبادأة والجرأة ، وبالغلظة والشدة ، وبالسيطرة
والسيادة ، وتتميز المرأة بنمو صدرها ، وبتجمع الدهن فى أماكن خاصة من
جسمها حتى يكسبها مظهرأ خاصاً يميزها عن الرجل ، وبصوت ندى رنان ،
وبالاستيحاء والرقة والخشوع .
هذا ، ويظل نشاط هذه الغدد كامناً حتى مرحلة المراهقة ، وعندئذ يبدأ
نشاطها ، فتفرز هرموناتها فى الدم وتبدأ بذلك الصفات الجنسية الأولية
والثانوية فى الظهور وتتخذ شخصية الفرد لنفسها مسالك جديدة . وضروباً
متباينة مختلفة ، ويستمر النمو فى اطراده وتتابع مظاهره حتى يصل بالفرد إلى
النضج والأكتمال .
وتتكون الغدد التناسلية الذكرية من نوعين من الخلايا . نوع يقوم
بإفراز الحيى المنوى ، ونوع آخر يقع بين تلك الخلايا ويسمى لذلك بالخلايا
المتخللة ويقوم بإفراز الهرمونات الذكرية .
وتسيطر هذه الهرمونات على نشاط وظهور الصفات الجنسية، أى أنها تؤثر
على الخلايا الجنسية فتنشطها حتى تفرز النطفة الذكرية ، وتؤثر على الجسم
كله حتى تفصح عن صفاته الجنسية الثانوية .
وتتكون الغدد التناسلية الأنثوية - أو المبيض - من قشرة خارجية ولب داخلى ، وتقوم القشرة بإفراز البيضة الأنثوية .
هذا ، وتفرز الغدد التناسلية الأنثوية نوعين من الهرمونات ، يسيطر
النوع الأول منها على الصفات الجنسية الأولية والثانوية بما فى ذلك إفراز
البيضة الأنثوية . وظهور الصفات الأنثوية الأخرى المميزة للمرأة ويسيطر
النوع الثانى على تطور البيضة المخصبة فى نموها حتى تفرز غذاء الطفل بعد
ولادته .
وهكذا يؤثر نشاط هذه الغدد التناسلية - ذكرية كانت أم أنثوية - فى
شخصية الفرد ، وفى سلوكه النفسى ونواحى ومظاهر نموه . فاستئصالها يؤدى إلى
ضمور الأعضاء التناسلية ، وإلى اختفاء المميزات الجنسية الأولية والثانوية .
واستئصال الغدد التناسلية الذكرية ، وغرس غدد تناسلية أنثوية مكانها
يؤدى إلى ظهور الصفات الجنسية الأنثوية . واستئصال الغدد التناسلية
الأنثوية وغرس غدد تناسلية ذكرية مكانها يؤدى إلى ظهور الصفات الجنسية
الذكرية .
وحقن أو تعاطى خلاصتها الغدية أو هرموناتها يؤدى إلى أثبات نفس
النتائج التى أسفرت عنها عمليات الغرس والأستئصال ، ولقد ظهر أنها تؤثر على
الدورة الدموية وعمليات التحول الغذائى ، والجهاز العصبى ، علاوة على
أثرها على الصفات الجنسية . على أن هذا التأثير ينعم أيضاً عن الحقن بخلاصة
أنسجة حيوانية مختلفة لا الغدد التناسلية فحسب وتأثير هذه الخلاصة ، يختلف
تبعاً لطريقة تحضيرها وحقنها . وليس من السهل إيجاد أثر الغدة على الجسم
بعد الحقن بخلاصة غدية ، وخلاصة إذا كان العضو المحقون ليس دائم العمل ، أو
يظهر نشاطه فى أوقات خاصة ، أو تحت ظروف بعينها ، وكان المطلوب إيجاد
علاقة حسابية بين كمية المادة المحقونة وما تنتجه من أثر ، والواقع أن
تجارب الحقن بخلاصة الغدد التناسلية تؤيد الحقيقة المؤكدة وهى أن هذه الغدد
فى وظائفها الفسيولوجية توجه الاختلاف بين الجنسين ، وتؤكد الصفات الجنسية
المتباينة والعمل الفسيولوجى لغدة تناسلية من جنس مغابر هو أنها تسبب
زيادة نمو الصفات التناسلية للجنس الآخر .

التنسيق الوظيفى للهرمونات :
تؤثر الهرمونات منفردة ومتجمعة فى تنظيم الوظائف المختلفة
للجسم الأنسانى ، ويؤكد كليجهورن R.A.Cleghorn أهمية إتزان الهرمونات
وتناسق وظائفه فى تكييف الفرد جسمياً ونفسياً واجتماعياً بالنسبة للمواقف
المختلفة التى تحيط به ، والبيئة الت
ى تؤثر فيه ويؤثر هو بدوره فيها .
وهكذا ، يحيا الفرد فى إطار ضيق من هذ الاتزان الغدى فإن أختل التناسق
، أضطر تبعاً لذلك النمو ، واضطربت أيضاً شخصية الفرد ، وبذلك تقيم
الهرمونات شبكة غير منظورة من العلاقات التى تتبع خطوطها الرئيسية من تلك
الغدد الصماء وتتصل من قريب وبعيد بجميع أجهزة الإنسان وبنواحى حياته
الواسعة العريضة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الصباح
 
 
نور الصباح


عدد الرسائل : 366
البلد : مصر
رقم العضوية : 121
تاريخ التسجيل : 28/04/2011

علم نفس النمو Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم نفس النمو   علم نفس النمو Emptyالإثنين مايو 09, 2011 3:26 am

الغذاء

أهميته النفسية :
للغذاء أهميته النفسية ، وذلك لأنه الدعامة الأولى التى تقوم
عليها علاقة الطفل بأمه . إذ الأم هى المصدر الأول الذى يمتص منه الطفل
غذاءه . ثم تتطور هذه العلاقة بعد ذلك على علاقات نفسية واجتماعية ويتأثر
الطفل فى ميوله إلى بعض ألوان الطعام أو فى عزوفه عن البعض الآخر وكراهيته
لها بالعادات الغذائية التى تسيطر على جو أسرته ، وبالمجتمع الذى يحيا فيه ،
وبالثقافة التى تهيمن على نشأته الأولى وعلى مراحل نموه ، وهكذا تؤثر
الفروق النفسية الاجتماعية العنصرية الدينية الجغرافية على اتجاهات الطفل
نحو الألوان المختلفة للغذاء . وعلى تعصبه النفسى ، فالطفل الصغير والأنسان
البدائى يترددان طويلاً قبل أن يمدا أيديهما إلى طعام لم يتعودا عليه ولم
يريا عشيرتهما وذويهما يأكلانه من قبل .

وظائفه :
يتأثر نمو الفرد بنوع وكمية غذائه ، وتتلخص وظائف هذا الغذاء
فى تزويد الجسم بالطاقة التى يحتاج إليها للقيام بنشاطه ، سواء كان هذا
النشاط داخلياً أم خارجياً ، بدنياً أم نفسياً ، وفى إصلاح الخلايا التالفة
وإعادة بنائها ، وفى تكوين خلايا جديدة ، وفى زيادة مناعة الجسم ضد بعض
الأمراض ووقايته منها . هذا وتختلف أهمية كل وظيفة من هذه الوظائف تبعاً
لأختلاف وتباين عمر الفرد ووزنه ، وطبيعة العمل الذى يقوم به وبذلك يختلف
غذاء الكهل . ويختلف أيضاً غذاء الأفراد الذين يقومون بأعمال بدنية شاقة عن
غذاء الذين يقومون بأعمال عقلية فكرية عن غذاء الذين حيون بأنفعالهم فى جو
عاطفى قلق .
ولقد تواترت نتائج التجارب التى قام بها العلماء على أن أهم
الموارد الغذائية التى يحتاج إليها الفرد فى نموه وفى محافظته على استمرار
حياته ونشاطه وهى المواد الدهنية ، والسكرية والنشوية ، والزلالية ، وبعض
الأملاح المعدنية ، والفيتامينات ، والماء .
ويعتمد الجسم على المواد الدهنية والسكرية والنشوية فى تزويده بالطاقة
التى تساعد على حفظ درجة حرارته ، وعلى تادية وظائفه المختلفة . ويتعمد على
المواد الزلالية فى تجدي بناء الخلايا الت تلفت . وفى بناء خلايا أخرى
جديدة ، فمثلاً الخلايا التى تتكون منها الكرات الدموية الحمراء تتلف كل
شهر تقريبا وتتحلل للترك الميدان لكرات أخرى جدية قوية . هذا وللأملاح
المعدنية أهميتها البالغة فى تكوين بعض الخلايا . فتكوين العظام يعتمد على
الأغذية التى تحتوى على الحديد، هذا، وتتلخص أهمية الفيتامينات فى أنها
تساعد النمو بوجه عام، وتحول بين الفرد وبين الإصابة ببعض الأمراض كالكساح
أو ضعف قوة الإبصار. أما الماء فهو الوسط الذى تحدث فيه التفاعلات
والعمليات الكيميائية الحيوية كالهضم مثلا ، وغيره من العمليات الأخرى .

الاتزان الغذائى :
يخضع النمو فى جوهره إلى اتزان وتناسق المواد الغذائية
المختلفة فى تأثيرها العام والخاص على الجسم الإنسانى . فالإفراط فى
الاعتماد على نوع خاص من هذه المواد يؤدى إلى اختلال هذا الاتزان ، وبذلك
يضار الفرد إذ يسلك به النمو مسالك شاذة غريبة ، فالمغالاة فى الاعتماد على
الأغذية الفسفورية يؤثر تأثيراً ضاراً على الأغذية التى تحتوى على
الكالسيوم والمغالاة فى الاعتماد على الأخيرة يؤثر أيضا تأثيراً ضاراً على
الأولى . واعتدال الفرد فى غذائه بحيث يعطى لكل عنصر من هذين العنصرين
نصيبه الصحيح من الأهمية يؤدى الجسم إلى الإفادة من كليهما ، والإكثار من
المواد الدهنية يعطل عملية امتصاص القدر الكافى من الكالسيوم وخير للفرد أن
يعتمد فى غذائه على أنواع مختلفة من أن يقتصر على أنواع قليلة محدودة .
وهكذا تتصل هذه المواد الغذائية من قريب وبعيد ، وتظل تمتد بآثارها
المختلفة حتى تعيمن على حيوية الجسم ، فتنشىء لنفسها بذلك شبكة غذائية
متعادلة القوى متزنة الأثر . ومثلها فى ذلك مثل الهرمونات فى تعادلها
وإتزانها . هذا وتتصل الأغذية اتصالاً مباشراً بتلك الهرمونات ، فنقص اليود
مثلاً من المواد الغذائية يؤثر على هرمون الغدة الدرقية ( الثيروكسين )
.وبذلك ينمو الفرد فى إطار ضيق محدود من الاتزان الغذائى والغدى .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الصباح
 
 
نور الصباح


عدد الرسائل : 366
البلد : مصر
رقم العضوية : 121
تاريخ التسجيل : 28/04/2011

علم نفس النمو Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم نفس النمو   علم نفس النمو Emptyالإثنين مايو 09, 2011 3:28 am

البيئة الاجتماعية

كلما تنوعت خبرات الطفل
وتعددت ألوان حياته ، ازدادت سرعة نموه تبعاً لذلك ، فهو فى طفولته النامية
المتطورة أشد ما يكون حاجة إلى أن تتصل نفسه بضروب مختلفة من البيئات
الاجتماعية المحيطة به . ولهذه البيئات أثرها القوى فى نموه. وسنعالج تلك
الآثار بالتفصيل حينما نبحث النمو الاجتماعي للطفل فى الفصول المقبلة من
هذا الكتاب وسنكتفى هنا بالإشارة إلى أثر الأسرة عامة والإخوة خاصة
والثقافة القائمة فى سرعة النمو.

علاقة الطفل بأسرته :
حياتنا الاجتماعية علاقات غير منظورة تصلنا بالأفراد
والجماعات والثقافة المحيطة بنا ، فنتأثر ونؤثر ونتفاعل ونتكيف مع كل
هؤلاء، فالطفل يتأثر بأمه وأبيه وإخوته وذويه ، ويؤثر أيضا فيهم، وهكذا
تمتد هذه المؤثرات وتتصل لحمتها بسداها حتى تصبح نسيجاً نفسياً اجتماعيا
يحيا الطفل فى إطاره .
والأسرة هى الوحدة الاجتماعية الأولى والبيئة الأساسية التى ترعى
الفرد وهى لهذا تشتمل على أقوى المؤثرات التى توجه نمو طفولته . هذا وتكاد
تبلغ طفولة الإنسان ثلث حياته كلها . ولعل طول مدة الطفولة يرجع فى جوهره
إلى النظم الاجتماعية والاقتصادية التى تهيمن على حضارتنا القائمة .
وتبدأ حياة الطفل بعلاقات بيولوجية حيوية تربطة بأمه ، تقوم فى
جوهرها على إشباع الحاجات العضوية كالطعام والنوم والدفء ، ثم تتطور هذه
العلاقات إلى علاقات نفسية وثقى ، ثم تتطور منها علاقات أولية أساسية تربط
الطفل بأبيه وإخوته . ثم ما يلبت الطفل أن ينشىء لنفسه علاقات وسطى تصل
بينه وبين زملائه وأصدقائه ، ثم يتصل بالمجتمع الواسع العريض الذى يحيا فيه
فيقيم لنفسه علاقات ثانوية تربطه به، وهكذا تترك كل علاقة من هذه
العلاقات وكل جماعة من تلك الجماعات مهما كانت صورتها ، أثرها الواضح فى
حياة كل فرد .

علاقة الطفل بإخوته:
يتأثر نمو الطفل بترتيبه الميلاد فى الأسرة، وبذلك تختلف سرعة
نمو الطفل الأول عن سرعة نمو أخوته الآخرين، وذلك لأن الطفل الثانى يقلد
أخاه الأكبر ، ويقلد الطفل الثالث الطفل الثانى والطفل الأول . وهكذا يسرع
هذا التقليد بنمو الطفل الثانى والثالث . والتقليد فى الطفولة دعامة قوية
من دعامات التعلم وكسب المهارات . فالنمو اللغوى مثلا يعتمد فى جوهره على
تقليد الأطفال الصغار لذويهم ولأخوتهم الكبار فى أصواتهم وحركاتهم المعبرة .
والطفل الأخير الذى يولد بعد أن يكبر أخوته جميعاً يدلل من والديه
ومن أخوته فيتأخر نضجه وتطول مدة طفولته وتبطؤ سرعة نموه فى بعض نواحيها .
والطفل الوحيد الذى يتصل بوالديه أتصالاً مباشراً قريبا فتؤثر هذا
الصلة فى إدراكه وتفكيره وعملياته العقلية الأخرى ، تأثيراً إيجابياً
فعالاً فتزداد لذلك سرعة نموه العقلى . لكن نفس هذه الصلة الوثيقة تؤثر من
زواية أخرى تأثيراً سلبياً ضاراً فى النمو الحركى والبدنى للطفل ، ذلك لأن
الأب والأم يساعدانه دائماً فى الأمور ، بل كثيراً ما يوفران عليه هذا
الجهد ، فلا يجد نموه الحركى حافزاً قويا يدفعه نحو مستويات نضجه .
ولقد فطن العرب إلى أثر الترتيب الميلادى فى صفات وسمات الشخصية ،
فمن الأنباء التى أستفاضت فى الأدب العربى أن الحارث بن عوف المرى قدم على
أوس بن حارثه الطائىخاطباً فدخل أوس على زوجته ودعا ببنته الكبرى فقال لها
: يا بنية هذا الحارث بن عوف سيد من سادات العرب قد جاءنى طالباً خاطباً
وقد أردت أن أزوجك منه . فما تقولين ؟ قالت : لا أقبل . قال : ولماذا ؟
قالت : لأنى إمرأة فى وجهى ردة وفى خلقى بعض العهدة . ولست بأبنه عمه فيرعى
رحمى . وليس بجارك فى البلد فيستحى منك ، ولا آمن أن يرى منى ما يكره
فيطلقنى فيكون على وعليك من ذلك ما فيه . فصرفها ودعا ببنته الوسطى وعرض
عليها ما عرضه على الكبرى فقالت : إنى خرقاء وليست بيدى صناعة ولا آمن أن
يرى منى ما يكره فيطلقنى . فلما دعا بأختهما الصغرى قالت : ولكننى والله
الجميلة وجهها ، الصناع يدأص ، الرفيعة خلقا الحسيبة أبا فإن طلقنى فلا
أخلف الله عليه بخير .

علاقة الطفل بالثقافة :
يتصل الطفل بالثقافة التى تهيمن على حياة الأسرة وبالمجتمع
الخارجى الكبير فيتأثر بهما ويؤثر فيهما . ويمتص منهما التقاليد والعرف
ومعايير الخلق والحرمات والطقوس . بل والأساطير والخرافات ، وهكذا ينشأ
الفرد وينمو من مهده إلى لحده فى حد إطار إجتماعى وثقافى ويؤثر فيه ويتفاعل
معه ، ويرعى مسالك نموه وخطوات تطوره .
وكما أن الفرد يولد داخل مجتمع ما ، فهو يولد أيضا داخل ثقافة خاصة
وتشكله هذه الثقافة ، وهو بدوره يشكلها . فإنتاجه بناء لها مقوماتها إطار
له ، وهى تؤثر فيه بطريقة مباشرة فى الأسرة والمدرسة ، وهو يسعى جاداً فى
سعيه ليكيف نفسه للثقافة حينما يقلد ليتعلم الأساليب العامة للحياة التى
يرتضيها لنفسه، وبهذا فالثقافة نتاج المجتمع وأفراده ، والفرد يؤثر فى
الثقافة الراهنة نتيجة تأثره بالتراث الثقافى الذى يهبط إليه خلال الأجيال
الماضية . فالثقافة والمجتمع ظاهرتان مرتبطاتان متماسكتان أشد التماسك .
فلكل ثقافة مجتمع بشرى ، ولكل مجتمع بشرى ثقافة تميزه ، فإذا محونا من أى
محتمع ثقافته فإننا بذلك نكون قد سجلنا عنه بشريته وهبطنا به إلى مستوى
الجماعات الحيوانية غير الإنسانية --- فالثقافة بهذا المعنى - هى محصلة
التفاعل القائم بين الفرد والمجتمع والبيئة وهى ثمرة علاقة الفرد بالفرد
وبالزمن والمكان والكون " .

أعمار الوالدين :
تتأثر حياة الفرد بأعمار والديه ، فالأطفال يولدون من زوجين
شابين يختلفون عن الأطف6ال الذين يولدون من زوجيين جاوزا مرحلة الشباب إلى
الشيخوخة .
وقد دلت الإبحاث التى قام بها ليجين Lejeune وتيرين R.Turpin على أن
نسبة الأطفال الذكور تقل تبعاً لزيادة أعمار الوالدين ، وبذلك تزداد نسبة
الأطفال الإناث تبعاً لتناقص نسبة الذكور . لكن الأبحاث الحديثة بدأت تلقى
أضواء كثيرة من الشك على مدى صحة وعمومية هذه النتائج .
وأوضح بوجات P.Baujat أن الأطفال الذين يولدون من زوجين فى ريعان
الشباب يعيشون أطول من الذين يولدون من زوجين يقتربان من مرحلة الشيخوخة .
وبذلك فاحتمال زيادة مدى حياة الأبناء تقل تبعاً لزيادة الترتيب الميلادى
للطفل ، أى أن مدى حياة الطفل الأول ، أكبر من حياة الطفل الأخير . وتؤكد
هذه الأبحاث أن نسبة الأطفال المشوهين ، والمعتوهين تزداد تبعاً لزيادة عمر
الأم وخاصة بعد سن الـ45 سنة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الصباح
 
 
نور الصباح


عدد الرسائل : 366
البلد : مصر
رقم العضوية : 121
تاريخ التسجيل : 28/04/2011

علم نفس النمو Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم نفس النمو   علم نفس النمو Emptyالإثنين مايو 09, 2011 3:28 am


العوامل الثانوية
بحثنا فى صدر هذا الفصل
أهم العوامل المؤثرة فى النمو بمظاهره الجسمية والنفسية والاجتماعية
ولخصناها فى الوراثة ، والهرمونات ، والغذاء ، والبيئة الاجتماعية ، وأعمار
الوالدين . وسنحاول الأن أن نبحث العوامل الثانوية التى تؤثر فى هذا النمو
وهى :
o المرض والحوادث التى تصيب الحامل أو الطفل
o الانفعالات الحادة التى تؤثر تأثيراً ضاراً على النمو
o الولادة المبتسرة أو الولادة قبل الأوان
o السلالة العنصرية
o الهواء النقى وأشعة الشمس .

المرض والحوادث:
تؤثر بعض الأمراض التى تصاب بها الأم أثنائها حملها على نمو الطفل .
وقد دلت أبحاث L.W.Sontag على أن أصابة الأم بالملاريا واعتمادها على
الكليتين أثناء علاجها ، قد يؤثر على الأذن الداخلية للجنين فيصاب الطفل
بصمم كلى أو بصمم جزئى ، ويؤثر هذا الصمم بدوره على النمو اللغوى فيعطله أو
يعوقه، وقد تؤدى الولادة العسرة إلى تشوه الجمجمة . فيؤخر هذا التشوه
النمو العقلى أو قد يعوقه .
وتؤثر بعض الأمراض البدنية على النمو الانفعالي والاجتماعي ، فالطفل
المصاب بالهيموفيليا Hemophila إذا نزف دمه فإنه لا يتجمد بل يظل يسيل حتى
تخور قواه ويشرف على الهلاك ، فهو لذلك يخشى دائماً على حياته فيعيش قلقاً
مضطرباً . ويبعد دائماً عن رفقائه حتى لا يصاب بأى جرح ما ، وهو يلعب معهم ،
وبذلك تضييق دائرة تفاعله الاجتماعى ، ويتأخر نضجه .

الانفعالات الحادة :
يتأثر نمو الطفل بالانفعالات الحادة التى تهيمن على حياته . ولقد
دلت أبحاث ويدوسن E.M.widowson التى أجراها على الأطفال الذين يعيشون فى
ملاجىء اليتامى بألمانيا والذين تمتد أعمارهم من 4 إلى 14 سنة ، على أن
الانفعالات القوية الحادة تؤخر سرعة نمو هؤلاء الأطفال تأخيراً واضحا جليا .

الولادة المبتسرة:
يولد بعض الأطفال ولادة مبتسر ، أى أنهم يولدون قبل أن تكتمل المدة
الطبيعية للحمل . ولهذا تتأثر حياتهم وصحتهم وسرعة نموهم مدة حملهم . ولقد
دلت أبحاث ستيز M.Steiner وبونرامث W.Poneramce على أن نسبة الوفيات بين
الأطفال الرضع تتناسب عكسياً ومدة الحمل . فكلما نقصت هذه المدة زادت نسبة
الوفيات ، وكلما زادت هذه المدة نقصت نسبت الوفيات . هذا وتتأثر الحواس
عامة بهذه الولادة المبتسرة وخاصة حاسة البصر .

السلالة :
تختلف سرعة النمو تبعاً لاختلاف نوع سلالة الطفل ، فنمو الطفل
المصرى يختلف إلى حد ما عن نمو الطفل الصينى ، ويختل أيضاً عن نمو الطفل
الأوربى ، وهكذا يتفوت النمو تبعاً لاختلاف السلالة الإنسانية التى ينتمى
إليها الطفل . وتدل الأبحاث العلمية الحديثة على أن سرعة نمو أطفال شعوب
البحر الأبيض المتوسط تفوق سرعة نمو أطفال شعوب شمال أوربا .

الهواء النقى وأشعة الشمس :
يتأثر النمو بدرجة نقاوة الهواء الذى يتنفسه الطفل فأطفال الريف
والسواحل ينمون أسرع من أطفال المدن المزدحمة بالسكان. ولأشعة الشمس أثرها
الفعال فى سرعة النمو وخاصة الأشعة فوق البنفسجية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الصباح
 
 
نور الصباح


عدد الرسائل : 366
البلد : مصر
رقم العضوية : 121
تاريخ التسجيل : 28/04/2011

علم نفس النمو Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم نفس النمو   علم نفس النمو Emptyالإثنين مايو 09, 2011 3:29 am


خصائص المستويات العمرية
حياة الإنسان وحدة واحدة
وعملية نمو تصدر من داخله ولا تفرض من خارجه . وهذا النمو يحدث على نحو
مستمر مع التقدم فى العمر حتى يقف الفرد عند مرحلة معينة عندها يصل إلى
التكوين النهائى . وعملية النمو متصلة ومن هنا فأن تقسيم حياة الفرد إلى
مراحل فيه قدر من التعسف ومن الصعب مهما حاولنا أن نتوصل إلى تقسيم دقيق
إلى أن نميز بين نهاية مرحلة وبداية المرحلة التى تليها لأنهما متدخلتان .
وللتقسيم إلى مراحل فائدتان أحداهما نظرية وهى توضيح هذه المراحل وتبسيط
هذا العلم ، والثانية عملية ومن هنا فإن التقسيم كلما تمشى مع الواقع كلما
كان أفضل .

لقد تعرضنا لعدد من النظريات التى تناولت مراحل النمو النفسى والاجتماعي
والمعرفى، ويتلخص هنا أنماط سلوك الأطفال والمراهقين ذات المغزى والأهمية
للمعلمين ، ولقد قسمت إلى :
o سنى رياض الأطفال وما قبل المدرسة
o الصفوف الابتدائية
o الصفوف الإعدادية والثانوية .
وتناولنا فى كل قسم الخصائص الجسمية والاجتماعية والانفعالية والمعرفية مع بيان بعض المضامين التربوية لها .
وعلى الرغم من أنك قد تدرس صفاً معينا فى مستوى من هذه المستويات إلا أنه
من الضرورى أن تدرس هذه الخصائص جميعاً لأنك ستجد فى نفس الصف تلاميذ ذو
أعمار مختلفة ، كما أن جوانب سلوك التلاميذ الأكبر تتأثر بالخبرات السابقة .
ونحن نلاحظ أن سلوك الأطفال فى الحياة اليومية يتغير من شهر إلى شهر
فى السنوات الأولى من حياتهم ، ثم من سنة إلى سنة فى طفولتهم المتأخرة ونحن
نتوقع من طفل فى الثالثة من عمره أساليب سلوك تختلف عما نتوقع من أخيه فى
السابعة من عمره سواء أكان ذلك فى تعبيره عن انفعاله أو تفكيره أو فى
تفاعله مع الآخرين ونحن نستهدف من دراسة مراحل النمو فهمهما لنرتب على هذا
الفهم التنبؤ بما سيكون عليه سلوك الفرد مستقبلاً ، أى أننا نستهدف دراسة
نمو السلوك الانسانى لتحديد أحسن الشروط البيئية الممكنة التى تؤدى إلى
أحسن نمو ممكن ولتيسير اكتساب أساليب التكيف الاجتماعي السوى .
وقد تغريك قراءة بعض الأطفال فى الصف الذى تقوم على تدريسه بإغفال
قراءة خصائص الأطفال فى الصفوف ، غير أنه ينبغى عليك أن تعرض عن هذا وذلك
لأن الخصائص التى تناقشها فى مستوى معين قد تؤثر فى مستويات أخرى كثيرة أو
فى جميع المستويات الأخرى ومعرفتك باستمرارية النمو يزيد من فهمك له ، وحتى
لو حدث فى هذا القسم قدر من الضعف ، وأن النمو ليس مطرداً بالدرجة التى
تجعل تعميما معينا ينطبق وبصدق على الأطفال فى فترة ثلاث سنوات بعينها ولا
يصدق عليهم قبيل هذه المرحلة ولا بعدها ، أى أن كثيراً من الخصائص والسمات
تتداخل فى المستويات العمرية وتتكرر وذلك بسبب كبر مدى الفروق الفردية .
هذا فضلاً على أن بعض جوانب السلوك عند الأطفال الأكبر تتأثر بالخبرات
السابقة وأنه حتى لو تمت مناقشة نمط من السلوك عند مستوى أعتبر فيه هذا
النمط ذا مغزى خاص ، فإنه قد يكون هاماً عند أى مستوى عمرى --- فأساليب
التنشئة التسلطية أو المتسامحة لها مضامينها وتأثيرها فى جميع المستويات
العمرية ، وأخيراً فإننا نفيد حين نحاول فهم العملية الكلية الشاملة للنمو .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الصباح
 
 
نور الصباح


عدد الرسائل : 366
البلد : مصر
رقم العضوية : 121
تاريخ التسجيل : 28/04/2011

علم نفس النمو Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم نفس النمو   علم نفس النمو Emptyالإثنين مايو 09, 2011 3:31 am

(1)رياض الأطفال ( 3 سنوات إلى 6 سنوات )الخصائص الجسمية :

1. الأطفال فى هذا السن ذو نشاط فائق ، ولديهم سيطرة جيدة على
أجسامهم ، ويستمتعون بالنشاط ذاته، وعليك أن تزود الأطفال فى هذه المرحلة
بفرص كثير للجرى والتسلق والقفز. وأن ترتب الأشياء بحيث تتم هذه الأنشطة
بقدر الإمكان فى نطاق إشرفك وسيطرتك على الموقف . وإذا اتبعت سياسة الحرية
التامة فقد تكتشف أن ثلاثين طفلاً تتراوح أعمارهم ما بين 3 سنوات وخمس يمكن
أن يتحولوا من الحرية إلى كابوس مزعج . وقد تسجل فى كراسة التحضير بعض
الألعاب والأنشطة التى تستطيع استخدامها لتخلق قدراً مناسبا من السيطرة على
لعب الأطفال فى هذه المرحلة

2. الأطفال فى رياض الأطفال ينغمسون فى النشاط بحيوية وحماس إلى حد الأنهاك
، ومن هنا فهم فى حاجة إلى فترات راحة وهم لا يدركون حاجتهم إلى الأبطاء
فى النشاط وألتماس الراحة، ومن واجبك كمعلم أن تضع فى الجدول أنشطة هادئة
عقي الأنشطة الشاقة المضنية ، وأن تخصص فترات للراحة ولابد أن يكون المعلم
يقظاً لأن الأستثارة قد تصل إلى نستوى التمرد إذا لم تشغل انتباه التلاميذ
المثيرين للشغب وتكلفهم بإعمال أخرى . وقد تسجل فى كراسة تحضير الأنشطة
المؤشرات التى تتطلب منك أن توقف النشاط الجارى العنيف وتنقلهم إلى نشاط
يمكن السيطرة عليه كأن يسيروا ينشدون النشيد الوطنى مثلا بدلا من الموسيقى
الصاخبة .

3. تكون عضلات الطفل الكبيرة فى هذه المرحلة أكثر نمواً من عضلاته الدقيقة
التى تسيطر على أصابعه ويديه ومن هنا فإن الأطفال قد يتعثرون أو حتى يعجزون
جسمياً عن القيام بمهارات مثل ربط الأحذية وتزرير القمصان ... إلخ .
أى أن الطفل فى هذه المرحلة يجيد الحركات التى تحتاج إلى قوة كالجرى
والقفز والتسلق . أما الحركات العملية الدقيقة التى تحتاج الأشغال اليدوية
البسيطة وكذلك الأعمال التى تحتاج إلى مهارة ودقة فإنها رغم أهتمام الطفل
بها وممارسته لها لا تزوده بالأشباع الكافى كالجرى والقفز ... إلخ . ومع
التقدم فى العمر تزداد حركات الطفل الدقيقة تمايزاً ، يقول جيزل عن الطفل
فى الخامسة " أنه يستطيع أن يلتقط أثنى عشر قرصاً من أقراص الدواء ليسقطها
فى زجاجة بمهارة فى حوالى عشرين ثانية من الزمن ، مستخدماً يده المفضلة
---- وفى الرسم نجد طفل الخامسة لا يزال عاجزاً أمام خطوط المعين ، ولكنه
يستطيع رسم خطوط مستقيمة فى كل الاتجاهات --- أن ينقل رسم مربع أو مثلث (
وليس المعين ) وأن يرسم صورة للإنسان يمكن للغير أن يفهمها على أنها صورة
إنسان .
وعلى المعلم أن يتجنب الأنشطة التى تتطلب استخدام العضلات الدقيقة كلصق
سلاسل الورق وأن يزود الأطفال بفرش وأقلام وأدوات كبيرة الحجم . وتستطيع أن
تسجل فى كراسة التحضير أنشطة أخرى وأدوات كبيرة الحجم تلائم مستوى النضج
العضلى للأطفال فى هذه المرحلة .

4. يجد أطفال رياض الأطفال أن من الصعب عليهم أن يركزوا أعينهم على الأشياء
الصغيرة ، ولذلك فإن التآزر أو التناسق بين العين واليد قد يكون غير ماهر
أو غير متقن، وعليك كمعلم أن تقلل من حاجة الأطفال إلى النظر إلى الأشياء
الصغيرة ذلك أن إبصار الطفل فى هذه المرحلة وما بعدها يتميز بطول النظر
فيرى الأشياء البعيدة بوضوح يفوق رؤيته الأشياء القريبة ويرى الكلمات
الكبيرة ويصعب عليه رؤية الكلمات الصغيرة ولهذا يجد الأطفال فى هذه المرحلة
وفى المرحلة السابقة صعوبة فى القراءة ويتعرضون أحياناً للصداع نتيجة
الجهد الذى يبذلونه لرؤية الكتابة وتوجيه حركات العين لمجال الرؤية الضيق
القريب .
5. يتحول شكل البدن خلال هذه الفترة نحو ازدياد النضج ذلك أنه عندما تبدأ
الأجزاء العليا من البعض فى الوصول إلى حجمها عند الراشد يبطؤ نموها ثم
يتوقف الأمر الذى ينتج للأطراف ويستمر نموها إلى أن تلحق بالأطراف العليا
---- وهكذا نجد فى سنوات ما قبل المدرسة أن نمو الرأس بطىء ، وأن نمو
الأطراف سريع ، وأن نمو الجذع يكون بدرجة متوسطة . وحين يصل الطفل إلى تمام
عامه السادس تكون نسبة جسمه أشبه بنسبة جسم الراشد عما كانت عليه فى سن
الثانية.كما نجد أن ملامح وجهه كادت أن تشرف على نهاية مرحلة التغير .
وبإضافة إلى هذه التغيرات فى نسب الجسم , يزداد حظ أجهزة الطفل العظمية
والعصبية من النضوج , كما نجد أن قدرا متزايدا من الغضاريف فى الهيكل
العظمى للطفل قد بدأ يتحول الى عظام , وأن عظام الجسم بدأت تزداد من حيث
الحجم والعدد والصلابة , وأن عدد الآسنان المؤقتة أكتمل فيما بين الثانية
والثالثة عند الطفل بحيث يصبح مهيأ بدرجة كافية للتناول طعام الراشدين.
وعلى الرغم من أن أجسام الأطفال فى سنوات ماقبل المدرسة مرنة وتقاوم الضغوط الا أن العظام التى تحمى المخ سايتزال رخوة.
وهذه الحقيقة توجب على المعلم أن يكون يقظا حتى لا توجة الضربات إلى الراس
حين يتشاجر الأطفال معا أو يختلفون . وإذا رأيت شجارا تتخلله مثل هذه
الضربات فلا بد أن تدخل مباشرا وبسرعة , وأن تحزر تلاميذ الصف وتعرفهم
خطورة هذا الفعل وتشرح لهم الأسباب .

6. وعلى الرغم من أن الأولاد يكونون أقل وزنا بدرجة طفيفة من البنات، ألاأن
هناك فروقا جنسية ملحوظة بينهما من حيث تركيب الجسم اذ يكون الأولاد أكثر
حظا من النسيج العضلى , علىحين تكون البات أكثر حظا من الأنسجة الشحمية ,
غير أن البنات يسبقن البنين فى جميع مجلات النمو الاخرى وخاصة فى المهارات
الحركية الدقيقة فمن هنا فلا ينبغى للمعلمين أن يندهشوا إذا بدأ أن الأولاد
أقل مهارة فى تناول الأشياء الدقيقة والصغيرة , بل وقد يكون من المرغوب
فية أن نتجنب المقارنات بين البنين والبنات فى مثل هذه المهارات وأن نمنع
التنافس بينهما فيها .
وبين الحين والأخر يظهر من ينادى فى بعض الأقطار بأن تلتحق البنت بالمدرسة
فى سن السادسة وأن يتأخر الى سن السابعة أو الثامنة وهذه الدعوة المبنية
على أساس أن البنات ينضجن بسرعة أكبر من الأولاد أى أنهن أكثر استعدادا
للتعلم منهم مما يؤدى إلى إيقاع الظلم بالبنين ( ومن الحقائق الثابتة أن
البنات يتفوقن على البنين فى معظم المواد وفى المتوسط العام للدرجات خلال
التعليم كله ) .والسؤال الذى يترتب على هذه النقطة هو: كيف يمكن الدفاع عن
هذه الفكرة وكيف يمكن نقدها ؟ ومار أيك فى الفصل بين الأولاد والبنات
فى التعليم حتى ترفع هذا الظلم الذى يترتب على المقارنة ؟

7. التركيز على استخدام أحدى اليدين دون الأخرى عند معظم الأطفال حيث
يستخدم حوالى 90% منهم يده اليمنى أكثر من اليسرى ، ومن غير الحكمة أن تجبر
طفلا يفضل استخدام يده اليسرى على أن يغير غلى اليمنى . طبعا التركيز على
استخدام اليد اليمنى أكثر راحة ولكن هذة المسألة ليست لها كل هذه الأهمية .
وإجبار الطفل على التغيير قد يجعله يشعر بالشذوذ , والإثم والعصبية
والقلق , وهناك احتمال أن يتعرض الطفل نتيجة الإجبار لمشكلات توافقية
مختلفة كالتهتهة ومن هنا فلا ينبغى أن يحدث هذا مع الطفل .

الخصائص الاجتماعية :
1- خلال الفترة الاولى من الحياة لا يلعب الأتراب دورا هاما فى
حياة الطفل , ولا يكون هناك ألا الشىء القليل جدا من اللعب القائم على
المبادلة والمفاعلة . وأبتداءا من سن الثالثة تتزايد أهمية رفاق اللعب فى
خبرة الطفل , غير أن هناك فروقا كبيرة بين الأطفال من حيث أنماط تفاعلاتهم
مع رفاق اللعب . والخصائص الأساسية لما يقوم بة طفل قبل المدرسة من
اتصالات بغيرة من الأطفال تكون الى حد كبير انعكاسا لما تعلمه فى بيته , أى
أن أنماط السلوك التى تكررت أثباتها فى البيت ( سواء أكانت أقداما أو
أنطلاقا ام تهيبا وأنسحابا , سيطرة أم خنوعا , روحا وديا أم عدوانية ) ,
تكتسب صعودا فى معراج الاستجابات عند الطفل ولذلك يزداد احتمال استخدامها
فى مواقف اجتماعية أخرى ويتبين الطفل خلال أتصالته فى المواقف الاجتماعية
الجديدة مثل مدرسة الحضانة أن كثيرا من الاستجابات التى كان والداة
يثيبانها تعود علية بالثواب من الآخرين كذلك . على حين أن هناك استجابات
أخرى يثيبها الوالدان ولكنها غير مقبولة عند من عاداهم , بل وقد تثير
العقاب من لدنى المعلمين أو الأطفال الآخرين , وفتميل مثل هذه الاستجابات
اى التناقص يحل محلها استجابات تثيبها جماعة الأقران . وقد بنيت دراسة قامت
بها بارت M.B.Bartenحدوث ازدياد مطرد فى التوجه الاجتماعي social
orientation خلال فترة ما قبل المدرسة وكانت الباحثة فى هذه الدراسة تسجل
ملاحظاتها عن 42 طفلا فى دور الحضانة تتراوح أعمارهم مابين سنه 2وسن 5
وكانت تقوم بتصنيف المشاركة الاجتماعية فى كل عينة وتقدر لة الدرجات على
أساس نواحى ستة هى : سلوك غير المنشغل (-3) لعب منفرد (-2) سلوك المتفرج
يرقب ولكن من غير ان ينضم الى اللعب (-1) , لعب متوازى اى يلعب الى جوار
الأطفال الآخرين الذين يستخدمون نفس أدوات اللعب بدلا من أن يلعب معهم (+1)
لعب مترابط ( يلعب مع الآخرين ويشاطرهم أدوات اللعب ( +2) لعب تعاونى او
منظم ( +3) ثم كانت الباحثة تقوم بحساب درجة مركبة للمشاركة الاجتماعية لكل
طفل وذلك عن طريق جمع الدرجات التى حصل عليها خلال فترات الملاحظة كلها .
وتبين أن قلة فقط من هؤلاء الأطفال كان يلاحظ عليهم السلوك غير المشغل .
وأن اللعب المتوازى وهو أ:ثر صور السلوك الاجتماعى بدائية ، كان يميز
الأطفال الصغار لا الكبار . وأن الأطفال الكبار كانوا يشاركون بتكرار أكبر
فى اللعب المترابط أو التعاونى . وأن درجات المشاركة الاجتماعية المركبة
ارتبطت ارتباطاً عالياً بالعمر الزمنى ( ر= 0.61 ) وهذا يبين أن كلما تقدم
الطفل فى العمر ، أخذوا يقضون وقتاً أطول فى التفاعلات الاجتماعية من النوع
المترابط أو التعاونى ، ووقتاً أقل بدون نشاط أو وجدهم أو فى مجرد
الملاحظة والتطلع .
وبازدياد توجه الأطفال نحو الاجتماعية يزداد ميلهم إلى الارتباط الوثيق
بعدد قليل من الأتراب . وقد بنيت 'حدى الدراسات أن أطفال ما قبل المدرسة
ينشئون الصداقات مع أفراد جليهم أكثر مما ينشئونها مع أفراد الجنس الآخر .
وأن التشابه فى العمر الزمنى والاجتماعية والنشاط البدنى يؤثر فى الصداقة
بين الأولاد ، وأن البنات اللاتى صرن صديقات كن متشابهات فى المشاركة
الاجتماعية والعمر الزمنى والاجتماعية والنشاط البدنى ، وأن التشابه فى طول
القامة ، والانبساط ، وجاذبية الشخصية ، والذكاء ، وكثرة الضحك ، لم يكن
لها تأثير فى صداقات الأولاد والبنات .

2- تدل ملاحظة الأطفال فى هذه المرحلة على أن لمعظم الأطفال صديقاً أو
صديقين ، ولكن هذه الصداقات قد تتغير بسرعة . ويميل الأطفال فى هذا السن
إلى المرونة اجتماعياً . وهم مرنون وقادرون على اختياره أصدقائهم من نفس
الجنس وأن وجدت صداقات بين الأطفال من الجنسين .

3- تميل جماعات اللعب إلى أن تكون صغيرة وليست منظمة تنظيماً كبيراً ولذلك فإنها تتغير بسرعة .
ولا ينبغى أن يشغل التعلم إذا انتقل الأطفال من نشاط إلى أخر فمثل هذا
السلوك سوى بالنسبة لهذه الجماعة العمرية على الرغم من أن هذا السلوك قد
يثرك ويضايقك أحياناً ، ولابد أن تتوقف لتفكر فى مقدار الضبط والسيطرة التى
تيد أن تمارسها مع تلاميذك ، وفى أى لحظة يكون الإصرار على المثابرة
مطلباً غير طبيعى يتداخل مع السلوك البناء بل وقد يؤدى إلى السلوك الهدام ؟
والسؤال هو : فى أى لحظة يكون الإصرار على الهدوء وممارسة أنشطة جلوساً
أمرا مسوغا ؟ ومتى ينبغى أن تصر على أن يستمر التلاميذ فى الأنشطة التى
اختاروها بأنفسهم فترة معينة من الزمن ؟

4- تشير الدراسات القائمة على ملاحظة أطفال ما قبل المدرسة إلى أن مواقف
الإحباط فى مدارس الحضانة قد تؤدى إلى استجابات عدوانية . وإلى أن نوع
العقاب العدوانى فى مدارس الحضانة قد يؤدى إلى كف العدوان الصريح . مثال :
ذلك أن بيانات أحدى الدراسات أوضحت أن الصراع يزداد احتمال وقوعه إذا كان
الحيز الخاص باللعب فى المدرسة محدوداً . وكان الأشراف قليلاً من جانب
المدرسين . أى أن الأطفال فى حيز اللعب المحدود يزداد احتمال تدخل واحد
منهم فى شئون الآخر ( وبالتالى إحباط أحدهم للآخر ) عنه فى الحيز الكبير
الواسع ، ولذلك كان احتمال وقوع الاستجابات العدوانية أكبر فى أمثال هذه
الحالات . كما أنه فى حالة قلة المدرسين المشرفين يقل احتمال منع هذه
الاستجابات أو معاقبتها ، ولذلك يترتب على هذا أن يزداد وقوع الاستجابات
العدوانية .
وقد تبين من دراسة أخرى أن الأطفال يصدر عنهم استجابات عدوانية أقل
واستجابات ودية ، كذلك فى مدرسة الحضانة التى يزداد فيها الضبط والتقليد (
حيث كانت تعاقب الاستجابات العدوانية فى أغلب الحالات ) . على حيث أن
الأطفال الذين كانوا ينتمون إلى مدارس أكثر تسامحا وأقل تقييداً ، كانت
تصدر عنهم نسبة أكثر من الاستجابات ، مما دعا الباحثين أصحاب هذه الدراسة
إلى أن يستنتجوا أن - الفروق الفردية فى السلوك العدوانى تبدو مرتبطة لا
بالفروق الأساسية فى الشخصية فحسب ، وإنما تكون مرتبطة كذلك بنوع البيئة
الاجتماعية ... وأن هذه العوامل الفردية تتفاوت إلى حد يبلغ من كبره أن
يصبح من العسير علينا فهم سلوك العدوان عند الأطفال بدون أن نفهم العوامل
الفردية.
وقد لوحظ فى هذه المرحلة من النمو أن المشاجرات بين الأطفال كثيرة ، ولكنها
عادة تستمر لفترة وجيزة وسرعان ما تنسى . وحين يتجمع ثلاثون طفلاً معا
لأول مرة فى بيئة محدودة بها عدد محدود من الأشياء التى يشتركون فيها ، فإن
المتوقع أن تنشأ الخلافات حول الملكية والحقوق والأولوية ... إلخ ، ولا
يمكن تجنب حدوث هذا . ومن المفضل حين يكون ذلك فى الأمكان أن نتيح للأطفال
أن يسووا خلافتهم بأنفسهم وأن تتدخل فقط حيت تخرج المشاجرة عن حدودها. وإذا
كان عليك أن تتدخل ، فقد تحاول أن تجذب إنتباه المتخاصمين إلى أشياء أو
أنشطة أخرى بدلاً من أن تعمل كحكم بينهما تجبرهما على التوقف والتصالح .
والمشاحنات لا تتضمن العدوان البدنى عادة ، ومع ذلك فأنها تنهك الآباء
ومعلمات مدراس الحضانة ، وتقلقهم ولكنها لحسن الحظ قلما تكون خطيرة فى هذا
السن وأن كثرت وتكررت .
ولقد تبين من تحليل مائتى مشاحنة قامت بين أربعين طفلاً ممن ينتمون إلى
فترة ما قبل المدرسة ، أن الأولاد يتجادلون أكثر من البنات وأن المشاحنات
التى تنشب بين الأطفال الأكبر سنا تكون أقل عدداً ولكن أطول دواما مما يحدث
بين الأطفال الصغار. وأن الخلافات تحدث بصفة أكثر بين الأطفال الذين
يتفقون فى الجنس ولكن يختلفون فى العمر وأن الأطفال الأصغر سناً ولو أنهم
يشتركون فى مشاحنات أكثر ' لا أنهم يتخذون أدوارا أقل عدوانية ولا يبدون
إلا مقاومة قليلة فى مواجهة السلوك الأكثر عدوانية الذى يصدر عن الأطفال
الكبار .
وأما الخلافات اللفظية بين الأطفال، فكانت مثل سائر خلافاتهم قصيرة فى
العادة تنتهى بسرعة . كما أن الابتهاج يعقب المشاحنات بنسبة أكبر مما
يعقبها الاستياء والسخط . فالظاهر إذن أن انفعالات الأطفال فى هذا السن
تستثار بسرعة وتزول بسرعة . وأن المشاحنات تزود الأطفال بفرص لتعلم أشياء
جديدة فقد أوصى الباحث الآباء بأن يتركوا أطفالهم ينهون شجارهم فى الأحوال
العادية.
على أن الطفل لابد من أن يجرب كلا من الاستجابات المرغوبة الودية القائمة
على التعاطف ، وغير المرغوبة ( العدوانية الخلافية ) خلال عملية التطبيع
الإجتماعى . والسلوك العدوانى يمكن أن يعد نتيجة سوية لأتساع احتكاكات
الطفل الاجتماعية . صحيح أن الآباء والمعلمين من حقهم أن يرتاعوا من
العدوان والمشاحنات التى تزيد عن الحد المعتاد فى تكرارها أو شدتها . ولكن
يبدو انه لابد من أن يصحب عملية " التجريب " الاجتماعية قدر معين من
العدوان.

5- يوجه معظم السلوك اليومى عند الطفل لأشباع حاجاته الأولية (النوم والأكل
) أو الحاجات المتعلمة ( التماس المعونة لحل المشكلات) أو إلى الأستجابة
للأحباط والأعتداء أو إلى تنفيذ مطالب التطبيع الاجتماعى التى يفرضها
الكبار عليه . وإلى جانب ذلك نجد أن الطفل ينفق جانبا من يومه فى استجابات
لمواقف حرة لا يكون ملزما فيها بسلوك معقول ، وهذا السلوك غير الواقعى يسمى
عادة باللعب وله ثلاثة وظائف رئيسية :
أ - أنه وسيلة لتصريف الطاقة ، فالحياة العصرية تضطر الطفل إلى أن يكيف
نشاطه الحركى فترة طويلة ( كأن يجلس عاقلاً ويمنع نفسه من الجرى غير الموجه
... إلخ ) وهذا التقييد يعرضه للأحباط ومن هنا فإنه يحتاج إلى فترات نشاط
عنيفة ممتعة ومشبعة .
ب- اللعب يفيد فى التدريب على المهارات الجديدة ، فالولد الصغير يلعب بابلى
والبنت الصغيرة تخيط فوطة لعروستها والقيام بهذا السلوك يؤدى إلى اكتساب
مهارات جديدة ويشبع حاجة الطفل إلى الكفاءة .
جـ : الرغبة فى التدريب على أنواع السلوك التى تصدر عن دور نموذجى ( حقيقى
أو متخيل ) فقد تلعب البنت الصغيرة دور ممرضة أو دور أم ، ويلعب الطفل دور
عسكرى أو طيار . وكثير من ألعب الأطفال يتضمن أدوراً راشدة حياتية تتيح
للطفل أن يشترك اشتراكاً وهميا فى عالم الكبار ويشعر لفترات وجيزه بمشاعرهم
.
وعندما يبلغ معظم الأطفال الخامسة من أعمارهم يصبحون على وعى بكثير من
أنواع السلوك المتناسب مع جنسهم ، ولو عرضت عليهم سلسلة من الصور التى توضح
أشياء أو أوجه نشاط تتفق مع اللعب الذى يتناسب مع البنين والبنات ( من
قبيل العرائس وأدوات الطبخ ) لو حدث أن الغالبية العظمى من الأطفال فى سن
الثالثة والرابعة والخامسة يصرحون بأنهم يفضلون أشياء وأوجه النشاط التى
تتناسب مع جنسهم .
ثم أن تفضيل أوجه النشاط التى تناسب جنس الفرد يزداد خلال سنوات ما قبل
المدرسة . من ذلك مثلاً أن أطفال الرابعة يظهرون قدراً أكبر من التفضيل
للأشياء وأوجه النشاط التى تتناسب مع جنسهم مما يفعل أطفال الثالثة . أضف
إلى ذلك أن الأولاد والبنات فى أعمار من 4سنوات و9 شهور إلى 5 سنوات و9شهور
يصرحون فى المقالات الفردية بأنهم يشعرون بأن آبائهم يفضلون لهم أن
يصطنعوا أنواع السلوك المنمطة جنسياً .
ويستمتع الأطفال فى هذه المرحلة بتمثيل بعض القصص التى يرونها فى برامج
التليفزيون أو يستمدونها من خبراتهم . وعليك كمعلم أن تساعد الأطفال على أن
يلعبوا ويمثلوا الأدوار المرغوب فيها . وعليك أن تسجل فى كراسة التحضير
بعض أنماط المسرحيات أو التمثليات التى تريد أن تشجع الأطفال على أداء
دورها . وتلك التى لا ينبغى أن يمثلوها . ماذا يكون شعورك بالنسبة لألعاب
الحرب على سبيل المثال ، وعسكر حرامية ؟ ذلك أن البعض يرى أن الألعاب التى
تمثل العدوان مرغوب فيها لأنها تساعد الأطفال على التنفيس عن توتارتهم.
بينما يرى الآخرون أن هذه الألعاب تعرض الأطفال للعنف وتجعلهم لا يشاركون
وجدانيا أولئك الذين يتعرضون للمعاناة والقسوة .

6- يبدأ الوعى بأدوار الجنس - " التنميط الجنسى " : حين يلتحق الأطفال
برياض الأطفال ، ذلك أن معظمهم يتوافر لديه فهم أولى للسلوك الذى يعتبر
مناسبا للأولاد وللبنات فى مجتمعهم وحتى وقت قريب سلمنا بأن هذا التمييز
بين متطلبات دور الرجل ومتطلبات دور المرأة هو المرغوب فيه وأن ما عداه
مرغوب عنه وأن علينا أن نشجع التنميط الجنسى ولكن بعض المفكرين يضعون هذا
التسليم موضع التساؤل . ونرى فلورانس هو Florence Howe (1971) بعد تحليلها
للمواد التعليمية والأنشطة المستخدمة فى المدارس الإبتدائية أن الأولاد
يصورون على أنهم نشطون ، ومغامرون ، وواثقون من أنفسهم وطموحون، بينما يصور
البنات فى الأساس كربات بيوت . وتذهب إلى أنه ابتداء من رياض الأطفال تشكل
البنات ليتقبلن عمل ربة البيت كدورهن الوحيد وبنهاية المدرسة الابتدائية
يكون هذا التعميم الجامد قوياً جدا ومسيطراً ويصعب تنحيه جانباً . ونتيجة
لذلك ، تعد البنات لدور ربة البيت التزاما بالواجب .
ولكنها تكتشف حين تصل العشرينات من عمرها أنها تريد شيئاً أبعد من ذلك ،
ومن هنا يرى بعض المربين أنه لابد من تكريس جهود مكثفة من قبل المربين
والآباء لكى يوقفوا التركيز على أعداد الفتاة لهذا الدور الوحيد ، وحتى
يحقق البنون والبنات ذواتهم . وإذا كانت تدرس للأطفال فى رياض الأطفال
فلابد من أن تكبح ميلك إلى الاستجابة للبنت الصغيرة التى تطلب المساعدة .
طبعا إذا احتاجت المساعدة عليك تقديمها ولكنها إذا كانت قادرة على القيام
بالعمل فينبغى أن تشجع على ذلك وينبغى أن يشجع البنات على أن يكن أكثر
توجها نحو الأنجاز والتحصيل وأن يشجع البنون أن يكونوا أكثر حساسية لحاجات
الآخرين . ومن خلال هذه الجهود تستطيع أن تساعد الأطفال على مقاومة بعض
أشكال التنميط الجنسى غير المرغوب فيها .

الخصائص الانفعالية :
1- يميل الأطفال فى رياض الأطفال إلى التعبير عن انفعالاتهم بحرية وصراحة . وتكثر نوبات الغضب .
ويهتم كثير من الناس بإخفاء انفعالاتهم، ولعل من المرغوب فيه أن نتيح
للأطفال فى هذا السن أن يعبروا عن مشاعرهم بصراحة على الأقل فى إطار معين .
بحيث يستطيعون أن يتعرفوا على انفعالاتهم ويواجهونها ، بل أن بعض معلمى
رياض الأطفال يحثون الأطفال على تحليل بعض جوانب سلوكهم غير المقبول . فقد
يقولون لطفل على سبيل المثال .. لماذا ضربت زميلك فلان بالجاروف ؟ يجب أن
تفكر قبل أن تفعل هذا وهلا تشعر بالارتياح لاستخدامك هذه الطريقة ؟
وكثيراً ما يطلق على غضب الأطفال الصغار ، نوبات مزاجية ، ولقد قامت جودانف
Goodenough ببحث شامل لهذه المشكلة وجدت أن النوبات المزاجية يتكرر
حدوثها بكثرة فى حوالى سن الثانية وتقل بعد ذلك ويندر أن تحدث فى سن
الثامنة والتسعة . ويظهر الصبية نوبات غضب أكثر من البنات ، ويصعبن على
البنين السيطرة على انفعالاتهم أكثر من البنات .
وثمة عوامل خارجية وعوامل داخلية تؤثر فى النوبات الانفعالية . فنوبات
الانفعال تزداد مع ازدياد عدد البالغين فى الأسرة ، ومع الصراعات حول
السلطة بين البالغين فيها . ولكن يكثر حدوث هذه النوبات بين الأطفال المرضى
والمعبين ومن لديهم صراع. ولقد أظهرت الدراسات أن هناك علاقة بين حدوث
نوبات الغضب ، وبين مختلف أوقات النهار . فهذه النوبات أكثر حدوثاُ عند
الظهيرة وعند المساء أكثر من أى وقت أخر . وهذه هى الفترات التى يكون فيها
الطفل متعباً وجائعا . وهى أيضاً الفترات التى يكون فيها الآباء أكثر تعبا
وجوعا وتوتراً.
وكلما نما الطفل قلب نوباته المزحه , وقل اتخاذها صورا جسمية واتخذت
الألفاظ وسيلة للتغيير عنها , ومعظم النوبات التى تحدث عند الأطفال الصغار
تثار لاختلاف سلوكهم مع معايير الكبار فيما يتصل بالممتلكات المادية
والعادات الروتينية , ومشكلات لنظام اليومى.
وتختلف الطرق التى يستخدمها الأباء والمعلمون لضبط الانفعال مع
اختلاف أعمار الأطفال وكلما كبر الأطفال ل استخدام الكبار للقوة معهم ,
وزاد اصطناعهم للتوبيخ والتهديد , ومن الطرق الأخرى المستخدمة الترضية
وإشباع رغبة الطفل , وتوجيه انتباهه إلى شىء أخر , وتجاهل نوبة الغضب .
وعلى وجه العموم لا تقلل طرق الضبط . التى تزيد حدة الحالة الانفعالية
(كتهديد والضرب ) عدد نوبات الانفعال بينما تؤدى طرق الضبط التى لا تسير
رغبات الطفل , كتجاهله وعزلة . إلى التقليل حدوث هذة النوبات الانفعالية .
ويكثر حدوث النوبات الغضبية فى الأسر التى لا تتبع طرقا موحدة فى معاملة
الأطفال .
وتتصل استجابات الغضب عند الأطفال الصغار , بمجموعة من العوامل
الداخلية والخارجية . ويتوقف التقليل منها على الطرق التى يستخدمها الكبار
ممن يتفاعلون مع الطفل , فى استجابتهم لغضبة ,وحين تؤدى النوبة الغضبية إلى
نتائج تتمشى مع رغبات الطفل , إو تجعله يسيطر على الآخرين , فأنة يميل إلى
الاستمرار فى استخدام هذه النوبات كنمط سلوكى , أما إذا لم تغدة فإنها
تميل إلى الاختفاء .وإذا أدخلت فى اعتبارك كمعلم بعض العوامل التى تؤدى إلى
غضب الطفل فقد تستطيع أن تقلل من تكرارة . فإذا كان الغضب نتيجة لتعب إو
الجوع مثلا فإنك تستطيع أن تتيح لة أن يتناول شيئا من الغذاء أو يأخذ قسطا
من الراحة . ومهما يكن من شىء , فإن الطفل حين يبلغ سن التحاقه بالصف الأول
الابتدائي يكون قد تعلم إلى حد معقول والسيطرة على غضبة بنفسه وتسطيع أن
تكتب فى كراسة التحضير بعض الأساليب التى وجدت من ملاحظاتك أو ممارستك أنها
مكتب الأطفال سن السيطرة على غضبهم .
2- ولقد قام جيرسلد وهولمز بدراسة شاملة عن مخاوف الأطفال فى سنى ما قبل
المدرسة طلبوا فيها من الآباء تسجيل جميع المخاوف التى يظهرها أطفالهم وما
يحيط بها من ظروف خلال 21 يوما وكانت عينة البحث مجموعة سبوية من الأطفال
وقد أتضح ان مخاوفهم من الأشياء الحقيقية أو المثيرات غير العادية (
الضوضاء أو الأشياء أو الأشخاص المرتبطة بها ,والحركات المفاجئة غير
المتوقعة والغريب من الأشياء والمواقف و الأشخاص تقل مع تقدم العمر . على
حين أن المخاوف من أخطار متوهمة أو متوقعة أو خارقة للطبيعة ( مثل الوقائع
المرتبطة بالظلام والأحلام واللصوص والمخلوقات الخرافية وأماكن وقوع
الحوادث ) تزداد مع التقدم فى العمر . وبصفة عامة يمكن القول أن أمارات
الخوف ( مثل البكاء والهلع والانسحاب ) تتناقض من حيث التكرار ومن حيث
الشدة مع تقدم الطفل فى السن
ويصعب التنبؤ بمخاوف الأطفال بسبب ما يوجد بينهم من فروق فالمثير الواحد قد
يكون مخيفا لطفل وغير مخيف لأخر . كما أن الطفل قد يضطرب لمثير خاص فى
موقف معين ثم لا يلتفت اليه فى موقف أخر.
وقد أجريت مقابلات شخصية لآباء الأطفال الثلاثين فى هذة الدراسة بعد أن تم
تسجيل هذه السجلات المبدئية بفترة تتراوح بين 13,35 شهرا وأتضح أن أكثر من
نصف هذه المخاوف كان قد زال وأن 36% منها بقى على صورته الأصلية , على حين
أن 11% بقيت بعد أن تعدلت صورتها ( مثال ذلك أ يتحول الخوف من ضجة ألة ما
ليصبح خوفا عاما من كل ضجة عالية ) .
والخلاصة أن المخاوف بدت وكأنها تنتشر نتيجة لتعميم المثير . وقد وجد
أيضا أن درجات الخوف ترتبط ايجابيا بالذكاء ولعل ذلك يرجع إلى أن الأطفال
الأكثر ذكاء أقدر على التعرف على الخطر الكامن عن الأطفال الأغبى كما كانت
نسبة البنات التى أظهرت استجابات الخوف أكبر من نسبة البنين .

الخصائص المعرفية :
1- يغلب أن تظهر الكلمة الأولى فى الشهر العاشر من حياة الطفل
تظهر الكلمة الاولى عند قلة من الأطفال فى الشهر التاسع , ويتأخر فى ذلك
آخرون وترجع الفروق فى النمو اللغوى غلى مجموعة من العوامل منها اختلاف
الأطفال فى القدرة العقلية العامة ومنها اختلافهم فى الجنس فالقدرة
الكلامية عند البنت تكون أسرع ظهورا منها عند الولد , وقد ترجع إلى اختلاف
البيئة التعليمية خصوبة وفقرا وإلى اختلاف مقدار التفاعل المتاح للطفل مع
الآخرين قلة وكثرة .
ويتصف النمو اللغوى للأطفال فى السنة الأولى والثانية من أعمارهم
بالبطء إذا قورنت تلك الفترة من حياتهم بالفترة من الثانية إلى السادسة .
ويبطىء النمو اللغوى حين يبدأ الطفل المشى, بل إنه يكاد يتوقف من حوالى
الشهر الثانى عشر عدة شهور وبعد أن يتمكن الطفل من المشى يزداد نموه اللغوى
. وقد أجرى سميثM.E.Smith بحثا على عينة من الأطفال ليحدد نمو
مفرداتهم .
وفى دراسة للمهارات اللغوية على 480 طفلا تراوحت أعمارهم بين الثالثة
والثامنة من العمر أتضح أن الأطفال الذين اختبروا فى الخمسينات كان محصولهم
اللغوى أ:بر من الأطفال الذين أختبروا قبل ذلك بثلاثين سنة ، وأنهم كانوا
يستخدمون حملا وتراكيب أطول . وترى ( ماركاثى )أن ذلك يرجع إلى استحداث
الراديو التليفزيون . وازدياد عدد مدارس الحضانة التى تتيح فرصاً أكبر
للتنبيه اللغوى خارج البيت ، وازدياد وقت الفراغ الذى يستطيع الآباء أن
يقضوه مع أطفالهم . وتحسن الظروف الاقتصادية بحيث استطاع الآباء بصفة عامة
أن يزودوا أبنائهم بيبئات أكثر تنبيها وأثارة .
غير أن الأزدياد فى المفردات أو طول الجملة إلا أساس واحد لتقدير نمو
قدرة الطفل على الاتصال الفكرى . صحيح أن الطفل يكتسب بين الثانية والخامسة
عدداً كبيراً من المفردات ، ولكن الأمر لا يتوقف عند هذا لأنه يتعلم أيضاً
أن يستخدم كلماته بكفاءة أكبر ومرونة أعظم . ومع تقدمه فى العمر خلال سنى
ما قبل المدرسة يعمد الكلام بدرجة أكبر ويصبح كلامه مفهوم عن ذى قبل ونطقه
وأبانته أحسن .
ويستخدم الطفل فى السنة الأولى من حياته الكلمة التى تعبر عن جملة .
فالطفل عندما يقول أمى فقد يقصد بذلك أنه يريد أن تقترب منه وقد يعنى أنه
يريد منه أن ترضعه ... إلخ ، وطفل الثانية يكون فى بداية مرحلة الجملة أى
أنه يستمل فى تعبيره كلمتين معا ثم يأخذ عدد الكلمات فى الزيادة ويتوقف ذلك
على سن الطفل ، ومستوى ذكائه وخصوبة البيئة التى يعيش فيها تعليميا .
ويغلب على الجمل فى البداية استخدام الأسماء ، أما الأفعال والحروف وأدوات
العطف فتجىء بعد ذلك . ويرجع ذلك إلى ما فى طبيعة الفعل من تعقيد لأنه يدل
على حدث فى زمن معين وتنتهى مرحلة الكلمتين بالتدريج لتبدأ مرحلة الجملة
القصيرة التى تتآلف من الكلمات الثلاث أو أربع أو خمس وفى هذه المرحلة لم
يصل الطفل بعد إلى مرحلة التمكن من وضع النبرة . وحين يبلغ الرابعة يبدأ فى
دخول مرحلة الجملة الكاملة التى تتآلف من ست كلمات أو سبع أو ثمان والتى
تتميز بقدر أكبر من التحديد والتعقيد وذلك بزيادة استخدام الكلمات الدالة
على العلاقات وبالسيطرة على النبرات Inflections.
وتنمو جوانب اللغة بمعدلات مختلفة فأكبر زيادة فى إجادة النطق تقع
بين سن الثالثة وسن الثالثة والنصف . وما أن يبلغ الطفل سن الثامنة حتى
يكون قد أجاد النطق بمستوى الراشدين . أما مستوى المفردات اللغوية فإنه
يستمر فى الزيادة حتى بلوغ مرحلة الرشد .
واضح أذن مما سبق أن الأطفال فى رياض الأطفال مهرة فى استخدام اللغة وأن معظمهم يحب التحدث والكلام أمام الجماعة .
وليس من شك فى أننا لو زودنا الأطفال بأوقات يشاركون فيها بأحاديثهم فإننا
بذلك نتيح لهم فرصا طبيعية للتحدث بعضهم مع بعض ومع المعلمة . ولكن
الكثيرين من ال"فال يحتاجون إلى معونة المعلمة ليتدربوا على الاستماع إلى
الآخرين والإنصات لهم ولابد من أن يتوافر نوع من الخطط الدوارة أى التى
فيها يتناوب فيها الأطفال ويقسمون فرص التحدث والإصغاء بحيث تتخذ موقعاً
وسطا بين الجلبة والصمت . وسوف تجد أطفالا أقل ثقة بأنفسهم ، وعليك أن
تزودهم بأنشطه أو خبرات يتحدثون عنها ، زيارة ميدانية ، كتاباً ، فيلماً
... إلخ . سجل فى كراسة التحضير بعض الأنشطة التى تلجأ إليها حين يبدأ
التلاميذ فى مشاركة زملائه فى خبرات خاطئة ( كأن يتحدث عن تفاصيل عراك حدث
بين أمه وأبيه ، أو حين يحاول أن يتباهى أمام زميل له بأن يقول " قطتك ولدت
خمس قطط صغار أما قطتنا فقد ولدت مائة قطة صغيرة " ) .

2- يبلغ التخيل ذروته فى هذا المستوى من مستويات النمو . والتخيل عملية
عقلية تعتمد على تكوين علاقات جديدة بين خبرات سابقة بحيث تنتظم هذه
الخبرات فى أشكال وصور جديدة لم يألفها الفرد من قبل والتخيل يصل بين ماضى
الطفل وحاضره ويمتد إلى مستقبله ولذلك فهو أساس للإبداع الفنى والابتكار
والتكييف مع البيئة .
والطفل يدرك أنه يعيش فى عالم يسيطر عليه الراشدون بأساليبهم وهو يعتمد
على خياله ليخفف من ضغوط الراشدين وقيودهم . أى أنه يعتمد على الخيال
ليتجاوز حدود الزمان والمكان وليتعدى مقتضيات الواقع ويخلع على بيئته
ألواناً سحرية تتفق مع أماله وأحكامه . وهو يحب المغامرات والمخاطرات
ويلجأ إلى أحلام اليقظة وأشكال الخيال ليشبع رغباته التى يحول الواقع دون
إشباعها وهكذا يطفى على الدمية التى يلعب بها الحياة فيتحدث إليها شاكياً
مشكلاته ، أو يثور عليها غاضبا . أو يدللها ويعطف عليها كأنها طفل صغير .
ويرى فى العصا جواداً يمتطيه ويعدو به . ويحكى قصصاً أو وقائع من نتائج
خياله ويبالغ فى تصوير الوقائع ليؤثر فيمن حوله ، وليؤكد أهميته ، وليستحوذ
على اهتمام الآخرين والتفا تهم .
ومعظم الأطفال يتجهون إلى فقدان هذه الهبة الثمينة مع تقدمهم فى السن
ومن هنا فعلى المعلمة فى رياض الأطفال أن تشجع فى تلاميذها التخيل فى اللعب
وفى حكاية القصص وفى الرسم .
ومهما يكن من شىء فإن بعض الأطفال يغرقون فى الخيال بحيث يختلفون فى
التمييز بين الواقع وخيالهم مما يؤدى إلى مشكلات تتصل بالتكيف ومن الطرق
التى تستطيع أن تستخدمها مع الطفل حتى لا تكف خياله على نحو دائم ، أن
تشجعه على أن يحكى قصصاً خلال فترات معينة مخصصة لحكاية القصص ونمنع هذا
خلال بقية اليوم المدرسى ، وأن تؤكد وتوضح أنه على الرغم من أن من الأشياء
الجديرة بالاهتمام أن نكون قادرين على حكاية القصص ، إلا أنه من الضرورى فى
معظم الحالات أن نصف ما حدث وصفا صحيحاً ودقيقاً .

3- قد يتمسك الأطفال فى رياض الأطفال بقواعدهم فى استخدام اللغة . ولقد
توصل روجر براون Roger Brown (1973 ) إلى أن جهود الآباء والمعلمين فى
زيادة اكتساب الأطفال للنطق والكلام الصحيح قد لا تكون دائماً ناجحة .

4- يمكن تشجيع الكفاءة عن طريق التفاعل والأهتمام والفرض والحث وبيان
الحدود والأعجاب وأمارات العطف والحب . ولقد بينت الدراسات التى أجريت على
الأطفال الصغار مرتفعى الكفاءة أن الذين يريدون تشجيع هؤلاء الأطفال على
تنمية معظم قدراتهم ينبغى أن يتبعوا التوجيهات الأتية :
- التفاعل مع الطفل بكثرة وبطرق متنوعة .
- إظهار الأهتمام بما يفعله الطفل ويقوله .
- توفير فرص للطفل ليبحث ويخبر أشياء كثيرة .
- السماح للطفل وتشجيعه على أن يعمل أشياء كثيرة على نحو مستقبل .
- حث الطفل على أن يحاول أكتساب أنماط السلوك الماهرة والناضجة .
- وضح حدود متسقة ومستقرة لأشكال السلوك غير المقبولة ، وشرح أسبابها بمحرد
أن يصبح الطفل قادراً على ذلك ، والأصغاء للشكاوى إذا شعر أن الحدود مقيدة
جداً ، وعليك أن تقدم أسباباً أضافية إذا كان لابد من المحافظة على الحدود
الأصلية .
- إظهار أن إنجازات الطفل موضع إعجاب وتقدير .
- التعبير له عن الحب بطريقة مخلصة ودافئة .

ويظهر تحليل بومرند Diana Baumrind عام 1971 أن أساليب التنشئة
الجازمة أو الحاسمة Authoritative والتسلطية Authoritarian والمتسامحة
Permissive تؤدى إلى الكفاءة عند الأطفال . فقد وجدت هذه الباحثة أن أباء
الأطفال الأكفاء كانوا حاسمين وأن كان لديهم ثقة فى قدراتهم كآباء ،
وبالتالى وفروا لأبنائهم نموذجا للكفاءة يقلدوه . وحين بينوا ورسخوا الحدود
لأطفالهم وشرحوا لهم أسبابها شجعوهم على وضع معايير لأنفسهم وعلى أن
يفكروا فى أسباب وجوب أتباع إجراءات معينة . ولما كان هؤلاء الآباء ودودين
وعطوفين ، فإن استجاباتهم الإيجابية قيمت من قبل أطفالهم على أنها أثبات
على السلوك الناضج . أما الآباء التسلطيون فقد مارسوا سلطتهم ومطالبهم
ببراعة ولكن إخفاقهم فى مراعاة وجهة نظر الطفل وقصور صورتهم أدت إلى عدم
الأمن من جانب الطفل والغيظ والاستياء . وأطفال التسلطين قد يعمون ما يطلب
منهم ، ولكن يغلب أن يعملوا هذه مسايرة أو خوفا وليس رغبة فى أكتساب الحب
أو الموافقة . وقد كان الآباء المتسامحون غير منظمين وغير منسقين ، وتنقصهم
الثقة . ويغلب على أطفالهم محاكاه هذا السلوك . وفضلا ً عن ذلك فإن هؤلاء
الآباء لا يطلبون الكثير من أطفالهم ، ولا يثبطون هممهم على السلوك غير
الناضج . وقد تذكر أو تعود إلى هذه الملاحظات عن أساليب التربية الثلاث لا
حين تخطط لتشجيع الكفاءة لدى الأ"فال فحسب ، بل وكذلك حين تفكر فى نوع
المناخ الصفى الذى تأمل فى توفيره .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الصباح
 
 
نور الصباح


عدد الرسائل : 366
البلد : مصر
رقم العضوية : 121
تاريخ التسجيل : 28/04/2011

علم نفس النمو Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم نفس النمو   علم نفس النمو Emptyالإثنين مايو 09, 2011 3:32 am

(2)الصفوف الابتدائيةالخصائص الجسمية :

الأطفال فى هذه الفترة ما يزالون نشطين جداً . وبالتحاقهم
بالمدرسة الابتدائية ، فإنه يطلب منهم متابعة الدراسة إلى حد كبير وهم قعود
، ومن هنا تظهر لديهم عادات تدل على التوتر والعصبية من قبيل قصم الأظافر
ومضغ الأقلام وفتل الشعر والتململ وعدم الأستقرار فى إماكنهم .
وعلينا أن نحدد مقدار أو مستوى الضوضاء والنشاط الذى ينبغى أن يسود
خلال فترات العمل . وبعض المعلمين يصرون على الهدوء التام، وقد يؤدى هذا
إلى إلقاء بعبء كبير على كواهل الأطفال لأنهم سيبذلون جهداً كبيراً
للمحافظة على هدوئهم وليتجنبوا غضب المعلم ، بحيث لا يستطيعون أن يكرسوا
قدرا كبير من جهودهم فى دروسهم ، وغالبية المعلمين تتيح قدر معينا من
الحركة والكلام فى الصف ، ومهما يكن قرارك وما إذا كانت تنتسب إلى الفريق
الأول أو الثانى ، لابد أن تكون على وعى بالنقطة التى يتضاءل فيها عائد عمل
التلاميذ مهما بذلوا من جهد وذلك بسبب القيوم الكثيرة الشديدة أو القيود
القليلة الخفيفة .
ولعلك تستطيع كمعلم أن تقلل من مقدار النشاط المشتت إذا تجنبت
المواقف التى ينبغى أن يمكث الثلاميذ فيها ملتحقين بمكاتبهم لفترات طوية
ولابد أن تكثر من فترات الراحة أو الفسح ، وأن تجعل الأنشطة تتخلل الدروس
نفسها كأن يتيح للتلاميذ أن يذهبو إلى السبورة ،وأن يحضروا أوراقهم إلى
مكتبك فى الصف ، وأن يكتبوا أحيانا فى الهواء بدلا من أن يكتبوا على الورق
وأن يحركوا مكاتبهم لعمل تنظيمات مختلفة تناسب النشاط التعليمى . أكتب فى
كراسة التحضير عن أساليب أخرى لتشجيع تلاميذك على أن يكونوا نشطين خلال
قيامهم بأعمالهم الصفية .
1- ما يزال الأطفال فى الصفوف الابتدائية الأولى فى حاجة إلى فترات للراحة ،
ويطرأ عليهم التعب بسهولة نتيجة للجهود الجسمية والعقلية والتى يبذلونها .
ولذلك فإن عليك كمعلم أن تخصص فى الجدول فترات للأنشطة الهادئة بعد فترات
الأنشطة العنيفة ( على سبيل المثال حصة القصة بعد الفسحة ) وأن تخصص فى
الجدول أنشطة إسترخاء بعد فترات التركيز العقلى ( على سبيل المثال أن تكون
حصص الرسم بعد حصص الهجاء أو الرياضيات ) .
2- ما تزال السيطرة على العضلات الكبيرة أفضل من التآزر الحركى الدقيق ومن
الصعب عغلى كثير من الأطفال وخاصة الأولاد أن يمسكوا بالقلم ويتناولونه
للكتابة به . ومن هنا فمن الضرورى إلا تكلف الأطفال فى الصفوف الثلاث
الأولى بكثير من الكتابة فى وقت واحد . وإذا كانت فترات التدريب طويلة جداً
، فإن مهارتهم قد تتدهور ، وقد ينمى الأطفال اتجاها سالبا نحو الكتابة أو
نحو المدرسة ككل .
واضح أذن أن الطفل فيما يتصل بالنشاط الحركى مت تزال سيطرته على الحركات
الدقيقة كحركات أنامل الأصابع أو ما يشابهها ضعيفة وإن كانت قدرته على
النشاط الحركى القوى العنيف جيدة . ولذلك يجب أن نوجه عنايتنا إلى معونة
الطفل ليتقن الحركات الكبيرة ، وألا نتوقع منه العمل الدقيق الذى يتطلب
مهارة فى الأنامل ودقة فى العمل ، وعندما يبدأ الطفل فى ممارسة القراءة
والكتابة يجب إلا يمارس إلا الخط الكبير غير المتشابك . ومن المعروف أن
الخط النسخ أبسط من الخط الرقعة ، زواياه أقل ، وحروفه أوضح ، ونقطه أوضح
كما أن ممارسة الطفل الصحيحة للحروف المتشابهة تساعد على إجادة والإتقان.
3- لا تتكيف العينان تكيفاً تاماً حتى يصل معظم الأطفال إلى حوالى الثامنة
من أعمارهم . وينتج عن ذلك أن كثير من التلاميذ فى الصف الأول والثانى
الابتدائي قد يجدون صعوبة فى التركيز على الحروف الصغيرة أو الأشياء
الدقيقة فالتميز البصرى أذن فى هذه الفترة لم يبلغ النضج الكافى حيث أن
حوالى 8% من الأطفال دون السابعة مصابون " بطول النظر " وحوالى 2 % مصابون
بقصر النظر أى أن الأطفال فى هذه المرحلة لا يجيدون قراءة الخط المطبوع
الصغير أو العمل بتناول أشياء دقيقة قريبة من أعينهم مدة طويلة من الزمن ,
ولابد أن نتجنب فى هذه المرحلة كمعلمين أن نكلف الطفل بقراءة كثيرة متصلة ,
وأن نكون يقظين وملتفتين للعلامات التى تدل على تعب العينين ( مثل حك
العينين والبربشة ) . وعلينا ان نشجع الأطفال على قراءة الكتب ذات الحروف
الطباعية الكبيرة .
4- ما أن يبلغ الطفل الصفوف العليا من المدرسة الابتدائية حتى يطرد نمو
المهارات العضلية لدية . ويستطيع ان يسيطر على الحركات الدقيقة بأناملة ,
الأمر الذى تتطلبه الكتابة والرسم ودروس الحظ .
وقد دلت البحوث التجريبية على أن الحاسة العضلية تتحسن من سن السابعة الى
سن الثانية عشر , وأن الطفل فى هذة السن الأخيرة يستطيع أن يميز فروقا فى
الوزن نصف ما كان يميزها فى سن السابعة.ودقة الحاسة العضلية عامل هام من
عوامل المهارة اليدوية وهذه الدقة تنمو وتطرد فى هذه المرحلة على وجهة
الخصوص لذلك تجد العناية بها فى هذه المرحلة التعليمية , لأنها تساعد الطفل
فى دراسته لخصائص العالم الخارجى الذى يحيط به وخاصة أنة شغوف بالاتصال
بالأشياء على نحو مباشر يجريها فى الحركة والوزن , والدفع والوضع ..... إلخ
وفى الثانية عشر يستطيع الطفل أن يكتب لمدة طويلة , وتتيح مهارته الحركية
له تعلم العزف على الآلات الموسيقية والأشغال اليدوية والرسم وغير ذلك من
أنواع النشاط التي تحتاج إلى دقة فى الحركة والأداة .
ومن واجبك كمعلم أن تشجع الأطفال على المشاركة الايجابية فى الرسم والتكوين
وعمل النماذج وأعمال الصلصال ......... الخ بطريقة ممتازة لتدرب معظم
المهارات اليدوية النامية لدى الأطفال فى هذه المرحلة . ومن الناحية
التالية يبغى أن تتركز هذه الأنشطة حول الاصالة والابتكار ولا تنصرف لمجرد
النسخ أو تجميع أشياء من أجزاء جاهزة الصنع ,وتستطيع أن تشجع العزف على
الآلات الموسيقية بتخصيص ساعات للهواة وللفرقة الموسيقية بالمدرسة , وبدعوة
بعض التلاميذ ليعزفوا أثناء دروس الموسيقى . وفى كراسة تحضير الدرس سجل
الأنشطة الأخرى التي تود أن تشجع تلاميذك على المشاركة فيها ليستخدموا
مهارات الحركية بطرق مبتكرة .
5- لم يكتمل نمو العظام ، ولذلك فى العظام وأوتار العضلات لا تتحمل الضغط
الشديد والثقيل ، فإذا لاحظت أن الأولاد منغمسين أو مندمجين فى اختبارات
قوية عنيفة ( كأن يلكم الواحد منهم الأخر على الذراع حتى يعجز عن أخذ حقه )
فقد تقترح أن ينتقلا إلى مبارة تتطلب مهارات التآزر أو التوافق الحركى وفى
لعب الفرق شجع التلاميذ على أن يتبادلوا المراكز وخاصة المراكز المنهكة
القوى .
ومن المعروف أنه بسبب ترسبات الأملاح المعدنية المختلفة وخاصة فوسفات
الكالسيوم ، تكون عظام الأطفال فى سن الثانية عشر أقوى من عظام طفل السادسة
ولكنها أسهل فى الكسر ، ويفقد الطفل المتوسط فى سن السادسة أسنانه . ولكنه
ما أن يبلغ الثانية عشرة حتى تكون قد نمت معظم أسنانه الثابتة ويتزايد ضغط
الدم ، ويتناقص معدل النبض بتقدم العمر من السادسة إلى الثانية عشرة ، بل
ويحتاج الطفل إلى طعام أ:ثر ويأكل كمية أ:بر ويصاحب هذا التزايد النسيج
العضلى بما يتناسب معه ، وتنمو قوة الطفل ويبلغ الأولاد من القوة فى سن 11
ضعف ما كانوا عليه فى سن السادسة ويعتمد هذا الحكم على عدد من المقاييس
الجسمية وتتزايد قوة البنات بسرعة خلال هذه الفترة ، على الرغم من بقائهن
أضعف من الأولاد فى جميع الأعمار .
6- تزداد قوة الأولاد وتحملهم كما قلنا ويستمتعون باللعب الخشن بحيث أنهم
كثيراً ما يعرضون أنفسهم للأذى والضرر ، وقد يكون من الأفضل أن تتجاهل
قدراً معقولاً أو معتدلا من اللعب الخشن ، واللكم ودفع الواحد منهم للآخر ،
ما لم تتبين أو ولدين قد تعرضا لأثارة زائدة وأوشكا أن يفقد السيطرة على
نفسيهما ، أو ما لم يؤدى هذا اللعب إلى الأخلال بنظام هذا الصف . وعلى أيه
حال ، فأن رغبة الولد فى إظهار " رجولته " قد تؤدى به وبزملائه إلى أنشطة
خطرة كأيقاف التنفس لمعرفة : الأقوى إحتمالا حتى الأغماء . فى هذه الحالة
إذا أخبرت الأولاد ببساطة ألا يقوموا بهذه الأنواع من النشاط يحتمل أن
ينغمسوا فيها خارج المدرسة ولذلك فمن الأفضل أن تشرح لهم الخطر الكامن فى
هذه الأفعال حيث أنها قد تؤدى إلى عاهة مستديمة أو تلف فى المخ وأن تشجع
الأولاد أن يظهروا حيويتهم فى الألعاب الرياضية المألوفة .
7- تحدث زيادة مفاجئة فى نمو معظم البنات وعند الأولاد ذوى النضج المبكر .
والبنات من سن الحادية عشرة والرابعة عشرة فى المتوسط أطول القامة . من
الأولاد الذين فى نفس السن وأثقل وزنا ، وبسبب هذه السرعة فى النمو عند
الكثير من الأطفال فى نهاية المرحلة الابتدائية ، وخاصة لدى البنات دوى
النضج المبكر فإن الأطفال يتفاوتون تفاوتاُ كبيراً فى طول القامة ، وفى وزن
الجسم وخاصة فى التعليم المشترك . وإذا اعتقدت بنت سريعة النمو والنضج أن
المرأة المثالية هى الصغيرة الحجم فإن ذلك النمو قد يقلقها . وعلى المعلم
أو المعلمة أن توضح أن معظم البنات الأخريات ومعظم الأولاد ستزداد قامتهم
وأجسامهم وزناً ومثل هذا التنوير يخفف من التوتر الناشىء عن إدراك الفروق
الواضحة بين التلاميذ فى الخصائص الجسمية .
8- تصل كثير من البنات إلى البلوغ ، وتبدأ الخصائص الثانوية للجنس فى
الظهور ، ويشيع وخاصة بعض البنات الاهتمام بموضوع الجنس وحب الاستطلاع ،
ومتوسط عمر البنات عند البلوغ بين الثانية عشرة والثالثة عشرة ، ويتراوح
المدى بين 9 سنوات و16 سنة . أما بالنسبة للأولاد فإن متوسط عمر
البلوغ هو 14 سنة ، والمدى من 11 سنة إلى 18 سنة . وبداية هذه الفترة
ونهايتها يخضع لعوامل تتصل بالبيئة التى يعيش فيها الطفل ، وطبيعة الطفل
نفسه ، فقد أتضح أن الأولاد الذين يعيشون فى الريف يبلغون مبكرين عن الذين
يعيشون فى المدن بنصف عام ، وعوامل البيئة تؤثر فى سرعة البلوغ وبطئه ،
كالتغذية والجو ، وقد أتضح أن الشعوب التى تسكن شمال غرب أوربا أبطأ من
سكان منطقة البحر الأبيض المتوسط فى النضج الجنسى .
ويتصل بعملية البلوغ الجنسى ناحيتان الأولى هى الخصائص الجنسية الأولية
والثانية هى الخصائص الجنسية الثانوية . أما الأولى فيقصد بها أعضاء الجهاز
التناسلى تكون صغيرة الحجم فى فترة الطفولة وتعجز عن القيام بوظيفتها أى
إفراز الحيوانات المنوية والبويضات . وعندما تحل مرحلة البلوغ يطرأ على هذه
الأعضاء تغير فى الحجم والقدرة على الإفراز اللازم لعملية الإخصاب . أما
الخصائص الجنسية الثانوية فتتلخص فيما يأتى : تطرأ تغيرات ظاهرة على الفتاة
استدارة المنطقة التى تعلو الفخذ وبروز الثديين وكبر الأرداف فجأة . ولذلك
فهى تخجل أثناء اللعب وقد تحاول إنقاص وزنها . كما تظهر بعض الشعيرات على
الشفة العليا والذقن والساقين مما يدفعها إلى إطالة النظر فى المرآة والعمل
على إزالة الشعيرات ويطرأ على أنفها كبر ، وعلى يديها وقدميها زيادة فى
الحجم وقد تشعرها هذه الزيادات بالحرج فترتدى أحذية صغيرة لإخفائها .
أما عند الفتى فيظهر شعر فى الذقن وفوق الشفة العليا وتحت الإبط وفوق
العانة . ويتضخم صوته مما يجعله يخجل من القراءة الجهرية فى الصف . ولما
كان النضج الجنسى يتضمن توافقات بيولوجية وسيكولوجية كبيرة ، فإن الأطفال
يهتمون به ويبدو عليهم الرغبة الشديدة فى استطلاعه ، ويبدو أن تزويد
الأطفال بإجابات غير انفعالية وصحيحة لأسئلتهم التى تتعلق بالجنس أمر مرغوب
فيه . غير أنك كمعلم ينبغى أن تتعرف على سياسة المدرسة التى تعمل فيها
فيما يخص التربية الجنسية . ذلك أن بعض المناطق التعليمية تمنع مناقشة هذا
الموضوع سواء فى مناهجها التعليمية أو حتى على أساس غير نظامى أو غير رسمى .

أضف إلى ذلك أن كثير من المعلمين يشعرون بعدم الارتياح فى توجيه مناقشة حول
هذا الموضوع . فى هذه المرحلة يمكن الاستعانة بطيبب أو طبيبة حسب جنس
التلاميذ لمناقشة الموضوع ، وهناك أفلام جيدة تربوياً تعالج الموضع فى إطار
سليم كدرس التكاثر فى علم الأحياء ، وفى بعض دروس الدين .

الخصائص الاجتماعية :
1- عند هذا المستوى من النمو يصبح الأطفال أكثر تخيراً وأنتقاء
لأصدقائهم ويزداد احتمال أن يكون لكل منهم علاقات التلميذ بزملائه . ولكى
تقدم المعونة لمن يواجه منهم صعوبة فى تكوين علاقة ود وصداقة مع الآخرين .
وعليك أيضا أن تكون يقظاً حتى تتجنب المشاجرات التى تتعدى الحدود المعقولة .
2- والأطفال فى هذه المرحلة العمرية يحبون الألعاب المنظمة فى جماعات صغية
ولكنهم يهتمون اهتماما زائداً بالقواعد أو يتحمسون تحمساً زائداً لروح
الفريق . ولابد أن تكون على وعى بأنه وفقا لنظرية بياجية ما يزال أطفال هذا
العمر من أصحاب الخلق الواقعى يجدون أن من الصعب عليهم أن يفهموا كيف يمكن
تطويع القواعد لمقتضيات المواقف ولماذا ؟ وحين تقسم تلاميذ الصف إلى
فريقين سوف تعجب لمقدار التنافس الذى يحدث ومستوى الجلبة والضجيج الذى
يتولد ومن الطرق للتخفيف من هذا ، توجيه الأطفال إلى أن اللعب متعة . وكذلك
أن نعيد تشكيل الفريقين بكثرة بحيث ينتقل أعضاء كل فريق إلى الأخر .وعليك
أن تسجل فى كراسة التحضير ألعاب الفرق التى لا تتسم بتنافس شديد .
3- وما تزال المشاحنات فى هذه الفترة العمرية كثيرة . وتستخدم الكلمات
بتكرار أكثر من العدوان الجسمى ، ولكن ما يزال كثير من الأولاد ينغمسون فى
الملاكمة والمصارعة ودف بعضهم بعضا . وينبغى على المعلمين أن يتوقعوا معارك
بين الحين والأخر. ولكن إذا أتضح لك أن أطفالاً أو زوجا من الأطفال ينغمس
فى معركة طويلة ينبغى عليك أن تحاول تحقيق وئام وصلح بينهما . وإذا كنت
تستطيع أن تكشف سبب العداوة فإن ذلك أفضل حتى تخفف منها .
وإذا أتضح لك من خبرتك أو كنت تستطيع أن تفكر فى بعض الأساليب الفعالة لفض
المشاحنات والمشاجرات أو لترتيب الأشياء بحيث تنتهى مثل هذه المشاحنات دون
إصابات أو على نحو مرض ، فإنك تستطيع أن تسجلها فى كراسة التحضير وللتأمل
على سبيل المثال ، ما هو شعورك إذا كان لديك طفلان يريدان أن بينها
خلافاتهما من خلال حلبة ملاكمة مع الالتزام بقواعدها واستخدام القفازات
المحشوة اللينة ؟
4- يصبح التنافس بين الأطفال فى هذه الفترة ملحوظا ، والتباهى أو التفاخر
شائعاً . والتنافس جانب لا يمكن تجنبه فى المدرسة والحياة وهو شكل مرغوب
فيه من أشكال الدافعية . غير أن للتنافس كثيراً من النتائج السلبية ، ومن
هنا فإن عليك كمعلم أن تبذل قصارى جهدك لكى تقلل من المقارنات المعلنة بين
الأطفال . وأن تشجعهم على أن يتنافسوا مع أنفسهم بدلاً من أن يتنافسوا مع
الأخرين . وإذا شعر الطفل أنه ينافس نفسه بنجاح فقد لا يحتاج إلى أن يلجأ
إلى التباهى والتفاخر ليقنع نفسه ويقنع غيره بأنه متفوق أو ممتاز ، ولكنك
إذا واجهت ظاهرة التباعى هذه فى الألعاب على سبيل المثال فشجع الأطفال على
أن يتعلموا الروح الراضية سواء فازوا أو هزموا .
5- تلعب جماعة الأتراب دوراً هاما فى تطبيع الطفل إجتماعيا . ويجىء ترتيبها
من حيث التأثير بعد الوالدين ، وتتوقف طريقة استجابة الطفل لما تمثله
جماعة الأتراب من قوى اجتماعية إلى حد ما على الخصائص الأساسية لشخصيته تلك
التى تشكلت فى سن ما قبل المدرسة كما تتوقف أيضاً على طبيعة جماعة الأتراب
التى يتفاعل معها وينتمى إليها .
وتزود جماعة الأتراب الطفل بمعايير لسلوكه ، وبأدوار يقوم بأدائها وبنماذج
يتوحد معها ، إنها توجه إنماطه السلوكية إيجابيا وسلبياً ، وهى مصدر
للمعلومات والأثارة والدعم الأنفعالى . وتقبل الجماعة للطفل ورضاها عنه نوع
من التعزيز يدفع الطفل إلى مسايرة الجماعة حتى يحظى بتقبلها له . ومتى
أنضم الطفل إلى جماعة فإنه تظهر لديه حاجات جديدة ويكتسب حوافز ثانوية
جديدة ويصبح تقبل أترابه له وموافقتهم على سلوكه غاية فى ذاتها بعد أن كان
وسيلة . ويزود الأتراب الطفل بهوية أو ذاتية جديدة خاصة به لم يعد عبد الله
بن عمر بل أصبح عبد الله وهو يتخذ هويات متتابعة تقدمها له الجماعة هوية
فى الصف الأول الابتدائي ، وهوية فى جماعة الأشبال ... إلخ . عبر سنوات
المراسلة المختلفة . والجماعات تدعم سلوك الطفل الاستقلالى لأنه حين يعمل
شيئا يقول أنا أعمل كما يعمل الأطفال الآخرون .

وإلى جانب هذه العوامل الإيجابية التى تربط بتماسك الجماعة ، لابد
أن نذكر أيضا أن جماعة الأتراب بحكم بنينها تلفظ بعض الأفراد وتبعدهم :
فثمة أطفال يرغبون فى الانضمام إلى جماعات اللعب ويصعب تحقيق مطلبهم لأن
عدد أفرادها محدود وهى تسبعد الأطفال الأقل نشاطاً ، أو الأقل ذكاء ، أو
غير المبالين فى حركاتهم وأنماط سلوكهم أو المتصفين بالتعالى أو بالتمرد
... إلخ .
وتختلف جماعات الأتراب عن الجماعات الأسرية أو الجماعات التى ينظمها
الراشدون لأنها تضم أفراداً من عمر واحد يتركز أهتمامهم حول موضوع مؤقت ،
ويتغير تركيب هذه الجماعة ويشعر الطفل فى هذه الجماعة أنه يسلك سلوكاً
مشابها للآخرين .
وميل الطفل لتبنى قيم الجماعة واتجاهاتها قد يؤدى به إلى أنماط سلوكية
خاطئة ( من التجارب التى توضح هذه النقطة تجربة أش على الخطوط فقد كشف عن
أن الطفل رغبة فى مسايرة الجماعة يعلن أحكاما خاطئة للمجرب ) .
ومن العوامل التى تؤثر فى تقبل الأتراب للطفل وفى مكانته بينهم
خصائص الشخصية ، حيث دلت دراسات نفسية استخدمت السوسيوجرام وأختبار الشهرة
على أن الاستجابات والخصائص التى تكافأ بالتقبل الأجتماعى فى جماعة الأتراب
تختلف بإختلاف السن والجنس ، وأن الخصائص التى تساير التعميمات الثقافية
الجامدة للسلوك المذكر كالمهارات الرياضية والقيادة والمخاطرة أو الجرأة
ترتبط بالشهرة . بينما ترتبط الخصائص الأنثوية النمطية كالدماثة والرقة
وعدم تأكيد الذات بالشهرة والشعبية عند البنات . ويمكن أن نستنتج من هذا أن
الشهرة العالية مع الأتراب تعتمد جزئياً على الأقل على مسايرة الطفل لنمطه
الجنسى أى على ملاءمة سلوكه لدوره كذكر أو أنثى .
وترتبط مكانة الطفل بين جماعة الأتراب بالطبقة الاجتماعية التى
ينتمى إليها وذلك أن لخلفية الطفل الاجتماعية أهمية فى تحدي شهرته بين
أترابه . وقد دلت دراسات سوسيومترية على أن أطفال الطبقة الدنيا يغلب أن
يكونوا ذوى شهرة اجتماعية منخفضة بين أترابهم من جميع الطبقات الاجتماعية
بل وحتى فى طبقتهم نفسها ، وقد تكون العوامل الاقتصادية مسئولة جزيئاً عن
الموقف الاجتماعي السىء نسبياً الذى يواجه أبناء الطبقة الدنيا ، لأن الفقر
معناه بالنسبة لهم صحة سيئة وملابس رديئة ومشاركة ضئيلة فى النشاط
الاجتماعي. وهذه العوامل تعوق تكوين علاقات ثابتة مع الأتراب كما تعوق تعلم
الطفل من هذه الطبقة للأساليب الاجتماعية الجيدة ، كما أن هذه العوامل قد
تشعر هؤلاء الأطفال بالنقص وعدم الكفاية مما يؤدى إلى إنسحابهم من
التفاعلات الاجتماعية .
تعتمد مكانة الطفل الاجتماعية ارتفاعاً وانخفاضا بدرجة كبيرة على
المركز الاجتماعي لأسرته وعلى خصائص شخصيته التى تضرب بجذورها إلى مراحل
النمو المبكرة ويستجيب الأطفال الآخرون غراء بما يتفق مع شهرته الاجتماعية
فالسمة القيادية والاجتماعية للطفل ذى المكانة العالية وما يصدر عنه من
استجابات تلقى تعزيزاً وتدعيماً من قبل أترابه الذين يتبعونه ويقلدون سلوكه
. ومن ثم تحظى استجاباته التى ساعدته فى الأساس على تحقيق الشهرة
والشعبية بالتعزيز ويزداد أحتمال تكرارها ، ويزداد تبعاً لذلك محافظته على
مكانته . وتدل الدراسات السوسيومترية على أن أطفال المدراس يميلون إلى
الأحتفاظ بمراكزهم النسبية من حيث الشهرة من سنة إلى السنة التى تليها .
وهناك فروق عمرية تتصل بجاذبية أحد الجنسين للآخر فى جماعة الأتراب
فالأطفال فى سن قبل المدرسة لا يهتمون بجنس من يلعبون معهم ، ومع تقدمهم فى
العمر يتجهون إلى أختيار أترابهم من جنسهم.
ويختار الطفل أصدقائه المقربين من بين أترابه . ويحتمل أن يكونوا هم
" أهم معلميه " لهم أعظم الأثار فى نمو سلوكه . ومن هنا تظهر أهمية فهمنا
لطريقة اختيارهم ، وعندما يطلب من الأطفال فى سن المدرسة أن يحدودا أفضل
أصدقائهم فإنهم يختارون دائما أطفال من نفس جنسهم ، والتباعد بين الجنسين
يميز هذه المرحلة . ومن المحددات الموقفية الهامة أيضا فى أختيار الأصدقاء
القرب المكانى ، ولذلك يغلب أن يختار الطفل أصدقائه من بين زملائه فى الصف
الدراسى .
كما أن خصائص الشخصية تلعب دوراً هاماً فى تكوين الصداقات
فالأطفال يميلون إلى إختيار أصدقائهم من بين من يشبهونهم فى النضج
الاجتماعي والعمر الزمنى وطول القامة والذكاء والتشابه فى السمات غير
العقلية أكثر أهمية فى الصداقة من التشابه فى الذكاء . والصداقة فى هذا
السن غير مستقرة تماما ، فبعد عدة أسابيع قليلة من جمع بيانات أحدى
الدراسات أتضح أن 60 % من أفراد العينة نبذوا طفلاً على الأقل ممن وقعوا
عليهم أختيارهم كأصدقاء من قبل . ولعل التذبذب السريع فى الميول فى هذا
السن هو سبب عدم سبات الصداقة . ومع تقدم العمر تتبلور الميول وتصبح
الصداقة أكثر بقاء وأستقرار .
والطفل الذى ينشىء فى جو منزلى غير عطوف يشعر بعدم الأمن وتصبح
حاجاته للتقبل والعطف من قبل الآخرين قوية وشديدة . فإذا قبلت جماعة الطفل
عضوا فيها تمسك يقيمهم بشغف وحماس .
وإذا أخفق الأبن فى التوحد مع أبيه ، أو أخفقت البنت فى التوحد مع أمها
خلال السنوات من الثالثة إلى السادسة ، فإنه يبحث عن نماذج بديلة يتوحد
معها وقد يجد ذلك فى قادة جماعات الأتراب .

6- تصبح ميول الأولاد والبنات أكثر تباعداً ، وقد تظهر خلافات بين الجنسين
فى التعليم المشترك فيتبادلون السباب ، ويتنافسون فى الأعمال المدرسية
والألعاب . وهذه العداوة يحتمل أن تنشأ من إدارك الأطفال للتمايز والأختلاف
بين دور البنت ودور الولد فى مجتمعنا . ويميل الأولاد إلى أن ينتقدوا
البنات لفترة أطول ، ولعل ذلك يرجع إلى تفوقهن أكاديمياً وجسميا وينبغى أن
نتجنب التنافس وعمل سباقات بين البنين والبنات .
ولقد أقترح تايلر على أساس دراسته لمائتين من أطفال الصف الرابع
الابتدائى أن معظم ميول الطفل المتوسط تتحدد وفقا لملاءمتها لجنسه ، أى على
أساس ملاءمة الميل أو عدم ملاءمته للتعليم الثقافى السائد لنشاط الذكر أو
الأنثى . فيتجه الأولاد إلى الألعاب الرياضية والمهارات الحركية العنيفة
والميكانيكا والعلوم . بينما تتجه البنات إلى الأهتمام بالملابس ، والطبخ
وتنسيق الزهور والموسيقى والفن . وفضلاً عن ذلك فأن الأطفال يرفضون على نحو
قاطع نشاطات الجنس الآخر وأهدافه وميوله التى تميزه فترفض البنات مثلاً
الألعاب الرياضية ، كما يرفض الأولاد الطبخ ، ويبدوا أن ملاءمة النشاط
للجنس ذات تأثير هام فى توجيه ميول الطفل وأهدافه واختياره المهنى.
7- فى هذه المرحلة تشيع عبادة الأبطال ، ويكون المعلم أو المعلمة أحياناً
هو البطل موضع الإعجاب . وكثيراً ما يكون لاعب كرة قدم ، أو ممثلاً
تليفزيونياً أو ممثلا سينمائياً . وقد يكون من الضرورى بالنسبة لك أحياناً
أن تخفف بلطف هذه الظاهرة عند التلميذ . ولكن مهما كان قرارك . تذكر أن
الطفل قد يكون جادا تماما ومفتونا أو مسحوراً بحي ثان معالجتك لمثل هذا
النمط السلوكى بالسخرية والدعابة يكون عملا تجانبه الحكمة .
8- ما بين سن السادسة والثانية عشر يؤدى نمو الاستدلال عن العلاقات بين
الأشخاص إلى فهم أكبر لمشاعر الآخرين . وتدل مراحل النمو على أن الأطفال فى
المدرسة الابتدائية يدركون على نحو تدريجى أن أفعال الشخص الظاهرة أو
كلماته لا تعكس دائماً مشاعره الداخلية . وبالتدريج يدركون أن استجابة
الشخص للموقف الضاغط قد تتخذ صوراً عددية . وفى نهاية هذه المرحلة وأثناء
المراهقة على نحو أوضح يصبح الفرد قادراً عى اتخاذ موقف متباعد ونظرة
تخليلية لسلوكه وسلوك الأخرين . أن حساسية الطفل للعلاقات مع الآخرين ونضجه
له تأثير على تلك العلاقات.
ويستطيع المدرسون أن يساعدوا الأطفال الذين لا يتقنون مهارات القيام
بأدوارهم مثل أقرانهم وذلك بمساعدتهم على أن يكونوا أكثر حساسية لمشاعر
الآخرين . وإذا كان الطفل فى الثامنة من عمره ما يزال يتصرف عند المستوى
المتمركز حول الذات ، فقد يخفق فى تفسير سلوك زملائه فى الصف ويصبح منعزلاً
إجتماعياً . ويمكن الأفادة فى هذا المجال من أساليب المناقشة
التى تستخدم بطريقة غير رسمية ، فإذا رأيت طفلاً يستجيب بعنف لفظى أو جسمى
لطفل أخر أرتطم به . فقد تقول له " أنت تعرف أن الناس لا يرتطم بعضهم ببعض
عن قصد دائما . وما لم تكن متأكداً تماماً أن شخصا أضر بك عن قصد ، قد يكون
من الأفضل للجميع ألا تتوقف عند الموضوع وأن تأخذا ببساطه .
وثمة نقطة عن التنمية الخلقية تتصل بالتعليم أو أشراف الكبار فى مقابل
تفاعلات الأتراب ، لقد توصل بياجيه إلى أن الأطفال ما بين سن العاشرة
والثانية عشر يكونون فى مرحلة تعدى حدود الواقعية الخلقية Moral Realism ،
ويجدون متعة فى صياغة قواعدهم.
ويبدو أن كثيرا من الأطفال فى هذه المرحلة من النمو الخلقى معجبون
باكتشاف قدرتهم على صياغة القواعد ،ويفضلون تجاهل النظم التى يفرضها الكبار
مستبدلين بها قواعدهم . وقد يكون من المفيد تشجيعهم فى هذة المرحلة على
وضع القواعد ، ويغلب ان يفهموا أو يقلبوا القواعد التى تستند الى اتفاق
مشترك مع الأتراب .وقد يشجعوا على الانتقال من التفكير الخلقى على مستوى
الأعراف إلى ما بعد الاعراف ( مستوى الأعراف يؤكد على طاعة السلطة الخارجية
،وما بعد الأعراف يؤكد على صياغة قواعد بالاتفاق المشترك) . وينبغى أن
نشير إلى نقطتين بالنسبة لهذا الاقتراح لتشجيع المشاركة .الاولى ،أن معظم
الأطفال فى الصفوف العليا من المدرسة الابتدائية ما يزالون فى مرحلة
التفكير العيانى ، وقد يشعرون أنهم مضطرون الى عمل قاعدة منفصلة لكل ظرف .
ولقد واجة مدرس فى الصف الخامس الابتدائي هذه المشكلة حين طلب من تلاميذه
ان يقترحوا قواعد للعمل بالصف ، ففى خلال عشرين دقيقة اقترحوا أكثر من
خمسين قاعدة وسبب ذلك اقتراح قواعد منفصلة لنمط سلوكى واحد له تباناتة ،
مثال : لا تجرى فى الردهة، لا تجرى فى الصف تجرى وأنت ذاهب إلى دورة المياه
..الخ.
والنقطة الثانية التى تقتضى الحذر حين نشجع التلاميذ على المشاركة فى وضع
القواعد رغبتهم فى كيفية عقاب الخارجين على القواعد. وتدل الخبرة والبحوث
على سيل الأطفال الى القسوة الشديدة. ان العقوبات التى يقترحها الاطفال
تبلغ من القسوة حدا تدفع المدرسين إلى اقتراح عقوبات معتدلة.
إن أكثر الطرق فاعلية لمساعدة الأطفال على تنمية إحساس خلقى صحى ،لا يكون
بان نحثهم على ترديد القواعد الخلقية لفظيا كالأناشيد ، وانما يكون من خلال
مناقشة أفعال معينة حال حدوثها وعلى سبيل المثال ، قد تدور مناقشة صفية
عن الأسباب التى تحمل طفلا يعثر على كيس للنقود على ان يعيده لصاحبة ، وهذا
أفضل من أن تجعل جميع التلاميذ يرددون شعارا مثل الأمانة أفضل سياسية
وبالإضافة إلى ذلك، قد تقرا قصصا أو تصف موافقة بقصد مناقشة المشكلات
الأخلاقية التى يواجهها الأطفال ، وفى النهاية ،عندما تدرس للتلاميذ
وتعلمهم ان يراعوا الآخرين وان يشاركوهم وجدانيا ،وان يكونوا امناء
وعدولا، لابد ان تكون قدرة لهم ، لان القدرة أو المثال لة اثر على الأطفال .

الخصائص الانفعالية :-
1-يصبح الأطفال فى هذا العمر يقظين ومتنبهين لمشاعر الآخرين
وهذا يتيح لهم لسوء الحظ ان يؤذوا الآخرين إيذاء عميقا ،وذلك بالهجوم على
النقطة الحساسة او نقطة الضعف عندهم دون أن يدركوا مدى ما يؤدى اليه هذا
الهجوم من تدمير ، ويحدث أحيانا أن تؤدى السخرية من طفل معين إلى ان يصبح
موضوعا تتسلى بة الجماعة ، وإذا استطعت كمعلم إن تقنع قادة هذه العملية
بطريقة شخصية بترك هذه فأنك تستطيع أن تمنع تصعيد هذه الحملة ولهذا تأثيره
الكبير الفارق فى الطريقة التى تشعر بها ضحية السخرية عن المدرسة ، وتستطيع
ان- تقوم بعملية تفكير مسبقة لكى تبحث عن منار أو طريقة تتبع مع التلميذ
الذى يستخدم العدوان اللفظى للتخلص من مشاعر الكراهية .
2- تلاميذ الصفوف الابتدائية الاولى حساسون للنقد وللسخرية كما انهم يجدون
صعوبة فى التوافق مع الإخفاق , إنهم فى حاجة إلى متكرر وتقدير . وذلك لان
الأطفال يميلون إلى الإعجاب بمعلميهم على نحو مبالغ فية ، ومن هنا فأن
النقد يسحقهم ، وعليك كمعلم أن تزود الأطفال فى هذه السن بتعزيز متكرر على
قدر الامكان غير الاكاديمية . ومن المهم ان تتجنب السخرية والتنحر غير
محسوب .
3- وكثير من الأطفال فى هذا المستوى شغوفون يريدون إدخال السرور على المعلم
وهم يحبون ان يساعدوا ، وهم يستمتعون بالمسؤولية ، ويريدون ان يتقنوا
ويجيدوا فى عملهم المدرسى ، والأسلوب المعروف فى إشباع الرغبة أو النزعة
إلى المساعدة أن توزع الأعمال على الأطفال ( على سبيل المثال ، من ينظف
السبورة من يفرغ سلة المهملات ،من يوزع الأوراق ) على أساس دورى وتبادل . (
هل تذكر ، على سبيل المثال اى أعمال معينة استمعت بها كتلميذ ).
أم أنك تتفق مع بعض النقاد لهذه الممارسة ، وتشعر ان اى عمل يؤدى من
قبل الطفل بقصد إحراز تقبل الراشد غير مرغوب فية ، بمعنى ان الراشد يستخدم
الحب ، كوسيلة لممارسة الطفل ، وإذا لم تكن تستخدم بعض علامات الحب ،
كالابتسامة ، والتربية على الظهر ، والكلمة العطوفة ، فما نوع التعزيز الذى
ينبغى ان تستخدمه ؟
4-ان الصراع بين مدير الجماعة وقواعد الراشدين قد يخلق مشكلات بما فى ذلك
جناح الإحداث ، فاذا ضبطت الصف بأسلوب متسق منصف وكنت حازما فى معالجة ما
يمكن ان يحدث من خلاف بين التلاميذ ، فأ ن يمكن ان تتجنب الصراع بين معايير
السلوك ، ويمكن ان يحث التلاميذ وتشجعهم على ان يقترحوا قواعد للإبعاد من
الصف
وإذا نشأت مشكلات حادة على الرغم من جهودك، قد يساعدك أن تعرف أن تواريخ
الحالات ودراستها كشفت على ان الجانحين كثيرا ما يرتكبون أول مخالفتهم فى
هذا السن ، وان الدوافع الشائعة لهذه المخالفات رغبة الفرد فى أن يجد تقبلا
من جماعة الأتراب ، ويمكن القول من الناحية النظرية ان تقدير الطفل فى
الصف وتقبلة قد يشجع هذه الحاجة الأمر الذى لا يجعله يتصرف فى الموضوع
تصرفا منحرفا . وعلى الرغم من تحديد الجناح عند منبتة ليس بالأمر السهل ،
إلا انك ينبغى على الأقل أن تجرب هذا الأسلوب .
5-تكون الاضطرابات السلوكية فى قمتها فى الصفوف الأخيرة من المدرسة
الابتدائية ،ولكن معظم الأطفال يجدون طريقهم الى التكيف والبنون اكثر
مشكلات من البنات وتفسر هذه الظاهرة فى ضوء الضغوط الأكاديمية والأسرية
والاجتماعية ومشكلات النمو النفسى الاجتماعي والتفاوت فى التسامح مع السلوك
عند الأطفال من الراشدين . ان التلاميذ فى هذه الفترة قد بلغوا من النضج
العقلى والحساسية حدا يجعلهم يدركون الصراعات والضغوط ولكنهم لم يبلغوا بعد
حدا من الاستقلال يمكنهم من مواجهتها بكفاءة معتمدين على أنفسهم .هذا فضلا
عن أن معظم الأطفال فى هذه الفترة يخبرون قفزة فى النمو وكثير منهم يصلون
إلى البلوغ الجنسى .
ومن المشكلات الشائعة التى كشفت عنها البحوث فى هذه المرحلة ، ويغلب ان
تنتشر بين البنين الغيرة ، والنشاط الزائد ، والحاجة الى الاهتمام
والانتباه ، والتنافس ، والكذب ، والأنانية ، والنوبات المزاجية والسرقة ،
ويغلب على البنات الخجل ، والحساسية الزائدة والتذبذب الانفعالي.
وعلى المعلمين والآباء ان يوفرا للأبناء بيئة مستقرة ، وان يقللوا الضغوط
التى يتعرضون لها الى حده الأدنى ، وان يوفروا لهم الدعم والتقبل وان
يتيحوا لهم الحرية لكى يتوصلوا إلى المواءمة بين العوامل المتعارضة.

الخصائص المعرفية:
1- يمكن القول بصفة عامة ان تلاميذ الصفوف الابتدائية الاولى
شغفون جدا بالتعليم . ومن أفضل الأشياء فى تدريس هذه الصفوف ان تتوافر
دافعية للتلاميذ منبثقة من داخل الأنشطة ومشكلة المعلم كيف يستخدم هذا
ليفيد منة على اكبر نحو ؟
2- والأطفال فى هذا السن يحبون الكلام ، ويميلون إلى ان تتاح لهم فرص أكثر
للكلام والكتابة . وهم شغفون بالتسميع سواء عرفوا الجواب الصحيح ام لم
يعرفوه.
وقد يجد معلم المدرسة الثانوية صعوبة فى إثارة مشاركة التلاميذ الا إرادية
فى النشاط ، ولكن معلم المدرسة الابتدائية لا يواجه هذه الصعوبه . ويغلب ان
تكون المشكلة هنا هى ضبط المشاركة بحيث يعبر الأطفال عن أنفسهم حين يطلب
منهم ذلك ، ولابد ان يذكر المعلم الأطفال مرارا بان يتحدث كل منهم فى دورة ،
وان يجيدوا الإصغاء عندما يتحدث إليهم احد . وإذا نجحت فى هذا المجال ، قد
تشعر بالضيق قليلا حين تتبين أم طفلا بعد إن رفع يده وحركها بعنف حتى
تلتغت إليه ، كثيرا ما يدلى بإجابة خاطئة تماما، وقد تريد ان تصوغ بعض
الجمل التى تعبر تعبيرا رقيقا أو فكها يدل على ان الإجابة خاطئة أو لا
علاقة لها بالسؤال، وإذا فكرت فى بعض هذه العبارات الآن، فلتسجلها فى كراسة
التحضير.
وثمة سبب أخر لاتهامات تلاميذ الصف الثانى التى لا ترتبط أو لا تتصل
بالحديث السابق وهو رغبتهم القوية فى التسميع . اى أن يقول شيئا لا يتصل
بما قاله المتحدث السابق وهو يعنى أن الخجل لم يدخل فى اعتباره الموضوع
المطروح . وقد يعنى ايضا انة قد رفع يدة منذ خمس دقائق مضت كان ما سيقوله
له صلة بالموضوع المطروح ومد يده له ، ولكن المعلم قد التفت إلى تلاميذ
آخرين أولا ثم ابتعد بالمناقشة عن النقطة الأصلية . ومثل هذا الحديث يترك
المتحدث أمام ثلاثة اختبارات :
(أ‌) يستطيع أن يقول لا تلينى بالا .
(ب‌) يستطيع أن يفعل ما عدة وان يبذل جهدا ليقول شيئا آخر يتصل بالنقطة التى يتحدث عنها من سبقة مباشرة.
(جـ) ويستطيع ان يمضى قدما ويقول الكلام الذى انفق الدقائق الخمس الماضية فى اعداده.
وتبين نتائج هذه الدراسة ان التلاميذ الأكبر سنا يلجأ ون إلى البديل الأول
والثانى . ولكن يمكن القول بان البديل الثالث لة ميزة ملحوظة فإذا أصررت
على أن كل ما يقال فى الصف من قبل الأطفال لابد ان يكون استمرارا منطقيا
لما قيل من قبل بذلك تساعد على الاجتهاد العقلى او تعوقه ؟ وفى الوقت الذى
تكفى فيه فى كيفية معالجة الملاحظات والتعليقات غير الملائمة, فلتنظر فى
مضامين وأهمية البدائل الثلاث المتاحة أمام الطفل .

3- كثير من الأطفال بعد اكتشافهم لقوة الكلمات يجربون اللغة البذيئة او
السوقية وهم يعرفون أن الآخرين يستجيبون لها بانفعال ، ولو إنهم لا يفهمون
سبب ذلك على وجه الدقة .
ويحتمل ان تكون استجابتك الاولى للغة المبتذلة هى أن تتجاهلها على أمل ان
الطفل أو الأطفال سوف يتخلون عنها بسبب نقص التعزيز. ولكن هذا التجاهل قد
لا يحقق هذا الهدف ،ومن هنا تتحدث مع الأطفال الأقوى تأثيرا فى المجموعة
لكى يتجنبوا هذا السلوك ، ومن الطرق الفعالة ان تقرر بصراحة أن مثل هذه
الكلمات بذيئة وسماعها عمل غير سار وعلينا إلا نستخدمها : وهذه الطريقة قد
تعفيك وتريحك من بيان أسباب عدم تقبلها الأمر الذى قد يوقعك فى المتاعب .
وعلى سبيل المثال فلننظر فيما يمكن ان يتأدى اليه التفاعل بينك وبين احد
الأطفال فى هذه النقطة . كأن تخبره بأن استخدام هذه الألفاظ شقاوة وان
الناس الذين يستخدمون هذه الكلمات ليسوا مهذبين ، فيعلن الطفل ان امة وأباه
يستخدمانها . وإذا كانت لديك مقترحات أخرى عن طرق معالجة اللغة المتقالة
فلتسجلها فى كراسة تحضيرك.
4-تبدأ مفاهيم الصواب والخطأ فى النمو عادة فيما بأفعال نوعية معينة وتعمم
بالتدريج . ويظهر الميل الى النميمة أزاء تصرفات الآخرين ويبدوا ان هذا (
دراسة هارتشورن وماى 1928) ان أفضل طريقة لمساعدة الأطفال عند هذا المستوى
لكى يكسبوا فهما أ شمل للأخلاق هو ان تناقش أفعالا معينة حال وقوعها ، وان
تشجع التلاميذ على أن يفكروا لماذا يكون سلوك معين خيرا أو شريرا ويبدوا
أن لترديد الوصايا او القواعد الخلقية تأثيرا ضئيلا، طالما أن الأطفال
الصغار لا يستطيعون أن يطبقو المفاهيم المجردة ، بل أنهم كثيرا مالا يفهمون
حتى الكلمات.
ومن الأمور البالغة الأهمية ان تسلك سلوكا متسقا غير متناقض وان العمرى
مازالوا فى مرحلة الواقعية الخلقية ، ويجدون صعوبة فى فهم الدقائق التى
تتضمنها المواقف المختلفة . وإذا تضايق بعض التلاميذ مما يبدوا غير متسق
فقد تحاول ان تبرز الظرف أو الملابسة التى جعلت تعديل القواعد أمرا ضروريا.

أن ذوى الأخلاق الواقعية يفكرون تكفيرا جامدا ، ويجدون صعوبة فى فهم
وجود ظروف مخففة ، والتلاميذ الأكبر سنا اقدر على فهم انه يلزم أحيانا أن
تفسر القواعد للتلاؤم مع المواقف الخاصة ، وقد يضيقون ذرعا ايضا حين
يتبيبئون أن جميع الناس لا يتقيدون حتى بالقواعد المرنة . فالطفل الذى يبذل
جهدا خاصا لكى يكون أمينا ومراعيا لحقوق الآخرين قد يجد صعوبة فى التعامل
مع وجود أشخاص تنقصهم الأمانة ومراعاة الآخرين وكثيرا ما يمضون بغير عقاب
على هذا السلوك.
ومن الطرق الفعالة فى مساعدة الأطفال على التفكير على أساس أخلاقيات
التعاون ام تناقش معهم الأفعال عند حدوثها , ومثال ذلك ان تناقش مع
التلاميذ الجوانب الايجابية لعثور طفل على شىء ضائع وإعادته لصاحبة ، او
تناقش معهم الأسباب التى توجب إطاعة قواعد المرور حين يمشون او يركبون
الدرجات الى المدرسة . وفضلا عن ذلك تستطيع قراءة القصص او وصف المواقف
التى تثير نقاشا عن المسائل الخلقية التى تواجه الأطفال .

وأخيرا حين تدرس التلاميذ لكى يراعوا الآخرين ويشاركونهم وجدانيا ،
وان يحرصوا على الأمانة والعدل ، تذكر دائما الأثر القوى لك ولسلوكك
كقدرة.وسوف تجد فى هذه الصوف تلميذ يخبرونك بوقائع خروج على القواعد ، وقد
بحدب هذا السلوك لغيرة أو الخبث وتعتمد الأذى , ولكنة على الأغلب مظهر
للنمو المعرفى أوالعقلى. فالطفل الذى يلفت أنتباهك لسوء سلوك الآخرين قد
يشعر بالخلط وبالضرر إذا استجبت لة بقولك لا تمكن تماما. عدا من ناحية ومن
ناحية أخرى إذا شكرت الطفل بحماس وعقبت المخالف فقد تشجع بقية التلاميذ
الصف على أن يتكلم كل منهم عن الآخر . ولعل أفضل سياسة , أن تقول للمخبر
أنك على وعى بالسلوك الخاطىء وأنك سوف تنصرف إزاءه . ثم تتحدث إلى
المخالفين . وقد تخفف من هذة النميمة بتفسير أسباب قبول بعض الاستثناءات ,
بالحيلولة دون وقوع مخالفة القواعد من المنبع , وبدعوة الصف لمناقشة أسباب
كون القواعد ضرورية .

5- الأطفال فى المدرسة الابتدائية محون للاستطلاع , يريدون أن يعرفوا كل
شىء حولهم تقريبا . وإذا أحيط الطفل بمجموعة من الأشياء فقد يهتم بشىء
لينصرف عنة فجأة إلى شىء أخر .
وواضح أن حب الاستطلاع ميزة ينبغى أن نستثمرها , وأن نشجع الأطفال على
أن يتوصلوا إلى الإجابات بأنفسهم بدلا من أن نزودهم بها ونقدمها جاهزة ,
ولكنك كمعلم ينبغى ألا تبالغ فى هذا الاتجاه أى أنك لا ينبغى عند كل سؤال
يطرحه عليك التلميذ تجنيبة قائلا لماذا لا تبحث عن الإجابة معتمدا على نفسك
؟ لأن مثل هذه الإجابة تقتل ميلا لطفل أحيانا .
وإذا سألك الطفل عن الموضوع تعجز عن الإجابة عنة , فلا تحاول أن تجنب
التلميذ إجابة لتغطى بها عدم معرفتك لأن هذا السلوك خطر . وتلاميذك لا
يتوقعون منك أن تعرف كل شىء , ولكنهم سيفقدون فيك ثقتهم فيك إذا حاولت
إخفاء جهلك هذا وإذا كان الطفل من تلاميذك يعرف موضوع معين أكثر مما تعرف (
على سبيل المثال وقود الصواريخ , الرحلات إلى القمر ) فإن التصرف السليم
فى هذا الموقف أن تشجع الطفل وأن تتيح لةأن يسهم فى زيادة معرفة زملائة
بالموضوع .
وإذا انتقل الطفل من ميل إلى آخر , فإن هذا لا يعنى بالضرورة أنة
تنقصه الحرية العقلية , وأن نخبره على المثابرة . وفى هذا السن ينبغى على
الطفل أن يجرب أنشطة كثيرة مختلفة بحيث يستطيع فيما بعد ان يتخصص فى النشاط
الذى يفضله بأكبر درجة. وإذا أخبر على أن يرتبط بنشاط معين لا يستحوذ على
اهتمامه , فقد يكرهه ويقاوم فى المستقبل الانفتاح على هوايات أخرى
واهتمامات مختلفة . ومع ذلك فمن الواضح أن التلميذ لابد أن يتعلم قدرا من
المثابرة وهذة أن لم تكن ضرورية فهى ميزة. والتحدى الذى تواجهه هو : كيف
تشجع تلميذ على أن يواصل نشاطه فى عمل من الأعمال حتى يجيدةه وذلك دون أن
يكرهه ؟

6- يضع كثير من أطفال المدرسة الابتدائية لأنفسهم مستويات عالية ويتجهون
إلى الإتقان ويحاولون الوصول إلى الكمال ، وكثيراً ما يؤدى العجز عن
الارتقاء إلى هذه المستويات إلى شعور بالإحباط والإثم .
ومن المرغوب فيه بطبيعة الحال ان نشجع كل طفل على أن يقدم أحسن ما
عنده وكثيراً كا يكون هذا أفضل مما يتوقعه هو أو معلمه ، ولكن الطفل حين
يضع لنفسه مستوى عاليا يستحيل الوصول إليه أو بلوغه فمعنى هذا أنه مقضى
عليه بالإخفاق . ومن الطرق الجيدة لتعليم التلميذ أن ينمى مستويات طموحه
الواقعية وأن تجعله يبدأ بأعمال بسيطة وأن ينتقل تدريجيا إلى الأعمال
الصعبة ، وهو حين يعمل هذا ، لا يختبر فحسب قدراته ، بل تتوفر لعل بعض
الخبرة بالنجاح ، وهذا الشعور بالنجاح ييسر عليه قبول الإخفاق حين يصل إلى
أقصى ما يستطيع . وإذا أتضح لك أن ضغوط الأسرة هى سبب هذه الأهداف
والمستويات العالية ، فقد تحاول أن تتفاهم مع الوالدين فى هذا المجال
مباشرة أو عن طريق مدير المدرسة أو الأخصائي الأجتماعى .

7- يقل اعتماد الطفل على والديه . يثق الطفل بنفسه أثناء هذه الفترة أكثر
من أى فترة سابقة فمعلوماته ومهاراته تتزايد ويصبح أقدر على أشباع حاجاته
ولذلك يصبح أكثر استقلالا عن الكبار وينتاب الطفل الضيق إذا ازداد توجيه
الكبار له عما هى ضرورى . وتقل رغبة الطفل فى الاعتماد على الكبار وخاصة
عندما يبلغ سن السابعة فثمة موضوعات يعتقد الطفل أنه لا يمكن بحثها بصراحة
إلا مع أترابه لأن الكبار لا يفهمونها وهذه أحد أطوار عملية الفطام التى
يجد الكبار صعوبة فى تقبلها بصدر رحب ، ومع ذلك فإن الأطفال ما يزالون فى
حاجة إلى دعم الكبار وإرشادهم وتوجيههم ، وهذه الثنائية الوجدانية قد تؤدى
إلى نتائج سلوكية لا يمكن التنبؤ بها ، نتائج غير مناسبة وغير منتظمة تتحدى
التحليل العقلانى . وعليك كمعلم أن تكون صبوراً مع هذا السلوك الناشز على
قدر الأمكان وأن تتفهمه .

8- هناك فروق بين الجنسين فى القدرات الخاصة وفى الأداء الأكاديمي العام .
ففى المدرسة الابتدائية وفى المتوسط تتفوق البنات فى الطلاقة اللفظية
والهجاء والقراءة وإجراء العمليات الحسابية . أما البنون فيتفوقون فى
المتوسط فى الاستدلال الرياضى وفى الأعمال التعليمية التى يتطلب فهمها
للعلاقات المكانية وفى حل المسائل التى تتطلب استبصارا . وأحد التفسيرات
الممكنة لتفوق البنين فى الاستدلال الربطى ميلهم الأكبر فى المتوسط إلى
التركيز على جوانب محددة من الموقف دون أن تربكهم المعلومات التى تتعلق
بالخلفية . ومن التفسيرات الممكنة لتفوق البنات فى المتوسط فى النواحى
اللفظية هو أن البنات يتفاعلن مع أمهاتهن بدرجة أكبر وبالتالى ينغمسن فى
تفاعل لفظى . ولذلك يزداد إحتمال استخدامهن للكلمات أكثر من الأفعال
للتعبير عن حاجاتهن .
والإناث يحصلن على الدرجات أعلى فى المدرسة ، ولكن البنين أكثر احتمالا من
حيث تحصيل مستوى أعلى فى كثير من الأنشطة فيما بعد فى حياتهم . ويبدو أن
تحصيل البنات المدرسى ينتج على الأقل جزئيا عن رغبتهن فى أرضاء الآخرين .
ويبدو الذكور أكثر أهتماما بالقيام بالأعمال التى تثير أهتمامهم وأقل
أهتماما بإرضاء الآخرين . وبسبب هذه الأتجاهات تحاول البنات تحقيق درجات
عالية للحصول على استجابة إيجابية من الوالدين والمعلمين ، بينما ينغمس
البنون فى الدراسة بدافع من الذات . وإذا لم يجد الصبى موضوعا معينا يثير
اهتمامه قد لا يبذل الجهد لتعلمه وهذا يؤدى بصفة عامة إلى تقويمات شاملة
منخفضة . هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فنا ميل الصبى لدراسة شىء لذاته قد
يكون له عائده فيما بعد فى الحياة حين يتطلب الأمر دراسة توجهها الذات
طويلة الأمد .
وقد تكون البنات مدفوعات بالرغبة فى أرضاء الآخرين لأنهن لا يشجعن على
الكفاح من أجل الاستقلال فى وقت مبكر من الحياة . وأن الأمهات يملن إلى
التفكير فى البنين على أنهم نشطين أقوياء وفى البنات على أنهن رقيقات .
ونتيجة لذلك توفر الأمهات للبنات حماية زائدة أثناء الطفولة . وتجد البنت
صعوبة أكبر فى تنمية الأستقلال لأنها تتوحد مع أمها ومع معلمتها وتحبر
صراعا أقل معهن .وإذا كان هذا التفسير معقولاً ، فقد تحاول تشجيع البنات
على الاستقلال والثقة فى أنفسهن لإنجاز الأعمال بالاعتماد على الذات .

9- تظهر الفروق فى الأسلوب المعرفى بالإضافة إلى الفروق بين الجنسين فى
قدرات التعلم العامة والخاصة ، كما أن هناك أيضاً فروق فى الأسلوب المعرفى
ترتبط بالجنس . لقد أسفرت البحوث عن أن بعض الأطفال مندفعين Impulsive
بينما نجد آخرين متأملين Reflective ، وتتسم المجموعة الأولى بإيقاع تصورى
سريع إذ يميلون إلى تقديم الإجابة الأولى التى يفكرون فيها ويهتمون بتقديم
استجابات سريعة . أما الأطفال المتأملون فيستغرقون بعض الوقت قبل التحدث ،
ويبدو أنهم يفضلون تقويم الإجابات البديلة وتقديم الأستجابات الصحيحة أكثر
من اهتمامهم بالسرعة . وحسن نطبق اختبارات القراءة ، والاستدلال
الأستقرائى على تلاميذ الصف الأول والثانى الأبتدائى يتعرض المندفعون
لأخطاء أكثر من المتأملين . هذا فضلا عن أن الاندفاع سمة عامة تظهر فى وقت
مبكر من حياة الفرد وتظهر على نحو متسق فى مواقف كثيرة منوعة .
ولقد أتضح أن الأطفال التأمليين يؤدون أداء أفضل فى الأعمال التى تتطلب
تحليل التفاصيل ، وأن الأطفال المندفعين يؤدون أداء أفضل فى الأعمال التى
تتطلب تفسيرات شاملة . والأطفال المندفعون ليسوا بالضرورة دون الأطفال
المتأملين فى القدرة على حل المشكلات . والمفكرون المندفعون قد يقل أدائهم
فى كثير من مواقف المدرسة ومواقف الاختبار التى تتطلب تحليل التفاصيل وذلك
لأنهم يميلون إلى النظر إلى المشكلات بطريقة شمولية .

إن الوعى بأساليب التصور المختلف قد يساعدك على فهم الفروق الفردية
الكبيرة فى طرق استجابة التلاميذ لمداخل التدريس . فالولد المندفع قد يخل
بالنقاش الصفى والإدلاء بما يعن له ويقلق الأنماط المتأملة أثناء عملية
صياغتهم وتشكيلهم للإجابات . ولكى تقلل من حدوث هذا قد تطلب من كل تلميذ أن
يجلس ويفكر فى السؤال دقيقتين أو ثلاث قبل الإجابة .
وبعض التلاميذ يخبرون الأشياء بوضوح أكثر من آخرين ، وبعضهم على وعى
بجوانب أكثر فى المواقف فى أى لحظة عن الأخرى . وبعض التلاميذ أكثر تعرضا
لتشتيت الانتباه بسبب الأفكار المتصارعة عن الآخرين . ويميل بعض التلاميذ
إلى تصنيف خبراتهم فى فئات كثيرة منفصلة . ويتجه بعض التلاميذ إلى دمج
الذكريات المتشابهة فى حين يحتفظ أخرون بذكريات خبراتهم منفصلة ومتمايزة
ويرى جليفورد أن بعذ الأفراد دو تفكير تقاربى وآخرون ذو تفكير تباعدى أو
متشعب . والنمط الأول يستجيب لما يقرأ ويلاحظ بطرق تقليدية نمطية والنمط
الثانى يستجيب على نحو غير متوقع وبطريقة غريبة ، والبعض أكثر قدرة فى فهم
الأفكار وتقويم ملاءمتها وصحتها فى موقف معين عن الآخرين .
أن هذه الفروق الفردية فى الأسلوب المعرفى تلاحظ فى الصفوف
الابتدائية الأولى ولكنها تؤثر فى التلاميذ خلال حياتهم المدرسية كلها
ولذلك ينبغى أن تتوقع تفاوتا فى طرق استجابة التلاميذ لمواقف التعلم .
وينبغى إلا تعجب إذا أجاد تلميذ فى نشاط تعلمى وكان أداؤه ضعيفا فى نشاط
آخر . وسوف تدرك فى بعض الحالات جوانب القوة النسبية وجوانب الضعف عند
تلاميذك فى أدائهم المعرفى فى المجالات المختلفة . وفى أحايين كثيرة يتعذر
تقدير تأثير الأساليب المعرفية فى أداء التلاميذ . وأفضل الطرق لأتاحة
الفرصة لهذا التباين فى الأساليب المعرفية أن توفر أنشطة تعليمية منوعة
بحيث يتاح لكل تلميذ أن يقوم بأعمال مدرسية تلائم طريقة تفكيره .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الصباح
 
 
نور الصباح


عدد الرسائل : 366
البلد : مصر
رقم العضوية : 121
تاريخ التسجيل : 28/04/2011

علم نفس النمو Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم نفس النمو   علم نفس النمو Emptyالإثنين مايو 09, 2011 3:35 am








الفصل الثالث

مشكلات النشىء


صعوبات النطق
سبق أن نكلمنا عن
الحركات العصبية بما فيها من مص الأصابع ، وقرض الأظافر ، ورمش العين ،
وغير ذلك ، وهناك نوع من الحركات العصبية له أهمية خاصة وهو التملق بالنطق
وعملية النطق لها مكانة كبيرة فى حياة الإنسان ، ويشبهها عند الحيوان إخراج
الأصوات ، ومعروف أن الأصوات عند الحيوانات تؤدى له وظائف حيوية هامة ،
فبالأصوات يحدث النداء الذى يترتب علية تجمع أفراد النوع الواحد بعضهم مع
بعض ، بقصد الوقاية من الخطر المحدق وبواسطة الأصوات تدعو الحيوانات بعضها
بعضا للإجتماع الجنسى وحفظ النوع ، وبها تتحقق على وجه العموم أنواع
الحياة الجمعية عند الحيوانات بناياتها المختلفة ، ولهذا نجد أن نوع الصوت
وتنغيمه يختلف عند الحيوان الواحد باختلاف حاجاته ، التى يدعو تحققها إلى
وجود طرف أخر ، فالذين يهتمون بتربية الحيوانات المنزلية يعرفون فى القط
مثلا صوت الاستجداء لطلب الطعام ، وصوت التخويف والتحدى عند الشجار ، وصوت
الفزع والاستنجاد عند إحداق الخطر ، والصوت الدال على الإطمئنان والسرور
عند الشعور بالدفء والشبع والراحة ، وصوت الإنتصار عند الفوز بالفريسة ،
وصوت نداء الأنثى عندما يحل موسم الاجتماع الجنسى ، وصوت تلبية الذكور لصوت
الانثى فى هذه الحالة ، وصوت نداء القطة الكبيرة لصغارها ، وصوت سرورها
لوصولهم ، إلى غير ذلك من أنواع الاصوات التى يرتبط تنوعها بنوع الحاجات
التى يعبر عنها الصوت .

ونرى من هذا أن وظيفة الصوت الاتصال بأخر اتصالا يصح أن يساعد على
تحقيق حاجة نفسية ، كذلك النطق عند الانسان ؛ فهو يعبر عن حاجة يراد
تحقيقها بالاستعانة بكائن حى أخر يغلب أن يكون أنسانا مثله .
فكأن عملية النطق عبارة عن نشاط إجتماعى يصدر عن الفرد وتتدخل فيه عدة
توافقات عصبية دقيقة مركبة ، يشترك فى أدائها مركز الكلام فى المخ الذى
يسيطر على الأعصاب ، وهذه تقوم بتحريك العضلات التى تقوم بإخراج الصوت ،
وكذلك تشترك الرئتان ، والحجاب الحاجز ، فتقوم الرئتان بتعبئة الهواء ،
وتنظيم أندفاعة ، وبمرور الهواء على الأوتار الصوتية ، وداخل الحنجرة ،
والفم ، والتجويف الأنفى ، تحدث تشكيلات مختلفة من الأصوات ، وكذلك تساعد
تغييرات أوضاع اللسان والشفتين على زيادة التنويع فى الأصوات ، ويحتاج
النطق السليم إلى مران طويل جدا يبدؤه الطفل عادة منذ ولادته ، فهو يبدأ
بالصراخ ، ثم الضحك والمناغاه ، ثم يسمع نفسه ويسمع من حوله ، ويبدأ يجرب
تشكيلات مختلفة من الأصوات ، ثم يبدأ يقلد من حوله إلى أن ينجح فى إخراج
الألفاظ وفى الكلام ، وهذه عملية طويلة شاقة يبذل فيها الطفل جهدا كبيرا ،
ويتعاون فيها السمع والبصر وأجهزة النطق - الأصلية منها والمساعدة

ويتضمن النطق - كما قلنا - نشاطا لفرد يقصد به الإتصال بالغير ، ومن
هذا تبدو أهمية الكفاية الحركية للسان وإندفاع الهواء وتنسيق الحركات كلها
تنسيقا يؤدى إلى النطق الصحيح ، وتبدو أيضا أهمية الحاجة النفسية المراد
التعبير عنها ، وضرورة مطابقة الإخراج التعبيرى لما هو موجود فى النفس ،
وكذلك قيمة ثقة المرء فى قدرته على التعبير ، ويلاحظ أن جزء غير قليل من
هذه الثقة يشتق من الإتجاه الذى يأخذه المخاطب عاده نحو المتكلم فى أثناء
سير الحديث ،
لهذا كله كان النطق أهم وسائل الاتصال الاجتماعى ، وكانت له قيمته الممتازة
نواحى نمو الفرد المختلفة سواء فى ذلك نموه تفكيره أو طابع شخصية بوجه عام
.

بعض الحالات :
يتلخص وصف أعراض صعوبات النطق فى أنها أختلال فى التوافق الحركى بين
أعضاء النط المختلفة ، ونظرا لكثرة أجزاء هذه الاعضاء ، ولتنوع أساليب
نشاطها ، ولتعدد التشكيلات المختلفة لها ، فإن صعوبات النطق كثيرة ، وتختلف
فى شدتها ونوعها بإختلاف درجة الإضطراب ، ونوع العضو البارز فيه ، لذلك
نجد بعض الصعوبات مثلا مرتبطا بتشوه الأسنان أو بأنشقاق الشفة العليا ، أو
بوجود الزوائد الانفية ، أو غير ذلك .
وتعددت تبعا لتعدد أنواع صعوبات النطق أسماء هذه الصعوبات فهناك التمتمة ،
والتأتأه والعقلة ، والحبسه ، واللثغة ، والخنه ، والرتة وغير ذلك ، وأما
كلمه تهتهه ، فأنها كلمة دارجة أصبحت تستعمل الأن لكل أنواع صعوبات النطق .
ويلاحظ أن نوعا من أنواع صعوبات النطق يحدث عاده لكل أنسان ففى المواقف
التى يفاجأ فيها الأنسان ، ويرغم على التكلم فى أمر يعرف عنه ولا يريد لأمر
ما أن يتحدث فيه ، فأنه قد يتعثر إذ ذاك عند النطق ويمكننا أن نقول : أن
الإنسان يتعثر فى نطقه فى الأحوال العادية لأسباب ثلاثة : أولها الخوف ،
ولذا كانت خير طريقة يعبر بها الممثل على المسرح عند الخوف هى طريقة التعثر
فى النطق ، وثانيها : أن يكون اللفظ قاصرا عن الأداء ، وبذلك يضيع وقت فى
البحث عن الألفاظ المناسبة ، وثالثها : أن يكون تدفق الأفكار أسرع من تعبير
الإنسان عنها لعجز أساليب تعبيرة بسبب قلة المحصول اللغوى مثلا - والسببان
الأخيران يمكن مشاهدة أثارهما بوضوح وفى أبسط صورة عند محاولة الكبير
التكلم بلغة أجنبية لا يتقنها تماما ، فهو يتعثر إذ ذاك ، بينما لا يتعثر
عند التكلم بلغته العادية ، ويمكن مشاهدته كذلك فى الأطفال فى سن الثالثة
والرابعة تقريبا .

ولأجل أن تبين أسباب العى المختلفة يصح أن نعرض بعض الحالات :
أولى هذه الحالات لولد فى سن العاشرة أرسله والدة للعيادة لصعوبة
شديدة فى النطق ، وقد فحصت فى أول الأمر حالة الولد من النواحى الجسمانية
للتأكد مما إذا كان هناك مرض عضوى يمكن أن يكون عاملا أصليا أو عاملا
مساعدا فى وجود العى ، وقد قام لفحصة المتخصصون فى الأمراض العصبية ، وفى
أمراض الأنف والأذن والحنجرة وفى الأمراض الباطنية ودلت كل هذه الأبحاث على
أنه ليس هناك أى مرض جسمانى يصح أن يكون سببا مباشرا للعى ، ولو أنه ظهر
أن لديه تقيحا فى اللوزتين ونصحت الأسرة بإزالتها وبالفعل أجريت له العملية
اللازمة لذلك ، وكان لها أثر ظاهر من حيث التحسن العام .
وقامت العيادة كذلك بدراسة الولد من الناحية النفسية ، وتبين أن ذكائه فوق
المتوسط بكثير ، وأنه يتعثر فى النطق إذا شعر بأنه مراقب وبأن أخطاءه ستوضع
موضع النقد ، ويصاحب النطق عاده حركات عصبية يقوم بها بيديه وبأجزاء وجهه
المختلفة .
والولد هو الذكر الأول الوحيد 0 وله ثلاث أخوات كلهن أصغر منه ، وكلهن يجدن
الكلام، الوالدان متعلمان تعليما جيدا ، وحالتهما المادية طيبة ، وهما
على وفاق تام ، والأم تخاف الظلام ، وأما الوالد فأنه هادئ فى الظاهر ، غير
أنه فى الواقع قلق على أبنه ومستقبلة ويهتم بأمره ويلاصقه ويعامله بعطف
زائد ، غير أن الوالد نفسه سريع الكلام ، ويبدو كأن لديه بقاية عى قديم ،
وللولد جد من أمه ، وهو شديد الخوف من أمور كثيرة ، وللولد كذلك قريب من
ناحية أمه متأخر جدا فى ذكائه وتصرفاته عامه ، أما الولد نفسه فإنة رقيق
هادئ حساس سريع التأثر ، محب للدقة والنظام ، حريص جدا على إرضاء والديه
ومدرسيه ، شديد الخجل ، ميال إلى العزله والعمل الفردى .
وكانت ولادته عسره وإستعملت فى ذلك الآلة الخاصه بالولاده ، مما أدى
إلى تمزق بسيط فى أربطة العنق ، مما جعل رأسه تميل فى ناحية دون الأخرى مده
طويلة من الزمن . وكانت الرضاعه والفطام والمشى وما إلى ذلك كلها طبيعيه .
وفى سن الثانية غمس الولد فجأة ذات مره فى الماء البارد فذعر ذعرا شديدا
وصرخ صراخا مؤلما طويلا ، وسار منذ ذلك الوقت كثير البكاء ، فكان يبكى
أحيانا من أول اليوم إلى أخره ، ولما كبر أرسل روضة الأطفال ، وفى يوم من
الأيام ، وهو فى سن السادسة كان عائدا من الروضة فنبح عليه كلب كبير ، وجرى
ورائه ، كذلك أن أصيبت أخته الصغرى فى حادث تصادم وذعر لهذا الحادث ذعرا
شديدا وكانت لديهم قبل هاتين الحادثتين خادمة مصابه بالتعثر فى النطق ،
وكان قد بدأ يقلدها ، وهذا هو مبدأ تعثره فى الكلام ولكنه أستمر فيه بعد
ذلك إلى الوقت الحاضر
وأما معاملة الولد فى المنزل فنظرا إلى أنه الذكر الوحيد والأول
فقد وجد عناية فائقة ، كان مدللا فى صغره من الوالدين ومن جميع الأقارب ،
وكانت تجيب الأم له كل طلباته ويكاد يعتمد عليها فى كل صغيرة وكبيرة ، وهى
تخاف عليه خوفا شديدا ، أما الأب فأنه يلاحظ أبنه ملاحظه دقيقة حتى أنه
يلاحظ مثلا أنه فى يوم كذا مرت عشرون دقيقة أو نصف ساعة دون أن يتعثر الولد
فى نطقه ، وهذا النوع من الملاحظة يمكن تسميته بالملاحظة القلقة ، ويعطف
الوالد كما قلنا على أبنه عطفا مبالغا فيه ، ويستثير همته ، ويستحثه ،
ويشجعه على الإهتمام بعملة ، والتخلق بالرجولة ويظهر أن الولد قد بالغ فى
ذلك مبالغة شديدة فى سن مبكره ترتب عليها أن الولد لم يتمتع كثيرا بما
يتمتع به الأطفال من لعب ومرح وعدم حمل المسؤولية ، ومما يدل على صحة هذا
أنى كنت أحدث الوالد ذات مره على مسمع من الطفل قائلا : أنى أحب أن يلعب
الولد قليلا فقال الوالد بصورة جدية ( ولكن ولدى لا يحب اللعب مطلقا ،
وأنما يحب المذاكرة والعمل الجدى ) وبصعوبة كبيرة أمكن أقناع الوالد بوجوب
تشجيع الولد على الإشتراك فى نوع من اللعب .
وأما حالة الطفل فى المدرسة فأنها طبيعية جدا ، إلا أن المدرسين
والتلاميذ يرتكبون بعض الأخطاء فى تصرفاتهم معه ، فيحدث أحيانا أن يعيره
بعض التلاميذ ، ويحدث كذلك أن يناديه أحد المدرسين بلقب ينتمى إلى العى ،
ومن أمثلة المدسين أن عقدت العيادة لهم أجتماعا خاصا بهذا الولد للمناقشة
فيما يجب عليهم أتباعه نحوه ، وفى صباح اليوم التالى دخل أحدهم الفصل ،
وناداه وأبلغه بصوت مرتفع يسمعه بقية الأولاد أنه أضاع بالأمس ساعتين من
الزمن فى إجتماع خاص بما عنده من عى ، وأنه سيعمل جهده لمساعدته وكان لهذا
الحادث أثر مؤلم جدا فى نفس الولد وهدم كل ما كانت قد وصلت إليه العيادة من
نتائج ملموسة.
ويمكن تلخيص الحالة بأنها حالة توتر عصبى شديد ناشئ من أحساس
الولد بضعفه وعدم ثقته بنفسه لأنه يعامل من والدته التى تجيب طلباته ،
ووالده الذى يبالغ فى ملاطفته ، معامله يشعر معها أنه مخلوق ضعيف ، ومع
أحساس الولد بضعفه هذا ، فأن والده وأهلة جميعا يسثيرونة ببذل مجهود عظيم
لا يتناسب مع طفولته من ناحية ، ولا مع إحساسه بضعفه من ناحية أخرى ، ويظهر
أن هناك عنصرا وراثيا متدخلا فى إستعداد الولد للضعف العصبى الذى يساعد
على ظهور العى متى توافرت الظروف الملائمة لذلك ، ويتبين إحتمال وجود هذا
الضعف العصبى الوراثى مما ذكرناه ، أنذا عن الأقارب ، ومن الأسباب التى
ساعدت على نجاح حالة التوتر فى تأثيرها فى الولد بالإضافة إلى ما قد يكون
هناك فى ضعف عصبى وراثى - إحتمال وجود ضعف عصبى ناشئ من الصدمات المتكررة
التى أصابته ، وهى عسر الولادة وحادثة غمسه فى الماء البارد ، وحادثه
الإنزعاج من الكلب ، وحادثة الإنزعاج من صدمة أخته ، وتسرب الخوف من الظلام
من والدته وجده ---- إلى غير ذلك أما تقليده الخادمة فليس فى رأينا سببا
أساسيا ، وكل ما فى الأمر أن الخادمة ظهرت كعامل ملائم ومساعد للحالة
النفسية الناتجة من مجموع العوامل الوراثيه ومجموع الصدمات السابقة ، ومن
مجموع الإتجاهات المتخذة نحوه من والديه وأقاربه وزملائه ومدرسية ، ويمكن
تصوير حالة الولد بأن العى ذاته يشعره بالضعف ، والعوامل المتعددة الأخرى
تشعره كذلك بالضعف ، وفى نفس الوقت تستثير بعض هذه العوامل فيزداد التوتر
ويزداد العى ، وتزداد الحالة سوءا .

ومما يدعم صحة هذا الإستنتاج أن الولد - وهو فى حالة عدم توتر داخلى -
يتكلم بطلاقه فهو لا يتعثر فى أثناء اللعب ولا يتعثر عاده مع زملائه ،
ولكنه يتعثر بشدة مع والديه ومدرسيه ، يقول والده : أن الولد يتكلم فى
أثناء أحلامه بطلاقه غريبة وإذا قرأ شيئا بصوت مرتفع فأنه لا يتعثر إلا إذا
أحس أحدا قريبا منه ومما يدعم هذا الرأى أيضا أن الولد بقى يتحاشى مقابلة
والده وجها لوجه مده طويلة ، لأن المدرسة أرسلت للوالد تبلغه أن الولد ضعيف
فى اللغة الإنجليزية ، فكان لهذا يحرص على أن يخرج من المنزل مبكرا فى
الصباح قبل أن يستيقظ والده من النوم وكان الوالد فخورا جدا بشدة تألم أبنه
من نفسه وخجله منه .
ويلاحظ أن أحساس الولد بضعفة هو الذى أدى فى الغالب إلى جعل الولد
سلبيا قليل الإختلاط شديد الحياء ، شديد الخجل والخوف قليل الثقة بنفسه
قليل الكلام ، خاملا - حساسا - سريع التأثر ، ويحرص على شعور الناس وعلى
فكر الناس عنه حرصا لا يصدر عاده من الصغار مثله ،وحساسيته وخوفه من النقد
أديا إلى جعله دقيقا فى عملة وفى ملبسة ، ويحتمل جدا أن تكون دقة الولد مع
نفسه ، ورقابته له طول الوقت ، عاملا مهما فى أحداث التوتر وتثبيت العى .
وأتجه العلاج أولا للناحية الجسمية بإستئصال اللوزتين ، ثم أتجه
للناحية النفسية بتعويده التكلم وهو فى حالة تراخ ، مما أعطى الولد ثقة
كبيرة فى نفسه ، وقد أكدنا على الوالدين وجوب تخفيف المراقبة ، ومنع القلق ،
وتعويد الوالد الإعتماد على نفسه ، وقد أشترك فى معسكر صيفى قامت به
العيادة ، وأشترك فى ناد ليتمكن فيه من اللعب وحسن قضاء الوقت ، وليتمكن من
النمو الإجتماعى المتزن ، وقد تحسن بالفعل تحسننا كبيرا ، ولو أنه كان
ينتكس بعض الشئ بسبب المرض أو الإجهاد أو رجوع الوالدين إلى ما تعوداه مه
من معاملة ، وقد تقدم الوالد بسبب نموه ، وتحسن صحته ، وكسبه ثقته فى نفسه -
تقدما محسوسا أساسه أنه بذل بنفسه جهدا كبيرا شجعه عليه ما رأه من قدرته
على التكلم السلس فى بعض المواقف .

وهناك حاله ثانيه تختلف عن سابقتها فى نوع شخصية صاحب الحالة ،
فبينما نجد صاحب الحالة الأولى حساسا منكمشا هادئا منقبضا قليل الجرأة
ميالا للعزلة نجد صاحب هذه الحالة محبا للسيطرة ميالا للنقد والسخرية
والتهكم كثير الكلام مرحا محبا للأتصال للغير --- إلى غير ذلك ، وهو تلميذ
فى سن الحادية عشر ، ذكائه فوق المتوسط وهو الأخ الأكبر لخمسة أخوه ، وهو
كما قلنا يميل إلى بسط سلطانه على أخوته ، شديد الخيال ويظهر هذا فى رسومه
وقصصه ونكاته ، ويميل فى رسومه إلى تشويه صور الناس بدرجة بالغة .
وكان الولد يعيش فى القاهرة مع عمه وجدته فقط فى بيت ممل بالنسبة
له كطفل يريد أن يلعب أحيانا ولا يجد من يلعب معه ، والوالد على درجة كبيرة
من الكفاية والذكاء والمرح ، إلا أنه قلق جدا على مستقبل أولادة ، ويعتقد
أن الزمن تغير كثيرا فما دام هناك أولاد ينالون الشهادة الإبتدائيه فى سن
التسع سنوات ستكون المنافسة فى المستقبل شديده جدا ، ولذا تشعر معه أنه
مسوق إلى دفع أولاده لسرعة التحصيل والتعلم ، وهو يفعل ذلك بشئ كبير من
القلق ، الوالد متغير فى معاملة أولاده فهو يدللهم تدليلا شديدا فى سن
معينه ، فإذا جاوزوها وبدؤا سن التعلم أنقلب إلى شخص شديد صارم يقوم
لأولاده بوظيفة المدرس رغم كثرة مشاغله ، ويتخلل تدريسه لهم ضربة أياهم
بشدة وعنف ، والوقت الذى يقوم فيه بالتدريس لأولاده وهو الوقت الذى يكون قد
أنهكه فى العمل .
وقد لوحظ أن الوالد إذا سأل أحد أبنائه سؤالا ولم يجيب فى الحال
فأنه ينهرهم بشده مزعجه وبذلك يتعثر الولد ، وأما الأم فأنها سيده عادية فى
كل شئ ، إلا أنها كثيرة النقد لأولادها ، وهى تعلن أنها تحب البنات ولا
تحب البنين ، وينال صاحب الحالة بالطبع شيئا غير قليل فى تفضيل أخوته عليه .
وكانت ولادة صاحب الحالة طبيعية ورضاعته طبيعية إلى أن جف لبن الأم
فى الشهر الرابع من عمرة ، وكان المشى والكلام والتسنين وعادات المأكل
والمشرب والتبول والتبرز طبيعية إلا أن الولد أصيب بـ ( الباراتيفود ) فى
سن الثالثة ، وبعد شفائه من قل كلامه ، وضعفت قدرته على التعبير فى مطالبه ،
وصار كثير البكاء لغير سبب ظاهر ، وكانت أمه تضربة لبكائه ضربا شديدا
وبدأت التهتهة فى ذلك الوقت .
أرسل الولد لمدرسة بنات فى سن الرابعة والنصف ، وكان الولد الوحيد
بها ، وكان متضايقا من هذا الوضع ، ولكنه أبقى بها رغم أنفة سنة ونصف السنة
. وبعد إتمام تعليمة فى المدرسة الإبتدائية أرسل إلى القاهرة ليعيش مع
جدتة وعمة . وقام عمة بتشديد الرقابة علية لدرجة بالغة حتى لايكون ملوما ،
وكان الولد يعمل كل شئ تقريبا ضد ما يرغب .
ويمكن تلخيص الحالة فى أن مرض الولد بـ ( الباراتيفود ) ربما يكون
قد أضعف صحتة العامة ضعفا جعلة حساسا شديد التأثر . ولو كان قد عومل فى
ذلك الوقت برفق وصبر ، وحجز فى البيت مدة كافية لإسترداد صحتة تماما قبل
إرسالة للمدرسة . ثم أن ذهابة لمدرسة البنات - وهو لايحب البنات ، لأنهن
مفضلات عند أمة على البنين - كان مصدر ألم مستمر له . كذلك معملة والدة
المتقلبة من اللين إلى الشدة ، وقلق الوالد على تعليم أولادة ، وتعجلة
إياهم فى الكلام ودفعهم فى التعليم دفعا فيه شئ من العنف كل ذلك كان لة
أثرة فى الولد ، خصوصا أنة الأكبر ، وقد كان نصيبة من كل ذلك أوفر من نصيب
أى واحد من أخوتة .
ولم نصل مع هذا الولد إلى نتيجة مرضية لعدم كفاية ما حدث بينة وبين العيادة
من إتصال ، ولو أن المعاملة التى عومل بها فى معسكر العيادة - الذى سبقت
الإشارة إلية أدت معه ألى نتائج طيبة ، ولكنها لم تدم لإنقطاع صلتة
بالعيادة بعد ذلك .

التشخيص والعلاج:
وليس من السهل فى الحالتين السابقتين أن نحدد سببا واحدا تنسب إلية
التهتهه ، فهناك مجموع عوامل ، بعضها جسمى ، وبعضها يرجع إلى المعاملة،
وبعضها يرجع إلى الوراثة ، وبعضها يرجع إلى التقليد .. تتضافر كلها فى
أحداث الحالة أو فى المساعدة على بقائها بعد حدوثها .
ويغلب على الظن أن العامل الأساسى هو القلق أو الخوف المكبوت . وهذا
القلق أو الخوف ينشأ إما بالتأثر فنجد الوالدين أحدهما أو كليهما على درجة
من القلق . وقد ينشأ مما يحدث للطفل من حوادث التخويف أو المعاملة غير
الحكيمة . ويترتب على حالة القلق النفسى إما خجل وإنزواء وعزلة وقلة جراءة ،
وما إلى ذلك من الصفات السلبية التى شاهدناها فى الحالة الأولى ... وإما
أن يترتب عليه تعويض نفسى فتنشئ الجراءه والمرح والنقد ، وما إلى ذلك من
الصفات والإيجابيات التى شاهدناها فى الحالة الثانية .
ويتلخص علاج مثل هذه الحالات فى إعطاء الطفل ثقة فى نفسه إزاء
الكلام خاصة وإزاء مجالات حياته بنوع علمى ، أما أسلوب إعطاء الثقة فى
النفس فأنه أسلوب طويل يحتاج إلى زمن وإلى صبر من كل من المعالج وصاحب
الحالة .

ويصح أن نورد بإختصار حالتين أخريين لنوضح أثر عامل القلق أو الخوف أو أثر العوامل الأخرى إلى جانب هذا العامل :
أما الحالة الأولى فهيا الولد فى سن الثانية عشر عنده تعصر فى النطق وهو فى
الثانية الإبتدائية ، ومستواها العقلى يوازى مستوى ذكاء ولد متوسط عمره
8.5 سنه - أى أنه متأخر فى ذكائه عما ينتظر لسنه - والوالد خامل شاحب اللون
قليل الأبتسام ، وعنده كبرياء مصتنع ، يحاول أن يغطى به ما لدية من نقص ،
ثم هو مع ذلك يميل أحيانا للإنزواء وهو سريع الغضب ، ولكنه يكظم غضبه ،
فأنه ضرب أحد معلميه - وهذا كثيرا ما يحدث - فأنه لا يبكى مطلقا ، والولد
يخاف أباه بدرجه بالغة ، أما الأب فأنه رجل عصبى يتعثر فى النطق ويعتقد أن
التعثر فى النطق أمر تافه لا يجوز أعارته أى أهتمام ، لأنه هو أيضا يتعثر
فى النطق ومع ذلك صار - يحسب رأيه فى نفسه- رجلا عظيما ويلاحظ أن كل فرد فى
الأسرة عنده نوع معين من الشذوذ : فالأب يتعثر فى النطق ، والأم عصبيه جدا
وبنتهما غير متزنة ، والولد الكبير عصبى ويتعثر فى النطق ، وقد تأخر فى
ضبط عطلات الجهاز البولى ، والولد الذى يليه شديد الخنف ، وعيناه ليستا
بإتساع واحد - والولد الذى نحن بصدد حالته ، مع شدة خوفه من أبيه معجب به
أعجابا شديدا .
والعلاقة بين الأم والأب سيئه جدا ، ولكن الأب نجح فى أشباع أنانيته
بإستعمال القوة ، ورغم سعته يضيق على أسرة تضييقا شديدا ويمتع نفسه خارج
المنزل ، كل هذا قد يدل على أن إحتمال الوراثة عن كل من الأب والأم ، وكذلك
تقليد الأب ربما أشتراكا فى تكوين التهتهة ، وأما حالة التوتر قد تكون
ناتجة من حالة التناقض النفسى الظاهرة فى إعجاب الولد بأبيه وخوفه الشديد
منه فى نفس الوقت ، ومن سوء العلاقات والجو المنزلى .
وبذلك قد تكون التهتهة فى هذه الحالة نوعا من العصبية الموروثة
التى أخذت أتجاها معينا وتبلورت فى شكل معين بفضل البيئة بما فيها من تقليد
وتخويف وإقلاق .
وهناك حالة أخرى لطالب عمرة ثمانية عشر عاما قد بدأ يتعثر فى النطق
بعد حادثه وقعت له فى سن الخامسة ، وهى أنه دخل دورة المياه وأقفل عليه
الباب ولم يتمكن من فتحه وعجز أيضا من فى الخارج عن ذلك فلم يتمكنوا من
فتحه ، وذعر الولد ذعرا شديدا ، وهو الأصغر فى الأسرة وليس له سوى أخ واحد
والعلاقة بين والديه بها شئ غير قليل من الخلاف ، مما يقلل من الشعور
بالأمن فى جو المنزل ( حالة ص 129 ) .

عوامل ظهور صعوبات النطق :
يبدو مما تقدم ومن دراسة مختلف أنواع الحالات أن صعوبات النطق
تشترك فيها عامل جسميه وعوامل نفسية ويمهد لظهورها طريقة نمو الشخص وتكوينه
، وهذه يشترك فيها عوامل بعضها وراثية وبعضها بيئية ، العامل النفسى
الأساسى فى التهتهة هو التوتر النفسى المصاحب للقلق أو الخوف أو فقدان
الشعور بالأمن أو الشعور بالنقص وقد وجد ( بيرت ) أن 62% من الحالات التى
درسها وعددها 97 يوجد بها العامل الوراثى لإستعداد عصبيى عام ، أن 23% من
هذه الحالات الأخيرة لم يكن الأطفال قد أتصلوا بأبائهم أطلاقا ، حتى يقال :
أن التهتهة أنتقلت إليهم عن طريق التقليد
ووجد ( بيرت ) كذلك أن 31 من حالاته بها زوائد أنفيه 19 منها بها
تضخم فى اللوز و13 منها بها أسنان فاسدة ، وبين أن العامل الجسمانى إذا وجد
أنه يكون عاملا مساعدا فقط .
وقد لاحظ كل من ( بيرت وبوم ورتشاردسن ) أن الأعمار الملائمة لظهور
التهتهة فى سن الخامسة ، والسابعة أو الثامنة ، ثم الثالثة عشر أوالرابعة
عشر ويعلل هذا بأن سن الخامسة هى سن بدأ الذهاب إلى المدارس ، أم سن
السابعة أو الثامنة هى سن الإنتقال إلى مرحلة جديدة من التعليم ، وأما سن
الثالثة عشر فهى سن بدأ مرحلة أخرى من مراحل التعليم 0 وأهم من ذلك أنها سن
بدأ دخول المراهقة بصعوباتها النفسية المعروفة .
وقد لاحظ ( بوتهيم ) أن عددا قليلا من حالات التهتهة يظهر فى السنة
الثانية من العمر ، وهذا هو سن بدأ تعلم الكلام وبدأ إتقان التوافقات
الحركية اللازمة له ، ويحتمل معها أن أى أضطراب أنفعالى فى ذلك الوقت يؤدى
إلى إختلالها .
وقد لوحظ أن التهتهة فى البنين أكثر منها فى البنات ،وهذا الفرق يرجع إلى
فروق طبيعية فى كفاية أجهزة النطق وسرعة نضجها ، وقد يرجع إلى أن الضغط
التعليمى على البنين أكثر منه على البنات ، كذلك لوحظ أن التهتهة أكثر
أنتشارا فى المدن منها فى الريف ، ويرجع إلى أن الأعصاب أكثر تعرضا للإجهاد
فى المدن منها فى الريف .

مصاحبات التهتهة :
يلاحظ أن الطفل الذى يتعثر فى النطق يكون عنده شعور
مكبوت بالنقص بسبب التهتهة ، فنجده يميل إلى الذلة والإنكسار والإنزواء ،
ويتصف عادة بالصفات التى سبق أن ذكرناها فى من يمصون أصابعهم ، يحدث أحيانا
مع هذا محاولة لتعويض هذا الشعور فيبدو الولد جريئا يحاول الإكثار من
الحديث وتعويض تهتهته بأن يحكى قصصا مثيره إذا أمكن ، وقام بعض الباحثين
بتقسيم حالات التهتهة إلى أنماط ، فوجدوا أن هناك نمطين :
أحدهما وهو الغالب يتصف بأنه خجول ، جبان معتكف ، منعزل يميل
للوحدة شديد الحساسية ، شديد الإنفعاليه ، ويكون هذا النوع هزيلا نحيفا (
ASTHENIC ) .
وأما النوع الثانى ، وهو قليل ، فتجده جريئا ، متسرعا ، مندفعا فى
أفعاله وفى كلامه 0 ولكن يخرج كلامه وتصدر منه أفعاله كالمقذوفات بشئ من
السرعة والإنطلاق ، ويكون هذا النوع حسن الصحة سمينا لا نحيف ، ويصاحب
التهتهة عاده حركات عصبية عامه أو خاصة تنطلق فيها الطاقة المكبوتة ،
والتهتهة تؤدى عاده وظيفة دفاعيه للشخص ، فالناس لا يوجهون إليه أسئلتهم
بحجة أنه يتهته ، ثم أنه قد يظن أنه يقنع من حوله بأن المسألة ليست صعوبة
فى الفهم وأنما هى فقط صعوبه فى التعبير ، وهى لهذا تؤثر أثرا سيئا فى
الناحيه التعليمية ، إذ لا يشترك صاحبها فى النشاط التعليمى الجمعى
الإشتراك اللازم ، وهى قد تؤثر كذلك فى الناحية الصحية ، فالذى يتعثر فى
النطق تجده عاده هزيلا شاحبا ، ولعل هذا يرجع إلى الجهد العصبى الضائع فى
مجرد التوتر النفسى أما النوع غير الهزيل فهو نادر كما بيننا .
ويتأثر الذى يتعثر فى النطق بالمعاملة التى يلقاها ممن حوله ، فإن
كان غيرة يهزء منه فأن هذا يزيد شعوره بنقصه ، وإن كان يعطف عليه ، فأن
عطفه يذكره بعاهته : ولهذا نجد الإحتمال كبيرا فى أن صعوبات النطق تجعل
الشخص شاعرا بنقصه شعورا مبا شرا ، وشعورا مشتقا من مسلك الناس نحوه ،
ويترتب على هذا نوعان من السلوك كثيرا ما يجتمعان فى حالة تهتهة :
نوع يدل على الخوف من الغير والإنكماش منهم ونوع قد يدل على نقمته على
الغير وكراهيته لهم ، فأحيانا قد نجد التلميذ الذى يتعثر فى نطقه منكمشا فى
المدرسة ، وإن قام بنشاط فهو نشاط فردى فى الغالب ، وقد نجده فى المنزل
ناقدا لأخوته مشاكسا لهم .
ومن أمثلة هذين النوعين من السلوك ، ما بدا من حالة طالب أشرنا إليه ضمن
حالات التهتهة ، فبينما كان هذا الطالب منكمشا هادئ قليل الكلام كتب مرة فى
كراسة الإنشاء نقدا مرا للمدرسة التى كان يتعلم فيها إذ ذاك ، وحلل
المجتمع والحكومة القائمة فى ذلك الوقت تحليلا يعتبر جريئا جدا .

المدرسة والتهتهة :
وتكون المدرسة فى بعض الأحيان مسؤلة عن ظهور التهتهة عند بعض
الأولاد ، وكثيرا ما تكون المدرسة جوا صالحا لتسبيت التهتهة وزيادة وضوحها
ولعل سبب ذلك هو أن جو المدرسة يعيش فيه الطفل مده طويلة ولحياته فيه
أهمية خاصة بالنسبة لحفظ كرامته فى نظر نفسه ، وبالنسبة لمستقبله وشعورة
بالأمن عند النظر إليه فإن كان جو المدرسة يشعره مثلا بالفشل العقلى لعدم
ملائمة العمل له ، أو لسعة الفارق بينه وبين زملائه فى الكفاية ، أو يشعره
بالفشل فى اللغات بنوع خاص أو بالفشل الإجتماعى ، فأن هذا يزيد حالة الخوف
وحالات التوتر - وإذا ظهر ها الشعور بالفشل فى المدرسة فأن المنزل عاده
يزيده تدعيما مما يزيد الحالة سوءا على سوء - ومما يساعد على ظهور التوتر
فى العلاقات بين المدرس وتلميذة شدة الإهتمام بالإمتحانات وما تحدثه من قلق
وما يترتب على ذلك من أرهاب وعقاب وإرهاق بالعمل وتوتر عام فى الجو
المدرسى كله
ولكن من الأخطاء المعروفة فى الموضوع الذى نحن بصدده إطلاق
الأسئلة على التلاميذ إطلاقا سريعا والإلحاح فى طلب الإسراع فى الإجابات ،
أو أرغام الطفل على سرعة الأجابة وهو فى حالة خوف أوغضب ، أو أرغامه على
ألتزام الصمت فى الحال إذا يصرخ من الألم ، أو يبث شكوى ، أو يدفع عن نفسه
ظلما ، أو ما شابه ذلك
كذلك من الخطأ تعليم الأطفال لغات متعددة جديدة فى وقت واحد ،أو ما
يحدث أحيانا فى القفز فى تعليم اللغة القومية الصحيحة دون مراعاة للصلة
بينها وبين اللغة الدارجة ، ولا لوجوب من هذه إلى تلك
والتلميذ الذى يتعثر فى نطقة تثبت عنده هذه الصعوبة إذا هزأ به
أخوته أو مدرسوه أو إذا أظهروا أنهم منتبهون لتهتهة أو متوقعون لحدوثها
وقد لوحظ فى أحيان كثيرة أن طفلا أو طفلين يتهتهان تبدأ بهما فرقة
دراسية معينة فى أول العام الدراسى قد تنتشر العدوى منهما إلى عدد من
الأطفال - ففى مدرسة مصرية كان فى فصلين خمسة أولاد يتهتهون من مجموع
الأولاد وهو ستون ، وفى نهاية العام الدراسى زاد عددهم إلى سبعة عشر ولدا -
وربما يبدو أن هذه الزيادة وقدرها 20% زيادة كبيرة لولا أن ( بيرت ) أيضا
يذكر أن بين خمسين طفلا فى مدرسة ما أرتفع العدد من طفل واحد إلى تسعة
أطفال فى خلال السنة الدراسية ، أى أن الزيادة حدثت بنسبة 16% والعدوى
بالتقليد لا تحدث إلا إذا كان هناك أسباب كافية مهيئة لذلك

علاج التهتهة :
تعالج بعض أمراض التهتهة فى الخارج فى مراكز خاصة لذلك ، لأن
علاج التهتهة وصعوبات النطق بوجه عام يحتاج إلى وقت طويل جدا فى كثير من
الأحيان ، ولأن جو المدرسة العادى يعرقل تقدم العلاج ، إذ فيه يشعر الطفل
بأنه أقل ممن حوله مهما كانت الطريقة التى يعامل بها
ولكن كثيرا ما ينجح علاج بعض حالات التهتهة فى الجهات التى لا توجد
فيها مراكز للعلاج والتى يمكن للمعلم فيها تنفيذ تعليمات الإختصاصى المشرف
على العلاج - وبعد بحث الحالة من نواحيها المختلفة يجب أن يتجه العلاج أولا
إلى الناحية الصحية فتقوية صحة الطفل - حتى فى النواحى التى ليس لها
بصعوبة النطق علاقة مباشرة - تسهل العلاج إلى درجة كبيرة - أما العلاج من
الناحية النفسية فأهم ما فيه إعطاء المعالج ثقة فى نفسة - وقد لاحظنا أن
الفرد الذى يتهته يتكلم عادة بسهولة وهو فى حالة تراخ Retaxtion0 فإذا أمكن
إحداث حالة التراخى فى المريض ، وجعله يتحدث وهو فى هذه الحالة ، فإن هذا
يعطيه ثقة كبيرة فى نفسه - وفى أثناء تحدث المريض وهو فى حالة تراخ يمكن
كشف بعض العوامل التى تسبب التهتهة ، وهذا يؤدى عاده إلى تحسنه .
ومن أساليب أنما الثقة فى النفس أن يعود الشخص الذى يتكلم أحيانا فى مجتمع
مدرسى أو غير مدرسى بأن يحضر حديثة تحضيرا جيدا ، لأن التهتهة فى كثير من
الأحيان تكون فى مثل هذه المواقف العامة فليعد نفسة جيدا وليكتب ما يريد أن
يقوله إذ أن هذا يساعد أولا على تحديده وثانيا على حفظة مما يجعلة واثقا
من نفسة قليل العرضة للتعثر .
فكأن العلاج يعتمد فى أساسه على الإيحاء ، وعلى حل مصادر التوتر
ومصادر المشكلات الإنفعالية ، وعلى توجية المريض توجيها يقلل من هذا التوتر
- هذا التوجيه يعدل قدر الإمكان أتجاه عقل المريض نحو الحياة ، ويعدل مجال
حياته فى المنزل والمدرسة من حيث الفرص التى تعطى ، وسياسة التقدير ،
وملائمة العمل لستعداد الشخص ، وغير ذلك من القواعد التى تضمن تحقيق الشعور
بالأمن ، والثقة بالنفس - وتضمن بعبارة أخرى توافر شروط الصحة النفسية
المعروفة -
وبجانب تحسين الصحة العامة وتعديل مجال حياة الطفل وحل مصادر التوتر
عنده ، لابد من تناول العمليات الأليه والمهارات اللازمة للنطق ، فيعلم
صاحب الحالة طرق التنفس والإخراج والتنغيم وغير ذلك ، مما يتعلق بعلم حركات
الكلام وإخراجه -
ومن الخطأ أن يقتصر العلاج - كما يحدث أحيانا - على أن يعود الطفل
صرف ذهنه عن عملية النطق بالقيام بحركة معينه كالضرب على جانب فخذه أو
التوقيع بقدمه على الأرض أو غير ذلك - هذه الحركات لها أساس من الصحة ، وهى
أنها تسحب كثيرا من الطاقة العقلية الموجهة لعملية النطق ذاتها ، فتنتج
حالة تراخ متعلقة بها يسهل معها إخراج الكلام - ويمكن فهم هذا جيدا إذا
علمنا أن أنتباه المريض فى أثناء الكلام يكون عاده موزعا بين الفكرة
،وحركات النطق - وأما فى السليم فإن الإنتباه يتركز فى الفكرة ، وأما حركة
النطق فأنها تحدث بطريقة أليه صرفة - لهذا كان محتملا أن الإنتباه الجزئى
لحركة جديدة يحرر أجهزة النطق من تركيز الأنتباه فيها - ولكن وجه الخطأ فى
هذا أن العلاج ينصب على المرض دون السبب الأصلى - وما دام السبب الأصلى
موجودا دون معالجة فإن الإنتكاس محتمل الظهور فى أى وقت

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الصباح
 
 
نور الصباح


عدد الرسائل : 366
البلد : مصر
رقم العضوية : 121
تاريخ التسجيل : 28/04/2011

علم نفس النمو Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم نفس النمو   علم نفس النمو Emptyالإثنين مايو 09, 2011 3:37 am

الخوف وضعف الثقة بالنفس




الخوف العادى والشاذ :
لاحظنا من دراسة ما تقدم من
مشكلات السلوك ، سواء فى ذلك التهتهة أو التبول اللاإرادى أو الحركات
العصبية أو النوم المضطرب أن عاملا هاما يدخل فى أغلب أنواعها وهو عامل
الخوف - ويرى كثير من المشتغلين بالعلاج النفسى أن الخوف لا يقتصر فقط على
بعض عذع المشكلات ، وإنما يوجد فى كل حالات إضطراب الشخصية سواء فى ذلك
حالات الكبار - فالخوف بصورة إما صريحة وإما مقنعه يظهر - بحسب رأى ألرز (
Alters ) - فى مشكلات السلوك بمختلف أنواعها .

ويرى فرويد أن الخوف أو القلق
أساس جميع الحالات العصبية ، غير أن الخوف يرتبط فى رأيه بالمسائل والمواقف
الجنسية وما يتعلق بها - وسواء أخذنا بهذه الأراء أو لم نأخذ فموضوع الخوف
جدير بالدراسة ، لاسيما أن الخوف حالة يحسها كل إنسان فى أثناء حياته -
ونعلم أنه من الطبيعى للكائن الحى - سواء فى ذلك الإنسان أو الحيوان - أن
يخاف فى بعض المواقف التى تهدده بالخطر أو يصح أن تهدده به ، فإذا واجهتنى
فجأة سيارة فى الطريق ، فلابد أن أشعر بالخوف ، وإذا جرى خلفى كلب كبير وهو
ينبح ، فلابد أن أشعر بمثل هذا الشعور - فالخوف حالة أنفعالية داخلية
طبيعية يشعر بها الإنسان فى بعض المواقف - ويسلك فيها سلوكا يبعده عاده عن
مصادر الضرر - وهذا كله ينشأ عن أستعداد فطرى أو جده الخالق فى الإنسان
والحيوان ، ويسمى كما قلنا غريزة - ولابد أن يكون الخالق قد أوجد هذا
الإستعداد الغريزى لحكمه تتعلق بصالح الكائن الحى - فالخوف هو الذى يدفعنا
لحماية أنفسنا وللمحافظة عليها - فإذا كنا لا نخاف النار مثلا فقد تحرقنا ،
وإذا كنا لا نخاف الحشرات والحيوانات الضارية فقد تقتلنا ، وإذا كنا لا
نخاف الجراثيم فقد تفتك بنا - وهناك كذلك الخوف من الزلل ، وخوف الإنسان
على سمعته -- وما إلى ذلك - ومن الطبيعى أن تقترن الحالة الشعورية
الإنفعاليه - وهى الخوف - فالسلوك الملائم وهو الخلاص من الخطر - والحالات
التى يفصل فيها بين الخوف والخلاص ويكتفى فيها بالشعور الأنفعالى تعتبر
حالات غير صحية -


فالخوف أمر طبيعى معقول ضرورى
يؤدى إلى حماية الفرد مما يجوز أن يسبب له ضررا - وجميع الطرق الوقائية
التى نتخذها لوقاية أنفسنا عوادى الطبيعية ، أو المرض أو سخط المجتمع أو
غير ذلك تدل على نوع من الخوف نسميه : الحذر أو الحيطة ، ويصح أن نسميه
الخوف الوقائى ، ومما لا شك فيه أنه فى درجاته المعقولة صفة طيبة يجب
الأتصاف بها -

وإذا تأملنا أدركنا إن كان الخوف
فى وقت ما حالة طبيعية أشاذة - وحيث أن الشاذ هو ما يشذ عن المألوف أو
يخرج عنه ، فالخوف الكثير المتكرر الوقوع لأية مناسبة يكون شاذا ، وكذلك
تضخم الخوف فى موقف ما تضخما خاجا عن النسبة المعقولة التى يتطلبها هذا
الموقف عاده يعد أمرا شاذا - فإذا وجدنا طفلا فى السابعة يخاف هبوب الهواء ،
أو يخاف الصراصير أو القطط ، أو يخاف الظلام نعد هذا أمرا غير عادى - وإذا
وجدنا طفلا فى الثالثة يخاف الظلام قليلا نعد هذا أمرا عاديا ، ولكنه إذا
لدرجة الفزع والجزع ، ووصل فى أنفعاله لدرجة ينقلب فيها لأتزانه فلا شك
أننا نعد هذا أمرا غير عادى - فكأن تضخم الخوف فى موقف ما تضخما خارجا عن
الحد المعقول ، وكذلك تكرر الخوف تكررا خارجا عما هو مألوف يعد أمرا شاذا
يحتاج إلى تأمل وفحص وعلاج .

وكذلك يمكننا أن نأخذ نقيض الخوف
، فأنعدام الخوف فى شخص ما أمر غير عادى ، وهو نادر للغاية ، ويغلب أن
يكون سببه قلة الإدراك - وذلك كالطفل الذى يكون فى سن الثانيه ويرى لأول
مرة عقربا تجرى قد يظنها ( كما حدث بالفعل ) لعبة لطيفة يحسن إمساكها
واللعب بها - والسبب قى ذلك أن الطفل لا يدرك خطر هذا الكائن المتحرك غير
المألوف - وكثيرا ما يحدث أن يكون الطفل ضعيف العقل ( Mentaily Defrctive )
فيقوم بأعمال تدل على عدم إدراكه مواقف الخطر أو الضرر - ومن أمثلة ذلك أن
طفلا ضعيف العقل قفز ذات مرة من الطابق الثانى فى منزلة إلى الطريق العام -
ونفس هذا الطفل أصيب فى رأسه بجرح كبير سال منه دم غزير لأنه كان يلعب
ويمثل خروفا وأخذ يناطح درج السلم من الحجر مرات متوالية .

نرى مما تقدم أن لدينا خوفا
معقولا من حيث درجته ، ومبلغ تكرره ، وأكتمال حلقاته من أنفعال وسلوك -
ولدينا خوف شاذ من هذه النواحى الثلاث - والخوف الطبيعى المعقول مفيد
لسلامة الفرد - وأما ما عدا ذلك فهو ضار من مظاهرة الانكماش ، وعدم الجرأة ،
والتهتهة ، وغير ذلك من الخصال المعطلة عن النمو


أنواع المخاوفات :
يقسم ( فرويد ) المخاوف إلى قسمين كبيرين :
-الأول ويسميه المخاوف الموضوعية أو الحقيقية
- الثانى ويسميه المخاوف العامة أو غير المحددة
والنوع الأول يرتبط فيه بموضوع
معين محدد ، كالخوف من الحيوان أو من الظلام أو الموت - أو غير ذلك ، أما
النوع الثانى فلا يرتبط فيه الخوف بأى موضوع - فحالة الخوف تكون كأنها
هائمة عائمة لا تستقر على موضوع ما ، وصاحب هذه الحالة الأخيرة متشائم حزين
يتوقع الشر والرعب وسوء الطالع فى أى لحظة وفى أى شئ - ويسمى فرويد هذه
الحالة بأسم القلق العصبى ( Anxitey Neurosis )

أما المخاوف الموضوعية فيقسمها فرويد إلى ثلاث مجاميع ، بحسب ما يتوقعه الشخص العادى منها من خطر :
-- فالنوع الأول يكون فيه عنصر الخطر بارز - كالخوف من الثعابين أو من النار
-- النوع الثانى فيه عنصر الخطر ،
ولكن وضع هذا الخطر يرجع للصدفة المحضة ، كالخوف من السفر فى قطار أو
باخرة ، أو الخوف من دخول زحام خشية أنتقال مرض أليه كالتيفوس أو الخوف من
التلوث ( Musophobia )

-- النوع الثالث ليس فيه عنصر
الخطر إطلاقا ، كالخوف من الخنافس والصراصير ، وخوف من صعود الأماكن
المرتفعة ( Acrophobia ) والخوف من السير فى مكان متسع كالميادين والحدائق (
Aggoraphpbia ) ، والخوف من الأماكن المقفلة ( Clamsrophobia ) إلى غير
ذلك .

ويقسم أخرون المخاوف بحسب
واقعيتها ومثير أنها إلى قسمين : أحدهما المخاوف الحسية أو الواقعية ،
وثانيهما المخاوف الوهمية أو الذاتية أو غير الحسية .


مخاوف الأطفال ومصادر تكوينها :
ومن المفيد من الناحية العملية
التربوية أن نقسم مخاوف الأطفال - وهى التى تهمنا - بحسب موضوعاتها إلى
حسية وغير حسية 0 فموضوعات الأولى يمكن الطفل إدراكها بحواسه المختلفة
بخلاف موضوعات الثانية ، إذ لا يمكن الطفل إدراك حقيقتها - فمن النوع الأول
الخوف من ( الشحاذ أو العسكرى ) مثلا ،أو من بعض أنواع الحيوانات كالحصان
أو القرد أو الصرصور أو غير ذلك - أما النوع الثانى فهو المخاوف غير الحسية
كالخوف من الموت ، والخوف من جهنم ، أو العفاريت ، أو الفيلا ، أو غير ذلك
- ويمكن أن يضاف الخوف من الظلام والخوف من النوم فى حالة صغار الأطفال
إلى النوع الثانى - وسواء أكانت المخاوف حسية أو غير حسية فإن الطفل - شأنه
كشأن غيره - يخاف على العموم من الأمور الغريبة عنه غرابة كبيرة ، ويخاف
كذلك من الأمور التى ترتبط فى ذهنه برباط الخوف .

من هذا نتبين بساطة الخطة التى
يمكن أتباعها للوقاية من الخوف وعلاجه ، وهى توضيح الغريب وتقريبة من إدراك
الطفل ، ثم ربط مصادر الخوف بأور سارة محببة بدلا من ربطها بأمور تثير
الخوف فحسب - فإن كان الطفل يخاف الكلاب مثلا فيصح أن نساعده على تربية كلب
صغير فيطعمه ويتعهدة ويحميه ويلاعبه ويلاحظ نموه يوما بعد يوم ---- إلى
غير ذلك ، ثم يصح أن نوجه ذهنه إلى دراسة أنواع الكلاب ومزايا كل نوع
وعاداته ، وأن نجمل له غرفته بصور لطيفة لهذا الحيوان - وبعبارة أخرى نجعله
يدرك الكلاب وخصائصها إدراكا واضحا يربطها فى ذهنه برباط جميل وينمى
أهتمامه بها وشوقة إليها - ويجب علينا كذلك أن نوقفه على مدى ما يجب أن
يتبعه إزاء هذا الحيوان من حرص وإحتياط .

ومن الأمثلة الواقعية أن طفلة فى
الثالثة من عمرها كانت تخاف الخيل خوفا شديدا ، وتكرر منها الخوف بدرجة
تلفت النظر - وبتحليل الموقف من وجهة نظر الطفلة أمكن الظن بأنها قد لاحظت
أن وسائل النقل فى مجموعها هادئة قليلة الجلبة ، أما الخيل فإنها عندما تدب
بأرجلها تحدث صوتا عاليا ، فطبيعىأن تخاف الطفلة - وفى ساعة من ساعات
هدوئها سألت والدتها ( لماذا يفعل الحصان هكذا ؟ ) - وبالمناقشة أتضح أن
الطفلة تريد أن تعرف الصوت أو مصدره - وكانت الأم قد فهمت ما تقصده أبنتها
فقالت لها ( لأنه لابس جزمه حديد ) ،فسألت البنت ( ولماذا يلبس الجزمة
الحديد ؟ ) فقالت لها ( لتحفظ أرجلة ) ، وحدث بعد ذلك أن ركبت البنت مركبات
تجرها الخيل وكانت تنصت لصوت ( الجزمة الحديد ) ، ثم أبدت رغبتها فى رؤية (
جزمه الحصان ) - ورأتها بالفعل ، وكان هذا مصدر سرور عظيم لها - ثم ظلت
مدة تقلد حركة الخيل وتقلد أصواتها - وأصبح ركوب المركبات ، ورؤية الخيل ،
والإقتراب منها ، أمورا محببة إلى نفسها - وأدت هذه الطريقة إلى زوال عنصر
الغرابة ، وربط الموضوع فى ذهن الطفلة برباط الإهتمام والشوق واللذة - هذه
الحالة عادية يعرض مثلها كثير للأباء وتبين منها كيف أن خوفا نراه بسيطا
ربما يكون مؤلما للطفل ، والإحتمال كبير فى أنه قد يرسخ ويقوى بسوء التوجيه
، ومع ذلك يمكن بسهولة محوه وتحويله إلى مصدر تعليمى قيم للطفل نفسه .

وبهذه المناسبة أشير إلى أن بعض
الأباء أو بعض الخدم يكتشفون غالبا خوف الطفل من أمر معين كالحصان أو الكلب
أو القرد ، ويستغلونه أما لتسليتهم الخاصة أو لدفع الطفل للقيام بعمل معين
، أو الأحجام عن عمل أخر - أما تخويف الأبناء للضحك والتسلية من جانب
الكبار فهذا أمر متكرر الوقوع ، فخوف الطفل من القرد مثلا قد يكون مثار
للضحك عند الكبار من إخوة وخدم وأحيانا من الأباء أنفسهم وما دام الأنر
مصدر للضحك والتسلية فلا غرابة أن يندفع بعض الكبار فيه لسرورهم الخاص على
حساب تألم الصغار وأنزعاجهم - وليس هناك أقسى من أن يجلس الوالد أمام أبنه
ويثير خوفه ، والولد يصرخ والوالد يضحك - ومن المحتمل جدا أن يكون لتكرار
مثل هذه المواقف نتائجها السيئة من حيث علاقة الطفل بوالده ، وفى شخصية
الطفل وفى سلوكه بوجه عام .


ومما يقوى الخوف فى نفوس الأطفال
أستثارة لحفظ النظام أو لدفع الطفل لعمل معين ، أو منعه من القيام باللعب
أو غير ذلك فكثيرا ما يخوف الطفل ليقلع عن اللعب والحركة ليهدأ جو المنزل
حتى يتمكن الوالد مثلا من النوم ، أو تركيز أنتباهه فيما يشغله - وفرق بين
أن يقلع الولد عن لعبة ونشاطه خوفا من العقاب : وأن يفعل ذلك ليؤدى خدمه
لوالده - وما دام المقصود هو هدوء الجو ، فيمكن توجيه الطفل للعب فى مكان
أخر ، أو لنوع من اللعب أكثر هدوءا أو غير ذلك - والمهم أن يكون هناك تفاهم
مع الطفل - وقد لا يظن أن الصغير لا يدرك المقصود فى مثل هذه المواقف ،
والواقع أنه يدرك أكثر مما نظن - ويرى بعض بعض الأباء والمدرسين أن أساليب
التخويف والعقاب تنجح دائما أكثر من أساليب التفاهم فى الحصول على سلوك طيب
من الأطفال - ولكن ليست العبرة بالسلوك الطيب وإنما العبرة بالسلوك الدائم
الذى يستمر مع الشخص طول حياته بعد أنفصاله عن المنزل وعن مدرسته -
والعبرة كذلك بالسلوك التلقائى المقصود لذاته ، وليست بالسلوك الذى يؤتى
خوفا من عقاب الوالدين أو المدرسين وتوبيخهم .

وكثيرا ما يهدى الطفل الصغير فى
مثل الأحوال التى أشرنا إليها بأن يقال له : ( إذا لم تكف عن كيت وكيت
فسيأخذك العسكرى أو الشحاذ أو الزبال أو القرد ، أو سنضعك فى الغرفة
المملوءة بالفئران ) وتكون النتيجة أحد أمرين : إما أن الطفل لا يقلع عما
يفعل ، ولا توقع عليه العقاب ، فيكتشف بذلك ضعف الوالدين وعدم تحقيقهم
لوعيدهم ، ويدرك مبلغ قوته عليهم تبعا لذلك ، وإما أن يصدع بالأمر ، ويهدأ ،
ويشل نشاطه ، ويشب جبانا خضوعا أسير سبب معقول - والنتيجة وبال فى كلتا
الحالتين .

وقد قال لى طفل جرئ ذات مرة : (
لقد حبستنى المدرسة فى غرفة الفئران ) فدهشت وقلت له : ( إذن ستقلع عما
فعلت ) - فضحك وقال : ( لا ، لأنى عندما حبست قتلت جميع الفئران ، ولا مانع
عندى من أن أحبس فى الغرفة مرة أخرى ) ويبين هذا المثال مبلغ إحترام الطفل
الجرئ - لهذا النوع من أساليب حفظ النظام ، ومبلغ استعداده للتمادى فى
عبثه - وهذه النتيجة التى يكشف فيها الطفل خطأ من حوله من الكبار ، ويواجه
فيها المواقف مواجهه صريحة جريئة - رغم ما فيها مما لا يروق أصحاب الأساليب
التقليدية للتربية - خير من النتيجة الأخرى ، وهى الجبن و الإنكماش ، وضعف
الشخصية .


ومن أخطاء الأباء المعروفة أنهم
لاستثارة الخوف فى أبنائهم قد يربطونهم بأمر لم يقصد به أن يكون مخيفا ،
وإنما قصد به أن يكون مقيدا ، فالطيب مثلا وهو إنسان يقوم بخدمات إنسانية و
إجتماعيه مفيدة لمن يتصل به يستعمل أسمه فى كثير من الأحيان أداة للتخويف ،
وكذلك الدواء والشرطى والمعلم والمدرسة ، وهذه الموضوعات المختلفة التى
يجب أن ترتبط فى ذهن الطفل بفائدتها وقيمتها الحقيقية - تستعمل أحيانا -
كما قلنا - وسائل للعقاب أو لاستثارة الخوف فينقلب معناها فى ذهن الطفل
فتصبح مصدر خوف له ، وتقل مقدرته على الإستفادة منها ، فأحيانا يعاقب الطفل
بأن يرغم على النوم ، أو المذاكرة ، أو بأن يعطى دواء ، توضع فى عينية
قطرة ، أو ما شابة ذلك - هذه كلها أشياء يجب أن تكون محببة للأطفال وأن
يربوا على الإقبال عليها من تلقاء أنفسهم ، ولا يجوز أن تصبح رموزا للأرهاب
ووسائل للتخويف والعقاب .

ولعل أشد مثيرات الخوف ذات الأثر
الثابت هى خوف الأباء أنفسهم ، فحالات الخوف كغيرها من الحالات الإنفعالية
تنتقل من فرد إلى أخر بالتأثير - وهذا ما سبق أن سميناه المشاركة
الوجدانية - ويدخل معها فى حالة صدور الخوف من شخص كبير عامل أخر وهو عامل
الإيحاء - ومن الأمثلة التى توضح ذلك أن معلمه كانت تلقى درسا فى روضة من
رياض الأطفال عن الضفدعة ، وكانت هى تخاف الضفادع ، ولكنها تشجعت وأخذت
معها ضفدعة فى صندوق صغير ، ولما فتحته قفزت الضفدعة ففزعت المعلمة وصرخت
فصرخ كثير من الأولاد ، ورفض معظمهم بعد ذلك أن يقربوا الضفادع - هذه حالة
خوف أنتقلت إلى الأطفال عن طريق التأثير ، فحالة الفزع إنتقلت إلى الأطفال
بفعل المشاركة الوجدانية ، وبفعل إتجاه سلوك شخص له مكانته فى نظر الأطفال ،
وأنتقلت معها فكرة أن الضفدع حيوان مخيف .


وكثيرا ما يحدث أن يبدى بعض
الأباء والأمهات خوفا وقلقا على أبنائهم ، وتنتقل هذه الحالة عاده إلى
الأبناء فيصبحون بذلك قلقين على أنفسهم فإذا جرح الطفل جرحا صغيرا ، أو وقع
على الأرض ، أو أرتفعت درجة حرارته تجد الأم تذعر وتظهر - بسخاء شديد - كل
علامات الخوف من جرى وإرتباك وأصفرار الوحه وغير ذلك ينتج عن هذا أن الطفل
نفسه يذعر ، وبعد أن كان لا يشعر بأى ألم أو بألم قليل يمكنه تحمله ، يصير
عاده قادر على تحمل الألم وفى العاده نجد الأسرة التى يقلق فيها الأباء
على أبنائهم ينمو الطفل فيها وهو سريع التأثر - شديد الحساسية لأقل ألم ،
شديد الأهتمام بنفسه ، فإذا أصابه جرح صغير تألم وبكى وبالغ فى الأهتمام به
، وإذا أصابه صداع خفيف أعتكف ، وإذا شعر بإرتفاع فى درجة حرارة نطر إلى
وجهه فى المرأة ليرى مبلغ صفرة لونه ،تأمل لسانه ليرى ما قد يكون عليه من
علامات ، وجس نبضة ، وقاس درجة حرارة - وبهذه الطريقة يتضاعف مظهر المرض
الخفيف الذى قد يكون لدية ونجد عاده أن أسرا بمجموعها من هذا النوع تكون
عاده سريعة التأثر ، كثيرة المرض ، وأفرادها مفرطون فى العناية بأنفسهم -
ويغلب أن يكون هذا هو نوع الجو الذى تتكون فيه حالات الرعب من المرض (
Hypochonbria )

وأعرف طفلا نشأ هذه النشأة بكى
بكاء شديداً فى يوم ما وجرى إلى أمه يقول لها إن رجله قد جرحت . فنظرت الأم
إلى الجرح المزعوم ، فإذا به لون أحمر وليس بجرح . وسببه أن الطفل كان
يلبس جوربا جديداً أحمر اللون وإبتل بالماء فترك أثراً أحمر على ساقه .
فإذا لم يكن هناك جرح ولا ألم فمن أين ينشأ الخوف والتألم ولماذا الصراخ ؟
نشأ هذا من أن الطفل شديد الخوف على نفسه ، لأن من حوله شديد والخوف عليه .
وهناك من هذا النوع أمثلة واقعية كثيرة منها أن فتاة أحمر زراعيها وسبب
هذا الأحمرار زعراً شديداً . وفكرت بسببه فيما قد يتبع هذا الأحمرار من
نتائج غير محمودة . هذا مع العلم أن السبب الحقيقى بسيط للغاية ، وهو
جلوسها فى الشمس لفترة طويلة . وحتى عندما ذكر لها ذلك لم يزل خوفها وظلت
قلقة يومين كاملين حتى زال أثر الشمس زوالاً تاماً . نشأت هذه الفتاة على
نوع الجو الذى نحن بصدده . وفى العادة نجد الخوف من الألام الجسمانية ،
والخوف من الأمراض ، والتعرض فى الكثير من الحالات للأمراض " الهستيرية
"ويمركز المرء حول نفسه ، وخوفه عليها من كل طارىء خارجى . سببه إمتلاء
الجو المنزلى بالقلق والخوف على من فيه . ومن المهم أن نتذكر أن الخوف على
من فى المنزل يكون فى المادة إسقاطاً للخوف على الذات .

فلتكن إذن خدمة الآباء والأمهات
إذا أصاب أبناءهم شىء ما ان يكونوا عمليين فليتزموا الهدوء ، ويضبطوا
إنفعالاتهم ويقللوا من جزعهم .ومن كل ما يركز إنتباه الطفل على ما أصابه من
مرض أو غير ذلك وليقوموا بعمل إيجابى هادىء لتخفيف الأصابة وعلاجها .

ومما يساعد على إثارة الخوف عند
الأطفال تشاجر الكبار ، كتشاجر الأب والأم أو كثثرة صخبة الأب وغضبه .
ولهذا كله تأثير سيىء لأنه قد يزعزع ثقة الطفل بوالديه ، وكثير من حالات
الأضطرابات العصبى فى الكبر تنشأ من تزعزع ثقة الطفل بالعلاقات التى بين
والديه .

وهناك نوع من الخوف فى غاية
الخطورة من المسائل المجهولة غير الحقيقية أو التى لا يمكن للطفل إدراكها
أدراكاً حسياً ، كالغول وجهنم والموت . والخوف من مثل هذه الأمور يكون عادة
أعمق أثراً فى حياة الطفل من الخوف من المحسوسات . والواجب هو عدم إثارتها
إطلاقاً وإذا كانت موجودة فيجب البحث عن سبب تكوينها ، وإزالتها من أساسها
، مع شرح حقيقتها قدر الأمكان بما يلائم عقل الطفل ، أو السماح له على
الأقل بالتحدث فيها وعدم كبتها بإعطاء الموقف الصحيح إزاءها .


الخوف من الموت :
ومن أمثلة هذا النوع الخوف من
الموت . ويصاب كثير من الأطفال به بدرجات مختلفة، ويكون سببه أحياناً أن
يعيش الطفل مع كبار يخاف أحدهم الموت بشكل بارز ، وقد يكون سببه أن يموت
للطفل قريب أو رفيق له به صلة شديدة . والسبب الأصلى لهذا أن موت القريب
المهم يهز فى الطفل ثقته فى بيئته التى يحتمى بها وينتمى إليها هزاً عنيفاً
، فتصبح دنياه فى نظره خلواً من الأمن . فكما ماتت جدته مثلاً يصح أن يموت
أبوه أو أن تموت أمه فى أى لحظة . أى أن بيئته تصبح خلواً من القاعدة
الثابتة مضطربة ، أو عرضة للأضطراب والأنقلاب . وهذا يؤدى إلى إضطرابه .
وهناك سبب أصلى آخر هو : أن موت القريب يهز ثقته فى نفسه فيشعر أن يصح أن
يموت هو فى أى لحظة . والسبب الثالث هو أن الموت ظاهرة غريبة غامضة فى
ذاتها ، وليس من السهل على الطفل بل على الكثير أن يتصور نفسه فى حالة
الموت ، أو فيما يحدث لجثته بعد الموت رغم معرفته الأكيدة . ولهذا يطرد
الناس هذه الفكرة عن أذهانهم ، بل لا يدخلونها فى غالب الأحيان .ومن أهم
أسباب خوف الأطفال من الموت ما يحاط به الموت مما يأتيه الكبار عادة من
بكاء فردى وجمعى وغير ذلك مما تقضى به بعض التقاليد ، فخوف الأطفال من
الموت ليس كله خوفاً طبيعياً وإنما أغلبه مشتق من خوف الكبار وسلوكهم إزاءه
.

وللحصول على بعض الوقاية للأطفال
من هذا النوع من الخوف ، يحسن أن يكون بالمنزل أو فى خبرة الطفل المتكررة
بعض الحيوانات. ولابد أن يموت بعض هذه الحيوانات فيدك الطفل الموت بذلك
إدراكاً طبيعياً هادئاً . خاليا مما يحيط بموت الإنسان عادة من إنفعالات
،ويحدث أن يسمع الطفل بوفاة جار ليس له به قرابة فيسأل والدته أسئلة عن
الموت ومعناه وميعاد حدوثه ...إلخ، ويندفع إلى السؤال بدافع الرغبة فى
الأطمئنان وهذه فرصة ذهبية للتحدث الهادىء مع الطفل عن الموت ، لأن الخوف
من الموت يكون أسوأ أثراً إذا كانت الخبرات الأولى بالموت ترتبط فى ذهن
الطفل بصدمة شديدة حادة تتعلق بقريب أو عزيز . ويحسن - قدر الأمكان - إلا
يحاط الموت به من تقاليد تثير فى الأطفال رعباً شديداً دون أن تدرك ذلك
غالباً . وإذا لم يكن هناك بد من متابعة هذه التقاليد ، فيحسن إبعاد الطفل
عن جوها إلى أن تنتهى .على أنه من الخطأ الفاحش ، إذا مات للطفل قريب
محاولة التموية عليه وعدم إيقافه على الحقيقة بمختلف الأساليب ، وذلك لأن
التموية والتغيير الفجائى يكونان مصحوبين بجو غير عادى يثير شكوك الطفل
وحيرته . والحيرة أشد أثراً فى نفس الطفل من الصدمة الناشئة عن المواجهة
المؤلمة للواقع .


الخوف من الظلام :
يمكن أن يكون خوف الأطفال من
الظلام أمراً طبيعياً ، كما يمكن أن يكون غير طبيعى . ويجب أن يتجه العلاج
منه بتعويد الطفل على النوم فى الظلام ، وألا يكون بتعويده النوم فى مكان
مضاء . وخوف الطفل من الظلام يكون عادة لأرتباط الظلام فى ذهنه بالعفاريت
أو ما شابهها مما يثيره الكبار . ولكن قد يكون الخوف من الظلام ز كما قلنا
طبيعياً . وذلك لأن الطفل فى صغره له خيال قوى وخبرة ضئيلة ، ولأن الظلام
نفسه يساعد على ظهور الخيالات والأشباح . فالظلام فى ذاته لا يثير خوفاً
غريزياً فطرياً ولإنما يخيف لما يستثيره فى الأطفال عادة بطبيعته من عناصر
مخيفة ، وذلك لأنه إن كان الظلم حالكاً فإنه يكون فى إدراكه مجرداً من
الحدود والنهايات . وإن كان الظلام جزئياً فإن ما به من مرئيات يسهل أن
تتحول فى نظر الطفل إلى أشباح غريبة .

وإذا كان لدينا طفل يخاف الظلام
فيمكن أن ينام فى غرفة بها ضوء ، ويقلل الضوء ليلة بعد أخرى ، ولا مانع من
أن يحتفظ بمصباح " سهارى"ولا مانع من " بطارية " يحفظها تحت وسادته ليضىء
بها إذا شعر بالحاجة إلى ذلك ، ثم يفهم الطفل بالدليل المحسوس وبالمناقشة
أن الظلام لا يدعو إلى كل هذا الخوف .

ومن أهم العوامل التى تساعد على
زوال الخوف من الظلام أن يكون الكبار أنفسهم ممن لا يخافون الظلام .ويصح
ألا يعود اطفل الظلام فجأة ، وإنما يعود بالتدريج . ويجب أن يراعى لوقاية
الطفل وعلاجه من الخوف من الظلام نوع القصص التى تحكى له قبل النوم مباشرة ،
فيجب أن تنتقى بحيث تخلو بقدر الإمكان من عناصر الأزعاج ، ويجب كذلك أن
تمتنع إستثارة الخوف عند الأطفال وهم فى الظلام ، لأن مجال الظلام يصعب على
الأطفال تحديد موقفهم فيه ، خصوصاً إذا إضطربوا .


القلق والخوف العام :
ونلاحظ فى بعض الناس قلقاً أو
خوفا عاما ، فنجد شخصا يخاف أى نوع من المخاطرة ويخشى مقالة من لا يعرف ،
ويخشى التكلم فى مجتمع ، ويخاف الإمتحان ، وهو يشك فى مقدرة نفسه فى كل
خطوة من خطوات حياته .

وإذا درسنا حياة هذا النوع من
الناس - وهو موجود بدرجات مختلفة - نجد أن من حوله من الكبار كانوا يحذرونه
بإستمرار أو ينتقدوه بإستمرار أو يتبعون معه غير ذلك من الأساليب المسببة
للقلق ، وليس معنى هذا أن التحذير المستمر أو النقد المستمر لا يؤدى إلى
القلق . وإنما يحتمل أن يؤدى إليه أو إلى نقيده . فهو إما أن يضعف ثقة
المرء بنفسه . أو ثقته بالناس فيقف منهم موف التحدى .


واجب الآباء إزاء مواقف الخوف :
ومن القواعد الوقائية الهامة
التى يجب أن تراعى أنه إذا حدث لطفل ما حادثة مزعجة فلا يجوز أن تترك الطفل
ينساها لأنه ينساها غالباً بفعل الكبت ، وبذلك تصير فى حالة لا شعورية ،
ولكن أثرها لا ينتهى إذ يحتمل أن تصير مصدراً للإضطرابات النفسية . وقد حدث
أن طفلا صرخ صراخاً شديداً للغاية ، كله ذعر وخوف ، وظهر أن السبب فى ذلك
أنه قد رأى قطة تأكل أولادها . هذا الحادث ربما كان يترك أثر دائماً فى نفس
الطفل لولا أن حوله عالجوا المسألة بكثير من الحكمة . وكان من أسألة التى
سألها فى ذلك الوقت : " هل كل أم تأكل أولادها ؟ " والظاهر أن الطفل خيل
إليه أنه كما أن القطة الكبيرة اكلت أولادها ، فمن المحتمل ألا يكون هناك
ما يمنع من أن الأم البشرية تأكل أيضاً أولادها . وعلى ذلك فقد تأكله أمه
فى يوم من الأيام ، ولكن أفهمه من حوله إذ ذاك أن القطة الشرسة فقط هى التى
تأكل أولادها . ثم أن الموضوع لم يترك لينسى، بل كان من حوله يتحثون معه
فيه من آن لآخر ، ويطلبون منه أن يصف طريقة القطة عند أكلها أولادها إلى
غير ذلك من التعليقات حول الحادث.

وكان من المحتمل ان يقوم الكبار
المحيطون بالطفل بالأستهزاء من خوفه من الحادث التافه فى نظرهم ، ويضحكون
على سؤاله ، أو يجيبونه كذباً بأن كل أم تأكل أولادها إلى غير ذلك ، مما
يثبت آثار الخوف فى نفسه .

ومن أهم القواعد التى يجب
توكيدها أن الخوف ينتقل بالإيحاء والمشاركة الوجدانية ولنتذكر أن إيحاء
السلوك أقوى من إحياء الألفاظ . فإذا أردت لأطفالك إلا يخافوا الدواء مثلا ،
فلا معنى لأن تظهر علامات التألم وأنت تأخذا الدواء ، أو فى الوقت الذى
تعطى فيه الطفل الدواء ثم تطلب منه التجلد إزاءه . وعلينا أن نتذكر فى مثل
هذه المواقف ما يحسه الأطفال من نشوة عند التغلب على الخوف .

وعلى الآباء أن يتذكروا كذلك أن
أغلب إخطائنا فى تربية الطفل سببها أن المرء ينسى ما كان فيه من عالم
الطفولة بسرعة وسهولة . فعالم الأطفال عالم دقيق الحس سريع التأثير ، شديد
الأنفعال ، قليل الأدراك ، ضئيل الخبرة . وهذه من أهم العوامل التى تسهل
احتمال نمو الخوف بصورة غير سوية .


ضعف الثقة بالنفس :
ويرتبط بموضوع الخوف ارتباطاً
شديداً صفة كثيرة الشيوع وهى ضعف الروح الأستقلالية فى الأفراد . ويكون هذا
دالا فى الغالب على فقد الأمن أو وجود الخوف . ومن مظاهر هذا الضعف التردد
، وإنعقاد اللسان فى المجتمعات والتهتهة واللجلجة والأنكماش ، والخجل وعدم
القدرة على التفكير المستقل وعدم الجرأة ، وتوقع الشر وزيادة الخوف وشدة
الحرص ، وتضييع الوقت بعمل ألف حساب لكل أمر صغيراً كان أم كبيراً . قبل
البدء فيه حتى لا يخرج منحرفاً قيد شعرة عن الكمال ومن الغريب أن من مظاهره
كذلك التهاون والأستهتار وسوء السلوك والإجرام .

وهذه الصفات كلها يجمعها أو يجمع
ما ورائها ما يسميه الناس عادة الشعور بالنقص أو ضعف الثقة بالنفس أو
جبناً .. ولا شك فى أن هذه الخصلة الهدامة للرقى المفككة الشخصية ، إنما
تتكون عادة فى السنوات الأولى من حياة الطفل ، ويغرسها فى نفسه أعز الناس
إليه وأقربهم إلى قلبه وهم الوالدان .


الثقة عند الطفل الصغير :
وأول ما نلاحظه ان الطفل الصغير
العادى يعيش عادة فى جو كله أمن وأطمئنان . فحاجات الطفل كلها مشبعةورغباته
مجابة . فإذا صرخ فإن الأم تهرع إليه لترضعه ، أو لتغيير له الملابس أو
لتدفئه فى حالة البرودة . إلى غير ذلك مما يحتاج إليه . فالطفل الصغير عادة
لا يرفض له طلب ، ولذا نجده يبدو كأنه يتحكم فى دنياه ، فهو يأمر ويصرخ
ولا يصبر حتى تحضر له أمه فى تأن وهدوء ، وإنما يرفس ويصرخ بعنف وإلحاح إلى
أن يجاب طلبه ، فكأن نفس الطفل يشعر بشىء كثير من الأطمئنان إلى من حوله
والثقة بهم ، وكأنه يشعر شعوراً ضمنياً بأن من السلم به ألا يرفض له طلب
بحال من الأحوال .

ولكن يلاحظ أن الطفل قرب السنة
الثانية يتعلم المشى والكلام ، ويزداد نشاطه وتكثر حركته ، ويكون مملوءا
ثقة بنفسه وتزداد رغبته فى اللعب والصياح والحركة ، ويتضاعف شوقة للمس
الأشياء وفحصها . وهو لا يعرف منعا ولا زجراً . ولكن إزدياد النشاط عنده لا
يجد من الكبار عادة تشجيعاً ولا قبولاً . فالحركة واللعب ولمس الأشياء
وفحصها . خصوصاً إذا كانت ما يملكه الكبار وكلما فعل ما لا يروقهم زجروه .
والمنع والضرب والزجر وما إلى ذلك كلها أمور جديدة بالنسبة للطفل فى هذه
السن ، فلم يكن يألف منها شيئاً من قبل ، ولم يكن يعرف غير السعادة ،
والرضا والطمأنينة ، وأما الآن فهذا كله يقل أو ينعدم ويحل محله اضطراب
نفسى ، وقلق داخلى وشعور بفقد السند وفقد ما كان عنده من قوة يسخر بها من
حوله لقضاء مصالحه وإجابة مطالبه .

فكأن هذا الأنتقال الفجائى فى
المعاملة . وهو يحدث عادة حوالى السنة الثانية من حياة الطفل ، ويحدث دون
قصد سىء من الوالدين ، بل قد يحدث وفيه قصد التوجيه والتأديب والتربية ،هو
الذى ينقل الطفل من الأمتلاء بالثقة إلى فقدها ، ومن الإيمان بالقوة
الشخصية إلى التشكك فى وجودها . فيجب أن تكون القاعدة الأساسية أن الأنتقال
فى المعاملة من السنتين الأوليين إلى ما بعدهما - بنوع خاص - يجب أن يكون
إنتقالا تدريجياً ، وأن يعطى الطفل الفرص الكافية لتصريف ما عنده من النشاط
فى جو تتوافر فيه العوامل المحققة لحاجات الطفل النفسية من تقدير وعطف
ونجاح وحرية وتوجيه وشعور بالأمن والأستقرار .


مظاهر ضعف الثقة بالنفس :
من مظاهر ضعف الثقة بالنفس الجبن
والأنكماش ، والتردد ، وتوقع الشر ، وعدم الأهتمام بالعمل ، والخوف منه ،
وإتهام الظروف عند الأخفاق فيه . وأحياناً يكون من مظاهره التشدد والمبالغة
فى الرغبة فى الإتقان للوصول إلى درجة الكمال . وهذا الأندفاع للكمال يدل
عادة على ما تحته من خوف من نقد الآخرين . ومن مظاهره كذلك أحلام اليقظة ،
وسوء السلوك والمبالغة فى اتظاهر بطيب الخلق والحالات العصبية والمرضية
كالتهتهة والتبول وبعض حالات الشلل وغير ذلك . معنى هذا أن ضعف الثقة
بالنفس . مع إختلاف العوامل التى تؤدى إلى ظهوره قد يؤدى إلى أساليب
تعويضية كالنقد والسخرية والتحكم والتقنع بالوقار المصطنع وما إلى ذلك .
وقد تظهر هذه الأساليب السلوكية بنوعيها فى صورة مرضية .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الصباح
 
 
نور الصباح


عدد الرسائل : 366
البلد : مصر
رقم العضوية : 121
تاريخ التسجيل : 28/04/2011

علم نفس النمو Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم نفس النمو   علم نفس النمو Emptyالإثنين مايو 09, 2011 3:39 am

الكذب



من المشكلات الى تتصل بالخوف
اتصلا وثيقا مشكلة الكذب ، ويروى بعض الباحثين أن الكذب الحقيقى عند
الأطفال لا ينشأ إلا عن خوف ، والغرض الأساسى منه حماية النفس ، ونظراً
لشيوع الكذب وأهميته البالغة نتجه لدراسة قائما بذاته .
ويرجع الأهتمام بهذا الموضوع إلى أسباب عدة :
o أولها : أن الكذب يستغل في العادة لتغطية الذنوب والجرائم الأخرى
o ثانيا : وجود علاقة كبيرة بين خصلة الكذب وخصلتى السرقة والغش .
وقد وجد الباحثون في جرائم الأحداث بنوع خاص أن من أتصف بالكذب يتصف عادة
بالسرقة والغش ، ولا غرابة في هذا إذا علمنا أن هذه الخصال الثلاث تشترك في
صفة واحدة وهى عدم الأمانة ، فعلى حين أن الكذب هو عدم الأمانة في وصف
الحقائق ، نجد أن السرقة هى عدم الأمانة نحو ممتلكات الآخرين وأن الغش هو
عدم الأمانة في القول أو الفعل بشكل عام .

تحديد معنى الصدق ومعنى الكذب:
كثيرا ما يشكل علينا الأمر فيما إذا كنا نعتبر الشخص كاذابا أو
صادقا ، ويخيل إلينا وهلة أن الصدق هو مطابقة القول للواقع ، ولكن كثيراً
ما يحدث ألا يكون القول مطابقا للواقع ، ومع ذلك نعتبر الشخص صادقاً ، كقول
القدماء مثلا بأن الأرض مسطحة ، وكقولهم أحياناً أن الشمس تدور حولها وغير
ذلك ، وكثيراً ما يحدث أن يكون القول مطابقا للأصل ، ولكنا نعتبر أن الشخص
كاذب ، كقول بعضهم : وبل المصلين ، ثم الوقوف عند ذلك .
ويهمنا في الصدق أن تكون النية متوفرة لمطابقة القول للواقع مطابقة
تامة ، ويلاحظ في الكذب توتر النية لعدم المطابقة والتضليل ، ولا ضرورة
للتوسع في هذا فهو بحث طويلة ، ويحسن أن تترك الكلام فيه إلى أكاذيب
الأطفال . ونحن نعلم أن الأطفال كثيراً ما يكذبون . فليس بغريب على الطفل
أن ينكر أمام والديه فعلة قد أتاها ، كما إذا كسر آية أو خرب شيئا ثمينا
مثلا . ولكن الغريب أن يتألم الآباء لهذا أشد الألم ، ويقلقون له وينزعجون ،
معتبرين أن الكذب فاتحة لعهد تشرد وإجرام في تاريخ حياة أطفالهم .
وقد جرت العادة أن يصب الآباء على الآبناء بالتقريع والأذلال والتشهير
والضرب إعتقادا منهم أنهم بذلك يصلحون أبناءهم ، ويقطمون دابر الكذب منهم .
ولكن أغرب من هذا أن تأتى هذه المعاملة بعكس ما يتوقع منها من نتائج ،
فيصر الطفل عادة على صحة كلامه ، ويتفنن في إخفاء الحقائق وتزييفها .

الأستعداد للكذب :
وقبل التوغل فى الموضوع يجب أن تتذكر أن الأمانة في القول أو
في غيره خصلة مكتسبة وليست فطرية ، وهى صفة تتكون في المرء عن طريق
التقليد والتمرين وغير ذلك من طرق التعلم المختلفة . ويجب أن نتذكر أيضا أن
الكذب ما هو إلا عرض ظاهرى ، والأعراض لا تهمنا كثيراً في ذاتها ، وإنما
الذى يهمنا هو العوامل والدوافع النفسية والقوى التى تؤدى إلى ظهور هذا
العرض .
وهناك أستعدادان يهيئان الطفل للكذب :
o أولهما قدرة اللسان ولبقاته ، ولعل هذا يوافق ما كانت جداتنا يقلنه عن
بعض الأطفال على سبيل المزاح ، فكن يعتبرن أن الطفل الذى يخرج في الأسابيع
الأولى لسانه ويحركة بمنة ويسره سيكون في مستقبل حياته قوالا كذبا .
o وثانى هذين الأستعدادين خصوبة الخيال ونشاطه .
فخصوبة الخيال هى التى دفعت طفلا صغيراً لم يتجاوز الثالثة من عمره لأن
يقول بأن برغوثاً كبيرا خرج من كتاب أخته وطار إليه ليلسعه ، وذلك بعد أن
كان قد رأى صورة مكبرة لبرغوث في كتاب للمطالعة كانت تقرؤه أخته . وما ذكر
الطفل نفسه من أنه رأى قطة ذات قرون ، وكان هذا بعد إحضار أهله خروف العيد
فأنتزعت مخيلته قرون الخروف وركبتها على رأس قطته ، وسار يقول باسما منشرحا
بأنه رأى قطة ذات قرون . وأدعى طفل أخر بأنه رأى رجلا ذا أنفين ، وأنه رأى
فانوس الشارع يطرح رموزاً ، إلى غير ذلك من الأمثلة المتعددة المألوفة
التى تظهر في ألعاب الأطفال المصحوبة في الخيال ، والتى تسمى باللعب
الأيهامى ، والتى يمثلون فيها آباء وأمهات وعرائس وفرسانا ولصوصاً وغير ذلك
.

الكذب الخيالى :
يسمى هذا النوع من الكذب بالكذب الخيالى ، وإذا حكمنا
على الطفل الذى يصدر منه هذا النوع من الكلام بانه كاذب ، كان ذلك كحكمنا
على الشاعر ، أو الروائى أو المسامر بأنه كاذب في المادة التى يأتينا بها
بمساعدة خياله الخصب ولسانه الذلق .
ومما يريح نفوس الآباء والمدرسين أن يعلموا أن هذا ليس إلا نوعا
من أنواع اللعب يتسلى به الأطفال. وعند كشف هذه القوة الحيالية الرائعة
يحسن توجيهها ، والأستفادة منها ، ولتوضيح معنى الأستفادة نأتى بالمثال
الأتى :-
كانت هناك بنت صغيرة اعتادت أن تجلس إلى والديها ، وتق عليهما حكايات
عجيبة وتدعى بأنها حقيقة . وكانت تسترسل في حديثها استرسالا مشوقا جذاباً
يملك تفكير المستمعين وأنتباههم ، فأخذها والدها إلى أحدى العيادات النفسية
الشهيرة لمعالجتها من هذا النوع من الكذب . فلما درس المتخصص النفسى حالة
هذه البنت وجد أنها على مقدار عظيم من الذكاء ، وأنها رائعة الخيال ، طلقة
اللسان ، فأشار على والديها بأن يفسحوا لها مجال التآليف والتمثيل . وبعد
مدة قصيرة نبعث في التمثيل والأدب نبوغا ظاهراً ، فألفت عدد من الروايات
وقامت بأخراجها على مسرح المدرسة وكان هذا فاتحة لمستقبل باهر لها .
وإذا لم تتح للطفل فرصة توجيه هذه الملكة ، فلا داعى للقلق والأهتمام بعلاج
هذا النوع من الكذب ، فالزمان وحده كفيل بذلك ولكن قد يعيد إذا نحن سألناه
بطريقة لطيفة بين حين وآخر إن كان متأكداً من صحة ما يقول ، وإذا نحن
جعلناه يحس نبرات صوتنا ، باننا نحب هذا النوع من اللعب ، ونشاركه فيه
مشاركة فعلية فنبادله قصة بقصة ، وخيال بخيال ، ونشعره أيضاً بان هذه القصص
مسلية ، ولكنها غير مخالفة للواقع .
ويقرب من هذا النوع إلى حد كبير نوع آخر يلتبس فيه على الطفل الخيال بالحقيقة ولذلك فهو يسمى الكذب الألتباسى .

الكذب الألتباسى Confasional Lie :
وسببه أن الطفل لا يمكنه التمييز بين ما يراه حقيقة وما
يدركه واضحا في مخيلته . فكثيراً ما يسمع الطفل حكاية خرافية ، أو قصة
واقعية ، فسرعان ما تملك عليه مشاعره ، وتسمعه في اليوم التالى يتحدث عنها
كأنها وقعت له بالفعل .
ومن هذا النوع ما وقع حديثا من أن طفلا شديد الخيال في الرابعة من عمره رأى
في غرفة الزائرين شيخا معمما مستدير الوجه ، واسع العينين ، عريض الجبهة
فذهب إلى جده وأبلغه أن ( الشيخ محمد عبده ) ينتظره في غرفة الزائرين .
وأتضح أن جد الولد كان قبل ذلك بأيام قلائل يصف الشيخ في مجلس من مجالسه
لبعض زائريه وكان الطفل يستمع فارتسمت في ذهنه بعض الأوصاف . فلما جاء
الزائر قال الولد أن هذا هو " الشيخ محمد عبده " .
وكثيراً ما يحدث أن يقص الطفل قصة عجيبة ، ولو تحقق الوالدان الأمر
، لعرفا أنها وقعت للطفل في حلم . ومن هذا النوع أن بنتاً في الرابعة قامت
من نومها تبكى بالفعل ، وتقول : إن بائع الثلج المقيم في آخر الشارع ذبح
خادمتها في منتصف الطريق ووصفت بشىء من التطويل كل ما رآته في الحلم . ولم
تفرق الطفلة بين الحقيقة والحلم فقصت كل هذا على أنه حقيقة ، وكان ضرورياً
إذ ذاك وتوضيح ما جرى للطفلة .
وهذا النوع من الكذب يزول عادة من تلقاء نفسه إذا كبر الطفل ، ووصل
عقله إلى مستوى يمكنه فيه أن يدرك الفرق بين الحقيقة والخيال . وليس معنى
ذلك أن نتركه حتى يزول من نفسه ، فشىء من الأرشاد مع مراعاة مستوى عقل
الطفل يفيد فائدة كبيرة من الناحيتين الأنفعالية والإدراكية .
ويمكن أن نسمى هذين النوعين من الكذب ، بالكذب البرىء ، وننتقل منهما الآن إلى أنواع أخرى .

الكذب الأدعائى :
من أمثلته أن يبالغ الطفل في وصف تجاربه الخاصة، ليحدث
لذة ونشوة عند سامعيه ، وليجعل نفسه مركز اعجاب وتعظيم . وتحقيق كل من هذين
الغرضين يشبع النزوع للسيطرة . ومن أمثلة ذلك أن يتحدث الطفل عما عنده في
المنزل من لعب عديدة أو ملابس جميلة ، والواقع أن ليس عنده منها شىء . أو
يفاخر بمقدرته في الألعاب أو في القوة الجسمية دون أن يكون له فيها أى
كفاية وكثيرون من الأطفال يتحدثون عن مراكز آبائهم وكفايتهم ، وصداقتهم
لحاكم البلد بل سيطرتهم عليه ... إلى غير ذلك مما يخالف الواقع عادة .
وأمثلة هذا النوع كثيرة لا حصر لها .
فهذا الكذب الموجه عادة لتنظيم ألذات وجعلها مركز الأنتباه
والأعجاب ينشأ عادة من شعور الطفل بنقصه . وتعظيم ألذات عن طريق الكذب ،
طريقة لتغطية هذا الشعور بالنقص ، وإذا سلمنا بهذا علمنا أن هذا الكذب
الأدعائى قد يتسبب في بعض الحالات عن وجود أطفال في بيئة أعلى من مستواه في
ناحية ما ، وعلمنا أن نفسه تتوق للوصول إلى هذا المستوى ، وأنه لم يتمكن
من الوصول إليه بالطريقة الواقعية الحقيقية، فإنه يحاول ذلك بطرق بعيدة عن
الحقيقة مخالفة للواقع يخترعها من مخيلته . وبعبارة أخرى قد يتسبب الكذب
الأدعائى من عم مقدرة الطفل على الانسجام مع من حوله . ومن ضيق البيئة التى
يعيش فيها كالمنزل مثلا ، بالنسبة للبيئة التى تضطره ظروفه لها كالمدرسة
أو من كثرة الأذلال والقمع الواقعين عليه ممن حوله من الذين لا يريدون له
الظهور . ففى مثل هذه الأحوال يحسن أن نكشف النواحى الطبية في الطفل ،
ونوجهها لتنبت نباتاً حسنا ، ونشعره حقيقة بأنه وإن كان يقل عن غيره في
ناحية ما ، فأنه يفوقهم في نواحى كثيرة فيتمكن الطفل بذلك من أن يعيش في
عالم الواقع بدلا من أن يعيش في عالم خيالى واه ينسجه لنفسه . وبهذا ترتد
للطفل ثقته ويزول عنه إحساسه بالنقص .
ومن أنواع الكذب الأدعائى أن الطفل يدعى المرض ، أو يدعى أنه مضطهد
مظلوم أو سىء الحظ إلى غير ذلك ،وهذا ليحصل على أكبر قسط ممكن من العطف
والرعاية . ويحدث هذا عادة من الطفل الذى لم يحصل من والديه على العطف
الكافى ، والذى وجد بالتجربة أنه يحصل على قسط وافر منه في حالة المرض أو
المسكنة .
هذا النوع من الكذب ، المعروف بالكذب الأدعائى ، يجب الأسراع إلى
علاجه في حالة الصغر ، وإلا نما مع الطفل وزاد حتى أصبح يدنا له يصاحبه في
غدوه ورواحه وهذا ما يسمى عند العامة ( بالمعر) وكثير من الناس
يتحدثون عن رتبهم ، أو كفاياتهم أو أوسمتهم أو شهاداتهم . وعن أسفارهم
وأبحاثهم ، وجلائل أعمالهم وخدماتهم ونحن على ثقة من أنهم لم يؤتوا شيئاً
ولم يقوموا بشىء .

الكذب الغرضى أو الأنانى :
وقد يكذب الطفل رغبة في تحقيق غرض شخصى ، ويسمى هذا
النوع بالكذب الغرضى أو الكذب الأنانى . ومن أمثلته الشائعة لهذا النوع أن
يذهب طفل لأبيه مطالباً إياه ببعض النقود مدعيا أن والدته أرسلته لإحضارها
منه لقضاء بعض حوائج المنزل ، والواقع أن الطفل مان يريدها لنفسه لشراء بعض
الحلوى . ومثال آخر من طفل - سبق أن أشرت إليه - كان يرسم على حيطان
الحجرات بالفحم الذى يشترى في المنزل للتدفئة ، فأحضر له والده سبورة ليرسم
عليها ، فيشغل بها عن الكتابة على الجدران أو التخطيط على المنزل . وفى
يوم ذهب إلى والده طالبا قطعة من الطباشير فأخرج له أصبعا وأعطاه نصفه فقط .
ولما كان يريد الحصول على أصبع الطباشير كاملا أخذ النصف الذى أعطاه إياه
والده وخرج من حجرة الوالد ، ثم غاب فترة قصيرة وعاد يقول أن قطعة الطباشير
قد فقدت ، فخرج معه والده وبحث عنها فوجدها مخبأة خلف السبورة فأخرجها له
وقال له أنها لم تفقد ، فقال الطفل ولكنها لا تكتب ، في هذه الحالة كذب
الطفل مرتين . وكان غرضه من هذا الحصول على نصف الأصبع الآخر ., ولعل
الدافع للكذب الغرضى أو الأنانى هو عدم توافر ثقة الطفل بالكبار المحيطين
به ، نتيجة عدم توافر ثقته في والديه لكثرة عقابهم له ولوقوفهم في سبيل
تحقيق رغباته وحاجاته .

الكذب الأنتقامى :
وفى أحيان كثيرة يكذب الأطفال ليتهموا غيرهم باتهامات
يترتب عليها عقابهم أو سوء سمعتهم ، أو ما يشابه ذلك من أنواع الأنتقام .
ويحدث هذا كثيراً عند الطفل الذى يشعر بالغيرة من طفل آخر مثلا ، أو عند
الطفل الذى يعيش في جو لا يشعر فيه بالمساواة في المعاملة بينه وبين غيره .
وكثيراً ما يحدث هذا النوع من الكذب من فتيات في دور المراهقة ، فتكذب
الواحدة منهن متهمة فتى بمحاولة التقرب منها والتحبب إليها . وقد تدل أمثال
هذه الحوادث على أن الفتاة تقوم بعملية لا شعورية من النوع الذى سيمناه
إسقاطاً (Projection ) والذى يترتب عليه سرورها لأن والديها - حسب ما ترى -
من الجاذبية الجنسية ما يحرك الشبان نحوها . وقد تكذب الواحدة منهن لأنها
ترغب في الأنتقام من الفتى لعدم قيامه إزاءها بما كانت تتمناه منه . وقد
يحدث مثل هذا من البنين.
ويجب أن يكون الآباء والمعلمون في غاية الحرص إزاء هذا النوع من
الأتهامات إذ انها تكون في كثير من الأحيان على غير أساس كاف من الحقيقة .

الكذب الدفاعى :
ومن أكثر أنواع الكذب ضيوعا الكذب الدفاعى ، أو الكب
الوقائى ، فيكذب الطفل خوفاً مما قد يقع عليه من عقوبة . وظاهر أن سبب
الكذب هنا هو ان معاملتنا للطفل إزاء بعض ذنوبه تكون خارجة عن حد المعقول .
وقد يكذب الطفل ليحتفظ لنفسه بإمتياز خاص لأنه إن قال الصدق ضاع منه هذا
الأمتياز. مثال هذا الطفل الذى يسأل عما بيده فيقول : أنه شىء حريف ( حي )
والواقع أنها حلوى . وكالطفل الإنجليزى الذى سئل مرة عما إذا كان يعتقد في (
بابا نوبل ) فقال أن بالطبع لا يعتقد في هذه الخرافة ، فقيل له : ولم لا
تجاهر بهذا أما أمك وأبيك ؟ فقال أنه يخشى أن يفقد شيئاً من عطفهما عليه
ويحرم من هداياهما في عيد الميلاد . ومن أمثلة هذا أيضاً ما حدث معى منذ
زمن ، ذلك أبى كنت خارجاً للتنزه ، فطلبت من ابن أخر وكان إذ ذاك في سن
الثالثة أن يستعد ليخرج معى ، فذهب ليستعد ، وما مرت دقيقتان حتى عاد قائلا
: ( المشمش طلع يا عمى وأنا شفته ) فلأول وهلة لم أدرك ما يقصده فسألته :
( مشمش أيه اللى طلع ؟) فقال ( المشمش ، علشان أروح وياك ) وحتى بعد هذا
لم أفهم ما يقصده ، ولكن بعد الإستفهام وجدت أنه كان قد قال للخادم في فرح
وسرور : أنا رايح أتفسح مع عمى ، فقال له الخادم : ( يه ...؟ ده لما يطلع
المشمش ) فتركه وأسرع إلى قائلاً : إن المشمش قد ظهر ، وأنه رآه بالفعل .
فهنا كذب الطفل لأنه يخشى أن يحرم من الخروج معى إن هو قال الحق . ولكن مثل
هذه الحوادث لا توقفنا على صلة الكذب ببقية الشخصية . ولبيان هذه الصلة
يجب القيام بدراسة تفصيلية لأحدى الحالات .
لتأخذ حالة أخرى لولد عمره 14 سنة وهو متأخر جداً في فصله الثالثة
الإبتدائية ويتبول ليلا في فراشه . وهو كثير الكذب ، إذ أنه لا يصرح
لوالديه بكل ما يفعل . فبعد إنصراف المدرسة يذهب إلى المنزل في ساعة متأخرة
، ويقدم أعذاراً يتضح من البحث أنها غير صحيحة .
الولد ثانى أخوته ، وهو كسلان في أداء واجبه ، يميل إلى الأفراط في
اللعب ، ولكنه هادىء مطيع مسالم ويقبل في الظاهر على كل ما يفرض عليه .
أخوه الأكبر لم يواصل تعليمه ، ويتحدث عنه الجميع في المنزل حديثاً مشيناً ،
ولو أنه يتمتع بقسط كبير من الحرية فهو يخرج للفسحة وللخيالة دون تقيد .
وأما صاحب الحالة فإنه يحرم من الخروج للنزهة ، ويقضى الأجازة الأسبوعية في
المنزل خوفا عليه من الترام والعربات والبحر وغير ذلك ، ولا يسمح له
بالذهاب مع أخيه الأكبر إلى الخيالة التى لا يذهب إليها في نظره والديه إلا
المفسدون الأشرار .
والوالد رجل عادى في الظاهر ، ولكن الأم متشددة جداً وبلغ من تشدها
أن كوت إبنها بالنار في جانبه لتبوله في أثناء الليل في فراشه : والحالة
الصحية للولد في حاجة إلى بعض العناية.
والذى يعنينا فيما نحن صدده عن هذه الحالة أحد أعراضها وهو الكذب
وسببه كما يبدو الشعور بالنقص ، والرغبة في وقاية النفس من السلطة الجائزة
في المنزل . ويلاحظ أن الولد كا ن يكذب في المنزل على حين لا يكذب قط في
المدرسة . ويلاحظ أن العوامل التى أدت مع أحد الأولاد إلى الكذب والمخادعة ،
أدت هى نفسها مع أخيه إلى التمرد والخروج عن الطاعة ويمكن القول بأن الأو
تكيف بالضعف والثانى تكيف بالقود .
وقد عولجت الحالة من الناحية الصحية وعدلت علاقة الولد بوالديه ،
وأرشدت الأم إلى ما كانت تحتاج إليه كتحديد النسل ، إذ أن من بين أسباب
تشددها وعصبيتها أرهاقها بكثرة الأولاد . وأرشدت الأسرة كذلك إلى أختيار
مسكن تتوافر فيه الأضاءة والتهوية ودورة المياة الخاصة به والقرب من
المدرسة ومن عمل الوالد في الوقت نفسه ، وأرشدت الأسرة كذلك الولد إلى ما
يعمل إزاء التبول ، والفسحة والتغذية وإزاء المذاكرة من حيث تنظيمها وطرق
أدائها . وقد نجحت الحالة نجاحا باهراً لحسن استعداد الوالدين ، وشغفهما
بإصلاح الولد وإصلاح نفسهما ولم تتكرر شكوى الوالدين بعد ذلك من كذبه ، ولا
من مشكلاته الأخرى .
ومن أنواع الكذب الوقائى كذلك كذب الإخلاص أو الكذب الوقائى وفى هذه
الحالة يكذب الطفل عادة على أصحاب السلطة عليه مالآباء أو المدرسين ،
ليحمى أخاه أو زميله من عقوبة قد توقع عليه ، ويلاحظ هذا في مدارس البنين
أكثر منه في مدارس البنات ، وفى المدارس الثانوية أكثر منه في المدارس
الإبتدائية . ذلك لأن الكذب الوقائى مظهر من مظاهر الولاء للجماعة ،
والولاء للجماعة يقوى في دور المراهقة ، ويكون عادة عند البنين اكثر
تبكيراً منه عند البنات .

كذب التقليد :
وكثيراً ما يكذب الطفل تقليداً لوالديه ، ولمن حوله . إذ يلاحظ
في حالات كثرة أن الوالدين نفسيهما يكذب الواحد منهما على الآخر مثلا
فتتكون في الأولاد خصلة الكذب . وفى إحدى الحالات كان من شكاوى الوالدين
كذب الطفل ، وأتضح أن أمه كانت توهمه بأنها تريد أن يصحبها للنزهة ، ثم
يكتشف أنه يؤخذ للطبيب . وأن والديه يخرجان ليلاً ويتركانه بعد أن يوهماه
بأنهما ناما معه في المنزل .

الكذب العنادى :
وأحيانا يكذب الطفل المجرد السرور الناشىء من تحديد السلطة
، خصوصا إن كانت شديدة الرقابة وتضغط قليلة الحنو . وقد أشار " توم " إلى
حالة تبول لا إرادى وكانت الأم من النوع الشديد الجاف ، فكانت قتول للطفل
إنه لا يجوز له أن يشرب قبل النوم . ولكن الولد رغبة في المساندة فكر في أن
يقول إنه لا دب أن يغسل وجهه قبل النوم . وعند غسله وجهه يشرب كميات من
الماء ، وأمه واقفة إلى جانبه دون أن تتمكن من ملاحظة ذلك . وكان الولد
يستق لذة كبيرة في إستغلال غفلة أمه على الرغم من تشددها في الرقابة .

الكذب المرضى المزمن
وأحيانا يصل الكذب عند الشخص إلى حد أن يكثر منه ، ويصدر
عنه أحيانا على الرغم من إرادته . وهذا نلاحظه في حالة الكذب الأدعائى ،
لأن الشعور بالنقص يكون مكبوتاً، ويصبح الدافع للكذب دافعاً لا شعورياً ،
خارجاً عن إرادة الشخص وحالات الكذب المزمن معروفة في كل زمان ومكان .
لتأخذ حالة توضح هذا النوع وهى حالة لولد أرسل بتهمة التشرد ،
وجمع أعقاب اللفائف . والولد عمره 11 سنة ، وقال أن والدته ماتت وهو في
الثانية من عمره وأبوم مات وهو في التاسعة والنصف ، وأن والده كان مزارعاً
صغيراً في " شبي الكوم " وليس له أخوة ، ذكوراً كانوا أو أنثاً ، وقال أنه
هو ووالده كان يعيشان وقد مات أبوه منتحراً بإحراق نفسه في الحقل ، ولم
يترك سوى ( قفطان ) به 178 قرشاً . وأصبح الولد وحيداً فأخذ المبلغ وذهب
إلى شبين الكوم . ووجد صاحب سيارات أسمه ( حسن عويضة ) فأخذ وعطف عليه ،
وكان يستصحبه معه من " شبي الكوم " إلى" الإسكندرية" ليعمل لكسب رزقه .
وبالفعل أمكنه أن يعمل كصبى كواء تابع للجمرك ، ثم خرج من الإسكندرية إلى
القاهرة ماشيا على اٌلأقدام ، يستريح قليلاً في كل بلدة . وسبب حضوره إلى
القاهرة أن يبحث عن عمه " سالم محمد سالم " الذى يعمل صانع أحذية في " عزبة
الورد " في جهة " الشرابية " وعند وصوله إلى القاهرة نام الليلة الأولى في
صندوق التليفونات العامة أمام قسم الآزبكية ، وأشتغل حمالاً في ميدان
المحطة إلى أن قبض عليه وأحيل علينا لدراسته .
وضع الولد في أحد الملاجىء ، وكان يطلب التصريح له بزيارة عمه ، فيعد
أول مرة خرج فيها للزيارة جاء شاب إلى الملجأ ، وقال أنه يريد أن يرى أخاه
. وأتضح أنه أخ الولد الذى نحن بصده ، وأتضح أن الولد ليس مسلماً كما ادعى
،وأتضح ان والده ووالدته على قيد الحياة ، ان له أخوة كثيرين ، وأن شيئاً
مما قصه علينا لم يحدث وأتضح كذلك أنه قبض عليه ثلاث مرات قبل ذلك ، وكانت
يفلت في كل مرة بحيلة ويشكو أهله مر الشكووى من أكاذيبه التى لا تنقطع ،
وقد تبين كذلك أن الولد هرب من المنزل عدة مرات وأتضح من البحث أن الوالدة
مريضة من مدة كبيرة ، وهى مقيمة مع أهلها ببلدتهم بسبب مرضها ، وأن الوالد
نجار عادى يكد طول يومه لبكسب قروشاً قليلة .
وللولد أخ أكبر عمره يزيد على عشرين عاماً ويعمل عند أحد صانعى
الأحذية ، وهو ناجح في عمله ويتقاضى عليه أجراً طيباً . ويلى الأخ الأكبر
أخت تقيم مع والدتها ببلدة أهلها ، ثم أخ يزيد على الولد الذى نحن بصدده
بسنة واحدة فقط ، وهو في عمل ناجح يكسب منه رزقه . أما الولد نفسه فلم ينجح
كثيراً ، وكان أخوة الأكبر يضربه ضرباً مبرحا .
ويلاحظ أن الوالد مشغول جداً ، والوالدة مريضة وبعيدة عن المنزل ،
والأخ الأكبر في غاية القسوة على الولد ، ثم أن الولد أقل نجاحاً في حياته
من أخبه الأكبر منه مباشرة ، ويلاحظ أن الولد بعدة بنتان ثم ولد يصغره بتسع
سنوات ، ولذا فقد مركز الذكر الأخير مدة طويلة ، وما زالت بادية عليه آثار
التدليل من أمه في حديثه يضاف إلى كل ذلك أنه فقد عطف أمه بمرضها وبعدها
عنه.
لهذا كله يسهل تفسير هربه وكذبه ، ويسهل تفسير أنه في كذبه كان كمن يحقق
رغباته في حلم ، فقضى على أخوته جميعاً ، وعلى والده ثم سافر وخاطر وعمل
ونجح . وتنصل من والديه ومن دينهم ومن دينه ، ومن أخوته ، ولو أنه حاول أن
يبرر مسلكه بعد ذلك بأن تغيير دينه لأجل إلا يضطهد في الملجأ وتدل الدلائل
على أن هذا غير صحيح تماماً . لأنه إذا كان صحيحاً فكيف تفسر تكرر كذبه طول
حياته وتحت ظروف غير التى ذكرناها . فالغلام مدفوع للكذب دفعاً قوياً
بعوامل لا شعورية خارجة عن إرادته . وقد نصحنا بتوجيهه إلى ما يلائمه ،
وإعطائه فرصة إثبات نفسه في ألعاب الملجأ وإشعاره بعطف شخص معين عليه . وقد
تقدمت حالته كثيراً جداً .

بعض القواعد العامة :
أنتهينا من شرح أهم أنواع الكذب ، ويتبين في كل نوع ما
يدفع عادة إليه ، ويلاحظ أن النوع الواحد لا يظهر غالباً قائماً بذاته
فالخبر الكاذب قد يؤدى وظيفة وقائية عنادية في نفس الوقت . ويلاحظ كذلك أنه
لا ترسل العيادة في الغالب حالة تكون الشكوى فيها من الكذب وحده ، وإنما
يكون الكذب عادة عرضا إلى جانب الأعراض الأخرى كالسرقة أو شدة الحساسية أو
الخوف أو ما يسبه ذلك والقاعدة الأولى للآباء والمدرسين هى أن يتبينوا إذا
ما كذب الطفل بإن كان كذبه نادراً أم متكرراً ، وإن كان التكرراً فما نوعه
وما الدافع إليه ؟ وأن يحجموا عن علاج الكذب في ذاته بالضرب ، أو الأنتهار
أو السخرية أو التشهير أو غير ذلك . وإنما يعالجون الدوافع الأساسية التى
دفعت إليه . ويغلب أن يكون العامل المهم في تكوينها هو بيئة الطفل ،
كالوالدين أو المدرسين أو أصحاب السلطة على وجه العموم .
ويجب كذلك أن نتجنب الظروف التى تشجع على الكذب ، فمثلاً إذا كان
لدينا طالب نعهد فيه هذه الخصلة ، فلا نجعله المصدر الوحيد للشهادة في
حادثة ما لأن هذا يعطيه فرصة الأنطلاق عادة بالكذب ، وتثبيتها بالتكرار
والتمرن . وزيادة على ذلك فلا يصح أن يعطى الكاذب فرصة الأفلات بكذبة دون
أن نكشفه لأن النجاح في الأفلات بالكذب له لذة خاصة تشجع على تثبيته
وأقترافه مرة أخرى ، بل وتشجع أيضاً على الأسترسال في سلسلة من الأكاذيب
المقصودة التى تصدر عن نفس هادئة مطمئنة ، وإن أردت إلا يفلت الكاذب بكذبه
فصلح نفسك أولاً بالأدلة القاطعة ولا تلصق به التهمة وأنت في شك ، لمجرد أن
تعثر في حديثه مثلاً أو ظهرت عليه علامات أخرى للأضطراب في أثناء مناقشته .
وعليك أن تأخذ أقواله بشىء من الثقة والتقدير ، وحاذر أن تظهر أمامه بمظهر
الشك أو التردد سواء في حديثك أو حركاتك . يلاحظ كذلك أنه لا يجوز في
الأحوال العادية إيقاع العقوبة على الطفل بعد إعترافه بذنبه ، فالأعتراف له
قدسيته وله حرمته . ومن شان إيقاع العقاب على الطفل - بعد أن نحمله على
قول الصدق والأعتراف ضد نفسه . أن يقلل من قيمة الصدق ومكانته في نظر الطفل
. وعلى العموم فمن الخطأ الفاحش أن نعمد إلى إرغام الطفل على الأعتراف ،
لأن الطفل الذى ياتى ذنباً ، كأن يسرق ، أو يخرب ، ينتظر منه عادة أن يكذب .
والواقع أن الكذب أسهل الذنوب أقترافاً وأولها حضوراً إلى ذهن الطفل
، والكذب كما نعلم يساعد على تغطية كثير من العيوب والذنوب . من هذا نشعر
أن الطفل الذى يعترف بذنبه يمكن إصلاحه ، وأما من يصر على الإنكار فلا يجوز
أن نبدأ بأستجوابه ، لأن هذا نتيجة الأسترسال في الكذب ، والتفنن فيه وما
يجب على الآباء والمدرسين تذكره بأستمرار أن الطفل لا يسر بما عنده من
أسرار إلا لأصدقائه وحبيه .
وأما أصحاب السلطة كأبيه وناظرة ومدرسيه فإنه يخاطبهم عادة بشىء من
الحرص والخوف . فالأعتراف والصدق والصراحة كلها إمتيازات خاصة لا يحبوها
الطفل إلا لأخلائه وخلصائه . ولا يتقدم بها إلا لمن تطمئن إليهم نفسه ونرى
أن لضمان الصدق والصراحة ، يجب أن يحل التفاهم والأخذ والعطاء مقام القانون
. والعطف والمحبة محل السلطة والشدة ، وأن نحجم عن العقوبات التى لا
تتناسب مع الذنوب . وألا نوقع بعضها إلا إذا أدرك الطفل إدراكاّ تاما أنه
أذنب . وإذا أقتنع بانه يستحق العقاب ، فالعقوبات التى تجرى على هذا
المنوال تهدم الأغراض التى ترمى إليها ، فهى تفقد الطفل توازنه ، وشعوره
بأمنه زسلامته في بيئته وتدفعه إلى تغليف نفسه بأغلفة الكذب والغش لوقاية
نفسه من أصحاب السلطة . ومن البيئة المستبدة القاسية . فليفم المهيمنون على
تربية الأطفال أن الكذب نوع من التكيف لبعض الخصائص في بعض البيئات ،
وأهمها خصائص هؤلاء المهيمنين .
وإذا كان الأطفال يكذبون ، كما قلنا ، في أحيان كثيرة لتغطية نقص
يشعرن به فعلينا أن نكثر لهم من الأسفار والرحلات ونواحى الميول والنشاطات
والهوايات ، فكل هذه تعطى الطفل نواحى حقيقية يظهر فيها ويتحدث عنها . وفى
حالة الخياليين البالغين ليس هناك ما يمنع من تشجيع الخيال عن طريق دراسة
الشعر والأدب .

وأما في حالة الخياليين قبل المراهقة فلا ننصح - وفقا لرأى " بيروت
Bart " بالقصص الخيالية الخرافية . ولا برؤية أغلب أشرطة الخيال ، وإنما
بالأستزادة من الإنشاء الشفهى المبنى على المشاهدات الدقيقة والتفكير
المنظم . وإذا علمنا أن قول الصدق يتطلب مقدرتين هما صحة الأدراك ودقة
التعبير ، رأينا أنه في إمكاننا تدريب الطفل هاتين الناحيتين ، وهكذا يكون
عن طريق اتباع المشاهدات ، والقياس ، والقيام بعمل التجارب وتدوين نتائج كل
هذا بمنتهى الدقة . وينتهز المدرس هذه الفرصة لتعويد تلاميذه الدقة في
الملاحظة والدقة في التعبير في جميع ضروب الحياة ، وبهذه الطرق يتعود
التلميذ الصدق في صورة بسيطة ، وهى جعل القول مطابقاُ للواقع مع توفر النية
. ومثل هذا يمكن أن يقوم الوالد بتدريب ولده عليه بسهولة .
يضاف إلى كل ما تقدم وجود إنصاف الكبار المحيطين بالطفل بالصدق بأنواعه
فلا غش و كذب ولا تجسس و أختلاق أو أعذار ولا تفادى للمواقف . وكذلك يتحتم
وجب أحترام لصدق وتقديره . ويجب إلا تلفظ بوعد للطفل إلا إذا كنت قادراً
على تنفيذ بالفعل - متى وعدت - ممهما كلفك ذلك .

العوامل المدرسية التى تشجع على الكذب :
وألخص الآن بعض ما يشجع على الكذب في المدارس ، وأول
ذلك العقوبات وما يصاحبها من شدة وصرامة . فهى تنفر التلميذ من المدرس
وتدفعه إلى تغليف نفسه لوقايتها منه . ومن هذه العوامل الواجبات المنزلية
التى تعطى جزافاً للطفل . فكل مدرس يعطى في المادة التلميذ واجباً بصرف
النظر عما إعطاه مدرس آخر ، فيذهب التلميذ إلى منزله بعد اليوم المدرسى
الطويل بكمية من العمل لا بد له من إنجازها في الجزء الصغير الباقى من
النهار ، فيضطر التلميذ إلى طلب مساعدة شخص آخر ثم يقدم ما أنجز في اليوم
التالى على أنه عمله الخاص ، وتبالغ بعض امدارس ، وحتى الرياض أحياناً في
كمية ما يعطى للأطفال من واجبات . وعامل آخر هو عدم تناسب العمل الذى يكلف
به الطفل مع مقدرته ، مما يضطر إلى إستعمال حيل للتخلص من الظهور بمظهر
العجر . وكذلك عدم تناسب البيئة مع مستوى الطفل كوجود طفل صغير فقير في وسط
غنى ، أو طفل غبر في وسط أذكياء .
ومن العوامل المهمة التى تدفع المدرسين لدفع التلاميذ لعمل ما لا
يلائمهم من حيث الكم أو الكيف ضغط الأمتحانات وما أكتسبه من قوة وقدسية .
ومن اخطاء المدارس أحياناً عرض بعض الأعمال في المعارض على أنها من
أعمال التلاميذ ، وتبرير ذلك بأن جزءاً منها من أعمال التلاميذ ، ويكون
الواقع ان ما قام به التلاميذ من التفاهة بحيث لا يبرر عرضه على أنه من
عملهم . والتلاميذ يشرعون عادة في قرارة أنفسهم بهذا ، ويتعودون الكذب
والتساهل فيه في صميم نشاطهم المدرسى . وذلك عن طريق المثال والممارسة
الذاتية .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
علم نفس النمو
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى شباب جنوب الوادى  :: 
الأقسام العلمية
 :: 
علم النفس
-
انتقل الى: